بدت القوات الأوكرانية أمس مصممة على عزل الانفصاليين في معقلهم دونيتسك رغم المقاومة الشديدة التي يبديها المتمردون والتي أرغمت مئات الجنود الأوكرانيين بحسب موسكو على التراجع إلى روسيا. ويعتقد أن المواجهات التي أدت إلى مقتل خمسة جنود في 24 ساعة، ستعقد أعمال البحث عن بقايا ضحايا تحطم الطائرة الماليزية في منطقة المتمردين، التي نفذها فريق يضم نحو مائة خبير هولندي وأسترالي وماليزي للمرة الأولى أمس. وأكدت كييف أن أعمال الفريق بدأت متأخرة بسبب تحركات قوات الانفصاليين.
وكانت المأساة التي أدت إلى مقتل 298 شخصا كانوا على متن الطائرة بينهم 193 هولنديا في 17 يوليو (تموز) الماضي، أفضت إلى فرض عقوبات غربية إضافية على روسيا المتهمة بتسليح المتمردين، مما انعكس أمس في تجميد عمل طائرات بوينغ جديدة تخص شركة «دوبروليت»، الفرع المتدني التكلفة لشركة «إيروفلوت» الروسية الوطنية.
وفيما تعهدت القوات الأوكرانية بالامتناع عن أية معركة في منطقة تحطم الطائرة الماليزية، واصلت الهجوم الذي أطلقته قبل أربعة أشهر في بقية الأراضي الانفصالية ويتركز على معاقل الانفصاليين. وقال وزير الدفاع الأوكراني فاليري غوليتي إن دونيتسك ولوغانسك «هما المدينتان الرئيسيتان اللتان يحتلهما الإرهابيون اليوم، وحيث توجد غالبية الإرهابيين والأسلحة، ونعلم أنه لن يكون من السهل تحريرهما». وقال في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية الليلة قبل الماضية: «أنا متأكد بأن النصر قريب جداً. الجيش يحاول إخماد نيران المعارك، وإن لم يفعل فإنها ستمتد إلى كييف وخاركيف وكل الأراضي». ودعا متحدث عسكري أوكراني المدنيين في المنطقة إلى مغادرتها. وأوضح أندري ليسنكو للصحافة أن المتمردين «ينهبون السكان وينفذون أعمال خطف ويستولون على مبان وسيارات خاصة».
يذكر أن دونيتسك التي كانت تعد مليون نسمة قبل بدء الأعمال الحربية باتت الآن محاصرة بالكامل تقريبا، فيما تتواصل حركة النزوح منها. وطلبت هيئة الأركان من الانفصاليين احترام وقف إطلاق النار بين الساعة العاشرة صباحاً والثانية زوالاً حول عدة محاور لإفساح المجال أمام مغادرة المدنيين. وقال إيغور في محطة دونيتسك: «نغادر لأن الحرب دائرة». وتقول والدته نيلي التي كانت برفقته: «إن ما يحصل أمر رهيب، لقد دخلوا (القوات النظامية) إلى ماريينكا قرب دونيتسك وأطلقوا النار على الجميع». وتؤكد كييف أن استراتيجيتها هي عزل المتمردين في دونيتسك ولوغانسك لقطع اتصالهما بالحدود الروسية، وليست مهاجمتهما مباشرة لتجنب معارك دامية.
أما في لوغانسك، فأعلنت البلدية التي كانت حذرت في نهاية الأسبوع من احتمال وقوع كارثة إنسانية، إنها غير قادرة على إعطاء حصيلة جديدة بسبب انقطاع الكهرباء والخطوط الهاتفية. ومنذ بدء الهجوم الأوكراني، قتل أكثر من 1100 شخص بحسب الأمم المتحدة من دون احتساب ضحايا تحطم الطائرة الماليزية. وأعلن الجيش الأوكراني عن تقدم جديد على أبواب دونيتسك مع السيطرة على ياسينوفاتا على بعد نحو 20 كيلومتراً شمالا. واستعاد الجيش السيطرة على أكثر من 600 بلدة بالإجمال بحسب وزارة الدفاع. وأكد وزير الدفاع الأوكراني: «يجب أن يعلم الجميع أن روسيا تقوم بأعمال انتقام، لا شيء يوقفها، نحن مستهدفون بالنيران ثماني مرات في اليوم من الأراضي الروسية».
وأمس، أكدت موسكو أن 438 جنديا أوكرانيا كانوا يشاركون في العملية بشرق البلاد استسلموا ودخلوا الأراضي الروسية، فيما لم تؤكد أوكرانيا هذا الأمر إلا جزئيا ومن دون تحديد أرقام. وذكر متحدث عسكري أوكراني أن عددا غير محدد من الجنود الأوكرانيين «اضطر للتراجع نحو مركز حدودي روسي إثر محاولة التقدم».
وما ضاعف التوتر إطلاق روسيا أمس مناورات عسكرية جديدة تشمل أكثر من مائة طائرة قتالية قرب الحدود الأوكرانية. وصعد الحلف الأطلسي الذي أجرى مناورات في دول مجاورة لروسيا في الأشهر الفائتة من نبرته في نهاية الأسبوع ضد «الاعتداء الروسي» في أوكرانيا، معلنا عن العمل على «خطط دفاع جديدة».
أما في موقع تحطم الطائرة الماليزية، فبدأ أكثر من مائة خبير دولي بتأخير من ساعات بسبب الوضع الأمني بحسب منظمة الأمن والتعاون الأوروبي، العمل في يومهم الرابع على التوالي على تحليل حطام الطائرة. وجرى أمس نقل أشلاء بشرية جمعت في الأيام الأخيرة إلى هولندا للتعرف إلى هويات أصحابها. وفي غضون ذلك، قررت ألمانيا التخلي عن مشروع كبير للتجهيزات العسكرية تم توقيع عقد في شأنه بين مجموعة راينميتال الدفاعية وروسيا وعلق في مارس (آذار) الماضي بسبب الأزمة الأوكرانية، وفق ما ذكرت صحيفة سودويتشي تسايتونغ في عددها الصادر أمس.
كييف تضيق الخناق على معاقل الانفصاليين
روسيا تعلن «استسلام» أكثر من 400 جندي أوكراني ودخولهم أراضيها
كييف تضيق الخناق على معاقل الانفصاليين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة