في مسعى منها لوقف الاحتجاجات التي تندلع من وقت لآخر في تسعة حقول نفطية، طالبت المؤسسة الوطنية للنفط، وزارة المالية، بزيادة ميزانية التشغيل الرسمية للعام المقبل، بهدف رفع أجور العاملين بنسبة 67 في المائة لجميع العاملين في قطاع النفط والغاز، وفقا لقرار سابق اتخذته الحكومة المؤقتة في شرق البلاد عام 2013.
ورحبت المؤسسة الوطنية في بيان أمس، بالقرار الصادر عن ديوان المحاسبة الليبي، بسحب اعتراضه عن صرف رواتب عمال قطاع النفط والغاز، لشهري أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين، مشيرة إلى أن هذه الاستجابة تأتي في أعقاب المراسلات التي وجهتها المؤسسة خلال تلك الفترة إلى وزارة المالية بصفتها المسؤولة عن دفع رواتب موظفي القطاع العام.
واندلعت احتجاجات واسعة في تسعة حقول نفطية، وبعض الموانئ، ونظم العاملون فيها احتجاجات للمطالبة بزيادة رواتبهم، وفقاً للنسبة التي سبق للحكومة المؤقتة التي يترأسها عبد الله الثني، بإقرارها. وعلى مدار الأشهر الماضية طالب عمال النفط في ميناء الزويتينة من خلال خطاب رسمية أرسلوه لإدارة المؤسسة الوطنية، بضرورة التأمين الصحي عليهم، وزيادة رواتبهم.
وقالت المؤسسة، إنها وافقت على تغطية طبية لجميع العاملين العام الماضي، وأصدرت تعليمات إلى شركاتها التابعة بالسير قدما في هذه السياسة، بعد أن أوقف مكتب المحاسبات التأمين الصحي في عام 2015.
ودائماً تبدي المؤسسة الوطنية، استجابة لمطالب العاملين الغاضبين من الأوضاع المالية المتردية، وهو ما يدفعهم في كل مرة إلى تعليق إضرابهم ووقف احتجاجاتهم، ومنح المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج، ومؤسساته المالية فرصة حتى نهاية العام الجاري، لاتخاذ قرار بشأن صرف الزيادات المتأخرة لقطاع النفط عبر الميزانية العامة للعام المقبل.
واشتكى أحد موظفي حقل الشرارة النفطي، الواقع في صحراء الجنوب الليبي، من تعرضهم لما سماه «الظلم»، وقال لـ«الشرق الأوسط» «نحن نذهب إلى العمل يومياً في أجواء صعبة وبالغة الخطورة، كي لا يتعطل العمل في الحقل»، متابعاً: «لكن لم نجد التقدير المادي من المسؤولين في القطاع، في الوقت الذي قد نتعرض للخطف، أو السرقة من المجموعات المسلحة، أو مرتزقة أفارقة».
وأضاف الموظف، الذي رفض ذكر اسمه، أن «المرتبات قليلة، ولا نتقاضاها في موعدها... دائما تتأخر ولدينا أُسر»، لافتاً إلى أن «بعض العمال أماكن إقامتهم في المنشآت النفطية سيئة جداً، ويتعرضون للإعياء».
ويتقاضى العاملون في قطاع النفط، الذين يبلغ عددهم قرابة 50 ألف موظف حكومي، ما بين 800 دينار، وثلاثة آلاف دينار شهرياً، وهو ما يزيد عن متوسط راتب الموظف الحكومي. وأفاد تقرير سابق لديوان المحاسبة أن ليبيا أنفقت على بند مرتبات الوظائف الحكومية 139.23 مليار دينار خلال الست سنوات الماضية... علما بأن الدولار يساوي نحو 4.88 دينار.
ونقلت وكالة «رويترز» عن خبير في قطاع النفط، أن جزءاً من العمل الفني اللازم للإبقاء على تشغيل حقول النفط والغاز أنجزه شركاء أجانب للمؤسسة الوطنية للنفط وشركات متخصصة في خدمات الحقول، لكن هناك حاجة لإرضاء العاملين بالمؤسسة الوطنية للنفط لأنهم يشكلون القدر الأكبر من القوة العاملة في القطاع، ويقومون بإدارة موانئ لتصدير النفط، وكثيراً ما يعملون وحدهم في حقول نائية حيث يجعل سوء الأوضاع الأمنية شركات النفط الكبرى تتوخى الحذر في إرسال موظفيها.
واقترب إنتاج ليبيا مؤخراً من النفط 1.3 مليون برميل يومياً، لكنه سرعان ما يهبط دون المليون برميل، بسبب اندلاع اشتباكات قرب حقول البترول، أو الهجوم عليها من إرهابيين، ومواطنين عاديين. وينظر للنفط على أنه «القوت الوحيد» للمواطنين، وتعتمد البلاد بشكل كامل على إيراداته في تمويل أكثر من 95 في المائة من الخزانة العامة للدولة.
وقال مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، في بيان أمس: «لقد حقق موظفونا إنجازات مذهلة خلال العام المنصرم بفضل تضحياتهم وعزيمتهم، رغم التحديات الوطنية المستمرة»، مستكملاً: «نجحنا في تحقيق أعلى مستوى للإيرادات منذ خمس سنوات. لذلك فإنه من غير المقبول إطلاقاً أن يواجه موظفونا مثل هذا التأخير، وأنا أدعو وزارة المالية وديوان المحاسبة إلى صرف مرتباتهم على الفور».
ولم تقتصر الأطماع في النفط الليبي، على المجموعات المسلحة التي تستولي عليه بقوة السلاح، وتبيعه إلى السفن العابرة في البحر المتوسط، بل يمتد إلى مطالبات بعض القبائل والمناطق بـ«حقهم في إيرادات هذه الثروة» لكونها واقعة في محيط بلداتهم.
وقال علي الدوفلي، وهو موظف بجهاز محلي في مدينة سبها (جنوب البلاد)، إن مدن وبلدات الجنوب «تعاني الفقر والبطالة، وأكثر من ثلث النفط الليبي ينبع من أراضينا»، مضيفاً في حديث إلى «الشرق الأوسط» «نحن نشتري لتر البنزين المدعوم، بأكثر بـ5 دنانير من السوق السوداء، في حين يباع في طرابلس، ومدن أخرى، بدينار ونصف الدينار».
ورأى الدوفلي، أن شباب الجنوب «يدفعون الثمن، وهم يحمون حقول النفط، من أطماع الإرهابيين واللصوص، غير أن السلطات، لا ترى ذلك، وتستمر في تمويل الميلشيات المسلحة».
كانت ليبيا تنتج قبل عام 2011 قرابة 1.6 مليون برميل يومياً. وبعد أكثر من 7 أعوام من إسقاط النظام السابق، يظل البلد العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في خضم صراع بين حكومتين متنافستين ومجموعات مسلحة، لكن المؤسسة الوطنية للنفط تسعى للنهوض بهذه القطاع، من خلال صيانة وتشغيل ما يتم تدميره من بنية تحتية بفعل الاشتباكات والعمليات الإرهابية التي تستهدف حقول النفط.
«الوطنية للنفط» الليبية تواجه الاحتجاجات العمالية بطلب زيادة ميزانية التشغيل
تشمل رفع في الأجور بنسبة 67 %
«الوطنية للنفط» الليبية تواجه الاحتجاجات العمالية بطلب زيادة ميزانية التشغيل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة