نفى المتحدث باسم الحكومة اليمنية الشرعية راجح بادي، وجود أي توجه جاد لدى الجماعة الحوثية من أجل تحقيق السلام، رغم موافقة الجماعة أخيرا على الذهاب إلى مشاورات السويد التي ترعاها الأمم المتحدة بدعم دولي.
وقال بادي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» «مستندا في حديثه إلى تاريخ المراوغات الحوثية خلال حروبها ضد الشعب اليمني» لا يوجد ما يشير إلى أي جدية لدى الحوثيين للانخراط في عملية السلام. ووصف خطوة الجماعة بالذهاب إلى السويد بأنه ينصب في سياق «نفس التكتيك والأسلوب الإيراني في المشاورات» متوقعا أن العالم سيكتشف الخديعة الحوثية بعد أن تنفض المشاورات في السويد دون إحراز أي تقدم.
وأشار في معرض حديثه عن مراوغات الجماعة، إلى أن «هذا هو أسلوبها»، منذ «بدأت هذه الحركة الإرهابية المسلحة أولى حروبها ضد الدولة في 20004 وحتى اليوم».
وتابع المتحدث باسم الحكومة اليمنية حديثه بالقول: «أيام قليلة وتنتهي مشاورات استوكهولم وسيكتشف العالم الخدعة الحوثية التي ستضاف لسجل الخدع السابقة».
وكانت الجماعة الموالية لإيران أفشلت أكثر من جولة سابقة للتفاوض مع الحكومة الشرعية، وهي ذات النتيجة التي يتوقع الوصول إليها الكثير من المسؤولين اليمنيين والناشطين من خلال المشاورات التي تستضيفها السويد. ويرى الكثير من المراقبين أن معظم الملفات المطروحة على طاولة المشاورات والمتعلقة ببناء الثقة، ليست هي جوهر المعضلة اليمنية التي تتمثل في انقلاب الجماعة الحوثية على الشرعية بقوة السلاح ورفضها الانصياع لقرارات المجتمع الدولي بما فيها قرار مجلس الأمن 2216.
من جهته يؤكد وكيل وزارة الإعلام اليمنية عبد الباسط القاعدي، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سقف توقعاته بخصوص مشاورات السويد، «يكاد أن يلامس القاع». ويبرر القاعدي عدم تفاؤله بقوله «الحوثي لا يمكن أن يلتزم بالقرارات الدولية وفِي مقدمتها القرار 2216 إذ أنه يعتبر أن هدفه من مشاورات السويد قد تحقق جزئيا بإخراج الجرحى».
ويرجح الوكيل القاعدي أن وفد الميليشيات الموجود في السويد «يحاول (حاليا) أن يميع قضية الحديدة ومينائها والحصول على مكاسب أخرى خارج المرجعيات الثلاث وهو ما يجعل من سقف التوقعات متدنيا جدا». ويوافق القاعدي في ذلك الباحث السياسي اليمني الدكتور فارس البيل، إذ يقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط» «الجماعة التي تذهب إلى طاولة تفاوض وهي تعيد ترتيباتها العسكرية في الحديدة ومناطق أخرى، وتتمنطق بكثير من الحجج الهامشية، وتستظل بكثير من التراخي الدولي؛ بالتأكيد ليست ذاهبة للتسليم، أو للسلام الحقيقي الذي تعرف أنها عندما تجنح له ستفقد كل مميزاتها وهيمنتها والفترة الذهبية التي أثرت منها».
ويعتقد الدكتور البيل أن الجماعة «ذاهبة إلى السويد تحت وقع المجاراة للمزاج الدولي وألاعيب السياسة، لتحصل على ما لم تحصل عليه في الأرض، وإذا ما ضاقت عليها طاولة الحوار فإن تراجعها - بحسب قوله - إلى الاشتغال المليشاوي والسلوك التدميري لا يضرها».
ويرى الباحث البيل أنه «لا يوجد ما تخسره ميليشيات الحوثي إلا إن ذهبت لسلام حقيقي، أما عداه فهي ليست مسؤولة عن شيء ولا قيم لديها ولا موازين تحكمها لا لشعب ولا كارثة إنسانية ولا لشرائع دولية ولا لقيم سياسية».
