أحداث 2013 .. ليبيا: عام من الأزمات المعيشية والخطف والاغتيالات

أهالي طرابلس يواجهون الميليشيات المسلحة والمواطن العادي يريد عودة الأمن

ليبيون يتظاهرون في طرابلس ضد الميليشيات المسلحة الموجودة في مدينتهم مطالبين بخروجها في 22 نوفبنر (تشرين الثاني) (أ.ب)
ليبيون يتظاهرون في طرابلس ضد الميليشيات المسلحة الموجودة في مدينتهم مطالبين بخروجها في 22 نوفبنر (تشرين الثاني) (أ.ب)
TT

أحداث 2013 .. ليبيا: عام من الأزمات المعيشية والخطف والاغتيالات

ليبيون يتظاهرون في طرابلس ضد الميليشيات المسلحة الموجودة في مدينتهم مطالبين بخروجها في 22 نوفبنر (تشرين الثاني) (أ.ب)
ليبيون يتظاهرون في طرابلس ضد الميليشيات المسلحة الموجودة في مدينتهم مطالبين بخروجها في 22 نوفبنر (تشرين الثاني) (أ.ب)

لم يكن عام 2013 عاما سهلا على الليبيين بالتأكيد، فقد عاشوا بشكل شبه يومي تقريبا أزمات متتالية تختبئ خلف عناوين الأخبار، بحيث أصبح كل يوم من أيام العام الذي يوشك على الرحيل يحمل في طياته أزمة جديدة.
وإذا سألت أي مواطن عادي في أي مدينة ليبية ماذا تتمنى في العام الجديد، سيقول لك فورا «نريد الأمن والاستقرار وحكومة قوية»، لكن ليس كلما يتمناه المرء يدركه، فقد باتت الدولة في ليبيا على شفا الانهيار .
وعاش الليبيون أزمات يومية متتالية بدءا من انقطاع الكهرباء، إلى النقص الحاد في الوقود، بالإضافة إلى قطع خدمات شبكة الإنترنت والإغلاق المستمر لمعظم حقول وموانئ النفط في شرق البلاد، على نحو دفع بعضهم ولو من باب التندر إلى الترحم على أيام الاستقرار والهدوء النسبي خلال زمن حكم العقيد الراحل معمر القذافي.
هنا تحديدا نتحدث عن بقايا دولة جرى اختطاف رئيس حكومتها ونجل وزير دفاعها ونائب رئيس مخابراتها، واغتيال نحو 150 من الشخصيات العسكرية والأمنية والناشطين السياسيين والإعلاميين، فضلا عن تعرض المؤتمر الوطني العام (البرلمان) إلى ‏269‏ حالة اعتداء واعتصام طوال عام ‏2013‏، تشمل الاقتحامات المسلحة وغير المسلحة لقاعة البرلمان والاعتصامات أمام مقره والتي عرقل بعضها عمله، وفقا لإحصائية قدمها صالح المخزوم النائب الثاني لرئيس المؤتمر الوطني‏.‏ وكما بدأ عام 2013 بالمؤتمر وتلميح رئيسه السابق محمد المقريف قبل استقالته لتمديد ولايته التي كان مقررا لها أن تنتهي بحلول فبراير (شباط) المقبل، فإن المؤتمر أيضا يختتم العام بإعلان قبوله لخارطة طريق تضمن له إطالة عمره عاما إضافيا حتى نهاية عام 2014.
وانغمس المؤتمر الوطني الذي يعد أعلى سلطة تشريعية وسياسية في البلاد في قضايا هامشية، فضلا عن توقف جلساته لفترات طويلة بسبب عمليات اقتحامه المتكررة والخلافات التي هيمنت على أجوائه، على نحو أصبح معه يستحيل عمليا الالتزام بالإطار الزمني الذي حدده الإعلان الدستوري الصادر عن المجلس الوطني الانتقالي الذي تولى السلطة عقب الإطاحة بنظام القذافي عام 2011 .
استهلت السلطات الليبية عام 2013 بتعزيز إجراءاتها الأمنية المشددة في مختلف أرجاء العاصمة طرابلس ومدينة بنغازي تحسبا لوقوع أي عمليات إرهابية بمناسبة الاحتفال برأس السنة الميلادية، إثر حادث تفجير مبنى الملحق الإداري للكنيسة المصرية الأرثوذكسية بمدينة مصراتة، مما أدى إلى سقوط أربعة ضحايا بين قتيل وجريح.
وفى يناير (كانون الثاني) الماضي أقر المؤتمر الوطني بالإجماع مشروع قرار رسمي بتغيير اسم ليبيا إلى «دولة ليبيا» بشكل مؤقت إلى حين إصدار وتمرير الدستور الجديد.
وهكذا جرى محو اسم «الجماهيرية العظمى»، وهو الاسم الذي حملته البلاد على مدى السنوات الـ42 من عمر نظام حكم القذافي، لإزالة الاسم القديم من على الوثائق الرسمية المتداولة مثل جوازات السفر والبطاقات الشخصية والخطابات الحكومية. وفى الشهر نفسه، كرر المقريف اتهامات وجهها إلى الدكتور عبد الرحيم الكيب، رئيس الحكومة الانتقالية السابقة، بشأن وجود شبهة فساد مالي في الطريقة التي جرى بها صرف ميزانية الدولة خلال توليه منصبه الذي غادره في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، لكن الكيب خرج لاحقا وفند هذه الاتهامات.
واستضافت مدينة غدامس التي تقع على بعد 600 كيلومتر جنوب غربي طرابلس قمة ذات طابع أمني بحت، ضمت رؤساء حكومات الجزائر وليبيا وتونس، عقب إغلاق ليبيا حدودها الجنوبية مع دول الجوار، وإعلانها تحويل الجنوب إلى منطقة عسكرية بهدف احتواء الانفلات الأمني المتكرر، حيث شهدت المنطقة سلسلة من الاشتباكات القبلية من جهة، وبين قبائل وقوات الجيش والشرطة المحلية،من جهة أخرى.
وعلى الرغم من أن المؤتمر الوطني قرر تشكيل قوة أمنية خاصة به تتولى حماية أعضائه يوجد مقرها في طرابلس، وتخضع لقيادة رئيسه وتتلقى أوامرها منه شخصيا، فإن القرار ظل حبرا على ورق ولم ينفذ على الإطلاق، ليتعرض المؤتمر لسلسلة من الاقتحامات من قبل مسلحين ومتظاهرين غاضبين.
وارتبك المشهد السياسي والأمني بشكل مفاجئ، في العاصمة طرابلس، بعدما جرى قطع شبكة الاتصالات الدولية وخدمة الإنترنت، حيث اقتحمت عناصر اللجنة الأمنية العليا في طرابلس مقر المؤتمر، واعتدت بالضرب على بعض أعضائه، على خلفية رفض اللجنة تنفيذ قرار وزير الداخلية الأسبق عاشور شوايل بضم عناصر اللجنة الأمنية إلى وزارة الداخلية. واقتحمت مجموعات من الجرحى المسلحين مقر المؤتمر في طرابلس لمدة شهر تقريبا وعطلت اجتماعاته التي جرى نقلها على عجل إلى حديقة الفندق الذي يتخذ منه المؤتمر الوطني مقرا له. وتكررت تلك الاقتحامات لأسباب مختلفة ومن قبل مجموعات مسلحة، بالتزامن مع اقتحام مقار عدة وزارات من بينها العدل والخارجية والداخلية، مما دفع شوايل لتقديم استقالته. وفى 12 مايو (أيار) الماضي جرى أول تعديل وزاري من نوعه على الحكومة الانتقالية في ليبيا، التي يترأسها علي زيدان، حيث وافق المؤتمر الوطني بالإجماع على تكليف محمد خليفة الشيخ وزيرا للداخلية خلفا للوزير المستقيل شوايل.
وعلى الرغم من أن الشيخ وفقا لسيرته الذاتية ضابط شرطة محترف، تخرج في كلية ضباط الشرطة، فإن انتماءه إلى جماعة الإخوان المسلمين أثر في علاقته مع زيدان، خاصة بعدما سعت الجماعة إلى استخدامه ضد زيدان إثر توتر العلاقات بين الطرفين.
وبعد تدهور أمني وهجوم شهدته السفارة المصرية في بنغازي في أغسطس (آب) الماضي، قدم الشيخ استقالته، ليكون ثاني وزير داخلية على التوالي يستقيل من حكومة زيدان الذي كلف نائبه الدكتور الصديق عبد الكريم بمهام وزارة الداخلية إلى حين تعيين وزير داخلية جديد، وهو أمر لم يحدث حتى الآن.
