الصابون ومستحضرات التجميل... والبلوغ المبكر لدى الفتيات

تحتوي على مواد كيميائية تشابه هرمون الأنوثة

الصابون ومستحضرات التجميل... والبلوغ المبكر لدى الفتيات
TT

الصابون ومستحضرات التجميل... والبلوغ المبكر لدى الفتيات

الصابون ومستحضرات التجميل... والبلوغ المبكر لدى الفتيات

قد يبدو العنوان أقرب للدعابة أو المزحة، حيث لا توجد علاقة واضحة بين استخدام الصابون والبلوغ المبكر، خصوصاً وأن الصابون يتم استخدامه منذ عشرات السنين ولم تكن هناك تحذيرات معلنة من استخدامه في الفتيات الصغيرات.
والحقيقة أن التعرض بكميات كبيرة لبعض المواد الكيميائية المستخدمة في صناعة الصابون والشامبو وبعض مستحضرات العناية بالجسم الأخرى مثل طلاء الأظافر وأحمر الشفاه والعطور ومعجون الأسنان وغيرها قد تلعب دوراً هاماً بالفعل في حدوث بلوغ مبكر للفتيات على وجه التحديد. ومن أهم هذه المواد مادة الفينول phenols والباربين parabens والفثالات phthalates وأيضاً مادة التريكلوسان triclosan، والتي حظرت وكالة الغذاء والدواء استخدامها في صناعة الصابون عام 2017 في الولايات المتحدة.

- كيميائيات الصابون
هذه النتيجة توصلت إليها دراسة أميركية حديثة قام بها علماء من جامعة كاليفورنيا وتم نشرها في مجلةthe journal Human Reproduction المعنية بعلوم التناسل البشري في بداية شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الجاري. وقد أشارت إلى أن هذه المواد الكيميائية تدخل إلى الجسم من خلال امتصاصها أما عن طريق الجلد كما في حالات مستحضرات التجميل والكريمات المختلفة وأما عن طريق الفم مثل مستحضرات أحمر الشفاه وكذلك عن طريق الاستنشاق مثل العطور. وبمجرد دخولها الجسم يتم تكسيرها سريعا وإفرازها عن طريق البول.
وكلما كان التعرض لهذه المواد كبيراً كلما زادت احتمالية البلوغ في الفتيات بشكل مبكر وهو الأمر الذي جعل العلماء يتساءلون عن السبب في ذلك. وعند فحص هذه المواد في المختبرات تحت ظروف معينة اتضح أن لها تأثير يشابهه هرمون الإستروجين (هرمون الأنوثة).
وقام العلماء بتحليل البيانات الخاصة بدراسة سابقة تم إجراؤها على النساء الحوامل بين عامي 1999 و2000 وتم أخذ عينات من الدم منهن مرتين خلال فترة الحمل كما تم سؤال السيدات عن كمية التعرض لهذه المواد في حياتهن اليومية. وكانت النتيجة أن 9 بين كل 10 سيدات كانت عينات البول الخاصة بهم مؤكدة بالنسبة لاحتوائها على المواد الكيميائية الثلاثة التي تؤثر على الفتيات (الفينول والباربين والفثالات) وأيضا كانت هناك نسبة بلغت 70 في المائة من السيدات احتوت عينات البول لهم على مادة (التريكلوسان) وهي مادة مضادة للميكروبات ما زالت تستخدم في صناعة بعض أنواع معاجين الأسنان على الرغم من منع استخدامها في صناعة الصابون. وقام الباحثون بتتبع 338 من المواليد بواقع 179 فتاة و159 صبياً لهؤلاء السيدات واخذ عينات بول منهم في عمر التاسعة ثم تم أخذ عينات بانتظام حتى عمر 13 عاما لمعرفة وقت البلوغ لكل فتى وفتاة. ووجد الباحثون من خلال عينات الدم أن كل سيدة ظهرت لديها مضاعفة لنسبة مادة (الفثالات) عن المستوى العادي ظهر شعر العانة لدى ابنتها في وقت مبكر بنحو 1.3 شهر عن بقية الفتيات الأخريات وبالنسبة لمادة (التريكلوسان) كانت كل مضاعفة من النسبة تزامنت مع شهر مبكر لحدوث الدورة الشهرية للمرة الأولى في فتياتهن. وأيضاً تم أخذ عينات بول من الفتيات وتبين أن كل مضاعفة لنسبة مادة (الباربين) في جسم الفتاة تزامن مع حدوث نمو للثديين وظهور شعر العانة بشهر مبكر عن بقية الأقران. وفى المقابل لم يتأثر الذكور بذلك وهو ما يؤكد فرضية المواد الكيميائية التي تحتوي على الإستروجين.

- محاذير صحية
أوضح الباحثون أن نتائج هذه الدراسة ليست دليلا قاطعا على أن هذه المواد الكيميائية بالضرورة تسبب البلوغ المبكر ولكن بالطبع يجب أن توضع هذه النتائج في الحسبان خاصة وأن هذه المواد معروفة بإمكانية أن تسبب خللا في مستويات الهرمونات الخاصة بالغدد الصماء endocrine - disrupting properties من خلال كثير من الدراسات السابقة. وأشار الباحثون إلى أن مستوى تعرض الأمهات إلى المواد الكيميائية قد يكون تغيرا بشكل كبير أثناء الحمل بمعنى أن أخذ عينات البول مرتين فقط أثناء الحمل وكذلك الفتيات في الفترة العمرية بمعدل مرة كل عام قد يكون غير دقيق تماما، كما أن هذه المواد يتم إفرازها من الجسم بسرعة، ونسب وجودها بالدم تتغير ليس فقط على مدار السنوات أو الشهور ولكن يمكن أن تختلف خلال اليوم الواحد بجانب أن المبيدات الحشرية الموجودة في المزارع قد يكون لها أثر على النتيجة أيضاً.
نصحت الدراسة بضرورة أن تتم كتابة المكونات الكيميائية بشكل واضح على الغلاف الخاص بجميع المواد التي تستخدم في مستحضرات التجميل أو العناية بالبشرة والمنظفات وغيرها، كما نصحت بنشر الوعي الصحىي بخطورة استخدام مواد معينة واستخدام مود صديقة للبيئةenvironmentally safe. وأوضح الباحثون أن الحكومات يجب أن تلزم المصانع المصنعة لهذه المواد بضرورة مراعاة المعايير الصحية والابتعاد عن المواد الضارة بيئيا.
وحذر الباحثون أن البلوغ المبكر في الفتيات يعرضهن لمشكلات نفسية كبيرة في وقت مبكر من حياتهن بمعنى عدم الاستعداد للتحول من الطفولة للأنوثة بشكل سريع، حيث يجب أن يحدث البلوغ بشكل متدرج ذهنيا ونفسيا كما أن البلوغ المبكر يمكن أن يعرض الطفلة للحرج والتحرشات الجنسية والتي بالضرورة تؤثر بالسلب على اتزانها النفسي. ويجب أن تقوم الأم باستيعاب الطفلة في هذه المرحلة الحرجة من حياتها وبجانب العامل النفسي فإن البلوغ المبكر يزيد من فرص الإصابة بالأورام في الثدي والرحم.

* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

هل الخضروات المجمّدة صحيّة مثل الطازجة ؟

صحتك هل الخضروات المجمّدة صحيّة مثل الطازجة ؟

هل الخضروات المجمّدة صحيّة مثل الطازجة ؟

توصي الإرشادات الغذائية الأسترالية الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين تسعة أعوام فما فوق بتناول حصتين من الفاكهة وخمس حصص من الخضار يوميًا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك طبيب: وجود تاريخ عائلي يزيد من خطر إصابتك بارتجاع الحمض؟!

طبيب: وجود تاريخ عائلي يزيد من خطر إصابتك بارتجاع الحمض؟!

الارتجاع الحمضي هو حالة شائعة ولكنها مزعجة وتؤثر في الغالب على البالغين. ويحدث هذا عادة عندما يعود حمض المعدة إلى المريء، ما يؤدي إلى أعراض مثل حرقة المعدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك دراسة: مواد غذائية تخفّض خطر تطور النقرس وأخرى تزيده !؟

دراسة: مواد غذائية تخفّض خطر تطور النقرس وأخرى تزيده !؟

أفادت مجلة «Journal of American Medical Assocoation» بأن علماء بكلية هارفارد للصحة العامة اكتشفوا أن الشاي والقهوة ومنتجات الألبان والحبوب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هل يزيل الدماغ السموم من الجسم أثناء النوم أكثر من اليقظة؟

هل يزيل الدماغ السموم من الجسم أثناء النوم أكثر من اليقظة؟

ليس هناك من شك في أن النوم مفيد للدماغ؛ فهو يسمح للأجزاء المختلفة بالتجديد ويساعد على استقرار الذكريات. وعندما لا نحصل على قسط كاف من النوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك علاج السمنة في الوقت المناسب يمكن أن يحميك من مضاعفاتها (رويترز)

احذر... هذا ما تفعله 10 سنوات من السمنة بصحتك

توصلت دراسة جديدة إلى أن الأشخاص الذين يعانون السمنة المفرطة لمدة عقد من الزمن هم الأكثر عرضة لخطر الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

دقيق بنسبة 100 %... فحص دم يكشف عن «الإصابة» بسرطان الثدي

الفحص دقيق بنسبة 100 % في التنبؤ بالمرضى الذين سيشهدون عودة السرطان (إكس)
الفحص دقيق بنسبة 100 % في التنبؤ بالمرضى الذين سيشهدون عودة السرطان (إكس)
TT

دقيق بنسبة 100 %... فحص دم يكشف عن «الإصابة» بسرطان الثدي

الفحص دقيق بنسبة 100 % في التنبؤ بالمرضى الذين سيشهدون عودة السرطان (إكس)
الفحص دقيق بنسبة 100 % في التنبؤ بالمرضى الذين سيشهدون عودة السرطان (إكس)

كشف باحثون أن اختبار دم جديداً «فائق الحساسية» يمكن أن يتنبأ بما إذا كان سرطان الثدي سيعود قبل سنوات من ظهور المرض في عمليات المسح.

ووفق تقريرٍ نشرته شبكة «بي بي سي»، يلتقط الفحص آثار الحمض النووي للورم قبل حدوث انتكاسة كاملة، وتبيَّن أنه دقيق بنسبة 100 في المائة في التنبؤ بالمرضى الذين سيشهدون عودة السرطان. ومن المأمول أن يسمح الاختبار ببدء العلاج مبكراً، وتحسين معدلات البقاء على قيد الحياة. وقد وصف الخبراء البحث في المملكة المتحدة بأنه «مثير بشكل لا يصدَّق»، لكنه لا يزال في مراحله الأولى.

يعد سرطان الثدي الشكل الأكثر شيوعاً للمرض في جميع أنحاء العالم، حيث جرى تشخيص 2.26 مليون امرأة في عام 2020، و685000 حالة وفاة في العام نفسه، وفقاً لمؤسسة سرطان الثدي في المملكة المتحدة. أجرى فريق من الباحثين من معهد أبحاث السرطان «ICR» في لندن التجربة على 78 مريضة مصابة بأنواع مختلفة من سرطان الثدي المبكر.

وبحثت «الخزعة السائلة» عن 1800 طفرة في دم المرضى تفرزها الخلايا السرطانية. وجرى العثور على هذا الحمض النووي للورم في 11 امرأة، جميعهن شهدن انتكاسة السرطان. ولم تشهد أي امرأة أخرى عودة السرطان.

في المتوسط، اكتشف اختبار الدم السرطان قبل 15 شهراً من ظهور الأعراض أو ظهور المرض في عمليات المسح، وفقاً للنتائج المقدمة في مؤتمر الجمعية الأميركية لعلم الأورام السريري في شيكاغو، اليوم الأحد.

كان الاكتشاف المبكر قبل 41 شهراً من تأكيد الفحص للتشخيص. وقال الباحث الرئيسي، الدكتور إسحاق غارسيا موريلاس: «يمكن أن تبقى خلايا سرطان الثدي في الجسم بعد الجراحة والعلاجات الأخرى، لكن يمكن أن يكون هناك عدد قليل جداً من هذه الخلايا بحيث لا يمكن اكتشافها في فحوصات المتابعة». وأضاف أن الخلايا يمكن أن تسبب انتكاسة المرضى بعد سنوات عدة من العلاج الأولي. وأضاف أن الدراسة تضع الأساس لتحسين مراقبة ما بعد العلاج، وربما علاج يطيل العمر.