إحسان أوغلي ينتقد أسلوب الخطاب السياسي التركي ويسخر منه

«العليا للانتخابات» تحظر إحدى الدعايات الانتخابية لرئيس الوزراء

مرشح أحزاب المعارضة التركية لانتخابات الرئاسة أكمل الدين إحسان أوغلي مع طفلة تركية أمس (أ.ب)
مرشح أحزاب المعارضة التركية لانتخابات الرئاسة أكمل الدين إحسان أوغلي مع طفلة تركية أمس (أ.ب)
TT

إحسان أوغلي ينتقد أسلوب الخطاب السياسي التركي ويسخر منه

مرشح أحزاب المعارضة التركية لانتخابات الرئاسة أكمل الدين إحسان أوغلي مع طفلة تركية أمس (أ.ب)
مرشح أحزاب المعارضة التركية لانتخابات الرئاسة أكمل الدين إحسان أوغلي مع طفلة تركية أمس (أ.ب)

انتقد المرشح للانتخابات الرئاسية التركية أكمل الدين إحسان أوغلي أسلوب الخطاب الذي تشهده الساحة السياسية عشية الانتخابات، في إشارة إلى مرشح الرئاسة، رئيس الوزراء الحالي رجب طيب إردوغان، مشددا على أن يكون رئيس الجمهورية على مسافة واحدة من جميع الأطياف.
جاء ذلك خلال تصريح له عقب اجتماعه مع ممثلي المنظمات الأهلية العلوية في أحد فنادق إسطنبول، أشار فيه إلى أنه «على اطلاع بكيفية تلبية المطالب المشروعة والمحقة للعلويين في تركيا».
وأكد إحسان أوغلي ضرورة أن يكون رئيس الجمهورية ممثلا لـ76 مليون مواطن تركي؛ دون التمييز بين أي منهم على أساس الدين، أو العقيدة، أو العرق، أو القومية، أو اللغة، أو الجنس، حسبما نقلت وكالة الأناضول التركية أمس.
وفي معرض إجابته عن سؤال لأحد الصحافيين جاء فيه: «تطرق رئيس الوزراء، رجب طيب إردوغان، خلال إحدى كلماته إلى انتماء رئيس حزب الشعب الجمهوري إلى الطائفة العلوية، هل تعتقدون أن العناصر الدينية تستغل أكثر من اللازم خلال الحملات الانتخابية؟ برأيكم هل تطبق العلمانية اليوم كما ينبغي؟». وقال إحسان أوغلي: «منذ بدء الحملات الانتخابية لم يكن هناك احترام لمبدأ العلمانية، أو العدل، أو المساواة، لا احترام لآداب الكلام، تركيا لم تشهد قط أسلوبا مماثلا للخطاب السائد حاليا، وهي التي تشهد انتخابات منذ 70 عاما، إلا أن أسلوب التنابز بالألقاب والسخرية المنهي عنه في القرآن، واستخدام ألفاظ من قبيل (المفتون بالغرب)، على حد وصف إردوغان له، وأنت كذا، وأنا كذا، قوبل بالاستغراب لدى الشعب التركي».
وكانت اللجنة العليا للانتخابات في تركيا قد قررت أمس، حظر عرض إحدى الدعايات الانتخابية لمرشح الرئاسة التركية، ورئيس الوزراء، إردوغان، على شاشات التلفزيون، وذلك لاحتوائه على مواد تعارض القوانين والأحكام الأساسية للانتخابات.
وكان حزب الحركة القومية التركية المعارض، تقدم بشكوى إلى اللجنة الانتخابية، بخصوص معارضة تلك الدعاية الانتخابية لرئيس الوزراء للقوانين الانتخابية، وذلك لاستخدام صوت الأذان، وسجادة الصلاة، والسبحة، في الدعاية.
وتنص المادة 58 من قانون الانتخابات التركي على «منع استخدام العلم التركي، والعبارات الدينية على كل أنواع المطبوعات في الدعاية الانتخابية»، كما يحظر قانون الأحزاب التركي في مادته الـ87 «استغلال الدين والأشياء التي تعد مقدسة دينيا».
يذكر أن انتخابات الرئاسة التركية المزمع إجراؤها في العاشر من الشهر الحالي، هي الأولى، التي ينتخب فيها الشعب التركي رئيس الجمهورية، وفق التعديلات الدستورية، التي جرت عام 2010 بعد أن كان البرلمان التركي هو من يختار رئيس البلاد.
ويتنافس في هذه الانتخابات ثلاثة مرشحين هم رئيس الوزراء، إردوغان، مرشح حزب (العدالة والتنمية) الحاكم، وأكمل الدين إحسان أوغلي، المرشح التوافقي لعدد من أحزاب المعارضة أبرزها حزب الشعب الجمهوري، والحركة القومية، أكبر حزبين معارضين، وصلاح الدين دميرتاش، مرشح حزب الشعوب الديمقراطي.
وفي حال لم يتمكن أي من المرشحين الثلاثة من الحصول على الأغلبية المطلوبة من أصوات الناخبين، وحسمها في الجولة الأولى، فستكون هناك جولة ثانية يوم 24 من الشهر ذاته.
وكانت قد وصلت في وقت مبكر من صباح أمس إلى مطار إيسانبوغا الدولي في أنقرة الدفعة الأولى من أوراق اقتراع الأتراك المقيمين في الخارج، في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التركية، والتي بدأت في المراكز الانتخابية المقامة في 54 دولة يوم 31 يوليو (تموز) الماضي واستمرت حتى 3 أغسطس (آب) الحالي.
وقال رئيس لجنة الانتخابات في الخارج حكيم مهليكا، في تصريحات لوكالة الأناضول التركية: «إن أوراق الاقتراع التي وصلت على متن طائرة خاصة، نقلت تحت إشراف فرق أمنية إلى مخازن خاصة»، مشيرا إلى أنها «ستحفظ حتى يوم 10 أغسطس الحالي، الذي ستجري فيه عملية التصويت في الجولة الأولى للانتخابات داخل تركيا، حيث سيبدأ فرزها بعد الخامسة مساء من ذلك اليوم في نفس الوقت الذي سيجري فيه فرز الأصوات داخل تركيا».
وأوضح مهليكا أنه لا يمكن فتح المخازن التي ستحفظ فيها أوراق الاقتراع إلا بوجوده هو وأربعة من ممثلي الأحزاب التركية في نفس الوقت، كما أشار إلى أن ممثلي الأحزاب بإمكانهم الحضور أمام المخازن برفقة رجال الأمن المكلفين حراستها، لحين يوم فرز الأصوات.
وبلغ عدد الناخبين الأتراك الذين يحق لهم التصويت خارج البلاد، مليونين و783 ألفا و660 ناخبا، وجرى تخصيص 103 مراكز انتخابية لهم في 54 دولة.



الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
TT

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)
الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

كان جوهري، قيادي «طالبان» السابق يرتدي نظارات شمسية ومعطفاً من الصوف الثقيل، كما لو أنه قد يترك المكان في أي لحظة. على طاولة مغطاة بالبلاستيك تفصل بيننا تحت ضوء الفلورسنت، كان هناك تل من اللحم والأرز الذي لم يُمس. كانت هذه هي المرة الأولى التي نلتقي فيها، تحديداً في شتاء عام 2022، وقد اختار للقاء مكاناً يقع في نُزل وسط شارع مزدحم.

كانت أصوات التجار وهدير حركة المرور تتسلل عبر نافذة مفتوحة فيما كنت أشرح له لماذا تعقبتُ أثره. منذ أكثر من عقد من الزمان، حاصر 150 مقاتلاً من «طالبان» قاعدة أميركية في سفوح جبال «هندوكوش»، وقُتل تسعة جنود وأُصيب أكثر من عشرين فيما باتت تُعرف بمعركة «ونت»، التي تعد واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية خلال الحرب بأكملها.

وايغال هي قرية كبيرة في عمق وادٍ باسمها لم تتمكن القوات الأمريكية من الوصول إليها مطلقاً خلال حملتها بنورستان (نيويورك تايمز)

هذا الرجل، الملا عثمان جوهري، كان قائد ذلك الهجوم، وهي معجزة أنه لا يزال على قيد الحياة. فخلال الحرب، كان القادة المتوسطون في «طالبان» يلقون حتفهم بانتظام. لكن ها هو حيٌّ يُرزَق. على مدار أكثر من عشرين عاماً، كانت الصحافة الأميركية تغطي نصف الحرب فقط. وأنا، بصفتي صحافياً سابقاً في أفغانستان ورئيس مكتب كابل، كنت جزءاً من ذلك أيضاً. كانت أجزاء كبيرة من البلاد محظورة، وكان تصوُّر «طالبان» غالباً ما يقتصر على دعاية الحركة، وكانت القصة الحقيقية غير معروفة. قرأتُ بصفتي صحافياً كل التقارير المتعلقة بمعركة «ونت»، وكل درس مستفاد. لكن الآن وقد انتهت المعارك، أصبحت أتساءل عما فاتنا. قد أتمكن من الحصول على بعض الرؤى حول كيفية انتهاء الحرب بشكل سيئ بالنسبة إلى الولايات المتحدة (وكذلك بالنسبة إلى كثير من الأفغان، لا سيما النساء).

أردت رؤية الحرب من الجانب الآخر لتقديم منظور قد لا يراه القارئ مطلقاً، ودروس مستفادة من الجماعة الوحيدة التي لم يُطلب منها ذلك، جماعة «طالبان». فبعد حرب فيتنام، التي تتشابه إلى حد كبير مع الحرب في أفغانستان لدرجة أنها أصبحت أشبه بالإكليشيه، مرّت عقود قبل أن تتعامل الولايات المتحدة مع عدوها السابق.