ويعد الشيخ ثاني وزير ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين يتقدم باستقالته ،حيث استقال عوض البرعصي وزير الكهرباء ونائب زيدان من منصبه قبله بأسبوعين. وجرت الاستقالات وسط أجواء من الجدل السياسي بين الإخوان المسلمين ومعارضيهم حول الموقف من الثورة الشعبية للمصريين ضد رئيسهم الإخواني المعزول محمد مرسي في نهاية يونيو (حزيران) الماضي. وقلل زيدان من شأن استقالة الشيخ، وعدها أمرا عابرا لن يؤثر على الوضع الأمني أو على أداء الحكومة، حيث اشتبك زيدان إعلاميا مع وزير داخليته المستقيل، وتبادلا الاتهامات العلنية بعدما وصف الوزير الحكومة بأنها «ضعيفة غير متماسكة، مرتهنة بأجندات كيانات سياسية وجهوية»، فيما قال زيدان إن الحالة الصحية للوزير هي التي منعته من المشاركة في كثير من اجتماعات الحكومة منذ توليه منصبه.
لكن الأمور بلغت ذروتها بعد زيارة زيدان للعاصمة المصرية في سبتمبر (أيلول) الماضي، حيث كرر حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان في ليبيا، تهديداته بالانسحاب من الحكومة احتجاجا على سياسات زيدان في الداخل، واجتماعه في القاهرة مع كبار المسؤولين المصريين، خاصة الفريق أول عبد الفتاح السيسي نائب رئيس الحكومة المصرية وزير الدفاع القائد العام للقوات المسلحة المصرية.
وأثارت زيارة زيدان المفاجئة إلى مصر حفيظة إخوان ليبيا بشكل واضح، خاصة لقاءه مع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، لكن زيدان تحدى الإخوان، وقال إنه باق في منصبه بعدما نجح في إنهاء فكرة وجود حكومة محاصصة، وتخلص من تأثير الأحزاب والتكتلات السياسية على أعضائها الممثلين لها داخل المؤتمر الوطني.
واصطدمت محاولات جرت لإقالة زيدان بحاجز الـ«120» صوتا المطلوبة داخل المؤتمر كنصاب قانوني يسمح للمؤتمر بالإطاحة به. وعقب تمرير قانون العزل السياسي في مايو (أيار)، والذي جرى وسط هذه الفوضى الأمنية ومحاصرة مقر المؤتمر، والذي يقضى بإقصاء كل من عمل مع نظام القذافي أو تولى مناصب رسمية فيه، اضطر محمد المقريف رئيس المؤتمر إلى الاستقالة طواعية ليتولى نائبه الدكتور جمعة عتيقة رئاسة المؤتمر، قبل أن يفوز نوري أبو سهمين .
وفتحت عملية خطف زيدان والاتهامات التي وجهها إلى غرفة عمليات ثوار ليبيا النار على الميليشيات المسلحة داخل طرابلس التي فوجئت بحشود جماهيرية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي للمطالبة بالتطبيق الفوري والعاجل لقراري المؤتمر الوطني رقمي 27 و53، والقاضيين بإخلاء العاصمة من كل التشكيلات المسلحة من دون استثناء. .وكادت اشتباكات طرابلس تتحول إلى حرب مدن وشيكة، حيث سقط أكثر من 40 شهيد وأكثر من 400 مصاب في المظاهرة التي أدت إلى إعلان حالة الحداد في ليبيا لمدة ثلاثة أيام حدادا على أرواح القتلى .وما زالت حركة مدعومة من «إقليم برقة الانفصالي» وتطالب بحكم ذاتي إقليمي تسيطر على أكبر ميناءين لتصدير النفط في ليبيا في السدرة ورأس لانوف، وكلاهما في شرق ليبيا الذي يعد مصدرا لنحو 60 في المائة من ثروة ليبيا .



جوائز «البحر الأحمر السينمائي» ذهبت لمن استحق

السجادة الحمراء في الدورة الخامسة لمهرجان البحر الأحمر - جدة 2025 (أ.ف.ب)
السجادة الحمراء في الدورة الخامسة لمهرجان البحر الأحمر - جدة 2025 (أ.ف.ب)
TT

جوائز «البحر الأحمر السينمائي» ذهبت لمن استحق

السجادة الحمراء في الدورة الخامسة لمهرجان البحر الأحمر - جدة 2025 (أ.ف.ب)
السجادة الحمراء في الدورة الخامسة لمهرجان البحر الأحمر - جدة 2025 (أ.ف.ب)

مع ختام أعمال الدورة الـ5 من مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، يمكن النظر إليها على أنها الأفضل بين دورات المهرجان منذ إنشائه.

الأفلام المشتركة هي أحد أبرز أسباب تميُّز هذه الدورة إجمالاً؛ فقد كانت مختارة بعناية، رغم أن معظمها سبق عرضه في مهرجانات أخرى. غير أن هذا الأمر ليس سلبياً إلى حدّ كبير، إذ إن الجمهور المحلي لا يستطيع السفر لحضور تلك المهرجانات، وبالتالي يؤدي هذا المهرجان، كما سواه في العالم العربي، خدمة مهمة لجمهوره.

دراما نفسية

مارست إدارة المهرجان عناية فائقة في تصنيف الأفلام ضمن أقسامها المناسبة، رغم أن تعدد الأقسام، كما أشرنا في رسالة سابقة، ليس دليلَ نجاح بحد ذاته، خصوصاً مع تشابه بعضها مع البعض الآخر.

ومن الأمور التي ما زالت تتكرَّر في كل دورة؛ مسألة التأخير في مواعيد بعض العروض الرئيسية. تمر دقائق طويلة والجمهور جالس في الانتظار، وعندما يظهر المقدّم (أو المقدّمة) لا يُقدَّم اعتذارٌ؛ بل يُسرد كلام مطوّل عن محاسن الفيلم، وهي أمور يُفترض أن يكتشفها المشاهد بنفسه، فيُصاب بخيبة أمل إذا لم تأتِ النتائج على قدر التوقعات.

في أحد هذه العروض، وبعد 23 دقيقة من التأخير، ظهر المقدّم وتحدث لدقائق، مستهلاً كلامه بعبارة: «أنا سعيدٌ جداً جداً بهذا الفيلم»، ومن ثَمَّ كررها مرات قبل أن يقدِّم فريق العمل. الفيلم كان «غرق» للمخرجة الأردنية زين دريعي، التي تحدَّثت عن عملها وباختصار، لكن التأخير كان قد امتدَّ لنحو 45 دقيقة قبل أن ينطلق عرضه... ومن دون اعتذار.

لقطة من المقطع الترويجي لفيلم «غرق»

«غرق» فيلم مهمٌ لم يحز على أي جائزة، لكن ذلك لا يقلِّل من جودته. يُقدِّم الفيلم حكاية غير مألوفة في السينما العربية: عائلة مؤلفة من أم وأب وولدين وابنة تعيش في رخاء اقتصادي ووئام شامل، باستثناء أحد الأبناء، باسل (محمد نزار)، الذي يعاني خللاً نفسياً ويختزن داخله عداءً مكبوتاً يتحوَّل لاحقاً إلى عنف واضح. تشعر والدته ناديا (كلارا خوري) بحالته وتدافع عنه، وهو يلجأ إليها بحثاً عن الراحة والحنان، في حين تبدو علاقته بوالده (وسام طبيلة) متوترة رغم محاولات الأب للتواصل.

