أداة مطبخية لاختبار كمية المضادات الحيوية في اللحوم

بعد انتشار استخدامها في حقن الماشية

أداة مطبخية لاختبار كمية المضادات الحيوية في اللحوم
TT

أداة مطبخية لاختبار كمية المضادات الحيوية في اللحوم

أداة مطبخية لاختبار كمية المضادات الحيوية في اللحوم

شهد معرض «سي إي ويك 2014» الأميركي حضور مجموعة كبيرة من الشركات الجديدة الناشئة، لكن واحدة منها تميزت عن غيرها، فقد رغبت «بايو سينسور لاب» في وضع وسائل الاختبار الطبي المعقدة على طاولة مطبخك. وقد يمكن قريبا اختبار الأغذية والأطعمة التي تتطلب عادة مصاريف ونفقات كبيرة، فضلا عن فحص عيناتها داخل المختبرات، في المطبخ بأداة بلاستيكية صغيرة تركب على الطاولة.
كلنا ندرك أن اختيار الطعام ذي النوعية الجيدة قد يكون من الأمور الصعبة بالنسبة إلى العائلة، كما أن الملصق الغذائي عليها لا يساعد كثيرا، وفقط قبل سنوات قليلة، واستنادا إلى صحيفة «وول ستريت جورنال»، فإن 80 في المائة من المضادات الحيوية التي بيعت في الولايات المتحدة لم تستخدم من قبل البشر، بل استخدمت لحقن الماشية. ولاحظت الصحيفة أيضا أن هنالك تقريبا 685 من الأدوية والعقاقير التي يستخدمها المزارعون، والتي وافقت عليها إدارة الغذاء والدواء الأميركية (إف دي إيه)، استخدمت لعلاج الماشية وتسمينها؛ مما أثار أسئلة كثيرة حول مدى سلامتها بالنسبة للاستهلاك البشري. وهذا ما جعل «بايو سينسور لاب» ترغب في منح الآباء والأمهات القلقين على صحة عائلاتهم، القدرة على كشف مستويات المضادات الحيوية في اللحوم بأنفسهم. وعن طريق استخدام صينية يمكن التخلص منها بعد الاستخدام، يمكن لمستعمليها وضع نقاط من سائل اللحوم على خرطوشة في الأداة البلاستكية التي تشبه طير البطريق، ولهذه الخرطوشة مادة في داخلها ذات مسام خاصة دقيقة جدا، من شأنها زيادة السطح المستخدم في الاختبار. بعد دقيقتين تقوم شاشة موجودة على بطن «طائر البطريق» بعرض عدد أجزاء المضادات الحيوية من كل مليون جزء موجودة في اللحم. ويقوم تطبيق إلكتروني بمساعدة تعقب أي نوع من اللحوم يملك العدد الأقل من المضادات الحيوية، فضلا عن إحصاء ما تستهلكه العائلة جمعاء من هذه المضادات. ولا تقف «بايو سينسور» عند هذا الحد؛ إذ يقول رئيسها التنفيذي ميونغوون جانغ، إنه في المستقبل سيمكن اختبار المواد المؤذية الأخرى مثل مبيدات الحشرات، ووفقا لتصميمها، يعمل «طائر البطريق» هذا مع اللحوم والألبان، لكن في يوم من الأيام سيمكن اختبار الأنواع الأخرى من الأطعمة بحثا عن الكيميائيات الضارة. وإذا ما نجحت «بايو سينسور لاب» في مسعاها هذا، فسيتوافر «طائر البطريق» في أواخر العام الحالي مقابل 300 دولار، مع الخراطيش الضرورية التي تطرح جانبا بعد الاستخدام، التي تكلف مبلغا إضافيا.



لماذا تؤثر الطفرات الجينية المسببة للأمراض على بعض الأشخاص دون غيرهم؟

لماذا تؤثر الطفرات الجينية المسببة للأمراض على بعض الأشخاص دون غيرهم؟
TT

لماذا تؤثر الطفرات الجينية المسببة للأمراض على بعض الأشخاص دون غيرهم؟

لماذا تؤثر الطفرات الجينية المسببة للأمراض على بعض الأشخاص دون غيرهم؟

قلبت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة «كولومبيا» في الولايات المتحدة مبدأ من مبادئ علم الوراثة رأساً على عقب، وكشفت عن السبب وراء عدم ظهور أي أعراض على بعض الأشخاص الذين يحملون جينات مسببة للأمراض. وقد كشفت الدراسة عن آلية رائدة تفسر لماذا يعاني الأفراد الذين لديهم طفرات جينية متطابقة غالباً من نتائج صحية مختلفة تماماً.

ويلقي هذا الاكتشاف الضوء على أسئلة قديمة حول التنوع الجيني، ويقدم طرقاً واعدة لتطوير التشخيص والعلاج. وقد حيّرت هذه الأسئلة العلماء والأطباء لعقود من الزمن، ماذا يحدث عندما تميل الخلايا أكثر نحو جينات أحد الوالدين أكثر من الآخر؟ ولماذا يظل بعض الأفراد الذين يرثون الطفرات الجينية المسببة للأمراض من والديهم غير متأثرين بينما يعاني آخرون من الطفرة نفسها من أعراض منهكة؟

قد تقدم للدراسة الجديدة التي نُشرت في مجلة «Nature» في 1 يناير (كانون الثاني) 2025، بقيادة دوسان بوجونوفيتش بمركز «كولومبيا للأخطاء الوراثية في المناعة» بكلية «فاجيلوس للأطباء والجراحين»، جامعة «كولومبيا» بنيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، وآخرين، بعض الإجابات.

