المغرب: معاقبة 24 قاضياً خلال سنة 2018

رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية أكد أن «لا أحد فوق المحاسبة»

TT

المغرب: معاقبة 24 قاضياً خلال سنة 2018

كشف مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بالمغرب، أن سنة 2018 شهدت معاقبة 24 قاضيا، إثر عرضهم على مسطرة التأديب، مبرزا أن العقوبات الصادرة في حقهم توزعت بين «العزل والإنذار وعدم مؤاخذة قاضيين، وتعميق البحث في حق واحد».
وأعلن فارس في كلمة ألقاها أمس بمناسبة افتتاح السنة القضائية 2019، داخل مقر محكمة النقض في العاصمة الرباط، أن «لا أحد فوق المحاسبة، ولا مجال للإخلال بالثقة العامة»، في رسالة تحذير واضحة للقضاة الذين يخالفون القانون.
وأكد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية عزمه على مواجهة كل «الحالات الشاذة، التي قد تسيء إلى الصورة العامة للقضاء»، وتعهد بـ«تشجيع كل الطاقات المبدعة والعلامات المضيئة، التي تنير سماء العدالة ببلادنا».
وسجل فارس بأن السلطة القضائية، التي تريدها بلاده هي «أن تكون صمام أمان يمنع الانحراف ويقوم الاعوجاج، وتتفاعل بضمير مسؤول مع التوجهات الملكية السامية لإصلاح العدالة ومكافحة الفساد، وحماية المال العام وصون المكتسبات، وضمان الحقوق والحريات».
وبالموازاة مع حرص المجلس الأعلى للسلطة القضائية على تكريس قواعد الشفافية ومبادئ المسؤولية والمحاسبة، أعلن فارس أن المجلس «لن يتساهل أمام الشكاوى الكيدية التي تتم بسوء نية بغرض التأثير أو الضغط والتشويش». مبرزا أن المتتبع للشأن القضائي ببلاده لن تخطئ عينه «الحمولة الحقوقية التي نحاول بلورتها، وتجسيدها من خلال قرارات مبدئية تكرس الحماية القضائية للحقوق والحريات، وتجسد الانخراط الحقيقي للقضاة في مسيرة الإصلاح بمقاربة واقعية مقاصدية، تستهدف تحقيق الأمن القانوني والقضائي».
وحسب الأرقام التي قدمها فارس بشأن الأحكام التي أصدرها القضاة برسم سنة 2018، فقد بلغ عددها «3 ملايين و172 ألفا و202 حكما»، مسجلة زيادة بلغت 16 في المائة، مقارنة مع 2017.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن متوسط المحكوم عند كل قاض وصل «1137 حكما في السنة»، أي بزيادة قدرها 18 في المائة، كما عرفت نسبة القضايا المسجلة بمختلف محاكم المملكة زيادة، قدرت نسبتها بـ17.5 في المائة، في مقابل «انخفاض الرائج بنسبة 1.5 في المائة مقارنة بسنة 2017». كما استطاعت محكمة النقض خلال سنة 2018 «تحقيق نتائج مهمة ومتميزة رغم كل الإكراهات»، وسجلت «تزايدا كبيرا في نسبة القضايا المسجلة بالمحكمة، وصل إلى 80 في المائة ما بين سنتي 2011 و2017»، حسب فارس.
بدوره، اعتبر محمد عبد النباوي، رئيس النيابة العامة بالمغرب، أن استقلال السلطة القضائية ببلاده «لن يكتمل من دون تحقيق الاستقلال المالي والمادي للمحاكم، وإقرار سلطة مسؤوليها عن كافة مواردها البشرية»، مؤكدا أن سنة 2018 شهدت الميلاد الحقيقي لـ«مؤسسة رئاسة النيابة العامة، باعتبارها مؤسسة قيادية داخل السلطة القضائية المستقلة».
وأضاف رئيس النيابة العامة، في كلمة بالمناسبة، أن الهيئة التي يترأسها «تضطلع بالدور الذي أسنده لها الدستور والقوانين، إلى جانب المجلس الأعلى للسلطة القضائية، دون تداخل أو تزاحم في اختصاص كل منهما، وإنَما في إطار الانسجام التام الذي يجسد وحدة الجسم القضائي واتحاد رؤيته».
كما انتقد عبد النباوي النقص الذي تعانيه المحاكم من حيث عدد القضاة، بقوله: «نحن نعاين نقصا لدى المحاكم في القضاة، يهم قضاء الحكم وقضاء النيابة العامة»، وطالب الحكومة بـ«تخصيص مناصب مالية كافية لتعيين قضاة جدد لتلافي النقص الملموس في المحاكم، من أجل تمكين ثمانية محاكم جديدة من العمل، ينتظر افتتاحها خلال الشهور المقبلة، وتتطلب وحدها ما لا يقل عن خمسين من أعضاء النيابة العامة، بالإضافة إلى أكثر من ضعفهم من قضاة الحكم».
وتساءل عبد النباوي أمام القضاة والمسؤولين الحكوميين، ورئيس مجلس النواب الحبيب المالكي: «كيف يمكن تجسيد استقلال النيابة العامة إن كانت النصوص القانونية والتنظيمية لا تمكن رئاسة النيابة العامة من تنفيذ برامجها بنَفسها؟ وكيف لها أن تُطور أداءها وهي لا تسيطر حتى على الشبكة المعلوماتية، التي تستخدمها النيابات العامة بالمحاكم، ولا تتوفر حتى على الإحصائيات القضائية، وبالأحرى تطويرها أو تعديلها».
واعتبر المتحدث ذاته أن حمولة الفصل 107 من الدستور تتطلبُ «تسيير السلطة القضائية للموارد البشرية والمالية اللازمة لها لأداء مهامها، دون تدخل سلطات أخرى، حتى تكون قادرة على إنجاز برامجها وتنفيذ التزاماتها الدستورية»، مؤكدا أن فئات من القضاة، وبينهم قضاة النيابة العامة، تتطلع إلى تسوية وضعياتهم المادية.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».