تعرض المخرجة وضع الأم تجاه ابنها الذي يعاني مشكلات نفسية وعاطفية تؤثر على دراسته وإهماله لامتحان نهاية السنة. نراه يطلب من والده أن يصطحبه في إحدى رحلاته، لكن انشغال الأب يترك في نفس باسل شعوراً بالغضب، تحاول والدته احتواءه قدر المستطاع. ومع تطورات الحكاية، تتبلور مواقف تُهدد حياة الأم على يد ابنها، ويأتي المشهد الحاسم محمّلاً بإشارات وملامح فرويدية واضحة.

ليس الفيلم صعباً، ولا هو من ناحية أخرى يعدّ عملاً متميزاً فنياً؛ لكنه بالتأكيد يقدم طرحاً جديداً ضمن إطار الدراما العائلية.

مهاجرون بعيداً

لقطة من المقطع الترويجي لفيلم «أرض مفقودة»

الفيلم الفائز بجائزة «اليُسر الذهبية» هو الصيني «أرض مفقودة» (أو «ضائعة»، كما اختيرت ترجمة العنوان (Lost Land)، الذي تناولناه في صفحة السينما يوم الجمعة الماضي. هو دراما عن الهجرة من بلد إلى آخر، والمخاطر التي يتعرض لها النازحون. يروي قصة صبي في الرابعة من العمر وشقيقته ذات التسعة أعوام من بنغلاديش، يقرران خوض رحلة شاقة للانضمام إلى والديهما اللذين يعيشان في مخيم لاجئين بماليزيا. لا يتوقف الفيلم كثيراً عند أسباب هذا الانفصال، لكن مخرجه أكيو فوجيموتو يوسِّع حكاية الهجرة غير الشرعية عبر إدخال شخصيات مهاجرة أخرى، قبل أن يعود إلى قصة الشقيقين بعناية واضحة.

شيرين دعيبس مع الجائزة «الفضية» عن فيلمها «اللي باقي منك» (أ.ف.ب)

فيلم شيرين دعيبس «اللي باقي منك» (الذي تناولناه سابقاً أيضاً) نال الجائزة الفضية بوصفه أفضلَ فيلم. تخلق المخرجة مساحة زمنية تمتد من عام 1948 إلى عام 2022، للحديث عن 3 أجيال من الفلسطينيين الذين عانوا، ولا يزالون، من طغمة الاحتلال. هذا الفيلم أفضل أعمالها حتى اليوم، وقد استحق، كما «أرض مفقودة»، الجائزة التي نالها.

جائزة لجنة التحكيم ذهبت إلى أحد أفضل الأفلام العربية لهذا العام، وهو «هجرة» للسعودية شهد أمين. فيلمٌ مفصلي ومهم في تاريخ السينما السعودية، يتناول موضوعاً إنسانياً كبيراً عن جدة تبحث عن حفيدتها بمرافقة حفيدة أخرى. يزخر العمل بمعطيات اجتماعية وإنسانية متعددة، ضمن انسياب زمني ومكاني مميّزين.

لقطة من المقطع الترويجي لفيلم «يونان»

فيلمان من إخراج سينمائيين عربيين فازا بجائزتين مهمتين. الأول هو «يونان» لأمير فخر الدين، الذي حصد جائزتين: أفضل إخراج، وأفضل ممثل، التي مُنحت لبطله جورج خبّاز.

يروي الفيلم حكاية كاتب لبناني يعيش في ألمانيا، يعاني اكتئاباً وفقداناً للهوية والأمل، ويُقرِّر الذهاب إلى بلدة صغيرة جداً لينتحر فيها. يأخذ المخرج والممثل مساحتهما الفكرية والفنية، ويقدمان نتيجة متماسكة، مع تصوير رائع يُعمِّق عزلة المكان، وبالتالي عزلة الشخصية الرئيسية.

