تجميد برنامج تعليمي في إسرائيل روّج لهدم مسجد قبة الصخرة

TT

تجميد برنامج تعليمي في إسرائيل روّج لهدم مسجد قبة الصخرة

قررت وزارة التربية الإسرائيلية إخراج منظمة «طلاب من أجل جبل الهيكل»، التي يدعم نشطاؤها إقامة «الهيكل الثالث» (المعبد اليهودي)، على أنقاض مسجد عمر (قبة الصخرة المشرفة في الأقصى المبارك)، من البرنامج الدراسي لتلاميذ الصفوف الإعدادية العلمانية في المدارس اليهودية.
وجاء هذا القرار في أعقاب التسريب بأن المنظمة تضع في البرنامج الدراسي الخاص بها، موضوعاً باسم «معرفة أهمية جبل الهيكل»، يتحدث عن الأقصى باعتباره «جبل الهيكل»، ويشير إلى أن مسجد قبة الصخرة أُقِيم مكان الهيكل اليهودي، ويجب أن يعاد بناؤه في المكان نفسه، ما يعني دعوة صريحة إلى هدم المسجد. ووفق تقرير القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي فإن البرنامج هو من صنع الحركة اليمينية المتطرفة «إم ترتسو» (وتعني «إن أردتم»).
وأكد التقرير أن هذه الحركة تبث إلى طلاب المدارس الأجندة المثيرة للجدل حول المعبد، وجبل الهيكل، ونشطاؤها «هم الأكثر هوساً وتطرفاً في اليمين الإسرائيلي، الذين يدعم جزء منهم الفكرة الجنونية لهدم المساجد في جبل الهيكل (الحرم القدسي)».
وتعود جذور هذه الحركة إلى المجموعات المتطرفة المرتبطة بعصابة «كهانا» المحظورة، التي تدعو إلى ترحيل العرب الفلسطينيين من وطنهم، وتطهير إسرائيل من غير اليهود. وفي رحم هذه الحركة نمت وترعرعت كثير من التنظيمات، التي أقدمت على نشاطات عملية لدب اليأس في صفوف الفلسطينيين حتى يرحلوا ونفذت عمليات إرهاب، تم خلالها إحراق المسجد الأقصى وكنيسة القيامة في القدس، كما نشرت خرائط للحرم القدسي، وقد اختفت منها صورة قبة الصخرة وبني مكانها مجسم الهيكل اليهودي. كما ضبط مدفع على سطح أحد المنازل المقدسية يوجه فوهته نحو الأقصى.
وقد تم إخراج هذه الحركة عن القانون الإسرائيلي بسبب خطورة خطابها العنصري الإرهابي، لكن نشطاءها عرفوا كيف يواصلون نشاطهم وترويج أفكارهم في أطر أخرى. وفي زمن حكومة بنيامين نتنياهو الحالية، التي يحظى فيها اليمين المتطرف بمكانة وتأثير قويين، وجد هؤلاء تربة خصبة جداً، لدرجة أنهم تسللوا إلى وزارة التربية والتعليم وفرضوا برنامجاً دراسياً بمضمون إرهابي يستهدف الأقصى.
وعند الكشف عن الموضوع، سارعت الوزارة إلى وقف البرنامج. وأعلنت عن إجراء فحص شامل حول كل الجهات الخارجية التي تدخل إلى المدارس، و«إذا تبين أنها تعمل خلافاً لمعايير الوزارة، فسيتم إيقاف نشاطاتها».
ويشكك مراقبون في أن تقدم الوزارة على اتخاذ موقف أكثر حزماً ضد هذا البرنامج، خصوصاً خلال المعركة الانتخابية المقبلة، علماً بأن وزير التربية والتعليم، نفتالي بنيت، ينتمي أيضاً للعقيدة الآيديولوجية المتطرفة التي ترفض الاعتراف بالحقوق الفلسطينية في القدس وحتى في الضفة الغربية. ويروج للفكر اليميني المتطرف، الذي يضع الاستيطان اليهودي ومشاريع التهويد في القدس والضفة الغربية المحتلين في رأس سلم اهتمامه.
وقد جاء على لسان منظمة «طلاب من أجل جبل الهيكل»، صاحبة هذا المشروع، أنهم يديرون مشروعاً تطوعياً «نقترح فيه تدريس تاريخ وتراث جبل الهيكل للتلاميذ. ونحن نرى أنه يحق للعلمانيين أيضاً معرفة الحقيقة وراء قدسية المكان وعدم خشيتها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.