تواضروس الثاني: مصر بلد مسالم عبر التاريخ وتتمتع بالأمان

حفاوة دولية واسعة بافتتاح مسجد وكاتدرائية العاصمة الجديدة

البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية خلال احتفالات عيد الميلاد في كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة أول من أمس (أ.ف.ب)
البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية خلال احتفالات عيد الميلاد في كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

تواضروس الثاني: مصر بلد مسالم عبر التاريخ وتتمتع بالأمان

البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية خلال احتفالات عيد الميلاد في كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة أول من أمس (أ.ف.ب)
البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية خلال احتفالات عيد الميلاد في كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة أول من أمس (أ.ف.ب)

قال البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، أمس، إن مصر «بلد مسالم عبر التاريخ وتتمتع بالأمان والسلام»، مؤكداً أن «عيد الميلاد هذا العام له فرحة خاصة»، في إشارة إلى افتتاح كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة، كأكبر كاتدرائية في الشرق الأوسط.
وافتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مساء أول من أمس، مسجد «الفتاح العليم» وكنيسة «ميلاد المسيح»، في العاصمة الإدارية الجديدة، عشية احتفال الأقباط الأرثوذكس بعيد الميلاد في رسالة رمزية للتسامح في البلد الذي يشكّل المسلمون أغلبية سكانه، بنحو 90%.
وتتسع كاتدرائية ميلاد المسيح المزينة بأيقونات قبطية لأكثر من ثمانية آلاف مصلٍّ، في حين يتسع مسجد «الفتاح العليم» لنحو ضعف هذا العدد. وشيدت الحكومة المسجد والكاتدرائية في العاصمة الإدارية الجديدة التي تقع على بُعد 45 كيلومتراً إلى الشرق من القاهرة.
وقال البابا تواضروس، في تصريحات بثها التلفزيون المصري، أمس: «العلاقات الموجودة على أرض مصر لم يصنعها إنسان، لكن الله أراد من خلال نهر النيل أن يتعايش جميع المصريين حول النهر متلاصقين ومتجاورين، فنهر النيل والأرض ومن حوله يجمعان كل المصريين معاً في وحدة ودون فرقة».
وأضاف البابا تواضروس: «نتذكر في الأعياد أبناءنا الشهداء وتضحياتهم، ونعلم جيداً أننا نعيش على الأرض ونتمتع بالحياة التي وهبها الله لنا، ووهبتها التضحيات التي قدمها هؤلاء الشهداء بدمائهم»، موجهاً خالص التعازي إلى أسرهم.
وخلال استقباله المهنئين بعيد الميلاد بمقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، أكد البابا أمس، أن «احتفال مصر بافتتاح كاتدرائية (ميلاد المسيح) ومسجد (الفتاح العليم) أمر لم تشهده أي دولة على مستوى العالم»، مشيراً إلى أن «الرئيس السيسي وعد وأوفى في الموعد المحدد بافتتاح الكاتدرائية»، منوهاً إلى أن «مصر تملأها أجواء من السعادة والمحبة والتآخي».
وأضاف: «إن ما يزيد فرحتنا بافتتاح المسجد والكاتدرائية هو أن إصدار قرار إنشائهما كان قبل عامين تحديداً، وتم افتتاحهما معاً في يوم واحد».
وشهدت مراسم الافتتاح حضور لشخصيات عربية ودولية رفيعة، وسط حفاوة واسعة. وقال أحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية، إن تزامن افتتاح مسجد «الفتاح العليم» وكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة أمر سيذكره التاريخ في مصر، مؤكداً أن «هذا التزامن يعد رسالة لكل العالم على وحدة وترابط المصريين»، وأشار إلى أنه «يحرص دائماً على تقديم التهنئة للبابا تواضروس الثاني تقديراً لدوره الوطني والديني الكبير، فضلاً عن روابط المحبة والاحترام التي تربطهما معاً».
كما شاركت المملكة العربية السعودية، في حفل الافتتاح، حيث حضر وزير الدولة للشؤون الأفريقية أحمد بن عبد العزيز قطان، وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى مصر مندوب المملكة الدائم لدى الجامعة العربية أسامة بن أحمد نقلي.
من جهته، أشاد مبعوث أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، المستشار بالديوان الأميري الدكتور عبد الله المعتوق، أمس، بحرص مصر على ترسيخ قيم التسامح والمودة والتعايش بين المسلمين والأقباط.
وقال قبيل مغادرته القاهرة، بعد مشاركته في حفل الافتتاح إن «افتتاح هذين الصرحين الكبيرين من صروح العبادة في وقت واحد وفي مدة زمنية قصيرة، يمثل إنجازاً استثنائياً كبيراً على مدى تاريخ الإسلام والمسيحية»، موضحاً أن «هذه الرمزية تهدف إلى تجسيد مشاعر الأخوة بين المسلمين والأقباط، والتعايش جنباً إلى جنب، من دون فتن أو قلاقل أو توترات».
وكان الرئيس السيسي قد أكد خلال افتتاحه الكاتدرائية مساء أول من أمس (الأحد)، أن الافتتاح المتزامن لمسجد «الفتاح العليم» وكاتدرائية «ميلاد المسيح» يجسد لحظة مهمة للغاية في التاريخ المصري.
وأضاف أن الفتن لن تنتهي، مطالباً بضرورة التحلي باليقظة والوعي من أجل الحفاظ على أمن واستقرار مصر.
ووجه السيسي التحية إلى أرواح شهداء كل المصريين من الجيش والشرطة والمدنيين، مسلمين ومسيحيين، الذين سقطوا، مضيفاً: «نحن نقوم بالبناء والحفاظ على الوطن، حيث نبني 14 مدينة جديدة بها المساجد والكنائس».
وفي السياق نفسه، شدد الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في كلمته، على أن المسلمين مكلّفون بحماية الكنائس. وقال إن مسجداً وكنيسة بُنيا في وقت واحد وانتهيا في وقت واحد بقصد تجسيد مشاعر الأخوة والمودة المتبادلة بين المسلمين والمسيحيين. وتابع: «هذان الصرحان بالغا القدر من حيث العمارة التي يحق لمصر أن تفخر بها ويحق لعاصمتها أن تزهو على سائر الأمصار».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».