أما الفيلم الثاني فهو «نجوم الأمل والألم» لسيريل عريس، وقد فاز بجائزة أفضل سيناريو. وهي جائزة صعبة، نظراً لوجود أعمال أخرى ذات نصوص قوية، لكن ما يقدمه هذا الفيلم العاطفي، في سبره لأوضاع الماضي والحاضر اللبنانيين، يُبرر استحقاقه للجائزة.

نسبة جيدة ولكن...

المخرجة السعودية شهد أمين تتسلَّم جائزة فيلم «هجرة» (المهرجان)

لا بد من الاعتراف بأن السينما السعودية هذا العام، وباستثناء «هجرة»، لم تقدّم أعمالاً بمستوى ما شهدته الدورات السابقة. لم تخلُ الساحة من المحاولات، غير أن غالبيتها جاءت ضمن قسم «أفلام سعودية جديدة»، واشتملت على فيلمين تسجيليين هما «المدّ البشري» لديڤيد وورك، و«سبع قمم» لأمير الشنّاوي. كما برزت 3 أفلام أخرى على نحو محدود؛ هي «رأي رسم الرمال» لعبد الله الحمدي، و«دوائر الحياة» لخالد الدسيماني، و«نور» لعمر المقرّي.

وعلى صعيد أفلام المسابقة، لُوحظت نسبة جيدة من المشاركات العربية، لكن باستثناء الأفلام الفائزة، مرَّت الأعمال الأخرى من دون ضجيج يُذكر؛ من بينها «القصص» لأبو بكر شوقي (مصر)، و«إركالا: حلم كلكامش» لمحمد جبارة الدراجي (العراق)، و«بارني» لمحمد شيخ (الصومال).


حفل زفاف ابنة محمد هنيدي يخطف الأنظار في مصر

هنيدي خلال رقصه مع ابنته (الشرق الأوسط)
هنيدي خلال رقصه مع ابنته (الشرق الأوسط)
TT

حفل زفاف ابنة محمد هنيدي يخطف الأنظار في مصر

هنيدي خلال رقصه مع ابنته (الشرق الأوسط)
هنيدي خلال رقصه مع ابنته (الشرق الأوسط)

تحول حفل زفاف فريدة، ابنة النجم محمد هنيدي، إلى حديث الجمهور في مصر، بعدما امتلأت ليلته بلحظات إنسانية صادقة جمعت بين الفرح والتأثر، وسط حضور لافت لعدد من نجوم الفن الذين حرصوا على مشاركة هنيدي هذه المناسبة العائلية الخاصة.

وعلى عكس كثيرين من الفنانين الذين لا يفضلون تصوير حفلات الزفاف، لم يعترض هنيدي على عدسات المصورين والحضور من أقارب وأصدقاء العروسين التي رصدت أجواء الحفل الذي أقيم بأحد الفنادق الكبرى في القاهرة، واستمر حتى الساعات الأولى من الصباح.

وظهر محمد هنيدي خلال الحفل في حالة من السعادة الغامرة، لم تخلُ من دموع الفرح، إذ عاش اللحظة بكل تفاصيلها أباً يسلّم ابنته إلى شريك حياتها، وفناناً يشارك الحضور الغناء والرقص بعفوية لافتة، ما منح الحفل طابعاً بعيداً عن الرسميات.

هنيدي يتوسط عدداً من النجوم خلال حضور الحفل (الشرق الأوسط)

وكانت أكثر اللحظات تأثيراً عندما لم يتمالك هنيدي دموعه وهو يحتضن ابنته العروس قبل تسليمها لعريسها الدكتور حازم الدباح، في مشهد امتزجت فيه مشاعر الفرح بالفراق، وقبّلت العروس يدي والدها، في لقطة عبّرت عن امتنانها وحبها، لتتحول إلى واحدة من أبرز مشاهد الحفل تداولاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وشهد الحفل رقصة خاصة جمعت هنيدي بابنته على أنغام أغنية «بنت أبويا»، حيث سيطر التأثر على المشهد، وبدا واضحاً على العروس ووالدها، كما ظهر هنيدي وهو يغني لابنته أغنية «مين حبيب بابا» التي قدمها سابقاً في فيلمه «عندليب الدقي»، وسط تصفيق من الحضور.

