خرجت في تركيا احتجاجات شبيهة بمظاهرات السترات الصفراء التي شهدتها فرنسا وبعض الدول الأوروبية، وذلك بسبب موجة غلاء الأسعار التي صاحبت الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
وتظاهر الآلاف في مدينة ديار بكر، جنوب شرقي تركيا، احتجاجاً على غلاء الأسعار وصعوبة المعيشة في الأشهر الأخيرة، استجابة لدعوة من اتحاد نقابات عمال الخدمة العامة. وخرج المحتجون في المدينة ذات الغالبية الكردية، ليل الأحد إلى الاثنين وسط انتشار أمني مكثف وتدابير مشددة، وحمل بعضهم لافتات كتب عليها «لن ندفع ثمن الأزمة الاقتصادية»، وأشادوا بحركة «السترات الصفراء» في فرنسا المطالبة بالمزيد من العدالة الاجتماعية. كما ارتدى بعضهم هذه السترات.
وجاءت المظاهرات رغم تهديد الرئيس رجب طيب إردوغان لحزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، بسبب دعوة المواطنين للخروج إلى الشوارع في مظاهرات شبيهة باحتجاجات السترات الصفراء في أوروبا.
وقال إردوغان، في خطاب جماهيري يوم الأحد الماضي، إن الذين سينزلون إلى الشارع مرتدين السترات الصفراء «سيدفعون ثمناً باهظاً». وتدهور الوضع الاقتصادي في تركيا بشدة في الأشهر الأخيرة بسبب انهيار الليرة التركية، التي فقدت أكثر من 40 في المائة من قيمتها منذ بداية العام، على خلفية قلق المستثمرين من سيطرة إردوغان على السياسة الاقتصادية والتوتر مع واشنطن بسبب قضية القس الأميركي أندرو برانسون الذي كانت تركيا تحاكمه بتهمة دعم الإرهاب قبل الإفراج عنه في 12 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي والسماح له بالعودة إلى بلاده.
وذكرت تقارير إعلامية أن الحكومة أجرت رصدا لمبيعات السترات الصفراء وتصنيعها، في أعقاب الاحتجاجات التي اندلعت في فرنسا مؤخرا. وأضافت التقارير أنه تم إجراء تدقيق لورش تصنيع هذه السترات في منطقة محمود باي في مدينة إسطنبول، التي تضم ورشا ومحلات ملابس القطاع الصناعي في تركيا. وأشارت هذه التقارير إلى أن مسؤولي وزارة الداخلية أجروا مسحا لمعرفة ما إن كان إنتاج ومبيعات السترات الصفراء ارتفعت عقب الادّعاءات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن ظهور السترات الصفراء في تركيا.
وبحسب وسائل الإعلام التركية، أعد مسؤولو وزارة الداخلية الذين أجروا مسحاً في الكثير من المناطق تقريراً كشف عن عدم تزايد إنتاج أو بيع السترات الصفراء وتم رفع التقرير إلى الحكومة التي يرأسها إردوغان.
وأكد التقرير عدم وجود احتمالات لاندلاع مظاهرات واسعة لأصحاب السترات الصفراء داخل تركيا، وعدم الإعداد لمظاهرات احتجاجية مماثلة لما حدث في فرنسا، وأن الادعاءات في هذا الشأن ما هي إلا شائعات يروجها مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي.
وكان رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، حث العمال على الاحتجاج على أوضاعهم السيئة عبر المظاهرات. واعتبر رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهشلي، حليف الحزب الحاكم أن عواقب هذه المظاهرات ستكون وخيمة.
على صعيد آخر، أصدرت النيابة العامة بالعاصمة التركية أنقرة، أمس، مذكرات توقيف بحق 64 عسكريا من بينهم 35 ما زالوا بالخدمة، بتهمة الارتباط بحركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن المتهم من جانب أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) عام 2016.
وشملت مذكرات التوقيف جنودا حاليين وسابقين بقيادة القوات الجوية، وقوات الدرك، بعد أن اتهمتهم النيابة بالانتماء لحركة غولن، ودعم محاولة الانقلاب. وشنت قوات الأمن التركية على الفور عملية لضبط المطلوبين.
ومنذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي ينفي غولن أي علاقة له بها، اعتقلت حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان عشرات الآلاف من العسكريين والموظفين في القطاع العام والمدرسين والقضاة والصحافيين، بدعوى انتمائهم لحركة غولن، المقيم في بنسلفانيا الأميركية منذ عام 1999 كمنفى اختياري، والذي كان أقوى الحلفاء لإردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم.
وشهدت الفترة منذ محاولة الانقلاب، وحتى الآن، وفاة نحو 100 شخص في ظروف مشبوهة، أو تحت التعذيب، أو بسبب المرض جراء ظروف السجون السيئة، وفرار عشرات الآلاف إلى خارج البلاد، وفق التقارير الأخيرة التي نشرتها المنظمات الحقوقية الدولية.
ودعت منظمة العفو الدولية إلى وضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان في تركيا، قائلة إنه لا يجب السماح لحكومة الرئيس رجب طيب إردوغان بمواصلة تقويض حقوق الإنسان في ظل الحملة الأمنية المتواصلة منذ المحاولة الانقلابية.
واحتلت تركيا المرتبة الأولى في تقرير لجنة الصحافة الدولية من حيث عدد الصحافيين المغيبين وراء القضبان والذين يبلغ عددهم بحسب التقرير نحو 59 صحافيا، فيما تراجعت 11 مرتبة في تقرير دولي صدر الأسبوع الماضي حول وضع حقوق الإنسان في العالم.
«السترات الصفراء» تلهم احتجاجات على الغلاء في تركيا
«السترات الصفراء» تلهم احتجاجات على الغلاء في تركيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة