«الضيف»... مبارزة فكرية بين الليبرالية والتطرف على شاشة السينما المصرية

صناع الفيلم يتحدثون لـ«الشرق الأوسط» عن التجربة

لقطة من الفيلم
لقطة من الفيلم
TT

«الضيف»... مبارزة فكرية بين الليبرالية والتطرف على شاشة السينما المصرية

لقطة من الفيلم
لقطة من الفيلم

الدكتور يحي التيجاني مفكر ليبرالي، تتسبب أفكاره المتحررة في ملاحقته قضائياً، والحكم عليه بتهمة ازدراء الأديان، ورغم أن الحكومة تعيّن له حرساً؛ خوفاً عليه من المتطرفين دينياً، ينجح شاب متطرف في الدخول إلى بيته، مدعياً حب ابنته، ورغبته في طلب يدها للزواج، لتدور بينهما نقاشات ومبارزات فكرية، يتكشف خلالها الغرض الحقيقي من زيارة هذا الشاب الذي يسعى في نهاية الفيلم لإجبار المفكر على قتل نفسه، لكن العكس يحدث.
هذه هي القصة التي تدور حولها أحداث فيلم «الضيف» الذي طُرح في دور العرض المصرية، 6 يناير (كانون الثاني) الحالي، ليثير عاصفة من الجدل، مرتبطة بما يطرحه على مستوى الأفكار واللغة السينمائية، الذي ينقل من خلالهما معركة الحرب على الإرهاب من الميدان إلى شاشة السينما. «الشرق الأوسط» التقت أبطال وصناع الفيلم لعرض تفاصيله والكواليس الخاصة به، وسلطت الضوء على ردهم على الانتقادات التي تعرّض لها الفيلم من النقاد المصريين أخيراً.
الفنان الشاب أحمد مالك يجسد شخصية المتطرف ليس بصورته التقليدية، فهو شاب عصري يعمل معيداً في كلية الهندسة بالجامعة الأميركية، يخبر ابنة المفكر الليبرالي أنه يحبها ويريد مقابلة والدها ليطلب يدها للزواج، ومع بداية الزيارة تبدأ المبارزات الفكرية والكلامية بين الشاب المتطرف والمفكر، التي تنتهي بمحاولة اغتيال الأول للثاني.
يقول مالك، إن «أسامة» من أصعب الشخصيات التي جسدها منذ دخوله مجال الفن؛ لأسباب عدة، في مقدمتها ضرورة التوحد مع شخصية تختلف عنه كلياً من الناحية الآيديولوجية، وتقديمها بشكل يصدّقه الجمهور، مشيراً إلى أن فترة التحضير للشخصية استغرقت ثلاثة أشهر، قرأ خلالها كثيراً لأصحاب الفكر المتطرف، كما عقد الكثير من الجلسات مع أحد مشايخ الأزهر الشريف ليعلمه مخارج الحروف الصحيحة، وكذلك بعضاً من علم التجويد، لتخرج الشخصية بشكل صادق.
وأكد مالك أنه قرأ عن هذا الفكر المتطرف كثيراً قبل تجسيد الشخصية ليعرف كيف يمكن لشخص أن يضحي بحياته في سبيل فكرة، مشبهاً ما يحدث لحامل هذا الفكر بالإدمان.
وأوضح مالك، أن لشخصية المتطرفين شكلاً تقليدياً يميزهم عن غيرهم في المظهر الخارجي، لكن هذا لا ينفي أن تجسيدها تطلب مجهوداً نفسياً داخلياً حتى تخرج بشكل صادق.
من جانبه، يؤكد الفنان خالد الصاوي، الذي يجسد شخصية الأب والمفكر الليبرالي يحي التيجاني، فيؤكد على أن «الضيف»، ليس «فيلماً للمثقفين، بعدما استطاع أن يأتي بالأفكار الصعبة ويضعها في مواقف بسيطة، لكنها في الوقت نفسها دالة»، مشيراً إلى أن «الفيلم واضح ومفيد؛ لأنه يتعرض لأفكار ظلامية تحولت إلى قنابل تتسم بالخسة».
وأوضح الصاوي، أن «(الضيف) يمكن وصفه بالفيلم الاستثنائي؛ لأسباب عدة، أبرزها أن التصوير يتم في مكان واحد، ومع عدد محدود من الأشخاص، ويعتمد على المبارزات الحوارية الفكرية، ورغم أنه مليء بالكلام، وهذا دفع البعض لاتهامه بالمباشرة، إلا أنه أيضاً مليء باللحظات الدرامية التصاعدية، فهو يشبه بنسبة كبيرة مسرحيات المؤلف البريطاني هارولد بنتر، التي تعتمد على الكلام الكثير، لكنها في الوقت نفسه تكون مليئة باللحظات المشحونة».
أما الفنانة شيرين رضا، فتجسد ضمن الأحداث شخصية «مارلين» زوجة المفكر الليبرالي، وهي سيدة مسيحية، وأم تربي ابنتها على الحرية، وتحاول أن تخفي إصابتها بمرض السرطان عن أقرب الناس لها.
تقول شيرين، إن الفيلم يناقش قضية جدلية، وتجسيدها شخصية امرأة مسيحية كان ضرورياً، ليكشف الفيلم من خلالها طريقة تفكير المتشددين تجاه أصحاب هذه الديانة. وأوضحت رضا، أن صعوبة الدور بالنسبة لها كان يكمن في كيفية التعبير عن مشاعرها بنظرات العين، والقليل من الكلمات.
«التعامل مع سيناريو يعتمد في مجمله على الكلام، وتدور أحداثه في مكان واحد، وبين أشخاص معدودين، هو شيء بالغ الصعوبة، ويضع صناع العمل أمام تحديات كبيرة»، بحسب وصف المخرج هادي الباجوري، الذي أكد أن «مهمته الرئيسية كانت أن يخرج العمل بشكل لا يشعر المشاهد بالملل، وبالتالي كانت هناك بعض الملاحظات على السيناريو منذ البداية تتعلق بتقصير بعض المشاهد الطويلة، وكذلك إضافة شخصيتين تظهران في الأحداث ضيوف شرف، هما (الخال) الذي جسده الفنان ماجد الكدواني، والضابط الذي جسده الفنان محمد ممدوح». وعن الاتهامات التي توجه للفيلم بالمباشرة في تقديم الرسالة، أكد الباجوري، أنه يرفض المباشرة للسينما، ويراها أمراً غير مستحب على الإطلاق، لكن في فيلم «الضيف» كانت هناك بعض المعلومات متعلقة بمسألة الحجاب وإسناد بعض الأحاديث، ليس من باب المباشرة، لكن الهدف منها إضافة معلومة إلى المشاهد التي لا يعرفها، مشدداً على أن الفنان خالد الصاوي قدمها بأسلوب كوميدي ساعد في تخفيف حدتها، وجعل المشاهدين يحبونه وهو يقدمها دون أن يشعروا بأي ملل.
إلى ذلك، قال الناقد السينمائي خالد محمود لـ«الشرق الأوسط»: إن تجربة «الضيف» ربما تكون مهمة على مستوى الموضوع الذي يطرحه الفيلم، لكن على المستوى الفني لم يكن موفقاً؛ فهو يفتقد للصورة السينمائية المدهشة، نتيجة للحوار المباشر، الذي بدوره يتسبب في تحجيم عدد المشاهدين.
يؤكد محمود، أن تقديم الصورة في السينما أهم بكثير من أن تشاهد أشخاصاً في غرفة مغلقة يدور بينهما حوار مباشر، حتى إذا كان صادماً فيما يطرحه، وكان على مخرج الفيلم هادي الباجوري أن يبحث عن رؤية أخرى يقدم من خلالها هذه التجربة.
ويرى محمود أن أداء الفنان خالد الصاوي شخصية الدكتور يحي التيجاني، هو أجمل ما في الفيلم؛ فهو استطاع أن يقدمها بشكل بارع ومختلف رغم التحديات التي تواجهه من اعتماد الفيلم على الكلام في غرفة مغلقة.


مقالات ذات صلة

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

يوميات الشرق انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

تقع أهمية النسخة الـ10 من المهرجان بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)

البازعي: «جائزة القلم الذهبي» متفردة... وتربط بين الرواية والسينما

بدأت المرحلة الثانية لـ «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» لتحديد القائمة القصيرة بحلول 30 ديسمبر قبل إعلان الفائزين في فبراير.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

أكد الفنان السعودي فهد المطيري أن فيلمه الجديد «فخر السويدي» لا يشبه المسرحية المصرية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» التي قدمت في سبعينات القرن الماضي.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تجسّد لبنى في «خريف القلب» شخصية السيدة الثرية فرح التي تقع في ورطة تغيّر حياتها

لبنى عبد العزيز: شخصية «فرح» تنحاز لسيدات كُثر في مجتمعنا السعودي

من النادر أن يتعاطف الجمهور مع أدوار المرأة الشريرة والمتسلطة، بيد أن الممثلة السعودية لبنى عبد العزيز استطاعت كسب هذه الجولة

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ45 «تشريفاً تعتز به».

انتصار دردير (القاهرة )

أحمد سعد لـ«الشرق الأوسط»: ألبومي الجديد يحقق كل طموحاتي

أحمد سعد سيطرح ألبوماً جديداً العام المقبل (حسابه على {إنستغرام})
أحمد سعد سيطرح ألبوماً جديداً العام المقبل (حسابه على {إنستغرام})
TT

أحمد سعد لـ«الشرق الأوسط»: ألبومي الجديد يحقق كل طموحاتي

أحمد سعد سيطرح ألبوماً جديداً العام المقبل (حسابه على {إنستغرام})
أحمد سعد سيطرح ألبوماً جديداً العام المقبل (حسابه على {إنستغرام})

قال الفنان المصري أحمد سعد إن خطته الغنائية للعام المقبل، تشمل عدداً كبيراً من المفاجآت الكبرى لجمهوره بعد أن عاد مجدداً لزوجته علياء بسيوني.

