إسرائيل تبحث مع روسيا استئناف التنسيق في سوريا

رئيس المخابرات العسكرية في تل أبيب: مصممون على إنهاء الوجود الإيراني

TT

إسرائيل تبحث مع روسيا استئناف التنسيق في سوريا

في الوقت الذي أعلن فيه رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، تمير هايمن، أن جيشه مصر على إنهاء الوجود الإيراني في سوريا ولبنان، غادر وفد رفيع من رفاقه في قيادة الجيش الإسرائيلي، مساء الثلاثاء، إلى موسكو، لالتقاء نظرائهم في قيادة الجيش الروسي، في محاولة لاستئناف التنسيق الأمني وإعادته إلى سابق عهده، وربما توسيعه إلى الأراضي اللبنانية، والتباحث معهم حول النفوذ الإيراني وأخطاره.
ويرأس الوفد الإسرائيلي رئيس شعبة العمليات، الجنرال أهارون حاليفا. وقال الجيش الإسرائيلي إن الوفد سيمكث مدة يوم واحد في موسكو، يلتقي خلاله مع كبار الضباط في الجيش الروسي، وذلك بهدف إطلاعهم على العملية العسكرية التي أطلق عليها «درع شمالي» وسيبحث مع الضباط الروس «مواضيع عملانية أخرى»، وذلك بعد اتفاق بين رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في محادثتهما الهاتفية الأخيرة قبل ثلاثة أيام.
وحسب مصادر عليمة، فإن الروس يطلبون من إسرائيل كشرط لاستئناف التنسيق الأمني بينهما في سوريا، أن تخفض إسرائيل غاراتها على سوريا إلى الحد الأدنى، وفقط في حال أمور خطيرة طارئة، وأن تبلغهم بالموعد قبل وقت معقول وليس دقائق وأن تحدد أهداف ضرباتها. بينما يطلب الإسرائيليون أن يتاح لهم حرية العمل وتوسيع التنسيق إلى الأراضي اللبنانية، التي تعتبر ساحة هامشية بالنسبة للروس حاليا. وكان نتنياهو كان أجرى السبت مكالمة هاتفية مع بوتين. وبحسب بيان صادر عن الكرملين، فإن بوتين شدد على ضرورة تطوير التنسيق الأمني بين إسرائيل وروسيا، وأيضا في ظل الوضع القائم في سوريا. كما أبلغ نتنياهو روسيا بتفاصيل «العملية العسكرية» على الحدود الشمالية. وكتبت سفيرة روسيا في إسرائيل في حسابها على «تويتر»، أن بوتين شدد على أهمية قرار مجلس الأمن 1701 الصادر في أعقاب الحرب الأخيرة على لبنان في عام 2006. وكتبت أن بوتين أكد مجددا ضرورة التعاون مع قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل) كما دعا إلى الحفاظ على الحدود المتفق عليها بين إسرائيل ولبنان.
واعتبر نتنياهو هذه المكالمة بالغة الأهمية؛ إذ اتفق مع بوتين على لقاء قريب بينهما، رغم أن الروس كانوا قد ماطلوا في هذا اللقاء تعبيرا عن غضبهم من التصرفات الإسرائيلية التي أدت إلى إسقاط طائرة روسية بنيران صديقة خاطئة من الجيش السوري.
وفي السياق، أدلى رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية العميد تمير هايمن، بتصريحات ذات دلالة، في أول اجتماع له مع لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست (البرلمان)، قال فيها إن «الحالة التي تعيشها المنطقة وما يطلق عليه اسم (الربيع العربي) على وشك الانتهاء، حيث ستحدث معها تغيرات قد تختزن فرصا (كبيرة)، إلى جانب المخاطر على كل الجبهات». واستعرض أمام اللجنة أهم التغيرات الاستراتيجية التي تشهدها المنطقة والتي وصفها بـ«عهد الضبابية» وعدم الوضوح وإعادة التشكل، وهو ما يشكل فرصة للعمل على حد تعبيره. وحول الجبهة الشمالية، عرض هايمن تفاصيل عملية «درع الشمال» التي تهدف إلى محاربة أنفاق «حزب الله»، مشدداً بذلك على أن «(حزب الله) يمتلك قدرات إطلاق نار منذ سنوات، لكنه لا يمتلك القدرة أو البنية التحتية لإنتاج صواريخ دقيقة».
وقال: «إسرائيل مصرة فيما يتعلق بسوريا على عدم السماح لإيران و(حزب الله) بالاقتراب من محيط هضبة الجولان». وأكد أن ثمن وجود إيران في سوريا وما تفعله هناك لا يحظى بإجماع كل القوى في إيران، وأن هناك خلافات في رأس الهرم حول هذا الموضوع، لذا يلاحظ توجها بعدم التقدم وتخفيف حجم القوات خاصة مع وجود الأزمة الاقتصادية الحادة التي تمر بها إيران منذ تجديد العقوبات من قبل الولايات المتحدة ضدها. وتابع هايمن: «احتمالات حرب في الجنوب أو الشمال ضئيلة، لكن احتمال ديناميكية تدهور تقود لحرب يرتفع، وأن قابلية تفجر الأوضاع عند الحدود الشمالية مرتفعة». وأضاف: «لدى (حزب الله) قدرات إطلاق نيران غير دقيقة منذ سنوات، لكن ليس بحوزته قدرة على تحويل وصنع أسلحة وصواريخ دقيقة».
وعلى صلة أيضا، نشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، البريغادير رونين منيليس، عصر أمس، اكتشاف نفق هجومي إرهابي ثالث يمتد من لبنان إلى إسرائيل. وقال إن مسار النفق تحت سيطرة جيشه وإنه تم تفخيخه بحيث يعرض من يحاول دخوله من الجانب اللبناني للخطر.
وأوضح الناطق العسكري أن مسار النفق في الأراضي الإسرائيلية لم يشكل تهديدا على حياة المواطنين. وفي أعقاب هذا الكشف، والتوقعات باكتشاف أنفاق أخرى، فإنه من المتوقع أن تتوسع عمليات الجيش الإسرائيلي على طول الحدود مع لبنان، وسط تقديرات بأن ثمة بضعة أسابيع أخرى لاكتشاف جميع الأنفاق التي حفرت في السنوات الأخيرة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».