دفاع مبارك ينهي مرافعته وسط عدم اكتراث من المصريين

قانونيون يرون أن «التسويف» يسود المحاكمة.. و«الدفوع تتحايل على القانون»

الرئيس المصري الأسبق خلال محاكمته في محكمة الجنايات بالقاهرة (أ.ب)
الرئيس المصري الأسبق خلال محاكمته في محكمة الجنايات بالقاهرة (أ.ب)
TT

دفاع مبارك ينهي مرافعته وسط عدم اكتراث من المصريين

الرئيس المصري الأسبق خلال محاكمته في محكمة الجنايات بالقاهرة (أ.ب)
الرئيس المصري الأسبق خلال محاكمته في محكمة الجنايات بالقاهرة (أ.ب)

بعد أن شهدت تطورات دراماتيكية عبر فصولها المتشابكة على مدى أكثر من ثلاث سنوات، دخلت محاكمة الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، المعروفة إعلاميا بـ«محاكمة القرن» في نفق من الملل والرتابة جراء هذا الانتظار الطويل في أروقة المحاكم المصرية، وأصبحت محل عدم اكتراث من الشارع المصري المهموم بقضايا أكثر إلحاحا، على رأسها غلاء الأسعار، وضغوط الحياة، وعدم استقرار الأوضاع الأمنية في البلاد.
ألقت هذه الحالة بظلالها أمس على جلسة محاكمة مبارك بمقر أكاديمية الشرطة بالقاهرة، حيث تعرض قاضي محاكمة القرن، المستشار محمود الرشيدي، لوعكة صحية مفاجئة دفعته إلى رفع الجلسة عقب شعوره بارتفاع في ضغط الدم، وقام الفريق الطبي المرافق للرئيس الأسبق مبارك والقادم من مستشفى المعادي العسكري، بإسعافه وتوقيع الكشف الطبي عليه.
وأضاف مصدر قضائي في تصريحات صحافية أمس أن الحالة الصحية للمستشار محمود الرشيدي تحسنت، وعاود نظر الجلسة والاستماع إلى مرافعة المحامي فريد الديب، محامي مبارك في آخر أيام مرافعته المقررة من قبل المحكمة في القضية.
ويحاكم مبارك للمرة الثانية في القضية، هو ونجلاه جمال وعلاء مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي وستة من مساعديه بتهمة الضلوع في قتل محتجين خلال ثورة 25 يناير 2011، والتي أطاحت بمبارك ونظامه.
وكانت محكمة الجنايات، برئاسة المستشار أحمد رفعت، قضت في يونيو (حزيران) من عام 2012 بالمؤبد مدى الحياة على مبارك والعادلي. كما قضت ببراءة مساعدي العادلي الستة المتهمين في القضية. وأعادت محكمة النقض القضية من جديد للمحاكمة، بعد أن قبلت الطعن عليها.
ويعاني مبارك (86 عاما) من أمراض الشيخوخة، وكثيرا ما تعرض لأزمات صحية خلال السنوات الثلاث التي أعقبت الإطاحة به، وهو ما استوجب إقامته على ذمة القضية، بمستشفى المعادي العسكري بالقاهرة.
مشهد الحالة الصحية المتردية لمبارك، طغى أمس على محاكمته، فقد قررت المحكمة تأجيل الجلسة المقبلة، والتي كان مقررا لها اليوم، إلى جلسة الغد (الخميس) للاستماع إلى تعقيب النيابة العامة. وكانت المحكمة قد عاودت الانعقاد بعد إصدار قرارها بنحو 10 دقائق واطمأنت على وجود الجميع داخل القفص فيما عدا الرئيس الأسبق الذي نقل إلى المستشفى. وأكدت المحكمة أنه ورد طلب من فريد الديب يشير فيه إلى التردي الذي حدث لحالة مبارك الصحية، والتمس التأجيل إلى الخميس لمنحه وقتا للعلاج.
ويطالب كثير من القانونيين والمختصين بسرعة البت في هذه القضية، لافتين إلى أن إطالة أمدها يجعلها «ساحة رخوة للمناورة، واصطياد أدلة واهية لإثبات براءة المتهمين»، ويدللون على ذلك بتغيير بعض شهود الإثبات في القضية لأقوالهم. ومن بينهم شاهد قام بتغيير أقواله جملة وتفصيلا، وهو ما دفع المحكمة إلى اتهامه بالشهادة الزور والتحفظ عليه بناء على طلب النيابة.
ويشير القانونيون إلى أن هذا التراخي هو ما دفع الديب، محامي مبارك، للمطالبة في دفاعه في جلسة أمس بمحاكمة مبارك أمام المحكمة العسكرية، متحايلا على المادة 173 من القانون، التي تختص القضاء العسكري بمحاكمة رجال القوات المسلحة والقادة العسكريين. وباعتبار أن مبارك كان قائدا عسكريا قبل أن يتولى الحكم.
ورفض القانونيون هذا التحايل على القانون، ووصفوه بأنه محاولة لإضاعة الوقت لتطويل أمد المحاكمة، مشيرين إلى أن محاكمة مبارك أمام القضاء العادي جرت بناء على مطلب شعبي بعد الثورة، وأنه كان يجب أن يحاكم أمام محكمة ثورية، وليست عسكرية.
من جهته، تقدم أمس المحامي شريف جاد الله، منسق حركة المحامين الثوريين، بطلب لنيابة استئناف الإسكندرية لعرضه على مكتب النائب العام، للطعن بالتزوير على الأدلة المقدمة من هيئة الدفاع عن المتهمين في قضية قتل المتظاهرين إبان ثورة يناير. وأوضح جاد الله في مذكرته أنه يكن للرئيس مبارك احتراما كبيرا، ولو كان الأمر بيده لطالب له بعفو فوري، و«لكن الدفاع أهان في مرافعته الشعب المصري، وكان لزاما على النيابة العامة أن ترد على ما أبداه الديب».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.