الحزب الجمهوري ينسحب رسميا من «الاتحاد من أجل تونس»

في بادرة على تصدع أكبر تحالف للمعارضة

الباجي قائد السبسي و أحمد نجيب الشابي
الباجي قائد السبسي و أحمد نجيب الشابي
TT

الحزب الجمهوري ينسحب رسميا من «الاتحاد من أجل تونس»

الباجي قائد السبسي و أحمد نجيب الشابي
الباجي قائد السبسي و أحمد نجيب الشابي

فشل تحالف «الاتحاد من أجل تونس»، الذي أُسس في فبراير (شباط) الماضي، في المحافظة على وحدته، والاستعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة ضمن جبهة سياسية مضادة للتيار الإسلامي المتمثل في حركة النهضة متزعمة الائتلاف الحكومي الحالي.
وأعلن إياد الدهماني، القيادي في الحزب الجمهوري، انسحاب الحزب من «الاتحاد من أجل تونس» بعد أن جرى سابقا نفي الخبر في أكثر من مناسبة.
وقال الدهماني لـ«الشرق الأوسط» إن أعضاء اللجنة المركزية للحزب الجمهوري اجتمعوا في مدينة سوسة (140 كيلومترا جنوب العاصمة) أمس وقرروا الانسحاب من «الاتحاد من أجل تونس»، الذي تقوده «حركة نداء تونس»، وتمسكوا في المقابل بجبهة الإنقاذ التي قادت الاحتجاجات المعارضة لحكومة حركة النهضة.
وتضم جبهة الإنقاذ، «الاتحاد من أجل تونس» (تحالف خمسة أحزاب)، والجبهة الشعبية (تحالف مكون من 12 حزبا سياسيا).
وبرزت تباينات حادة بين الحزب الجمهوري، الذي يقوده أحمد نجيب الشابي و«حركة نداء تونس»، التي يتزعمها الباجي قائد السبسي، خاصة خلال جلسات الحوار الأخيرة، فقد انضم الشابي إلى صف حركة النهضة، وساند في موقف مناقض لكل أحزاب المعارضة ترشح أحمد المستيري لرئاسة الحكومة. وقاطع الحزب الجمهوري الحوار الوطني، وانتقد طريقة اختيار المهدي جمعة رئيسا للحكومة خلفا لعلي العريض، وقال إنها افتقرت إلى «مبدأ التوافق».
ويتشكل تحالف «الاتحاد من أجل تونس» منذ تأسيسه قبل 10 أشهر، من «حركة نداء تونس»، والحزب الجمهوري، و«المسار الديمقراطي الاجتماعي»، وحزب العمل الوطني الديمقراطي، والحزب الاشتراكي الديمقراطي. وتقود «حركة نداء تونس» معظم تحركات الاتحاد السياسية، ويتهمها الحزب الجمهوري بمحاولة الهيمنة عليه.
وحصل الحزب الجمهوري على 17 مقعدا في انتخابات المجلس التأسيسي التي جرت في تونس يوم 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2011، وفازت حركة النهضة ذات المرجعية الإسلامية بغالبية المقاعد، وذلك بحصولها على 89 مقعدا برلمانيا من مجموع 217 مقعدا. ولم تكن «حركة نداء تونس» في تلك الانتخابات قد أُسست، ذلك أن تاريخ دخولها المشهد السياسي يعود إلى يوم 16 يونيو (حزيران) 2012.
ووفق مصادر مقربة من الشابي وقائد السبسي، فإن منافسة حادة تدور في الكواليس بين الرجلين بهدف الوصول إلى قصر قرطاج خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وكان قائد السبسي قد استبق الأمر وأعلن في نهاية شهر أبريل (نيسان) الماضي، خلال برنامج تلفزيوني، عن ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة. وأعربت أغلب الأحزاب المكونة لـ«لاتحاد من أجل تونس» عن تفاجئها بقرار قائد السبسي، وهو ما عد، حسب المتابعين للمشهد السياسي في البلاد، بمثابة «قطع طريق» أمام طموحات الشابي للوصول إلى رئاسة الجمهورية.
وتحدثت بعض المصادر المقربة من حركة النهضة عن إمكانية تشكيل ائتلاف واسع مع الحزب الجمهوري، وإحياء تحالف سياسي قديم خلال الشهور المقبلة في ظل الإعلان الرسمي عن فك التحالف الحكومي الحالي بين «النهضة» وحزبي التكتل والمؤتمر.
وكان الحزب الجمهوري قد أسس سنة 2005 هيئة سياسية أطلق عليها اسم «هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات»، وضمت قيادات من الحزبين، بالإضافة إلى أغلب الأحزاب والحركات المعارضة للرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي.
وتكونت الهيئة من الحزب الديمقراطي التقدمي (تحول إلى الحزب الجمهوري بعد الثورة) والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات (حزب مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي الحالي)، وحركة النهضة، و«المؤتمر من أجل الجمهورية (حزب الرئيس المنصف المرزوقي)»، وحزب العمال الشيوعي (يقوده حمة الهمامي)، و«الوحدويون الناصريون في تونس»، إلى جانب شخصيات تونسية مستقلة.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.