برهم صالح وإردوغان يناقشان القضايا الخلافية

تطرقا إلى أزمتي المياه و«العمال الكردستاني»

صالح وإردوغان يستعرضان حرس الشرف في أنقرة أمس (أ.ف.ب)
صالح وإردوغان يستعرضان حرس الشرف في أنقرة أمس (أ.ف.ب)
TT

برهم صالح وإردوغان يناقشان القضايا الخلافية

صالح وإردوغان يستعرضان حرس الشرف في أنقرة أمس (أ.ف.ب)
صالح وإردوغان يستعرضان حرس الشرف في أنقرة أمس (أ.ف.ب)

ناقش الرئيس العراقي برهم صالح مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان في أنقرة، أمس، «الملفات والقضايا العالقة بين البلدين»، واتفقا على «ضرورة إيجاد حلول جذرية لها»، بحسب بيان للرئاسة العراقية.
ويقود صالح وفداً رفيع المستوى في زيارة لأنقرة بدأت أمس. وقال مكتبه في بيان إنه استعرض مع إردوغان «وجهات النظر بشأن التطورات والأحداث التي تشهدها المنطقة، وأهمية تخفيف التوتر فيها وترسيخ أسس السلام والاستقرار».
وأكد الرئيس العراقي خلال مؤتمر صحافي مع نظيره التركي عقب المحادثات، أن بلاده تريد «شراكة وتعاوناً استراتيجياً مع تركيا، ونتطلع إلى دور تركي فاعل في إعادة إعمار المناطق المحررة من الإرهاب في العراق». وأضاف: «نحتاج إلى اتفاقية شاملة مع تركيا تتناول الملفات المختلفة بين البلدين، وسنعمل على عقد اجتماع المجلس الاستراتيجي المشترك».
وشدد على أن «العراق لا يريد وصاية من أي طرف على قراره الوطني». واعتبر أن «أزمة المياه مع تركيا ستنتهي باتفاق شامل»، لكنه لم يكشف أياً من بنود هذا الاتفاق أو آلياته. وأكد أن «العراق حريص على استمرار العمل والتنسيق مع الجانب التركي في المجالات كافة».
أما إردوغان فحاول التركيز على مواجهة «حزب العمال الكردستاني»، قائلاً إن «هناك منظمات إرهابية مثل «داعش» وكذلك حزب العمال الكردستاني (الذي تعتبره تركيا منظمة إرهابية)، تشكل تهديداً لتركيا والعراق على حد سواء، وندرك أهمية العمل معاً لتحقيق النجاح في محاربتنا ضد الإرهاب». وأضاف: «نريد تطوير اتصالاتنا وتعاوننا مع العراق في مجال الأمن أيضاً، وهناك العديد من الأشياء التي يمكننا القيام بها، خصوصاً في مجال الصناعات الدفاعية».
وأعرب عن استعداد تركيا للمساهمة في مشاريع البنية التحتية والتنمية في العراق، وعلى رأسها إعمار المناطق المتضررة من الاشتباكات. وأكد ضرورة استمرار اجتماعات المجلس الاستراتيجي الرفيع المستوى مع العراق العام الحالي. وأشار إلى أن التجارة بين تركيا والعراق سجّلت عام 2013 رقماً قياسيا بلغ 16 مليار دولار، قائلاً: «دعونا نعادل ذلك الرقم مجدداً ونرفعه إلى 20 مليار دولار». وعن ملف المياه الشائك بين البلدين، قال إردوغان إن تركيا «حريصة على إدارة هذ الملف مع العراق، لا سيما أن هناك بعض المشكلات سنعمل على حلها دبلوماسيا».
وأكد المتحدث باسم الرئاسة العراقية لقمان فيلي لـ«الشرق الأوسط» أن زيارة برهم صالح إلى تركيا «تأتي في مرحلة إقليمية ودولية مهمة وتحديداً مع تطورات الأزمة السورية، فضلاً عن التحذيرات من عودة نشاط «داعش» الإرهابي، إذ يتوجب العمل مع جميع دول المنطقة على عدم عودة الإرهاب إلى مدننا».
وأضاف أن «الرئيس أجرى قبيل سفره إلى تركيا تنسيقاً عالي المستوى مع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي فيما يخص طبيعة الزيارة وأهدافها وطبيعة الملفات التي سيتم بحثها مع الجانب التركي، ورافقه وفد حكومي رفيع المستوى». وأكد أن «التنسيق الأمني المشترك مع الجانب التركي في غاية الأهمية لضمان محاربة بقايا «داعش» وعدم السماح له بالتقاط أنفاسه مجدداً والعودة إلى نشاطاته الإرهابية التي أضرت بجميع دول المنطقة».
وعن أزمة «حزب العمال الكردستاني»، قال فيلي إن «هذا الأمر جرت مناقشته بشكل واضح بحيث لا يؤدي إلى تشنج في العلاقات بين البلدين ولا يخدش في الوقت نفسه السيادة العراقية بعد الضربات الجوية التي قامت بها تركيا مؤخراً والتي سلمت بغداد السفير التركي بشأنها رسالة احتجاج».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.