رحيل الصحافي والكاتب اللبناني إدمون صعب

إدمون صعب (الشرق الأوسط)
إدمون صعب (الشرق الأوسط)
TT

رحيل الصحافي والكاتب اللبناني إدمون صعب

إدمون صعب (الشرق الأوسط)
إدمون صعب (الشرق الأوسط)

غيَّب الموت أمس الصحافي والكاتب اللبناني إدمون صعب، عن عمر يناهز 78 عاماً، بعد صراع مع المرض. ارتبط اسم صعب بشكل رئيسي بصحيفة «النهار»، لطول مدة عمله فيها؛ حيث تولى مهاماً عدة خلال 45 عاماً، وتنقل في الأقسام، فكان سكرتيراً لتحرير القسم المحلي، ونائباً لمدير التحرير، ورئيساً لقسم الشباب، وكذلك رئيساً لقسم الاقتصاد، ومديراً لملحق «النهار»، كما تولى إدارة «النهار العربي والدولي» حين صدرت في باريس عام 1978، وأدار «دار النهار» لنشر الكتب عام 1985.
وقد كانت له في «النهار» مقالة أسبوعية طيلة 15 عاماً، ثم انتقل إلى جريدة «السفير» بطلب من رئيس تحريرها، ليكتب مقالة أسبوعية على صفحتها الأولى.
أسند إليه منصب رئيس تحرير مجلة «المختار» (ريدرز دايجست) في 1978، ثم عاد وتولى منصب رئيس تحرير تنفيذي لـ«النهار» عام 1993، قبل أن يتركها ويتقاعد عن العمل اليومي ويتفرغ للكتابة.
ونعى وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال، ملحم الرياشي، الصحافي الراحل. وقال: «برحيل إدمون صعب، يخسر الإعلام اللبناني علماً فذاً من أعلامه، وفارساً من فرسان الصحافة المكتوبة، امتاز بالجرأة والعمق وصلابة الموقف والرأي الهادف». وأشار إلى أن «أفواجاً من الإعلاميين انتسبوا مهنياً إلى أسلوبه ومدرسته وشكلوا علامات فارقة في المؤسسات التي عملوا بها داخل لبنان وخارجه». وأضاف: «إدمون صعب واحد من الذين قدسوا الصحافة وآمنوا أنها والحرية صنوان».
ونعت نقابة محرري الصحافة اللبنانية إدمون صعب، الذي «مضى إلى ملاقاة ربه بعدما أتم سعيه وجاهد الجهاد الحسن، مفسحاً لنفسه مكاناً ومكانة بين كبار أثروا الصحافة والإعلام بعطائهم ومهنيتهم، وكانوا مدرسة؛ بل جامعة خرجت كثيراً ممن سطعوا في دنيا المهنة، وهم يدينون له بالعرفان: من (النهار) و(السفير) و(الأخبار)، والقسم العربي في مجلة (ريدرز دايجست - المختار» والتعليم الجامعي في كلية الإعلام، فـ(الروابي) الزحلية، إلى مئات المحاضرات والورشات».
وقال نقيب المحررين جوزف القصيفي: «بألم كبير وحزن لا يوصف، تلقى الجسم الصحافي والإعلامي نبأ غياب الزميل إدمون صعب، فارس الحضور في الاستحقاقات الصعبة، وصاحب الكلمة الحرة، يطلقها مدوية من دون أن يخشى أعتى السلاطين جوراً».
وُلِد إدمون صعب في عام 1940 في بلدة المعلقة، في زحلة البقاعية. درس في الكلية الشرقية هناك وحصل على البكالوريا، ثم التحق بجامعة «القديس يوسف» عام 1965 لدراسة الحقوق. نعته جريدة «النهار» أمس، وقالت إنه انتسب إليها في العام نفسه، فكان طالباً خلال النهار، ورئيساً لقسم التصحيح في الجريدة خلال الليل. نال إجازتين في الحقوق، فرنسية من جامعة «ليون»، واللبنانية من الجامعة اللبنانية «القديس يوسف» آنذاك.
وكان إدمون صعب قد أصدر العام الماضي عن «دار الفارابي» كتاباً بعنوان «العهر الصحافي»، قال في مقدمته إنه «يجيء وكأنه تنفيذ لوصية غسان تويني، وطموحه إلى أن تكون رسالة لبنان، هذا الوطن الصغير، إلى نفسه ثم إلى عالمه العربي، رسالة تمدين وترقية، رسالة حرية وديمقراطية واحترام للتنوع الروحي والثقافي والحضاري، الذي يتطلع إليه علماء بارزون في العالم، كمنقذ للديمقراطية من الأخطار التي تتهددها، وفي مقدمها العنف والدم والإرهاب، وقد كان لبنان مختبرها الحي».
وبثت الوكالة الوطنية للأنباء، أنه سيتم تشييع الراحل في كاتدرائية مار مارون – كسارة، في مدينة زحلة اللبنانية، الساعة الثالثة من يوم الثلاثاء المقبل؛ حيث يتم تقبل التعازي في صالونها، يوم الدفن وفي اليوم التالي. كما ستقام مراسم تعازٍ للفقيد في صالون كنيسة سانت ريتا في سن الفيل - حرج تابت، طيلة نهار الخميس المقبل.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».