وأكد سعد في حواره مع «الشرق الأوسط» أن حلم التمثيل مؤجل إلى حد بعيد هذه الفترة؛ بسبب رغبته في استكمال نجاحاته الغنائية، واختار ديو «سبب فرحتي» الذي قدمه مع الفنانة أصالة نصري الأفضل في مسيرته، ونوه سعد إلى أنه يأمل بتقديم جزء ثان من برنامجه «بيت السعد» الذي قدمه أخيراً مع شقيقه عمرو سعد.

أحمد مع الفنانة يسرا في برنامج {بيت السعد} (حسابه على {إنستغرام})

في البداية طمأن سعد جمهوره على صحته بعد العملية الجراحية التي أجراها نهاية منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في الفك، والتي أبعدته عن الغناء لفترة طويلة، وجعلته يعتذر عن عدم المشاركة في مهرجان الموسيقى العربية: «كان علي أن أُجري تلك العملية الجراحية، بعد أن ازداد الألم في الفترة الأخيرة، فلا يوجد أصعب من ألم الفك، فأخذت القرار، وأجريت العملية، واستعدت عافيتي سريعاً، بالغناء في القاهرة، ودبي، وبعد أيام سأكون مع جمهوري في دولة الكويت».

وكشف سعد عن خطته الغنائية الجديدة التي يحضّر لها، قائلاً: «بعد غياب أكثر من 10 سنوات سأعود بألبوم غنائي جديد، سيكون مفاجأة لجمهوري، وأقوم حالياً بتسجيل أغنياته، وهو عمل يحقق كل آمالي وطموحاتي الغنائية، وسيبصر النور مع الأشهر الأولى من عام 2025». مشيراً في الوقت نفسه إلى طرحه عدداً من الأغنيات «السينغل» التي سيتم إطلاقها قبل طرح الألبوم.

يستعد أحمد سعد لإحياء حفل غنائي في الكويت (حسابه على {إنستغرام})

ونفى الفنان المصري مشاركته بالتمثيل في مسلسل شقيقه عمرو سعد الجديد «سيد الناس»، الذي من المقرر عرضه ضمن الموسم الدرامي الرمضاني لعام 2025: «سأكون مشاركاً مع شقيقي عمرو في المسلسل من خلال غناء شارة العمل، وبالأغنيات الداخلية، لكن فكرة التمثيل حالياً مؤجلة، لا أعرف الموعد النهائي، وأركز إلى حد بعيد في الغناء، وتعويض أحلامي الغنائية التي أفكر بها، بالإضافة لتقديم حفلات غنائية كبرى في مصر والسعودية والإمارات وبلدان أخرى».

أحمد سعد مع شقيقه عمرو والفنان أحمد حلمي (حسابه على {إنستغرام})

وأشاد أحمد سعد بموهبة شقيقه عمرو سعد، قائلاً: «مسلسل عمرو سعد الجديد (سيد الناس)، سيكون مفاجأة، وسيحقق نجاحاً مبهراً خلال الشهر الكريم».

ولمح صاحب أغنية «اختياراتي مدمرة حياتي» إلى أمنيته في تقديم حلقات جديدة من برنامجه «بيت السعد» الذي قدمه رفقة الفنان عمرو سعد: «الموسم الأول انتهى بالفعل، وأتمنى أن تكون هناك حلقات جديدة، خصوصاً بعد أن لاقت الحلقات نجاحاً كبيراً في مصر والمنطقة العربية». واختار سعد حلقتي أحمد حلمي وأحمد فهمي من بين أكثر الحلقات التي أحبها ضمن الموسم الأول: «لا توجد لدي حلقة مفضلة عن الأخرى، الحلقات جميعها كانت رائعة، أحببت بشدة أحمد حلمي، وأحمد فهمي، كما حقق ديو (نغزة) مع الفنانة الكبيرة يسرا نجاحاً رائعاً».

الفنان المصري وصف أغنيته مع أصالة بأنها «الأقرب إلى قلبه»

أحمد سعد

وبشأن الثنائيات الغنائية المفضلة بالنسبة له، قال: «قدمت خلال مسيرتي وبالتحديد في السنوات الأخيرة عشرات الديوهات الغنائية، ولكن أقربها لقلبي بكل تأكيد ديو (سبب فرحتي) الذي قدمته مع صديقتي وزميلتي الغالية أصالة، فكل ما أقدمه برفقتها أعتبره من أعز أعمالي، وأتمنى ألا تتوقف هذه الديوهات مع أصالة، كما لا أستطيع نسيان النجاحات التي حققتها مع روبي في أغنية (يا ليالي)، وأيضاً مع زميلي بهاء سلطان».

وعن حقيقة عودته إلى زوجته علياء بسيوني، قال سعد: «الحمد لله، الخبر صحيح، وهي دائماً وجه السعد والخير عليّ، وكانت ترافقني أخيراً في حفل دبي، ولكنها كالعادة لم تحب الظهور، وشاركتني في الكواليس، وسيكون هناك حفل زفاف لنا مع نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، أو مع بداية العام الجديد، وقررت أن أرتدي بدلة زفاف، وأن أشدو لها مرة أخرى بأغنية جديدة خاصة بها».