غضب في ليبيا بعد ضبط حاوية أسلحة آتية من تركيا

تضم أكثر من 3 آلاف مسدس و2.3 مليون طلقة

TT

غضب في ليبيا بعد ضبط حاوية أسلحة آتية من تركيا

عمت حالة من الغضب الأوساط الليبية، أمس، بعد أن ضبطت جمارك ميناء الخمس (شرق العاصمة طرابلس) حاوية قادمة من تركيا، تضم كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر، مشيرين إلى أن مثل هذه الحاويات تنقل في الغالب بضائع ومواد غذائية، «لكن تجّار الموت يرسلون إلى ليبيا وقوداً للحرب»، حسب تعبيرهم. وضمت الحاوية، التي تم التحفظ عليها، حسب بيان مركز جمارك الخمس، أول من أمس، 3 آلاف مسدس 9 ملم، و120 مسدساً، و400 بندقية صيد، بالإضافة إلى 2.3 مليون طلقة.
وقال أحمد حمزة، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا: «إننا نتابع بقلق بالغ ضبط هذه الشحنة الكبيرة من الذخائر والأسلحة عبر ميناء الخمس، بواسطة مسؤولين أمنيين وعسكريين في الميناء»، محذراً من مغبة «الاستمرار في خرق حظر التسليح المفروض من قبل مجلس الأمن الدولي على ليبيا» منذ إسقاط النظام السابق عام 2011. وأضاف حمزة في حديث إلى «الشرق الأوسط» أمس، أن «هذه الشحنات من الأسلحة والذخائر ستسهم في تصعيد العنف والاقتتال بين الأطراف المتنازعة في البلاد، والذي من شأنه أن ينعكس على أمن وسلامة وحياة المدنيين». وطالب حمزة لجنة الخبراء الدوليين بمجلس الأمن الدولي المعنية بليبيا، بـ«فتح تحقيق شامل مع الأطراف المسؤولة عن استيراد هذه الحاوية، وكيفية تسهيل تسييرها عبر الموانئ التركية»، لافتاً إلى أنها «تعد ثاني شحنة سلاح قادمة من تركيا تُضبط خلال هذا العام».
كما دعا رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، لجنة الخبراء الدوليين إلى «فتح تحقيق مع السلطات التركية حول هذه الشحنات، ومدى التزام السلطات هناك بقرارات مجلس الأمن الدولي تجاه ليبيا».
وسبق أن ضبطت السلطات اليونانية سفينة قادمة من تركيا ترفع علم تنزانيا، كانت محمّلة بمواد تستخدَم في تصنيع القنابل والمتفجرات والألغام خلال العام الجاري.
وعبّر عدد من نواب البرلمان عن رفضهم «للسياسات التي تتبعها تركيا مع ليبيا»، إذ قال نائب برلماني من شرق البلاد إنه سيتقدم بطلب إلى البرلمان للنظر في الرد على تركيا، وتجريم هذه التحركات، التي يرى أنها تستهدف تخريب ليبيا.
ولام النائب، الذي رفض ذكر اسمه، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، الذي أنهى مؤخراً زيارة لتركيا، التقى خلالها الرئيس رجب طيب إردوغان، وتساءل: «كيف لرئيس المجلس الاستشاري أن يزور دولة تستهدف تخريب بلاده وتدعم الإرهابيين بالأسلحة؟!».
وقالت سلطات جمارك مطار بنينا الدولي، في بيان، أمس، إن «مسلسل السفن التركية المحملة بالأسلحة والمتفجرات إلى ليبيا ما زال مستمراً، وهو ما كشف عنه أعضاء الجمارك بميناء الخمس، بعد ضبطهم حاوية»، (40 قدماً)، قادمة من تركيا، تحمل أكثر من مليوني طلقة مسدس تركي عيار 9 ملم.
وأضافت سلطات الجمارك أن «الحاوية كان يُفترض أن تكون محمّلة بمواد أرضيات خاصة بأغراض البناء ومكملاتها، وسلع غذائية أخرى، لكنها جاءت محملة بوقود الحرب». مبرزة أن أعضاء الجمارك أكدوا أن الكمية التي وصفوها بـ«الكبيرة جداً» تم التحفظ عليها من قبل مركز جمارك الخمس، فيما جري اتخاذ الإجراءات لمعرفة المسؤول عن محاولة إدخال هذه الشحنة إلى البلاد التي تعاني من انتشار السلاح. وسبق أن حذر المبعوث الأممي لدى ليبيا الدكتور غسان سلامة، من أن البلاد تضم أكثر من 15 مليون قطعة وسلاح، ولا تحتاج إلى المزيد.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.