تأمين ممر آمن للعائلات الإيزيدية العالقة في جبل سنجار يتطلب أياما

نازحون: شعرنا بخيبة أمل بعد انسحاب البيشمركة

تأمين ممر آمن للعائلات الإيزيدية العالقة في جبل سنجار يتطلب أياما
TT

تأمين ممر آمن للعائلات الإيزيدية العالقة في جبل سنجار يتطلب أياما

تأمين ممر آمن للعائلات الإيزيدية العالقة في جبل سنجار يتطلب أياما

قال مسؤول عراقي كردي رفيع المستوى إن عملية تأمين ممر آمن للعائلات المحاصرة من قبل عناصر «داعش» في جبل سنجار يتطلب أياما، مؤكدا أن هذه المهمة ليس سهلة. وقال هريم كمال أغا، مسؤول تنظيمات حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي السابق جلال طالباني، في دهوك، إن «مقاتلي حزب العمال الكردستاني (التركي) وصلوا إلى الجبل فعلا، والآن يعملون من أجل فتح ممر آمن لمساعدة العائلات النازحة هناك»، لكنه أقر في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية بأن «هذا ليس بعمل سهل، ويتطلب أياما، وتبقى العائلات بحالة مأسوية في هذه المنطقة إلى حين مغادرتها».
وفر مئات الآلاف من سكان بلدة سنجار الإيزيدية بعد انسحاب قوات البيشمركة وفرض عناصر تنظيم «داعش» سيطرتهم على المدينة التي تقطنها هذه الأقلية. وتستضيف سنجار كذلك آلاف المهجرين من الأقلية التركمانية الشيعية الذين فروا من قضاء تلعفر المجاور قبل نحو شهرين. وكانت الأمم المتحدة حذرت الأحد من وجود مخاوف كبيرة على سلامة آلاف الناس في سنجار ومن «مأساة إنسانية».
وعندما واصل مقاتلو «داعش» تقدمهم في شمال العراق فر كثير من العراقيين من بلداتهم وقراهم قبل وصول المتشددين المعروفين بقطع رؤوس معارضيهم. لكن الإيزيديين في بلدة سنجار كانوا الأكثر فزعا. فتنظيم «داعش» الذي توصف أساليبه بأنها أكثر تطرفا حتى من تنظيم «القاعدة» يعدّ الإيزيديين «عبدة الشيطان» مما يجعلهم أكثر عرضة لسيف التنظيم.
وقال سكان إن نحو 50 شخصا قتلوا بعد أن وصل مسلحو «داعش» إلى سنجار السبت الماضي، في حين قتل 20 آخرون عندما حاولوا الدفاع عن البلدة. ولم يتضح كيف قتلت تلك المجموعة. وحسب تقرير لوكالة «رويترز»، فقد سيطرت حالة من الفزع على الإيزيديين وتكالبوا بحثا عن الماء والطعام لأطفالهم قبل أن يركبوا سياراتهم ويبتعدوا بها سريعا صوب الجبال المحيطة. ولم يتمكن البعض من الفرار.
وقالت فيان دخيل، عضوة البرلمان العراقي الإيزيدية، وهي تبكي: «ذبح الأبرياء. مقاتلو الدولة الإسلامية قتلوا الرجال وأخذوا النساء سبايا».
والإيزيديون منتشرون في شمال العراق، وهم جزء من الأقلية الكردية في البلاد. ودمرت كثير من قراهم عندما حاولت قوات الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين سحق الأكراد. وأثناء حكم صدام اعتقل ضباط المخابرات بعضهم وأعدموهم. والآن هم في وضع المدافع عن النفس ثانية بعد سنوات من سقوط صدام، الذي عزز الآمال في مستقبل أفضل لهم. ولم يتحمل بعض الضعفاء الهجوم في مطلع الأسبوع. وقالت فيان دخيل إن نحو 70 طفلا تتراوح أعمارهم بين شهر وأربعة أعوام لقوا حتفهم عطشا أو جوعا. وقال صندوق الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» إن العائلات التي فرت من المنطقة في حاجة ماسة لمساعدات عاجلة، وإن منهم 25 ألف طفل تقطعت بهم السبل في الجبال.
وعندما هاجم «داعش» شمال العراق انهار فعليا الجيش العراقي الذي تلقى تدريبا على يد القوات الأميركية، وفر آلاف الجنود. وعلى أمل سد الفراغ الأمني، تدخل مقاتلون أكراد يعرفون بالبيشمركة الذين يتفاخرون دوما ببسالتهم في المعارك ضد قوات صدام، كما تدخلت ميليشيات شيعية. لكن مقاتلي «داعش» تغلبوا على الأكراد في هجوم مطلع الأسبوع باستخدام نيران المدفعية وقذائف الـ«هاون» والبنادق الآلية التي استولوا عليها من الجنود العراقيين مقارنة في الأغلب مع بنادق كلاشنيكوف يستخدمها الأكراد.
وقال المزارع حاجي بيسو، 47 سنة، وهو من سكان سنجار ويعمل أيضا على شاحنة صغيرة لنقل البضائع: «شعرنا بخيبة أمل ونحن نرى البيشمركة يفرون من البلدة ويتركوننا وحدنا لمواجهة مقاتلي الدولة الإسلامية. كان من واجبهم حماية المدنيين والموت إذا لزم الأمر، لكنهم اختاروا الهرب من دون إطلاق رصاصة».
وقال إلياس خضير، وهو موظف حكومي يبلغ من العمر 33 سنة وله ثلاثة أبناء: «بعد أن خذلنا البيشمركة وفروا من دون قتال، لم نتمكن من البقاء، لأننا نعلم أننا سنكون بحاجة لمعجزة للنجاة من وحشية (داعش)». وأضاف: «أنام مع أبنائي على الصخور، والطعام نادر. جمعت بعض أوراق الأشجار لإطعام أطفالي إذا نفد الطعام. نموت ببطء ولا يهتم بنا أحد».
وقرر كريم صيدو، 60 سنة، الذي يزرع الطماطم والخيار في مزرعته، العودة إلى سنجار بعد أن أصبحت الأوضاع في الجبال بائسة. ومثله مثل كثيرين كان يخشى على أحبائه من الأفاعي والعقارب. وبعد أن رأى رضيعين يموتان من الحر، قرر العودة إلى منزله. وعند وصوله جرى إيقافه عند نقطة تفتيش تابعة لـ«داعش» وسأله أحد المقاتلين عن سبب مغادرته وقالوا له إنه ليس هناك ما يخشاه من «داعش» ما دام يلتزم بقواعدها. ونقل صيدو عن المقاتل قوله: «كل ما عليك فعله هو رفع راية بيضاء على سطح منزلك وإعلان الطاعة لنا». وعندما صعد إلى سطح منزله لتفقد سنجار رأى بحرا من الرايات البيضاء.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.