عودة الاشتباكات بين الميليشيات المسلحة إلى العاصمة الليبية

الجيش الوطني يتهم المعارضة التشادية بمهاجمة قواته في الجنوب

TT

عودة الاشتباكات بين الميليشيات المسلحة إلى العاصمة الليبية

في خرق جديد للترتيبات الأمنية التي أعلنت عنها حكومة الوفاق الوطني الليبية في العاصمة طرابلس، اندلعت مساء أول من أمس اشتباكات بين الميليشيات المسلحة التي تسيطر على المدينة منذ سنوات، بينما أعلن الجيش الوطني الليبي عن تعرض مقر اللواء العاشر التابع له في مدينة تراغن لهجوم إرهابي مسلح من قبل عناصر ما وصفها بـ«المعارضة التشادية الخارجة عن القانون».
وأعلن قائد القوات البرية، اللواء المبروك سحبان، أن المقر الواقع على بعد 70 كيلومتراً عن مدينة سبها (جنوب البلاد) قد تعرض لهجوم مسلح مفاجئ في الساعات الأولى من صباح أمس.
ومن جهته، قال عبد السلام شنقلة، عميد تراغن، إن العصابات التشادية انسحبت باتجاه الصحراء بعد أن سيطرت على المعسكر لساعات، بينما عثر على مساعد قائد اللواء العاشر، جمعة الثابت، مصاباً بإصابات بليغة إثر محاولة اختطافه، مؤكداً أن الحصيلة الأولية للهجوم أسفرت عن مقتل ضابط، وإصابة 6 عناصر بجروح، وأسر 7 من جنود الجيش في بلدية تراغن (جنوب غربي ليبيا)، التي تبعد جنوب مدينة سبها، كبرى مدن الجنوب، بنحو 140 كيلومتراً، كما تبعد 902 كيلومتر جنوب العاصمة طرابلس، ونحو 400 كيلومتر شمال الحدود مع تشاد.
وقالت مصادر محلية إن 7 من عناصر اللواء تعرضوا للاختطاف بعد اشتباكات أسفرت عن مقتل شخص، وإصابة 13 آخرين، إثر الهجوم. ونقلت وكالة «رويترز» للأنباء عن خالد الشطاوي، الناطق باسم بلدية تراغن، أن القتيل كان مقاتلاً موالياً للحكومة التي تتخذ من شرق ليبيا مقراً لها، والمتحالفة مع القائد العام للجيش الوطني المشير خليفة حفتر، مشيراً إلى أن القوات تمكنت من وقف الهجوم على المعسكر الذي يقع في ضواحي تراغن، وأن مستشفيات المدينة غير مجهزة بما يكفي لعلاج المصابين، بينما لم يصدر تعليق بعد من الجيش الوطني الليبي بشأن الهجوم.
من جانبه، أعلن العميد بلقاسم لابعج، آمر منطقة الكُفـرة العسكـريـة، أنه أمر بزرع الألغام بالسد للحد من ظاهرة التهريب، ومنع دخول العدو المحتمل. كما أصدر تعليماته للعمل على إرسال دوريات، وطلب الإمكانيات لذلك.
وقال المكتب الإعلامي لمنطقة الكفرة، عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إن هذه القرارات صدرت عقب قيام بلقاسم، وبرفقتـه آمر فرع العمليات بالمنطقة، وآمر فرع جهاز الدعم الأمني بالكُفرة التابع لوزارة الداخلية، بجولة تفتيشية حول السد الترابي.
إلى ذلك، قالت مصادر أمنية في العاصمة الليبية طرابلس إن اشتباكات مسلحة وقعت مساء أول من أمس في المدينة الرياضية بطرابلس بين قوات الأمن العام والأمن المركزي فرع أبو سليم، وكلاهما تابع لحكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج، وذلك بعد اختطاف أحد عناصر الأمن في المنطقة.
وأوضحت وسائل إعلام محلية أن الاشتباكات التي توقفت أمس دارت في محيط المنطقة، فيما التزمت حكومة السراج الصمت، ولم تعلق على هذه التطورات، كما لم تتحدث أي تقارير واردة من طرابلس عن سقوط أي ضحايا خلالها.
من جهة أخرى، طلب عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، من عماد السّائح، رئيس المفوضية العليا للانتخابات، الإسراع في اتخاذ كل ما يلزم لإجراء الاستفتاء على الدستور الدائم للبلاد. وقال المجلس، في بيان له، إن طلب عقيلة ورد في رسالة وجهها إلى السائح، وذلك في إطار استيفاء مجلس النواب للاستحقاقات الدستورية المناطة به.
كان البرلمان قد أحال للمفوضية خلال الشهر الماضي قانون الاستفتاء على الدستور الدائم للبلاد، فيما أعلنت المفوضية عن 4 شروط لتنفيذ أي استحقاق انتخابي، وهي: الاتفاق السياسي، وصدور قانون انتخابي، ووجود ميزانية للتمويل، وعملية التأمين.
وتسبب الشقاق بين الشرق والغرب في انقسام مؤسسات رئيسية، وجمود في عمل البرلمانين المتحالفين مع فصائل مسلحة متنافسة.
وهناك حكومتان في ليبيا منذ اندلاع النزاع على نتائج انتخابات، وتصعيد القتال في عام 2014، وهما: حكومة السراج المدعومة من الأمم المتحدة، ومقرها طرابلس، والحكومة الموازية المنافسة لها في الشرق، برئاسة عبد الله الثني، المدعومة من البرلمان والجيش الوطني.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.