ارتفع عدد المعتقلين على خلفية عملية قتل سائحتين اسكندينافيتين في منطقة إمليل الجبلية (جنوب مراكش) إلى 13 شخصاً، قال مصدر أمني موثوق لـ«الشرق الأوسط»: إن أربعة منهم لهم ارتباط مباشر بالجريمة الإرهابية، وتسعة منهم جرى توقيفهم الخميس وأمس (الجمعة)، لهم ارتباط بمرتكبي العمل الإرهابي. وقال بيان لوزارة الداخلية: إن المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (مخابرات داخلية)، تمكن خلال يومي الخميس والجمعة، من توقيف تسعة أشخاص جدد بكل من مدن: (مراكش والصويرة وسيدي بنور وطنجة واشتوكة أيت باها)؛ وذلك للاشتباه في ارتباطهم بمرتكبي العمل الإرهابي الذي كانت ضحيته سائحتين أجنبيتين من النرويج والدنمارك.
وأضاف البيان: إن توقيف هؤلاء المشتبه فيهم التسعة يأتي في سياق الأبحاث والتحريات الدقيقة التي يباشرها المكتب المركزي للأبحاث القضائية تحت إشراف النيابة العامة المختصة، بغرض الكشف عن جميع ظروف وملابسات ارتكاب هذه الأفعال الإجرامية، وتحديد دوافعها وارتباطاتها بعمل إرهابي.
وأشار إلى أن عمليات التفتيش المنجزة في إطار هذه القضية، أسفرت عن حجز معدات إلكترونية، وبندقية صيد غير مرخصة، وأسلحة بيضاء ومصابيح جيبية، ومنظار وسترة عسكرية ونظارات مخبرية، بالإضافة إلى كمية من المواد المشبوهة التي يحتمل استخدامها في صناعة وإعداد المتفجرات، التي أحيلت إلى المصالح التقنية المختصة؛ لإخضاعها للخبرات العلمية الضرورية.
وجرى الاحتفاظ بجميع المشتبه فيهم الموقوفين تحت تدبير الحراسة النظرية (الاعتقال الاحتياطي) على خلفية البحث المتواصل في هذه القضية، تحت إشراف النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالرباط. وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»: إن من بين المعتقلين شخصاً يبلغ نحو 50 سنة من العمر يقطن ببلدة حربيل بضاحية مراكش، يرجّح أن يكون أمير الخلية، إضافة إلى ابنه. كما يوجد من بين أعضاء الخلية عنصر سبق أن اعتقل وسجن بسبب محاولة السفر إلى سوريا. من جهته، قال الوكيل العام للملك (النائب العام) في محكمة الاستئناف بالرباط، في بيان أصدره مساء أول من أمس: إن شريط فيديو يظهر فيه أربعة من أعضاء الخلية، وأحدهم يتلو بيان البيعة لأمير «داعش»، وهو يلوح بسيف، أكدت الخبرة الأمنية أنه صور الأسبوع الماضي، قبل إنجاز العملية الإرهابية بأيام. كما أشار إلى أن الخبرة ما زالت متواصلة لتبيان حقيقة الشريط الآخر الذي يصور عملية ذبح فتاة شبه عارية قبل قطع رأسها، والتأكد إن كان له ارتباط بوقائع هذه العملية. وفي أوسلو، ذكرت الشرطة النرويجية، أنه من المرجح أن يكون مقطع الفيديو، الذي يعرض ما يبدو أنها جريمة قتل سائحتين اسكندينافيتين في المغرب، حقيقياً.
وقال جهاز التحقيقات الجنائية الوطنية: «لا يزال هناك بعض العمل جارياً فيما يتعلق بالتحليل والتقييم التقني. غير أننا نعتقد أنه يوجد سبب حتى الآن للقول إنه لا يوجد دليل ملموس أن مقطع الفيديو غير حقيقي».
وتواصل الشرطة النرويجية العمل على التحقق من الفيديو مع نظيرتها الدنماركية. وقالت الشرطة النرويجية: إن الأشخاص الذين شاهدوا مقطع الفيديو تواصلوا معها، وآخرين كان لديهم تفاصيل عن رحلة المرأتين إلى المغرب. والمرأتان طالبتان في جامعة جنوب شرقي النرويج، حيث كانتا تدرسان القيادة في الهواء الطلق والثقافة والفلسفة البيئية. وتبلغ الشابة النرويجية التي تدعى مارين أولاند، 28 عاماً. وجاءت من مدينة برينه الصغيرة في جنوب غربي النرويج، أما الشابة الأخرى التي تدعى لويزا فيستراجر يسبرسين (24 عاماً) فهي من يوتلاند بغرب الدنمارك.
وفِي بلدة حربيل، قال شهود عيان: إن أعضاء الخلية كانوا يلتقون بكثافة خلال الأشهر الأربعة الأخيرة. وكانوا يترددون على منزل الشخص الذي اعتقل مع ابنه في حربيل بضاحية مراكش. كما لاحظ السكان تغير سلوكهم وميلهم إلى الانعزال في الفترة الأخيرة، وانقطاعهم عن الصلاة في المسجد مع الجماعة، وعزوفهم عن الحديث مع الجيران أو رد السلام عليهم، إضافة إلى ارتداء نسائهم الخمار وظهور بوادر التشدد عليهم.
ولم يستبعد الباحث المغربي في الجماعات الإسلامية عبد الله الرامي أن يكون أفراد الخلية تصرفوا بتوجيه من قيادات داعشية موجودة في سوريا، خصوصاً أن أحد أفراد الخلية سبق أن سجن بسبب محاولة السفر إلى سوريا. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: إن بيان مبايعة «داعش» الذي تلاه أحد أفراد الخلية في شريط الفيديو أشار إلى أن الخلية أعلنت أنها تصرفت «استجابة لأبي بكر البغدادي» ونصرة لـ«داعش»، وخصت بالذكر منطقة هجين شرق سوريا، التي تعتبر آخر معاقل «داعش»، ويوجد فيها جهاديون مغاربة.
وقال الرامي: إن مرور مثل هذه الخلايا للعمل غالباً ما يأتي عبر توجيه من رابط تنظيمي مع المركز. لكن المرور إلى العمل أيضاً قد يكون نتيجة الضغط الذي يعيشه أفراد الخلية نتيجة تتبعهم لأخبار التنظيم وتأثير دعايته، وبخاصة عند وجود أحداث تضغط بثقلها على أفراد الخلية وتستفز تحركهم.
وأضاف الرامي: إن هذه هي المرة الأولى في المغرب التي تحدث فيها عملية إرهابية في منطقة نائية بعيدة عن المراكز الحضرية. وأضاف: إن المغرب اكتسب خبرة كبيرة في مجال الضربات الاستباقية في الوسط الحضري وضواحي المدن الكبرى، التي مكّنته من تفادي الكثير من العمليات الإرهابية. وأشار إلى تمكن الأمن المغربي في السنوات الأخيرة، بفضل هذه الاستراتيجية الاستباقية، من تفكيك خلايا خطيرة تتوافر على وسائل وتجهيزات مهمة بينها أسلحة نارية ومتفجرات. غير أن هذه الخلية البسيطة في منطقة نائية جنوب مراكش، وبوسائلها البسيطة، تمكنت من أن تفلت من الرصد وتنفذ جريمتها. وأضاف الرامي: إن التحقيق في هذه القضية سيكشف إن كان هناك تحول في استراتيجية «داعش» من استهداف المراكز الحضرية والشبه الحضرية إلى استهداف المناطق الجبلية والنائية، إضافة إلى معرفة إن كان الأمر يتعلق بخلية معزولة أم أن لها ارتباطات أخرى خارجية أو داخلية. كما أشار إلى أن هذه العملية تتطلب تطوير آليات رصد الظاهرة الإرهابية خارج المدارات التقليدية للمدن والأحياء المحيطة بها.
على صعيد ذي صلة، أقلعت أمس طائرة تحمل على متنها جثماني الشابتين الاسكندينافيتين من مطار الدار البيضاء باتجاه كوبنهاغن. وفِي مراكش، دعا فرع المرصد الوطني لمحاربة الرشوة وحماية المال العام السلطات إلى تغيير اسم منتجع إمليل السياحي إلى منتجع «لويزا ومارين»، تكريماً لروح السائحتين الدنماركية والنرويجية اللتين قتلتا بمنطقة «شمهروش» بضواحي مراكش، بداية الأسبوع الماضي.
المغرب: ارتفاع عدد المعتقلين على خلفية مقتل سائحتين اسكندينافيتين إلى 13
العملية الأخيرة أبرزت تحولاً في استراتيجية «داعش» باستهداف المناطق الجبلية بدلاً من المراكز الحضرية
المغرب: ارتفاع عدد المعتقلين على خلفية مقتل سائحتين اسكندينافيتين إلى 13
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة