استئناف المشاورات الحكومية في لبنان غداً وفق صيغة الحل السابقة

رهانات على تراجع «الوطني الحر» عن مطلب ضمّ ممثل «التشاوري»

TT

استئناف المشاورات الحكومية في لبنان غداً وفق صيغة الحل السابقة

تُفعّل المباحثات بين المسؤولين اللبنانيين بدءاً من غد (الأربعاء)، بهدف إيجاد حل لعقدة تمثيل «النواب السنة المستقلين» في الحكومة، مدفوعة بتطويق «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» للتباينات بينهما التي نتجت عن فشل المبادرة الأخيرة، علماً بأن الوساطة التي تحركت أخيراً تسير وفق المقترح نفسه الذي فشل الأسبوع الماضي.
وانطلق مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، بجولة مشاورات جديدة الأسبوع الماضي، بتكليف من الرئيس عون بهدف التوصل إلى حل لتشكيل الحكومة، لم ترشح معلومات عن نتائجها بانتظار نهاية العطلات الرسمية مع بداية العام الجديد.
وقالت مصادر مواكبة لعملية التأليف لـ«الشرق الأوسط»، إن اللواء عباس إبراهيم «طرح فكرة جديدة تقضي بأن يتم تأليف حكومة من 32 وزيراً، حيث تتم إضافة وزيرين علوي وآخر مسيحي من الأقليات، إليها، على أن يكون الوزير العلوي فيها من حصة الرئيس نجيب ميقاتي، والمسيحي من حصة الرئيس عون، وهكذا يكون قد تم تمثيل (السنة المستقلين) بوزير، ويحصل الرئيس الحريري على وزير سني إضافي من حصته»، لكن المصادر أكدت أن الحريري «رفض البحث بهذا المقترح مطلقاً في أثناء اجتماعه باللواء عباس إبراهيم».
وتُجمع المعلومات في بيروت على أن حركة المشاورات ستُستأنف بعد عطلة الأعياد لتذليل العقد التي حالت دون تشكيل الحكومة، وهو ما عبر عنه الرئيس المكلف سعد الحريري، مساء أول من أمس (الأحد)، عندما أسف للتأخير في تشكيل الحكومة قائلاً: «لديّ ثقة بأنّ كلّ الفرقاء السياسيين يريدون حلّاً. فخامة الرئيس صبر كثيراً، وأنا صبرت كثيراً، وكذلك كلّ الشعب اللبناني، ولا بد لنا أن نشكّل حكومة مع بداية العام الجديد».
وقالت مصادر مواكبة للاتصالات الجارية لـ«الشرق الأوسط»، إن الوساطة تفعلت مجدداً «على قاعدة أن يتم تمثيل اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين من حصة الرئيس ميشال عون»، وهي الصيغة نفسها التي فشلت، وتبادل فيها «اللقاء التشاوري» و«التيار الوطني الحر» المسؤولية حول فشلها، كون التيار قال إن الاتفاق أن يكون الوزير «ضمن حصة رئيس الجمهورية لا أن يتمّ اقتطاعها من حصة الرئيس»، فيما قال: «التشاوري» إن الوزير يجب أن يكون ممثله في الحكومة، لا ممثل «تكتل لبنان القوي».
وقالت المصادر إن المبادرة الجديدة تحركت وفق القاعدة نفسها وتعمل على أن يكون الوزير، ممثلاً لـ«اللقاء التشاوري» وليس لـ«تكتل لبنان القوي»، مضيفة: «ثمة معلومات عن أن (الوطني الحر) قد يتراجع عن تمسكه السابق بأن يكون الوزير الجديد ضمن تكتل (لبنان القوي)، ومن هنا يأتي التفاؤل بأن يصل الحراك الجديد إلى نتيجة»، وهو رهان لم تظهر معلومات تؤكده بانتظار لقاءات يعقدها اللواء إبراهيم بدءاً من الأربعاء، من بينها لقاء من نواب (اللقاء التشاوري)».
وتُضاف الانفراجات في العلاقة بين «الوطني الحر» و«حزب الله»، إلى موجات التفاؤل الجديدة، بالنظر إلى أنها قد تنعكس إيجاباً على بلورة حل، بعد تأزم العلاقة بين الطرفين على خلفية فشل الجهود للتوصل إلى حل حكومي قبل عيد الميلاد. وأكدت مصادر مطلعة على موقف «حزب الله» لـ«الشرق الأوسط»، أن التباين الذي حصل «ليس جديداً في علاقة الطرفين، وسرعان ما يتم احتواؤه كالعادة»، مذكرةَ بالتباينات التي وقعت خلال العام الماضي بدءاً من الخلاف على قانون الانتخابات والتحالفات الانتخابية، وتابعت: «سرعان ما يتم تسوية الأمور وتجاوز تلك التباينات بهدف تثبيت متانة التفاهم القائم» بين الطرفين، في إشارة إلى «ورقة التفاهم في مارمخايل» في فبراير (شباط) 2006. وأكدت المصادر أن التلاسن الذي حصل بين جمهور الطرفين في مواقع التواصل الاجتماعي «انتهى كلياً».
وزار محازبون لـ«حزب الله»، أمس، وبعضهم من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، مقر «التيار الوطني الحر» في سن الفيل، بهدف تقديم تهنئة بالأعياد «والمساعدة في تهدئة الخواطر» بعد التلاسن بين جمهور الطرفين خلال الأسبوع الماضي، استكمالاً لجولات تهنئة يقدمها مسؤولو الحزب لقيادات وفعاليات «الوطني الحر» في بيروت وجبل لبنان.
وقال أحد ممثلي الحزب في البرلمان النائب علي فياض، أمس: «نحتاج إلى أن نتعاون كي نخرج من حال التلف السياسي في أسرع وقت ممكن»، مشيراً في تصريح له إلى أن «المعبر الضروري لمعالجة هذه القضايا هو أن تكون هناك حكومة، وعليه فإننا نشجع على حوار وإعادة الاتصال بين المعنيين بهدف إخراج الأزمة من عنق الزجاجة، وهذه مصلحة للجميع من دون شك، وعليه ليس هناك من خيار إلا الحوار والتفاهم، وبالتالي نستطيع أن نوفر الجهد والوقت والمعاناة، وأن نصل إلى حلول ترضي الجميع دون استثناء».
وتواصلت الدعوات، أمس، إلى تشكيل الحكومة، حيث أبدى عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب شوقي الدكاش، خشيته من خسارة آخر فرصة دعم للبنان من خلال «سيدر»، بسبب تقصد بعض الأطراف شل البلد في سبيل كرسي أو منصب، متخوفاً من أن «تكون هذه الحجج شكلية تخبئ وراءها مخططات وطموحات تعرّض البلد للخطر».
وتمنى عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب وهبة قاطيشا، «أن ينعم بعض القياديين بحس المسؤولية الوطنية لإنقاذ لبنان قبل الوقوع في المحظور».
بدورها، أملت عضو «كتلة المستقبل» النائبة ديما جمالي، «أن يلهم الله المسؤولين في العام الجديد الوقوف صفاً واحداً لإنقاذ هذا البلد الحبيب، بعدما وصلنا إلى حد الانهيار الاقتصادي والمالي والنقدي، ما ينذر بعواقب وخيمة على المستويات كافة ويهدد مستقبل شبابنا»، مؤكدة أن «الحل الوحيد لوضع حد للأزمات هو من خلال الإسراع في تشكيل حكومة تواجه التحديات والأخطار التي تعصف بنا، ما يفرض تقديم التنازلات من جميع الأطراف من أجل المصلحة الوطنية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.