وبحلول ذلك الوقت، كان كثير من قادتها العسكريين قد ماتوا، وضاعت فصول من التاريخ ربما إلى الأبد، حسب المؤرخين.

الملا عثمان جوهري بمنزله في وايغال بولاية نورستان بأفغانستان (نيويورك تايمز)

قدمتُ هذا العرض للملا عثمان جوهري مرتين من قبل: الأولى كانت عبر حارسه الشخصي، الذي كان يرتدي زياً يشبه زي قوات العمليات الخاصة؛ والأخرى كانت عبر مساعده، الذي كان بمثابة قنبلة موقوتة في الانتظار، ولم يعد مطلوباً. أخيراً، جلستُ أمام الملا عثمان نفسه، وعندما انتهيت من حديثي، لم يقل شيئاً، ولم يحرّك حتى رأسه. نظرنا إلى الطعام الذي بدأ يبرد أمامنا حتى أشار إلى حارسه ليتهيأ، فقد كنا متجهين إلى موقع «ونت» بسفوح جبال «هندوكوش».

اليوم في «ونت»، ما زالت بقايا القاعدة الأميركية السابقة قائمة، مهدمة وممزقة كذكرى باهتة، أطرافها التي كانت قائمة في السابق ذابت في الأرض مثل لوحة لسلفادور دالي. أراني الملا عثمان خطوط إمداد «طالبان» ومواقع إطلاق النار، وأعاد تمثيل الحصار. لكن بينما كنا نتحدث على مدار الأيام التالية، ثم الأشهر والسنة التالية، أقنعني الملا عثمان بأن معركة «ونت» بدأت فعلاً قبل سنوات -لكنّ الأميركيين لم يكونوا يدركون ذلك. قال لنا إنه لكم يكن عضواً في «طالبان» عندما بدأت الحرب. وبعد انضمامه، أصبح موضع سخرية في قريته. كان السكان المحليون في الوادي يؤمنون بمستقبل وَعَدَتْهم به الولايات المتحدة. لكن بعد ذلك، بدأت الغارات الجوية الأميركية، التي استهدفت مسلحين مشتبه بهم، في قتل الأبرياء. هذه القصة مألوفة بشكل محبط، ولكن كان ما هو أغرب، فالأمريكيون قتلوا وجرحوا أولئك الذين دعموا وجودهم أكثر من غيرهم.

بدأت عمليات تجنيد «طالبان» في الازدياد، حسب الملا عثمان، مع تحول الأميركيين من حلفاء إلى أعداء.

يقول : «لم يكن هناك أي عنصر لـ(طالبان) هنا عندما بدأت الحرب»، عبارة قالها لي الملا عثمان جوهري في تلك الرحلة الأولى إلى قريته الأصلية في ويغال، التي تقع في عمق الوادي تحت الجبال الشاهقة المغطاة بالثلوج. «لكن بعد أن دخل الأميركيون وبنوا قواعدهم وقتلوا الأبرياء، نهض الناس وقرروا القتال».

دروس مستفادة

نورستان، منطقة جبلية في شمال أفغانستان، لم تكن تهدف مطلقاً لتكون نقطة محورية في الحرب على الإرهاب. لم تكن معقلاً طبيعياً لـ«القاعدة» أو «طالبان». في الواقع، خلال فترة حكمهم الأولى في التسعينات، كانت «طالبان» قد دخلت المنطقة بالكاد. ومع ذلك، اعتقد الأميركيون أنها طريق لتهريب الأسلحة والمقاتلين وملاذ آمن لتنظيم «القاعدة»، لذا بنوا قواعد وبدأوا في تنفيذ دوريات عدوانية في أماكن كانت معتادة على الاستقلال.

في رحلاتي عبر الوادي، قابلت حلفاء للولايات المتحدة تعرضوا للتشويه جراء الغارات الجوية، والذين فقدوا عائلاتهم أيضاً. هؤلاء الأشخاص كانوا بمثابة تذكير بقلة إدراك الولايات المتحدة للحرب التي كانت تخوضها. اتضح أن الأميركيين كانوا مخطئين بشأن كون نورستان معقلاً للإرهابيين. لكن قواعدهم أصبحت بمثابة مغناطيس يجذب المسلحين، مثل «حقل الأحلام» للمتمردين: الأميركيون بنوها، ثم جاءت «طالبان». وبحلول الوقت الذي قاد فيه الملا عثمان فريقه عبر الجبال لشن الهجوم على القاعدة الأميركية في «ونت»، كان الوادي قد تحوَّل ضد الأميركيين، وكانت النتيجة مأساوية.

*خدمة «نيويورك تايمز»