اليمن: مقتل 19 شخصا آخر بالخطأ.. لكن من الجيش هذه المرة

قيادي معارض لـ «الشرق الأوسط» : لن ننجر إلى العنف ونطالب بتحقيق شفاف

الشرطة اليمنية في حالة تأهب في صنعاء (رويترز)
الشرطة اليمنية في حالة تأهب في صنعاء (رويترز)
TT

اليمن: مقتل 19 شخصا آخر بالخطأ.. لكن من الجيش هذه المرة

الشرطة اليمنية في حالة تأهب في صنعاء (رويترز)
الشرطة اليمنية في حالة تأهب في صنعاء (رويترز)

لقي 19 شخصا مصرعهم في قصف لقوات الجيش اليمني أثناء حضورهم مجلس عزاء بمحافظة الضالع الجنوبية، وأصيب العشرات، في وقت قتل فيه عدد من عناصر تنظيم القاعدة بمحافظة حضرموت.
وقالت مصادر عسكرية يمنية إن القصف وقع بالخطأ على مجلس العزاء في أطراف مدينة الضالع، وتحديدا في منطقة سناح، في وقت تحدثت فيه مصادر في الضالع عن أن القصف استهدف قيادة الحراك الجنوبي السلمي، الذين كان يُتوقع وجودهم في عين المكان، لكن مصادر أخرى نفت لـ«الشرق الأوسط» وجود أي من قيادات الحراك الجنوبي.
وقال عبد الحميد طالب، وهو قيادي بارز في الحزب الاشتراكي اليمني: «إن القصف انطلق من الدبابات المرابطة على بعد عدة أمتار أمام مبنى المحافظة أو المجلس المحلي»، وأكد القيادي المعارض أن الحادث كان مخططا له، وأن الأشخاص الذين كانوا يحاولون الفرار من نيران القصف تعرضوا لإطلاق النار من قبل الجنود الذين كانوا بدورهم يتمركزون على سطح مبنى ومجمع المحافظة.
وذكرت مصادر محلية أن أشلاء الضحايا تناثرت في أرجاء المكان، وكان هناك نساء وأطفال من بين القتلى. وأدانت الأحزاب والتنظيمات السياسية البارزة في الساحة اليمنية الحادث، وأرجعت ما جرى إلى محاولة إلى جر البلاد إلى العنف والاقتتال الأهلي، خاصة أن الضالع من أكثر المناطق التي تشهد تطورات أمنية خلال السنوات الماضية، ولم تنجر إلى مسلسل صراع ووجود تنظيم القاعدة، كما حدث مع بعض المناطق اليمنية الأخرى.
وعبرت الأوساط السياسية اليمنية عن خشيتها من تطور الأوضاع إلى مواجهات وعمليات انتقام من الجهات التي تقف وراء قصف مخيم العزاء.
بيد أن عبد الحميد طالب قال لـ«الشرق الأوسط» إن «العقلاء تداعوا داخل الضالع لمنع حدوث أي فوضى أمنية، ولمنع عمليات الانتقام من أجل تفويت الفرصة على الجهات التي تهدف إلى جر البلاد لمربع العنف، وبالأخص في الظروف الراهنة».
وطالب القيادي المعارض بإجراء تحقيق شفاف في الحادث الذي عدّه رسالة واضحة لجر البلاد إلى مربع العنف، وتقديم المتسببين فيه إلى القضاء، وتلمح بعض الأوساط إلى تورط قادة عسكريين موالين للرئيس السابق علي عبد الله صالح في الهجوم على مخيم الاعتصام، بهدف خلط الأوراق، غير أن هذه المعلومات لم يجرِ تأكيدها أو نفيها من الأطراف المعنية.
من ناحية أخرى، لقي ستة أشخاص مصرعهم في قصف السيارة التي كانت تقلهم في منطقة شبام حضرموت، وتشير المصادر إلى أن القتلى ينتمون لتنظيم القاعدة، الذي ينشط بصورة كبيرة في محافظة حضرموت في الآونة الأخيرة، حيث ينفذ التنظيم سلسلة من الاغتيالات بحق ضباط أجهزة الأمن والجيش ويحاول، حسب التقارير المحلية والغربية، إقامة إمارة إسلامية في هذه المحافظة النفطية المهمة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.