بروتون وهب خبراته للغوص في أعماق اللاعبين الصاعدين ومعالجة مشكلاتهم

لاعب نوريتش سيتي السابق عانى من شكوك في قدراته أعاقت مسيرته الكروية

بروتون يمكنه رؤية الخوف في أعين لاعبي الكرة الناشئين
بروتون يمكنه رؤية الخوف في أعين لاعبي الكرة الناشئين
TT

بروتون وهب خبراته للغوص في أعماق اللاعبين الصاعدين ومعالجة مشكلاتهم

بروتون يمكنه رؤية الخوف في أعين لاعبي الكرة الناشئين
بروتون يمكنه رؤية الخوف في أعين لاعبي الكرة الناشئين

أول ما يفعله درو بروتون تفحُّص هاتفه المحمول ومتابعة الرسائل الواردة إليه عبر تطبيق «واتساب» من أيٍّ من اللاعبين الستة الصاعدين الذين يعمل معهم. كان عميله قد واجه سؤالاً حول شعوره قبل يومين من مباراة من المقرر بثها تلفزيونياً، وجرى تصوير الإجابة وإرسالها إلى معلمه. وبطبيعة الحال، لم يجر الكشف عن أي معلومات سرية، ولم تكشف عن هوية اللاعب، لكن إجابة اللاعب سلطت الضوء على الحقائق المظلمة التي تعصف بحياة الكثيرين داخل مجال كرة القدم.
وجاءت الإجابة على النحو التالي: «سأتوجه للتدريب غداً في مباراة بين 11 لاعباً في مواجهة 11 آخرين، وأشعر بالذعر. هل سألعب السبت؟ أم أنه سيختار الاستعانة باللاعب الآخر الأصغر بدلاً مني؟ عن نفسي، لا أرغب حتى في الوجود هناك... هل بإمكاني إنجاز ذلك؟ هل أنا فاشل؟ أشعر الآن بأني ضعيف وواهن. هل أملك القوة لأنهض وأحاول من جديد؟ لا أدري. من المقرر إذاعة المباراة عبر قناة (سكاي) وأشعر بالفعل بالحرج إزاء الصورة التي قد أبدو عليها. لقد زادني هذا الوضع اكتئاباً. أشعر بضغوط متزايدة على عاتقي. ويساورني القلق طوال الوقت. وأفكر دائماً في رأي المدرب في أدائي. هل أنا فاشل؟ هل بمقدوري اللعب بعد ذلك؟ هل بإمكاني تسجيل أهداف؟ هل بمقدوري حتى الجري في الملعب؟ هل أصبحت بديناً للغاية وأحادي النظرة على نحو مفرط؟».
وعلى هذا المنوال تسير الرسائل التي تعد بمثابة تأريخ لمجموعة من المخاوف العميقة والخانقة. وبمقدور بروتون تفهم مثل هذه المخاوف بدقة، ذلك أن المهاجم السابق الذي تحول لاحقاً للعمل مدرب أداء سبق أن عانى من شكوك في قدراته أعاقت مسيرته المهنية التي شارك خلالها في 516 مباراة على امتداد 17 عاماً. وكل يوم يستمع بروتون إلى الشكاوى ذاتها من أولئك الذين يستشيرونه والذين تقل أعمارهم جميعاً عن 23 عاماً وتعاقدوا مع أندية تشارك بالدوري الممتاز.
من الواضح أن الضغوط التي يتعرض لها اللاعبون من أجل التقدم وإنجاز كامل إمكاناتهم، خانقة بمعنى الكلمة. وكثيراً ما تتملك اللاعبين الصاعدين الحيرة إزاء السبب وراء تألق أدائهم في أسبوع ما، ثم يتراجع في الأسبوع التالي. في الوقت ذاته، من المنتظر من هؤلاء اللاعبين تقديم عرض عام من القوة وإقناع المدرب بضرورة اختيارهم ضمن الفريق المشارك في المباريات. وفي خضم كل ذلك، يلتهمهم كثير من الشكوك من الداخل.
من بين هؤلاء اللاعبين لاعب دولي في صفوف المنتخب الإنجليزي أقل من 21 عاماً يعاني باستمرار من قلة النوم. من جهته، قال بروتون: «كلما تحدث اللاعبون عما يشعرون به، زاد إدراكك لماهية ما بداخلهم. وكثيراً ما يدور الحوار على النحو التالي: كيف تشعر؟ وتأتي الإجابة: أشعر بأنني فاشل. من جهتي، أملك القدرة على الغوص في أعماق اللاعبين الصاعدين وإطلاق العنان لمشاعرهم. إلا أنه يبقى كثير من الضوضاء حولهم: وكيل الأعمال الذي يدّعي أنه يعلم كل شيء، والأب الذي يرغب في المشاركة في كل ما يخص ابنه، والمدربون الذين يصدرون ملايين التوجيهات. وبمرور الوقت، ومع خروج اللاعب لأرض الملعب، هل يمكنك تخيل حجم الفوضى التي تعتمل برأسه؟».
وأضاف: «تتصارع الأندية على مثل هؤلاء اللاعبين منذ السادسة والتاسعة والـ12 من عمرهم... لماذا؟ لأنهم موهوبون. ولا تختفي هذه الموهبة إطلاقاً، وإنما المشكلة تبدأ عندما تبدأ الشكوك تساورهم إزاء قدراتهم. وبذلك، تتضرر أرواحهم وقدرتهم على الإبداع. ويفقدون عفويتهم الطفولية. قد سبق أن دفعني مارتن أونيل وكنت في الـ16 حينها للوقوف أمام زملائي الأكبر وإخبارهم أنه سيختارني ويفضلني عليهم. ولم أستوعب حينها ما الأمر البارع لهذه الدرجة الذي دفعه لاختياري. يا لها من مأساة! لقد تصرفت على طبيعتي فحسب. إلا أنه بمرور الوقت تسحقك الحياة، وتتوقف عن الثقة بغريزتك».
وثمة تجارب شخصية مر بها بروتون تشبه تلك التي ينصت إليها كل يوم. جدير بالذكر أن بروتون سجل هدفاً خلال أول مشاركة له في الفريق الأول لنوريتش سيتي وكان في الـ17، كما شارك في صفوف المنتخب الإنجليزي أقل من 20 عاماً إلى جوار أسماء لامعة مثل مايكل أوين وجيمي كاراغر وداني ميرفي. وقدم أداءً متألقاً دفع شركة «أديداس» لعقد اتفاق مربح للغاية معه للترويج لأحذيتها. ومع هذا، فإنه في غضون 18 شهراً انتقل على سبيل الإعارة لفريق يلعب في أحد الأدوار الدنيا من الدوري ودخل في حالة من التيه تنقّل خلالها عبر 22 نادياً.
وقال بروتون: «كنت نموذجاً كلاسيكياً للاعب ضل طريقه ما بين الـ18 والـ21، ليس لأنني لم أكن جيداً بما يكفي، ولكن لأني لم أعرف قط كيف أؤمن بنفسي. وكان المدربون ينظرون إلى مهاراتي، والتي جعلت مني قائداً بالفطرة قادراً على بث الرعب في لاعبي خط وسط الخصم، ويتحيرون كيف لم أصبح نجماً كبيراً. إلا أنني أُصبت بلعنة السعي الحثيث الخارج عن السيطرة نحو الفوز. وقد خلقت ضغوطاً هائلة على نفسي أغرقتني. وكنت أفرط في التفكير وفي التدريب وفي محاولة أن أكون مثالياً على نحو مبالغ فيه وخنقت في خضمّ ذلك كل الغرائز الطبيعية داخلي».
وأضاف: «من حين لآخر كنت أطفئ الضوضاء المشتعلة في رأسي. وبمجرد فعلي ذلك، كنت أظهر ومضات من التألق. وقد أبدى بورتسموث اهتمامه بي بينما كنت في ساوثيند في واحدة من تلك اللحظات. إلا أنه بمجرد أن بدأت أبلي بلاءً حسناً، عاود ذلك الصوت الخفي الظهور في رأسي من جديد وقال: بمقدورك الانتقال إلى هنا. لا تتخلَّ عن هذا الهدف الآن. أنت تفرّط في الراحة. عليك العمل. وبذلك كانت الدائرة الجهنمية تبدأ من جديد. وعاود كشافو النادي مشاهدتي من جديد بعد بضعة أسابيع، وفوجئوا بأن أدائي تراجع بشكل خطير. لقد أصبحت مجرد صورة باهتة من اللاعب الذي كنته من قبل».


مقالات ذات صلة

هدف جوتا ينقذ ليفربول من فخ فولهام... ونيوكاسل يضرب برباعية

رياضة عالمية إيساك لاعب نيوكاسل يحتفل بهدفه في ليستر سيتي (رويترز)

هدف جوتا ينقذ ليفربول من فخ فولهام... ونيوكاسل يضرب برباعية

أحرز ديوغو جوتا لاعب ليفربول هدف التعادل في اللحظات الأخيرة لينقذ فريقه، الذي أنهى المباراة بعشرة لاعبين، بالتعادل 2-2 في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية أموريم سيخوض أول ديربي مع اليونايتد في الدوري الإنجليزي (رويترز)

ديربي «مانشستر» اختبار حقيقي لأموريم مع الشياطين الحمر

يرغب البرتغالي روبن أموريم، المدير الفني لفريق مانشستر يونايتد الإنجليزي لكرة القدم، في أن يرى تحسناً وروحاً قتالية، من فريقه المتطور، الذي سيواجه مانشستر سيتي

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية إدارة مانشستر يونايتد وقعت في أخطاء استنزفت خزينة النادي (إ.ب.أ)

رحيل أشورث يشير إلى وجود مهزلة في مانشستر يونايتد بقيادة راتكليف

«لتجنب العفن»... هذا هو الوصف الذي استخدمه أحد المسؤولين التنفيذيين الأقوياء في مانشستر يونايتد للتعليق على رحيل دان أشورث. وأشار هذا المسؤول إلى أن رحيل

جيمي جاكسون (لندن)
رياضة عالمية ووكر فقد الكثير من مميزاته وعلى رأسها السرعة (أ.ف.ب)

مسيرة ووكر مع مانشستر سيتي تقترب من نهايتها

إن أصعب شيء يمكن أن يفعله لاعب كرة قدم محترف هو الاعتراف بأن مسيرته الكروية بدأت في التراجع وعلى وشك الانتهاء. لقد فعل غاري نيفيل ذلك في يوم رأس السنة الجديدة

بن ماكالير (لندن)
رياضة عالمية صلاح يتحسر على إحدى الفرص المهدرة أمام فولهام (أ.ف.ب)

«البريميرليغ»:هدف جوتا ينقذ ليفربول أمام فولهام... ونيوكاسل يضرب برباعية

أحرز ديوغو جوتا لاعب ليفربول هدف التعادل في اللحظات الأخيرة لينقذ فريقه، الذي أنهى المباراة بعشرة لاعبين، بالتعادل 2-2 في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».