البنتاغون يعلن توقيع قرار سحب القوات الأميركية من سوريا

قوات أميركية في منبج تتواصل مع سكان المدينة وفق حساب «مجلس مدينة منبج» على «فيسبوك» أول من أمس (أ.ب)
قوات أميركية في منبج تتواصل مع سكان المدينة وفق حساب «مجلس مدينة منبج» على «فيسبوك» أول من أمس (أ.ب)
TT

البنتاغون يعلن توقيع قرار سحب القوات الأميركية من سوريا

قوات أميركية في منبج تتواصل مع سكان المدينة وفق حساب «مجلس مدينة منبج» على «فيسبوك» أول من أمس (أ.ب)
قوات أميركية في منبج تتواصل مع سكان المدينة وفق حساب «مجلس مدينة منبج» على «فيسبوك» أول من أمس (أ.ب)

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) أنه تم توقيع مرسوم سحب القوات الأميركية من سوريا الذي يريده الرئيس دونالد ترمب «بطيئاً ومنسقاً» مع تركيا. وترمي هذه الاستراتيجية إلى تفادي فراغ في السلطة بالمناطق التي يسيطر عليها المقاتلون الأكراد قد يستفيد منه نظام بشار الأسد.
وكتب ترمب في تغريدة على «تويتر» أنه «تحادث هاتفيا مطولا وبشكل بناء» مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية، عن الرئاسة الأميركية، أنهما تباحثا في أمر تنظيم داعش «والالتزام المتبادل في سوريا، والانسحاب البطيء والمنسق للقوات الأميركية من المنطقة»، وفي العلاقات التجارية «المتزايدة». وفي تغريدة على «تويتر»، أكد إردوغان المحادثة، موضحا أنهما «اتفقا على تعزيز التنسيق حول موضوعات عدة؛ منها العلاقات التجارية، والوضع في سوريا».
وقال ترمب في تغريدة خلال نحو منتصف ليل الأحد - الاثنين، إن «رئيس تركيا إردوغان أبلغني، بقوة، أنه سيجتث كل ما تبقى من (داعش) في العراق وسوريا». وأضاف الرئيس الأميركي في تغريدته أن «قواتنا عائدة إلى الوطن!».
وأكد ترمب مجددا أن نظيره التركي قادر على الوفاء بهذا الالتزام. وقال إن إردوغان «رجل يستطيع القيام بذلك».
وكان ترمب أمر الأربعاء الماضي بسحب الجنود الأميركيين الألفين في أقرب فرصة من شمال شرقي سوريا حيث يقاتلون «الجهاديين» إلى جانب «قوات سوريا الديمقراطية»؛ التحالف العربي الكردي.
وسيشرف على خطط الانسحاب من سوريا نائب وزير الدفاع باتريك شاناهان، الذي أعلن ترمب أول من أمس أنه سيخلف ماتيس بالوكالة بدءا من 1 يناير (كانون الثاني) المقبل. وكان ماتيس، البالغ 68 عاما، أعلن أنه سيغادر منصبه في نهاية فبراير (شباط) للسماح بانتقال هادئ للمسؤول عن القوة العسكرية الأكبر في العالم، لكن ترمب الغاضب، وفق تقارير إعلامية، سرّع عملية رحيل ماتيس بشهرين.
وغرّدت الناطقة باسم البنتاغون دانا وايت، بأن ماتيس سوف يساعد في عملية التسلم والتسليم، وسيعمل مع شاناهان لضمان أن تبقى الإدارة «مركزة على الدفاع عن أمتنا خلال هذا الانتقال».
وعدّ ترمب الذي يعارض منذ زمن انتشارا أميركيا في نزاع مكلف، أن وجود القوات الأميركية لم يعد مفيدا لأن تنظيم داعش «هزم تقريبا». لكن هذا القرار سيترك «وحدات حماية الشعب» الكردية دون دعم عسكري في حين تهدد تركيا بمهاجمتها لأنها تعد المقاتلين الأكراد إرهابيين.
وتشهد العلاقات بين أنقرة وواشنطن؛ الحليفين في حلف شمال الأطلسي، توترا كبيرا، خصوصا بسبب الدعم الأميركي للأكراد، لكنها تحسنت منذ الإفراج التركي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عن قس أميركي سجن لعام ونصف.
وأكدت الرئاسة التركية أول من أمس أن المسؤولين «اتفقا على ضمان التنسيق بين العسكريين والدبلوماسيين والمسؤولين الآخرين في بلديهما، تفاديا لفراغ في السلطة قد ينجم عن استغلال الانسحاب الأميركي والمرحلة الانتقالية في سوريا».
وكان نصر الحريري رئيس هيئة التفاوض السورية الممثلة لأطياف واسعة من قوى المعارضة السورية دعا واشنطن إلى التحقق من أن انسحابها لن يفضي إلى عودة نظام بشار الأسد إلى المناطق التي لا تزال بأيدي الأكراد.
وقال نصر الحريري إن هذا الفراغ قد يدفع الأكراد للتقرب من النظام السوري تفاديا لهجوم تركي والسعي إلى الحفاظ على حكم ذاتي نسبي.
وتخشى أنقرة قيام نواة دولة كردية على أبوابها مما يعزز التطلعات الانفصالية للأقلية الكردية في تركيا.
من جهتها، هددت «قوات سوريا الديمقراطية» بوقف محاربة تنظيم داعش للدفاع عن أراضيها، والإفراج عن مئات «الجهاديين» الأجانب المسجونين ويقلق مصيرهم الغرب.
ولا يزال للتنظيم بعض الجيوب، وهو قادر على شن هجمات دامية في سوريا والعالم، رغم تفتت «الخلافة» التي أعلنها في 2014 بسبب الهجمات المتكررة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.