وحضر الحفل عدد كبير من الفنانين، منهم خالد زكي، ونرمين الفقي، ومحمد ثروت، في حين لم تخلُ الأجواء من لحظات احتفالية مرحة، كان أبرزها ظهور النجم أحمد السقا، الذي فاجأ الحضور بحمله للطبلة ومشاركته في العزف والرقص، تعبيراً عن فرحته بزفاف ابنة صديق عمره، كما رقص إلى جواره على الأغاني في الحفل.

ووجّه محمد هنيدي رسالة مؤثرة لابنته، تحدث فيها عن عادته اليومية في حكاية القصص لها قبل النوم، مؤكداً أنه أوصى زوجها بهذه العادة، متمنياً لها حياة مليئة بالحب والدفء، فيما تفاعل مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي مع حفل الزفاف وجرى تداول لقطات فيديو منه وصور على نطاق واسع.

أكدت الناقدة الفنية مها متبولي لـ«الشرق الأوسط»، أن التفاعل مع حفل زفاف ابنة هنيدي كان متوقعاً لأسباب عدة، أبرزها «تداول فيديوهات وصور مؤثرة من الحفل، والقاعدة الجماهيرية الكبيرة التي يملكها هنيدي في العالم العربي بوصفه أحد أهم نجوم الكوميديا، بالإضافة إلى انخراطه الدائم على مواقع التواصل وتواصله مع الجمهور»، مشيرة إلى أن التفاعل الإيجابي مع مثل هذه المناسبات أمر طبيعي.

وأضافت أن «الارتباط بين هنيدي والجمهور، سواء بشكل افتراضي عبر مواقع التواصل أو من خلال أعماله، راسخ وممتد على مدار سنوات، مما يجعل أخباره تهم قطاعاً واسعاً من المتابعين، فضلاً عن ردوده الطريفة عادة من خلال حساباته على مواقع التواصل»، مؤكدة أن الجمهور عادة ما ينخرط بالتفاعل مع المناسبات المفرحة للفنانين الذين يحبهم ويرتبط بهم، وهو أمر لم يكن ليحدث لو كان والد العروس فناناً آخر غير هنيدي.


«الست» يحقق إيرادات مليونية ويتصدر شباك التذاكر بمصر

لقطة من فيلم «الست» (حساب الكاتب أحمد مراد على فيسبوك)
لقطة من فيلم «الست» (حساب الكاتب أحمد مراد على فيسبوك)
TT

«الست» يحقق إيرادات مليونية ويتصدر شباك التذاكر بمصر

لقطة من فيلم «الست» (حساب الكاتب أحمد مراد على فيسبوك)
لقطة من فيلم «الست» (حساب الكاتب أحمد مراد على فيسبوك)

تصدر فيلم «الست» قائمة إيرادات «شباك التذاكر» في مصر بعد مرور 3 أيام على طرحه بدور العرض، حيث حقق إيرادات مليونية تعدت قيمتها الـ7 ملايين جنيه (الدولار يساوي 47.49 جنيه)، حسب بيان الموزع السينمائي المصري محمود الدفراوي.

وأزاح «الست» فيلمي «ولنا في الخيال حب» و«السلم والثعبان2» من رأس قائمة الإيرادات بعد تصدرهما أياماً عدة من بين الأفلام المعروضة حالياً وهي «السادة الأفاضل»، و«أوسكار...عودة الماموث»، و«فيها إيه يعني»، و«قصر الباشا».

الفيلم من بطولة منى زكي، وإخراج مروان حامد، وسيناريو أحمد مراد، وشارك به نخبة من النجوم وضيوف الشرف من بينهم محمد فراج، وسيد رجب، وأحمد خالد صالح، وأمينة خليل، وآسر ياسين، ونيللي كريم، وأحمد أمين، وطه دسوقي، وأحمد حلمي... وغيرهم.