وفي السياق ذاته يعتقد السفير اليمني في الأردن، علي أحمد العمراني، أنه لا جديد يمكن أن ينتج عن مشاورات جنيف على صعيد «تحقيق سلام مستدام طرفه الحوثيون».
ويقول العمراني في مقال تابعته «الشرق الأوسط» على صفحته في «فيسبوك» أمس «لا جديد في شأن تحقيق سلام مستدام طرفه الحوثيون، قد يتحقق شيء في مجال تبادل الأسرى والمختطفين والمخفيين ومن في حكمهم، وهذا يحدث كثيرا مع الحوثيين منذ حربهم الأولى 2004. وغالبا دون تدخلات أو توسطات خارجية».
ولا يقلل السفير العمراني من أهمية تبادل الأسرى والمختطفين، «لما له من أثر إيجابي على الذين سيطلق سراحهم، وعلى أسرهم» بحسب قوله، لكنه يؤكد أن التجارب السابقة مع الميليشيات الحوثية لا تبعث على التفاؤل.
ويضيف: «الحوثيون يخوضون الحرب منذ أكثر من أربعة عشر عاما وهم على وشك دخول السنة الخامسة عشرة وهم لم يذعنوا للسلام، عندما كانوا ما يزالون قلة في مناطق معزولة في صعدة ومران، أما وقد استولوا على صنعاء، وتوسعوا في كل اتجاه بالعنف والقوة، وسيطروا على سلاح الدولة ومؤسساتها والكثير من مقدراتها (...) فإن جنوحهم للسلم بشروطه العادلة لجميع اليمنيين، ما يزال أمرا مستبعدا وبعيدا».
ويجزم السفير العمراني أن مشاورات السويد، «لن تحقق الشيء الكثير، سوى أن يعرف، من لم يعرف، حقيقة الحوثيين، أكثر، وقد تسنى لكثيرين معرفة الشيء الكثير عن الحوثيين في المشاورات السابقة الطويلة في الكويت، وقد تبين أنهم مراوغون ومتعجرفون وغير جادين لتحقيق سلام حقيقي، وهذا ما أكده دبلوماسيون أجانب كانوا قريبين من مشاورات الكويت». بحسب قوله.
ويؤكد السفير اليمني أن الحوثي «لن يجنح للسلام وسيضيع كل الفرص من خلال سياسة القفز للأمام وسيقاتل حتى آخر مترس وفق استراتيجية الصمود أكثر وقت ممكن ومضاعفة الكلفة الإنسانية وباعتقاده أن الجميع في نهاية المطاف سيضطر للجلوس معه والقبول بشروطه».
وفي الاتجاه نفسه أكد الناشط الحقوقي اليمني همدان العليي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية دأبت منذ حربها الأولى في 2004 على المراوغات واستغلال المشاورات والحوارات لكسب الوقت والتمدد ميدانيا.
وكشف العليي أن الميليشيات تحاول استغلال الوقت الممنوح لها خلال هذه المشاورات من أجل تغيير الديموغرافيا السكانية وتبديل البنية الفكرية للمجتمع الخاضع لها بأفكارها الطائفية والزج بأبناء المجتمع إلى الجبهات.
ويعتقد العليي أن ذهاب الميليشيات إلى المشاورات تلو المشاورات يهدف بدرجة أساسية لتحقيق هدفين، الأول الاستفادة من الوقت لحوثنة المجتمع وصبغه بأفكارها الطائفية، والثاني هو محاولة شرعنة وجودها الانقلابي عبر انتزاع أي اتفاق مع وفد الشرعية، مرجحا في الوقت ذاته استحالة موافقة الجماعة على تسليم السلاح والانسحاب من المدن، وهو الأمر الذي سيدفعهم كما يتوقع في النهاية إلى إفشال المشاورات.
تاريخ المراوغات الحوثية يخفض سقف التوقعات من مشاورات السويد
راجح بادي لـ«الشرق الأوسط»: «الجماعة الإرهابية» غير جادة في عملية السلام
تاريخ المراوغات الحوثية يخفض سقف التوقعات من مشاورات السويد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة