مقتل 9 مدنيين بغارات للتحالف شرق سوريا

أنقرة طالبت واشنطن بالتخلّي عن نقاط المراقبة الحدودية

عنصر بقوات سوريا الديمقراطية يلقي قنبلة للتفتيش عن المزيد من المتفجرات في مدينة الرقة (أ.ب)
عنصر بقوات سوريا الديمقراطية يلقي قنبلة للتفتيش عن المزيد من المتفجرات في مدينة الرقة (أ.ب)
TT

مقتل 9 مدنيين بغارات للتحالف شرق سوريا

عنصر بقوات سوريا الديمقراطية يلقي قنبلة للتفتيش عن المزيد من المتفجرات في مدينة الرقة (أ.ب)
عنصر بقوات سوريا الديمقراطية يلقي قنبلة للتفتيش عن المزيد من المتفجرات في مدينة الرقة (أ.ب)

قتل تسعة مدنيين بينهم ستة أطفال أمس (الجمعة)، في شرق سوريا بغارات للتحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» الذي تقوده واشنطن، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وبدأ التحالف وقوات سوريا الديمقراطية في العاشر من سبتمبر (أيلول) هجوما لطرد المتطرفين من آخر معاقلهم في سوريا شرق الفرات، وتحديدا في محافظة دير الزور.
وقال المرصد: «لا تزال عمليات القصف المدفعي والصاروخي مستمرة من قبل التحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية على مناطق سيطرة تنظيم (داعش) في هجين والجيب الخاضع لسيطرة الأخير، عند الضفاف الشرقية لنهر الفرات»، لافتاً إلى أن القصف أسفر عن مقتل تسعة مدنيين بينهم ستة أطفال إضافة إلى متطرفين اثنين، وتعذر الاتصال بقوات التحالف لتأكيد هذه المعلومات.
وحققت قوات سوريا الديمقراطية في الأيام الأخيرة تقدما داخل قرية هجين.
وصباح أمس، قال المتحدث باسم التحالف شون راين إن «الخسائر التي تكبدها مقاتلو تنظيم داعش كبيرة جدا»، مضيفا أن «مقاتلين حاولوا الفرار نحو الحدود ومنها إلى العراق» لكن القوات العراقية منعتهم.
ويقدر التحالف عدد المتطرفين الذين لا يزالون على الأراضي السورية بألفين.
وأفادت «قوات سوريا الديمقراطية» أن أكثر من ألف مدني تمكنوا من الفرار من المنطقة في الأيام الأخيرة، وخصوصا أنها تتعرض لقصف «بوتيرة غير مسبوقة» وفق المرصد السوري.
ومنذ العاشر من سبتمبر، قتل 317 مدنيا بينهم 113 طفلا في المنطقة، فضلا عن 500 مقاتل في صفوف قوات سوريا الديمقراطية و837 متطرفاً، وفق المرصد.
ويقول التحالف إن عملياته العسكرية في العراق وسوريا منذ 2014 أسفرت عن مقتل أكثر من 1110 مدنيين «في شكل غير متعمد».
إلى ذلك، أعلنت تركيا أنها طلبت من الولايات المتحدة التخلّي عن نقاط المراقبة التي أقامتها في شمال سوريا قرب الحدود التركية لمنع حصول أي مواجهة بين الجيش التركي ومقاتلين أكراد مدعومين من واشنطن.
وقالت وزارة الدفاع التركية في بيان إنّ وزير الدفاع خلوصي أكار سلّم هذا الطلب للممثّل الخاص للولايات المتحدة بشأن النزاع السوري جيمس جيفري خلال اجتماع في أنقرة.
وكان أكار انتقد بحدّة في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) إقامة الولايات المتحدة نقاط مراقبة في شمال سوريا بهدف منع أي مواجهة بين الجيش التركي و«وحدات حماية الشعب» الكردية التي تعتبر العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية.
ويومها قال أكار: «أؤيّد الرأي القائل إنّ هذه التدابير ستزيد من تعقيد وضع معقّد أصلاً (...) لقد أبلغنا نظراءنا الأميركيين باستيائنا مرّات عدة»، موضحاً أنّه بحث هذه المسألة مؤخّراً مع رئيس الأركان الأميركي جو دانفورد.
وبحسب واشنطن فإن الهدف من إقامة هذه النقاط هو التأكد من أن قوات سوريا الديمقراطية (تحالف فصائل كردية وعربية تدعمه واشنطن) «لن تنسحب من المعركة» ضد تنظيم داعش و«لنتمكن من سحق ما تبقى منهم».
لكن تركيا تعتبر وحدات حماية الشعب تنظيماً إرهابياً على غرار حزب العمال الكردستاني الذي تقول أنقرة إن الوحدات فصيل تابع له.
وأمس، دعا أكار مجدّداً الولايات المتحدة إلى وضع حد لتعاونها مع «وحدات حماية الشعب»، مشدّداً على أنّ بلاده لن تقبل بإقامة «ممر إرهابي» على حدودها.
وزار جيفري أنقرة للمشاركة في اجتماع عمل تركي - أميركي حول سوريا اتفق خلاله الطرفان على أن يتم «بحلول نهاية العام» تنفيذ خارطة الطريق حول منبج، المنطقة الواقعة في شمال سوريا والخاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب والتي ينتشر فيها جنود أميركيون.
وأقرّت خريطة الطريق هذه في مايو (أيار) وتنصّ خصوصاً على تسيير دوريات مشتركة بدأت فعلاً في نوفمبر.
وخلال وجوده في أنقرة التقى الموفد الأميركي المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين الذي بحث وإياه، بحسب وكالة أنباء الأناضول الحكومية، إمكان التعاون بين البلدين لتعميم نموذج منبج على مناطق سورية أخرى تقع شرق الفرات حيث تهدد تركيا على الدوام بشنّ هجوم جديد على وحدات حماية الشعب.
وكانت قوات سوريا الديمقراطية أعلنت في 11 نوفمبر استئناف عملياتها العسكرية ضد تنظيم داعش في شرق البلاد بعد عشرة أيام من تعليقها رداً على القصف التركي لمناطق سيطرة الأكراد شمالاً.
وأربك العنف الولايات المتحدة الشريكة الأساسية لقوات سوريا الديمقراطية.
ومنذ نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، طغى التوتر على الأجواء في شمال سوريا مع بدء القوات التركية استهداف مناطق سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية، وتهديد أنقرة بشن هجوم واسع عليها. وسعى التحالف الدولي طوال تلك الفترة إلى خفض التوتر عبر التواصل مع الطرفين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».