{تحرك ثلاثي» لتسريع عودة دمشق إلى الجامعة العربية

تنسيق بين لبنان والعراق والأردن في اجتماع المندوبين غداً

عون خلال تلقيه دعوة لحضور القمة العربية من الممثل الشخصي للرئيس التونسي أمس (دالالتي ونهرا)
عون خلال تلقيه دعوة لحضور القمة العربية من الممثل الشخصي للرئيس التونسي أمس (دالالتي ونهرا)
TT

{تحرك ثلاثي» لتسريع عودة دمشق إلى الجامعة العربية

عون خلال تلقيه دعوة لحضور القمة العربية من الممثل الشخصي للرئيس التونسي أمس (دالالتي ونهرا)
عون خلال تلقيه دعوة لحضور القمة العربية من الممثل الشخصي للرئيس التونسي أمس (دالالتي ونهرا)

أكَّد رئيس الجمهورية ميشال عون، أن القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية، ستعقد في موعدها في بيروت في 19 يناير (كانون الثاني) الحالي، في وقت يعمل فيه وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، على مبادرة يسعى من خلالها لدعوة سوريا إليها، بهدف الدفع لتكون قمّة بيروت «قمّة مصالحة مع سوريا» بحسب ما قالت مصادر متابعة لحراك باسيل، لـ«الشرق الأوسط».
وأوضحت المصادر أن مبادرة باسيل تقضي بتقديم اقتراح ثلاثي «لبناني عراقي أردني» يلقى دعماً مصرياً، لتقديمه يوم غد الأربعاء، في اجتماع التنسيق العربي على مستوى المندوبين الدائمين الذي سيعقد في القاهرة. وفيما لم تستبعد المصادر إمكانية نجاح مبادرة باسيل، لفتت إلى أنّ وزير الخارجية يهدف من هذه المبادرة إلى جعل القمة الاقتصادية التي ستعقد في بيروت في عهد رئيس الجمهورية «قمة المصالحة مع دمشق».
وفي ظل الخلاف اللبناني حول دعوة سوريا التي يدفع باتجاهها «حزب الله» وباسيل، ويرفضها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، تؤكد المصادر أن لبنان يستضيف القمة ولا يدعو إليها، وبالتالي فإن دعوة دمشق أو عدمها تعود إلى القرار الذي سيصدر عن مجلس وزراء الخارجية العرب. ورغم تأكيد باسيل هذا الأمر فإنه سبق له أن لمح إلى نيّة لبنان الدفع باتجاه هذه الدعوة، وقال: «ليس لبنان من يدعو؛ بل يتقيد بقرار الجامعة العربية؛ لكن لبنان يستطيع أن يبادر ويعمل لعودة سوريا إلى الجامعة، ونحن رأينا معروف كفريق سياسي وخارجية لبنانية».
وأمس، أكد رئيس الجمهورية أنه لا تغيير على موعد القمة، وأوضح: «وجود الحكومة في مرحلة تصريف الأعمال ليس سبباً لتأجيل القمة؛ لأن الحكم استمرارية والحكومة الحالية تمارس صلاحياتها وفقاً للأصول والقواعد الدستورية المعتمدة». وأعلن عون أن «كل الترتيبات المتعلقة بتنظيم القمة أنجزت، ولبنان جاهز لاستقبال القادة العرب لمناقشة المواضيع الواعدة على جدول أعمال القمة».
وجاء كلام عون خلال استقباله قبل ظهر أمس، الممثل الشخصي للرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، الوزير العميد الأزهر القروي الشابي، الذي سلمه رسالة خطية من الرئيس التونسي يدعوه فيها إلى المشاركة في القمة العربية، التي سوف تنعقد في تونس في 31 مارس (آذار) المقبل. كما أكد الوزير الشابي أن الرئيس السبسي سوف يحضر القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في بيروت.
ورد الرئيس عون شاكراً الرئيس التونسي على دعوته، مؤكداً ترؤسه الوفد اللبناني إلى تونس، معرباً عن سعادته لاستقبال الرئيس السبسي في بيروت الأسبوع المقبل، لدى حضوره القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية.
وتم خلال اللقاء، الذي حضره السفير التونسي في بيروت، السفير كريم بودالي، التداول في عدد من المواضيع الراهنة والأوضاع في المنطقة، وأهمية العمل العربي المشترك في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها الدول العربية.
وبعد اللقاء، قال الوزير التونسي: «نعلق على قمة بيروت أملاً كبيراً، ونعتبرها مؤشراً لنجاح قمة تونس. ونتمنى أن تعود هذه القمم بالفائدة، وبمزيد من الرقي والتقدم على الأمة العربية».



رقعة الجوع تتسع في صنعاء... والحوثيون مستنفَرون

طفل يمني يجمع علب البلاستيك في صنعاء (أ.ف.ب)
طفل يمني يجمع علب البلاستيك في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

رقعة الجوع تتسع في صنعاء... والحوثيون مستنفَرون

طفل يمني يجمع علب البلاستيك في صنعاء (أ.ف.ب)
طفل يمني يجمع علب البلاستيك في صنعاء (أ.ف.ب)

بينما استنفر الحوثيون قياداتهم وخطباء مساجدهم لإنكار أي علاقة لهم بإيران، والتحذير من مخاطر تكرار ما حدث في سوريا، تحدَّث سكان في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء عن مآسٍ يعيشها قطاع عريض منهم، جراء تنامي الفقر والبطالة، واتساع رقعة الجوع.

وذكرت مصادر سياسية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين أرسلوا مشرفيهم وكلفوا المتعاونين معهم من زعماء القبائل بعقد اجتماعات موسعة مع السكان، وبخاصة في الأرياف؛ حيث تركزت أحاديثهم على نفي أي علاقة للجماعة بإيران، والتحذير من مخاطر تكرار ما حدث في سوريا في تلك المناطق.

الحوثيون يواصلون افتتاح المجمعات التجارية وبناء المساكن الفاخرة (إعلام محلي)

وبالمثل، أمرت الجماعة الحوثية خطباء المساجد بالتركيز على ما سمّوه مخاطر زعزعة الأمن والاستقرار، والتحذير من مخاطر الدعوة لاستنساخ ما حصل في سوريا.

وحسب المصادر، فإن أحاديث مندوبي الحوثيين كررت أحاديث قادتهم من أنهم أقوى من نظام بشار الأسد، وأنهم قادرون على التصدي ومواجهة أي تحركات، وحذَّروا من أنهم سيضربون بقوة أي محاولة أو دعوة لإسقاط نظامهم.

واقع مؤلم

المخاوف الحوثية تأتي وسط اتساع مساحة الفقر والجوع، وانتشار التسول بصورة لم تعرفها العاصمة المختطفة صنعاء عبر تاريخها؛ إذ يؤكد سكان في المدينة أنه من المستحيل على أي شخص أن يقف بسيارته في تقاطع أي شارع أو عند مطعم أو محال البقالة الكبيرة، دون أن يداهمه عدد هائل من النساء والرجال والأطفال الباحثين عن المساعدة، بعد أن سُدَّت في وجوههم سبل العيش.

ووفق رواية السكان الذين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن الغالبية العظمى من الأطفال والنساء وكبار السن قذف بهم الجوع إلى التقاطعات ومراكز التسوق، بعد أن تخلت سلطة الحوثيين عنهم، من خلال قطع المرتبات، ومحاربة القطاع التجاري عبر فرض الضرائب والجبايات، ما أدى إلى فقدان الغالبية العظمى من السكان أعمالهم.

الحوثيون يكتفون بملاحقة الأطفال في التقاطعات وتغريمهم (إعلام حوثي)

ويشير نبيل -وهو أحد سكان صنعاء- إلى أنه بات يتجنب في كثير من الأوقات مغادرة منزله حتى لا يكون في مواجهة هذا الواقع المؤلم. ويقول إنه ما إن غادر مؤخراً منزله حتى هاله الحال؛ حيث واجه اثنين من معارفه وكان وجهاهما شاحبين؛ أحدهما كان ضابطاً بالجيش، والآخر كان موظفاً في مؤسسة حكومية، إلا أنهما -بسبب انقطاع مرتباتهما- سحقهما العوز وطحنهما الفقر.

ويضيف أنه هاله حال الضابط الذي نحل جسده، ووجهه شاحب متعب منهك، وحين سأله عما جرى له، شكا له «انقطاع المرتبات والمرض، وإصابة زوجته بمرض في القلب، وهو غير قادر على تحمل تكاليف علاجها» وزاد على ذلك وقال له إنهم «أصبحوا في وضع يبحثون فيه عما يأكلون».

وضع مأساوي

يتحدث ساكن آخر في صنعاء، اسمه توفيق، عما يسميه الوضع المأساوي بالقرب من مطاعم المدينة، ويقول إنك ما إن تقف إلى جوار أي مطعم حتى تداهمك مجموعة من النساء والأطفال، يبحثون عن أي مبلغ أو بقايا أكل. ويبيِّن أن الأمر لم يعد يقتصر على النساء والأطفال؛ بل إن هناك من الشباب من بات يتسول بعد أن أضناه الانتظار بحثاً عن عمل.

ووفق رواية الرجل، فإنه واجه أربعة من الشبان بجوار أحد المطاعم وبأيديهم أدوات عملهم، وأنهم اقتربوا منه على استحياء، وقالوا له بخجل إنهم من دون عمل ومن دون مال وجائعون، وكل ما يريدونه هو وجبة غداء. فأعطاهم ألف ريال يمني (نحو دولارين) فانطلقوا فرحين؛ حيث بات بإمكانهم الحصول على كيس من الخبز وعلبتَي «زبادي»، وهي الوجبة المفضلة لدى غالبية العمال في اليمن، بسبب تدني الدخل وانعدام فرص العمل.

الفقر دفع آلاف الأطفال اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين للعمل وترك المدارس (أ.ف.ب)

وتقول إحدى النساء التي اضطرتها الظروف للخروج إلى الشارع وبيع مسحوق الفلفل الأحمر، إنها تحرص على تسويقه للزبائن بجوار سوبر ماركت. وتؤكد أنها صنعته بيديها وتضمن جودته، ويقول أحدهم إنه حين سألها منذ متى توجد في هذا المكان، ردت بأنها حديثة عهد بالمكان، واضطرت للخروج نتيجة سوء الأوضاع المعيشية. فهي من مديرية أرحب بمحافظة صنعاء، وزوجها من مديرية خولان.

المآسي لا تتوقف عند هذه النماذج؛ لكنها تمتد إلى حالات أخرى؛ حيث تؤكد امرأة في العقد الرابع من العمر أنها خرجت إلى جوار متجر لبيع الخضراوات، بعد أن عجزت عن توفير الغذاء لأطفالها؛ لأن زوجها أصيب بإعاقة، بعد أن كان جندياً في قوات الأمن المركزي، وأصيب أثناء مواجهة تمرد الحوثيين في صعدة. وتقول إنهم قبل انقلاب الحوثيين، كان الرجل يحصل على راتب شهري يغطي احتياجاتهم؛ لكنهم الآن من دون مصدر دخل.

أكثر من 19 مليون يمني أغلبهم في مناطق سيطرة الحوثيين بحاجة إلى مساعدات إنسانية (أ.ف.ب)

وفي حين تؤكد البيانات الأممية أن هناك أكثر من 17 مليون يمني بحاجة للمساعدات الغذائية، ومن بينهم 5 ملايين شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، تذكر أسرة يمنية أخرى أنها عجزت عن دفع إيجار الشقة التي كانوا يعيشون بها، وانتقلوا للعيش في دكان بأطراف صنعاء، وأن الأم تقوم بعمل مخبوزات في ذلك الدكان وتذهب ابنتها لبيعها بجوار أحد المطاعم، ومن عائداتها تتم تغطية الاحتياجات الأساسية البسيطة للأسرة.

ويصف أحد السياسيين المقيمين في صنعاء الوضع بـ«البشع»، ويقول إن الجوع يفتك بالناس ولا يوجد من يحس بمعاناة المسحوقين بالفقر والمرض، بينما قادة الحوثيين مشغولون بافتتاح المراكز التجارية، وبناء الفلل الفخمة، واقتناء أحدث موديلات السيارات.