وتعليقاً على تحقيق الفيلم إيرادات لافتة، وصف الكاتب والناقد الفني المصري طارق الشناوي «الست» بأنه «شريط سينمائي جاذب يتمتع بقدرة جمالية وإبداعية وفنية ضخمة»، لافتاً إلى أن «من حق كل متذوق الاختلاف في بعض النقاط، فالفيلم في مجمله ليس توثيقاً لحياة أم كلثوم بكل تفاصيلها بل مستوحى من حياتها».

وأكد الشناوي لـ«الشرق الأوسط» أن الإيرادات التي حصدها الفيلم لم تكن مفاجئة؛ لأن مروان حامد من المخرجين الذين يمتلكون قدرة على قراءة مشاعر الجمهور، فهو لم ينعزل عن نبض الشارع وأحاسيسه، وعندما تصدى لفيلم «الست» كان يدرك أن مثل هذه الأعمال الفنية غالباً لا تلقى كثيراً من الصدى الجماهيري، لكن القدرة على الحبكة الدرامية، بالإضافة إلى حالة التصاعد التي قدمها في الفيلم حتى نصل للذروة، كانت جاذبة.

ويتناول فيلم «الست» لمحات حقيقية من سيرة «سيدة الغناء العربي» أم كلثوم، الشخصية والفنية وفق صنّاعه؛ إذ بدأ من كواليس حفلها الشهير بمسرح «الأولمبيا» في باريس أواخر ستينات القرن الماضي، وسقوطها أرضاً بسبب معجب أراد تقبيل قدمها.

عدد من صناع فيلم «الست» (حساب الكاتب أحمد مراد على فيسبوك)

وكشف الفيلم عن أحداث واقعية مرت بها «كوكب الشرق» في بدايتها، ودور والدها وشقيقها في حياتها الشخصية، ومشوارها الفني، وإتقانها الإنشاد الديني، وعلاقتها بأعضاء فرقتها، وحرصها فيما بعد على الدقة والنظام بشكل صارم، وفوزها بمنصب «نقيب الموسيقيين»، وعلاقتها بالشاعر أحمد رامي وغيره من الرموز الفنية التي أسهمت في مسيرتها.

وعن رأيه في فيلم «الست» ومدى استحقاقه الإيرادات التي حصل عليها خلال أيام معدودة في مصر، أكد الكاتب والناقد الفني المصري محمد عبد الرحمن أن «الإيرادات منطقية، خصوصاً أن عدداً كبيراً من الجمهور أراد مشاهدته لمعرفة مدى مصداقية الحملات المناهضة له منذ الإعلان عن صناعته وطرح البرومو الترويجي له».

وأشار عبد الرحمن في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن أي فيلم يصاحبه «الجدل» يكون في صدارة الأكثر مشاهدة في البداية، ولم يستبعد عودة غيره للتصدر مجدداً إذا لم ينجح «الست» في الحفاظ على مكانته وما حققه من تصدر في الإيرادات، «فالمقياس الحقيقي للنجاح هو الاستمرارية على رأس القائمة خلال الأسابيع المقبلة».

في السياق، سلَّط صناع فيلم «الست» الضوء على بعض اللمحات السلبية في حياة أم كلثوم، من بينها الزواج والأمومة، وحرصها على متابعة الإيرادات في حفلاتها، وقيمة التعاقد معها، والتدخين، والغضب والعناد، وعلاقتها ببعض الأنظمة الحاكمة التي واكبتها في مصر.

من جانبها، قالت الكاتبة والناقدة الفنية المصرية الدكتورة آمال عثمان إن «الضجة التي صاحبت طرح الفيلم أفادته كثيراً، لأنها كانت سبباً للحرص على المشاهدة لإثبات وجهة النظر سواء كانت سلبية أم إيجابية»، وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «الإيرادات العالية التي حققها الفيلم خلال أيام مستحقة لقيمته الكبيرة وكم النجوم الذين شاركوا به»، ولفتت الناقدة الفنية إلى أن «الفيلم أعاد كشف العمق الإنساني لشخصية أم كلثوم، وصاغ حالة وجدانية مشحونة بالمشاعر تليق بقامة فنية كبيرة مثل (كوكب الشرق)».