«14 آذار» تطالب بالحقائب الأمنية واستبعاد حزب الله

وزير الداخلية لـ «الشرق الأوسط»: اتفاق على سرية التحقيقات في اغتيال محمد شطح

الرئيس اللبناني ميشال سليمان يواسي أرملة وزير المالية اللبناني الأسبق محمد شطح في بيروت أمس (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني ميشال سليمان يواسي أرملة وزير المالية اللبناني الأسبق محمد شطح في بيروت أمس (أ.ف.ب)
TT

«14 آذار» تطالب بالحقائب الأمنية واستبعاد حزب الله

الرئيس اللبناني ميشال سليمان يواسي أرملة وزير المالية اللبناني الأسبق محمد شطح في بيروت أمس (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني ميشال سليمان يواسي أرملة وزير المالية اللبناني الأسبق محمد شطح في بيروت أمس (أ.ف.ب)

استنفر الرئيس اللبناني ميشال سليمان، والرئيس المكلف تمام سلام، أمس، جهودهما من أجل وضع تشكيل الحكومة اللبنانية على «نار حامية»، غداة اغتيال وزير المال السابق محمد شطح، أحد أبرز مستشاري رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، ورفع الأخير من سقف شروطه الحكومية، من المطالبة بحكومة «حيادية» إلى حكومة تضم حصرا ممثلين عن «14 آذار» وتستثني حزب الله الذي اتهمه ضمنيا باغتيال شطح.
وفي حين كشفت مصادر سلام لـ«الشرق الأوسط»، بشأن الاجتماع التشاوري الذي عقده الرئيس المكلف والرئيس اللبناني أمس، أن «موضوع التشكيلة الحكومية وضع على نار حامية والنقاش تمحور حول الإقدام على تشكيل حكومة تتولى مصالح الناس وشؤون الأمن»، أكدت مصادر الرئيس اللبناني لـ«الشرق الأوسط» أن «البحث جدي بأنه آن الأوان لتشكيل الحكومة»، لكنه قال إنه «لا بحث جديا بعد في صيغة الحكومة، والأمر متوقف على همّة الرئيس المكلف».
واعتبرت مصادر سلام أن «مسألة التأليف وصلت إلى خواتيمها واستُنفدت المحاولات كافة لإيجاد صيغة مشتركة»، مشيرة إلى أن مشاورات سليمان وسلام أمس تأتي استكمالا لما سبق أن أعلنه سليمان من بكركي، في إشارة إلى مواقف يوم عيد الميلاد، لناحية تحديده موعد 25 مارس (آذار) المقبل موعدا نهائيا لتأليف الحكومة، معتبرا إياه «خطا أحمر»، إذ «لا يجوز تعطيل الديمقراطية كرمى لأحد». وأشارت إلى أن «كل القوى تضع فيتوهات، وهذا هو المأزق، وبالتالي لا بد من إيجاد صيغة بين الرئيسين».
وفي حين رفضت الخوض في تفاصيل حول شكل الحكومة وصيغتها، قالت المصادر ذاتها إن «التوجه للإقدام على تشكيل حكومة تتولى شؤون الأمن ومصالح الناس بات أمرا ملحا، على أن تُترك القضايا الخلافية لهيئة الحوار الوطني بين مختلف الأفرقاء السياسيين».
وشددت مصادر سلام على أنه «لم يعد جائزا إبقاء البلد لوقت أطول من دون حكومة، في ظل التردي الأمني وآخر فصوله اغتيال شطح، فضلا عن الشلل السياسي وتعطيل المؤسسات». ورأت أن «كل ذلك يجعل البلد غير محصن، ويتيح الفرصة لمخططي الهجمات الإرهابية، بغض النظر عن هويتهم، للاستفادة من حالة التحلل القائمة»، مضيفة «حان الوقت لحكومة تلم الوضع».
وصعدت قوى «14 آذار» من سقف مطالبها الحكومية، إثر اغتيال شطح أول من أمس، مطالبة باستبعاد حزب الله عن التشكيلة الحكومية. ويراهن قياديون في صفوف هذا الفريق وتراهن قوى 14 آذار على الرئيسين سليمان وسلام لتشكيل حكومة تسمى بـ«حكومة الأمر الواقع»، من دون الوقوف عند آراء الأفرقاء السياسيين. لكن وبحسب الدستور اللبناني، لا يمكن لأي حكومة أن تباشر عملها وتمارس صلاحياتها قبل المرور في البرلمان اللبناني والحصول على ثقة أكثرية الثلثين من أعضائه.
لكن في الوضع الراهن وفي ظل الانقسامات القائمة على الساحة اللبنانية، لا يمكن لأي حكومة الحصول على ثقة أكثرية ثلثي أعضاء البرلمان من دون كتلة النائب الدرزي وليد جنبلاط، لأن فريقي الصراع، أي 8 و14 آذار، لا يملكان الأكثرية المطلقة، مما يعني أن من شأن أصوات نواب جنبلاط أن ترجح الكفة لصالح هذا الفريق أو ذاك.
وفي موازاة مطالبة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري بصيغة حكومية تستثني حزب الله وحلفاءه في «8 آذار»، رد جنبلاط سريعا بالدعوة إلى «تجنب الفتنة» وإلى «تسوية تقوم على تشكيل حكومة وحدة وطنية»، أي حكومة تضم كل الأفرقاء السياسيين، وهو ما يتمسك به حزب الله.
وأكد الحريري، في مداخلة تلفزيونية ليل الجمعة - السبت، أنه «لا شيء سيخيفنا أو يردعنا عن المطالبة بلبنان أولا»، وقال «على العكس. بالأمس، كنا نطالب بحكومة حيادية، قد نطالب غدا بحكومة من 14 آذار».
لكن رئيس كتلة المستقبل البرلمانية، رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، جدد أمس اقتراح «حكومة من غير الحزبيين»، لافتا إلى أنه «في ضوء متغيرات هناك وجهات نظر تعرض في هذا الشأن، وينبغي التوقف عندها، لكن يبقى الطرح الأساسي هو المطروح».
وبدا حلفاء المستقبل المسيحيين أكثر تشددا في مطالبهم، حيث اعتبر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أنه «ما دام فريق 14 آذار هو المستهدف، فأقل الإيمان أن يتسلم المفاصل والوزارات الأمنية في الحكومة»، فيما قال منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق فارس «لم نعد نريد حكومة حيادية، نريد حكومة تكون فيها الحقائب الأمنية لقوى 14 آذار لنتمكن من حماية أنفسنا وحماية المواطن اللبناني».
وسبق أن تولى وزراء محسوبون على الرئيس اللبناني حقيبة «الداخلية» في حكومات نجيب ميقاتي (مروان شربل) والحريري وفؤاد السنيورة (زياد بارود)، بعد أن تسلم وزيرا «المستقبل» حسن السبع وأحمد فتفت الحقيبة ذاتها في أول حكومتين بعد اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري في فبراير (شباط) 2005. ودرجت العادة قبل هذا التاريخ على أن يتولى مقربون من النظام السوري حقيبة الداخلية، وكان آخرهم عند اغتيال الحريري الوزير الأسبق سليمان فرنجية، الحليف المسيحي الأقوى للرئيس السوري بشار الأسد.
وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي شدد أمس على أن «الأولوية لتشكيل حكومة»، مشيرا إلى أنه «لم يدع لاجتماع مجلس الوزراء لأننا لا نريد مشكلة إضافية، خصوصا أن الرئيس سلام أعلن أنه سيعتذر إذا انعقد مجلس الوزراء». واعتبر ميقاتي في كلمة بعد اجتماع المجلس الأعلى للدفاع أمس، أن «تشكيل حكومة جديدة بات أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، لأن الظرف استثنائي ويحتاج إلى حكومة لا تستثني أحدا»، مشددا على أنه «لا يجوز الاستمرار في دوامة الشروط والشروط المضادة».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.