اختيار جين الأب أو الأم

باستثناء الحيوانات المنوية والبويضات، فإن جميع خلايا الجسم الأخرى تحتوي على نسختين من كل جين: نسخة موروثة من كل من الوالدين. وكان من المفترض أن النسختين تلعبان دوراً متساوياً في وظيفة الخلية، إلا أن الأبحاث في السنوات الأخيرة أظهرت أن هذا ليس الحاصل دائماً، فقد تظهر بعض الخلايا تحيزاً، فتقوم بشكل انتقائي بتعطيل نسخة أحد الوالدين من الجين، وعلى الرغم من أن هذه الظاهرة المعروفة باسم التعبير الأحادي الأليل MAE monoallelic expression تم تحديدها لأول مرة منذ أكثر من عقد من الزمان، فإن قدرتها على التأثير على نتائج المرض لم تظهر إلا مؤخراً.

ماذا يعني تعبير الأحادي الأليل؟ كان يُعتقد تقليدياً أن نسختي الجين، واحدة من كل والد، نشطتان بشكل متساوٍ في الخلية. ومع ذلك يحدث التعبير الأحادي الأليل عندما تقوم الخلية بتنشيط نسخة أحد الوالدين من الجين بشكل انتقائي بينما تسكت الأخرى. وهذا التعبير الانتقائي يؤثر على ما يقرب من 5 في المائة من الجينات في الخلايا المناعية، ويختلف حسب نوع الخلية، ويمكن أن يتغير بمرور الوقت. وتقدم هذه الظاهرة تبايناً غير متوقع في كيفية ظهور المعلومات الجينية في الصحة والمرض.

وبناء على ما قاله دوسان بوجونوفيتش سنرى في كثير من الأمراض أن 90 في المائة من الأشخاص الذين يحملون طفرة هم مرضى، لكن 10 في المائة ممن يحملون الطفرة لا يمرضون على الإطلاق. وباستخدام فريق دولي من المتعاونين نظر الباحثون إلى عائلات كثيرة تعاني من اضطرابات وراثية مختلفة تؤثر على أنظمتها المناعية، في كل حالة كانت النسخة المسببة للمرض أكثر عُرضة للنشاط لدى المرضى وقمعها لدى الأقارب الأصحاء الذين ورثوا الجينات نفسها.

ويعد هذا الاكتشاف ذا أهمية، خاصة فيما يتعلق بالأخطاء الخلقية في المناعة inborn errors of immunity (IEIs) وهي مجموعة من الاضطرابات الوراثية التي تؤثر على الجهاز المناعي، مما يؤدي إلى قابلية الإصابة بالعدوى، وأمراض المناعة الذاتية، والالتهابات، والحساسية، والسرطان.

ومع وجود أكثر من 450 جيناً مرتبطاً بالأخطاء الخلقية في المناعة، يختلف طيف الأعراض وشدتها على نطاق واسع، حتى بين الأفراد الذين يحملون الطفرة الجينية نفسها. وعادة ما تُعد الأخطاء الخلقية في المناعة أمراضاً أحادية الجين وناجمة عن طفرة جينية واحدة.

ومن الناحية النظرية، يجب أن يؤدي وجود طفرة إلى نتائج يمكن التنبؤ بها، ومع ذلك في الممارسة العملية يظل بعض الحاملين من دون أعراض، بينما يعاني آخرون من حالات تهدد الحياة، كما يساعد فهم كيفية تأثير التعبير الأحادي الأليل على الأخطاء الخلقية في المناعة في تفسير سبب اختلاف هذه الاضطرابات من شخص لآخر.

أخطاء المناعة الخلقية

تركز الدراسة على الأخطاء الوراثية في المناعة، وهي اضطرابات وراثية تؤثر على الجهاز المناعي. وعلى الرغم من كونها أحادية الجين (ناجمة عن طفرات في جين واحد)، فإن الأفراد المصابين بأخطاء المناعة الخلقية غالباً ما يعانون من مجموعة واسعة من الأعراض من الخفيفة إلى المهددة للحياة. كما تؤثر أخطاء المناعة الخلقية على كيفية التعبير عن جينات معينة مرتبطة بالمناعة، مثل جينات STAT1 وCARD11، فعلى سبيل المثال، أظهر الأفراد الذين لديهم الطفرة نفسها في هذه الجينات أعراضاً مختلفة تماماً بسبب الأليل (الأم أو الأب) النشط، ولا تقتصر أخطاء المناعة الخلقية على الجينات المرتبطة بالمناعة، بل من المرجح أن تسهم الظاهرة في التباين في مجموعة واسعة من الأمراض الوراثية.

ويمكن أن يُساعد تحليل التعبير الأحادي الأليل في الخلايا في فهم شدة الأمراض لدى الأفراد الذين يحملون الطفرات الوراثية نفسها إذا تمكن العلماء من استهداف النسخ الجينية المسببة للمرض، وتثبيطها، أو تعزيز النسخ السليمة؛ إذ قد يؤدي ذلك إلى تخفيف الأعراض، أو منع تطور المرض، وقد يُسهم التعبير الأحادي الأليل في تفسير كيفية تطور الأورام، واختلاف استجابتها للعلاج.

تشير هذه الدراسة إلى أن فهم التعبير الأحادي الأليل يمكن أن يفتح أفقاً جديداً في تشخيص وعلاج الأمراض الوراثية، ويُقدم رؤى حول كيفية تأثير الوراثة والبيئة على الصحة، وبينما يصف بوجونوفيتش هذه النتائج بأنها «مجرد غيض من فيض»، فإنها تقدم دليلاً قوياً على أهمية دراسة كيفية تفاعل الجينات مع البيئة والجسم لفهم الأمراض المعقدة.