تقديم لائحة الاتهام ضد نتنياهو الشهر المقبل

ثلثا الإسرائيليين يؤيدون استجوابه قبل الانتخابات

نتنياهو لدى وصوله إلى الاجتماع الأسبوعي لحكومته أمس (رويترز)
نتنياهو لدى وصوله إلى الاجتماع الأسبوعي لحكومته أمس (رويترز)
TT

تقديم لائحة الاتهام ضد نتنياهو الشهر المقبل

نتنياهو لدى وصوله إلى الاجتماع الأسبوعي لحكومته أمس (رويترز)
نتنياهو لدى وصوله إلى الاجتماع الأسبوعي لحكومته أمس (رويترز)

مع هجوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وبعض قادة حزبه «ليكود» المقربين منه على مؤسسات الشرطة، والقضاء، والمستشار القضائي للحكومة أفيحاي مندلبليت، بسبب إعلان نيته تقديم نتنياهو إلى المحاكمة الشهر المقبل، وجّه قاضي محكمة العدل العليا المتقاعد إلياهو ماتسا انتقادات شديدة إلى رئيس الحكومة، واتهمه بأنه «يتصرف مثل قائد عصابة إجرام منظم».
وكانت مصادر مقربة من مندلبليت ذكرت أنه حزم أمره بتقديم نتنياهو إلى العدالة، وأنه تشاور مع عدد من المستشارين السابقين والقضاة السابقين ومسؤولين كبار في وزارة العدل، فأجمعوا على ضرورة عدم التأخير في محاكمة نتنياهو.
وعلى إثر ذلك، خرج وزير السياحة ياريف ليفين ليقول إنه «لا يمكن الإعلان عن نية تقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو، إبان الحملة الانتخابية». ووصف ذلك في مقابلة إذاعية بأنه «تدخل إضافي لا يطاق للجهاز القضائي في الإجراءات الديمقراطية».
ونشر ديوان نتنياهو بياناً، قال فيه إن «المعدل الطبيعي لاتخاذ قرارات بشأن ملفات منتخبي الجمهور هو 18 شهراً، بيد أنه في ملف رئيس الوزراء لم يستغرق الأمر 18 يوماً». وانتقد الجهاز القضائي وطريقة عمله، قائلاً: إن «تاريخ الدولة والأنظمة الديمقراطية لم تشهد أمراً كهذا من قبل».
وفي هجوم حاد آخر على مندلبليت، قال رئيس الائتلاف الحكومي عضو الكنيست عن «ليكود» ديفيد أمسالم، إن «ملايين الإسرائيليين لن يقبلوا توجيه لائحة اتهام ضد نتنياهو». واعتبر قرار مندلبليت «غير موضوعي ويفتقر إلى المسؤوليّة».
ثم نشر نتنياهو نفسه شريطاً مصوراً عبر شبكات التواصل الاجتماعي هاجم فيه قرار مندلبليت، قائلاً: «هذا كمن يقطع يدك ويتركك لمصيرك، ثم يكتشف أن قطع اليد كان خطأً. فهل يمكن إعادة التحام يدك؟ إنه يقرر محاكمتي قبل الانتخابات، فلنفترض أن المحكمة الأولية أدانتني فاستأنفت القرار إلى المحكمة العليا وربحت. فماذا سيفعل؟ هل يستطيع إعادة الأمور إلى الوراء؟ هل يستطيع إعادة لحم اليد المقطوعة؟».
وعلق القاضي ماتسا على شريط نتنياهو، فقال في مقابلات صحافية: «لا أتذكر خلال مسيرتي المهنية في سلك القضاء تصريحات كتصريحات رئيس الوزراء ضد سلطات إنفاذ القانون، غير تلك الصادرة عن رئيس عصابة للجريمة المنظمة. فالملاحظات والتصريحات التي أسمعها من نتنياهو كانت تحريضاً جنائياً ضد المستشار القضائي للحكومة وسلطات إنفاذ القانون. ماذا يمكننا عمله ورئيس الحكومة يخضع للتحقيق بملفات فساد؟ فالوزراء وأعضاء الكنيست يخضعون لسلطة القانون، وعليه يحظر عليهم الإدلاء بتصريحات من هذا القبيل».
وأضاف أنه «عندما يصرح أي رئيس عصابة للجريمة المنظمة بمثل هذه التصريحات، لا أحد يعقب أو يتطرق إليها، كونه رئيساً لعصابة. فالمستشار القضائي للحكومة في حالة نتنياهو كما سلطات إنفاذ القانون يقوم بعمله وواجبه في كل ما يتعلق باستدعاء نتنياهو لجلسة استماع في ملفات الفساد قبل الانتخابات، فمن حق الجمهور أن يعرف حقيقة الشخصيات المرشحة للانتخابات».
وأوضح أنه «كان من مصلحة نتنياهو إنهاء جميع الإجراءات وجلسات الاستماع بأقصى سرعة»، متسائلاً: «لماذا يصرّ نتنياهو على تأجيل جلسات الاستماع؟ ... لقد خجلت من أجله، لأنه لا يشعر بالخجل، عليه أن يفهم أن ولاية رئيس الحكومة ليست ملكية خاصة، أحضرها من البيت، ويجب التمسك بها بأي ثمن».
في المقابل، هاجم حزب «ليكود» تصريحات القاضي بالقول إنه «من المثير للسخرية وصف انتقادات رئيس الحكومة للإجراءات القضائية ضده بالتحريض، إذ لا توجد سابقة للشروع بجلسة استماع ضد شخصية عامة خلال فترة الانتخابات». واعتبر أن «قرار عقد جلسة استماع في غضون أيام قليلة، مقارنة بالمناقشات التي استمرت مدة 18 شهراً في حالات مماثلة، هو تدخل صارخ في الانتخابات، ومن المؤسف أن القاضي السابق انجرّ وراء الحملة الهادفة إلى إطاحة رئيس الحكومة».
لكن «ليكود» ونتنياهو لم يستطيعا إقناع الجمهور الإسرائيلي بروايتهما. فقد أظهر استطلاع للرأي نشرته «القناة الثانية» للتلفزيون الإسرائيلي، أن 64 في المائة من المستطلعين يعتقدون أنه على المستشار القضائي للحكومة نشر قراره في ملفات الفساد المشتبه فيها رئيس الحكومة قبل الانتخابات. ولم يؤيد سوى 22 في المائة فقط نتنياهو، معربين عن اعتقادهم أنه على المستشار القضائي الانتظار إلى ما بعد الانتخابات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».