بعد أشهر قليلة من تولي المدير الفني الإسباني أوناي إيمري قيادة «المدفعجية» خلفا للفرنسي آرسين فينغر، بات من الواضح أن الإرث الذي تركه المدير الفني الفرنسي كان له تأثير كبير على أداء ونتائج الفريق في الوقت الحالي، رغم الانتقادات اللاذعة التي طالت فينغر في السنوات الأخيرة له مع الفريق.
ويمكن القول بإن نتائج آرسنال خلال الموسم الحالي تبدو مشجعة للغاية. وإذا كان الأداء أمام توتنهام هوتسبير في ديربي شمال لندن في المباراة التي انتهت بفوز آرسنال بأربعة أهداف مقابل هدفين هو الأفضل للمدفعجية على ملعب الإمارات تحت قيادة إيمري، فإن مباراة آرسنال أمام مانشستر يونايتد على ملعب «أولد ترافورد» الأربعاء الماضي، والتي انتهت بالتعادل الإيجابي بهدفين لكل فريق، ربما كانت بمثابة الاختبار الأصعب للمدير الفني الإسباني، لا سيما أن آرسنال لم يتذوق طعم الفوز على مانشستر يونايتد في ملعب «أولد ترافورد» بالدوري الإنجليزي الممتاز منذ عام 2006.
وقد كانت هذه المباراة هي الخطوة التالية ضمن عدد من المباريات الصعبة والقوية، نظرا لأنه منذ مباراة آرسنال أمام توتنهام هوتسبير يوم الأحد الماضي فإن الفريق سيلعب 11 مباراة قوية للغاية في الدوري الإنجليزي الممتاز حتى شهر فبراير (شباط) القادم، وكانت خمس من هذه المباريات أمام توتنهام هوتسبير على ملعب الإمارات ومانشستر يونايتد على ملعب «أولد ترافورد» وليفربول على ملعب «آنفيلد» وتشيلسي على ملعب الإمارات، ثم مانشستر سيتي على ملعب الأخير.
وكانت مواجهة مانشستر يونايتد في معقله في «أولد ترافورد» بمثابة تحد كبير في إطار هذا السياق، نظرا لأن آرسنال كان يُنظر إليه على أنه الطرف الأضعف في هذه المواجهة خلال السنوات الأخيرة لفينغر مع المدفعجية، لكن الآن حدث تطور لافت للغاية في مستوى الفريقين وكان آرسنال للمرة الأولى خلال عقد من الزمان هو الفريق الأقوى في تلك المواجهة.
وفي الحقيقة، يبدو أنه لم يعد هناك شيء مثير للاهتمام في الفريق الحالي لمانشستر يونايتد سوى التوقيت المنتظر لإقالة مديره الفني البرتغالي جوزيه مورينيو! وقد دخل مانشستر يونايتد في هذه الدوامة من عدم الاستقرار في المستوى والنتائج منذ رحيل مديره الفني الأسطوري السير أليكس فيرغسون. وفي الواقع، يجب التأكيد على أن فينغر قد ترك آرسنال في مستوى أفضل مما كان يتمنى الكثيرون. وإنه لخطأ جسيم أن يتصور البعض أن الأداء القوي الذي يقدمه آرسنال في الوقت الحالي تحت قيادة إيمري يعد دليلا على فشل فينغر خلال السنوات الأخيرة له مع الفريق، لكن العكس هو الصحيح تماما، لأن فينغر ترك المقومات التي تُمكن أي مدير فني يأتي من بعده من أن يحقق نتائج إيجابية.
ورغم أنه من الصعب فهم حالة الهوس التي كانت تسيطر على فينغر فيما يتعلق بالحد من النفقات المخصصة للتعاقد مع لاعبين جدد، وهو الأمر الذي أدى إلى رحيله عن الفريق في نهاية المطاف، فإنه يجب الاعتراف بأن ما فعله المدير الفني الفرنسي ربما كان مثاليا لأي مدير فني يأتي من بعده. وإذا كان من السهل على إيمري الآن أن يطلق العنان للاعبيه ويقدم المستوى الرائع الذي يقدمه الآن ويلعب 20 مباراة من دون أي خسارة، بمساعدة بعض الحظ بالطبع، فمن المؤكد أن جزءا كبيرا من هذا النجاح يعود إلى بيئة العمل الرائعة التي ورثها من فينغر، الذي رحل عن النادي بعدما كون فريقا قويا يضم عددا كبيرا من اللاعبين الجيدين، وترك من خلفه ملعبا رائعا يحقق أرباحا للنادي، وملعب تدريب ممتازا، وسياسة سليمة فيما يتعلق بالتعاقد مع اللاعبين الجدد، فضلا عن روح الفريق الجيدة والبعد عن الأنانية وحب الذات.
وعلاوة على ذلك، فإن فينغر لم يترك قيودا تعيق المدير الفني الجديد ولم يضع عليه المزيد من الضغوط من خلال الظهور في المدرجات، لكنه اكتفى بالابتعاد من أجل الراحة والاستعداد لمواصلة مسيرته في مكان جديد. ويجب الإشارة إلى أن فينغر هو من منح 10 لاعبين من الـ13 لاعبا الذين فازوا على توتنهام هوتسبير يوم الأحد الماضي فرصة اللعب مع الفريق الأول. وعلاوة على ذلك، كان فينغر هو من تعاقد مع الهداف الحالي للدوري الإنجليزي الممتاز، بيير إيمري أوباميانغ، الذي كانت تحركاته في تلك المباراة أفضل بكثير من مهاجم توتنهام هوتسبير، هاري كين، بمستواه الحالي.
وبالإضافة إلى ذلك، ترك فينغر عددا من المدافعين الرائعين بالفريق، فضلا عن معدل أعمار مختلف وجيد للاعبين، كما ترك عمقا كبيرا في خط الوسط، وهو الأمر الذي سمح لإيمري بأن يستغني عن لاعب بقدرات وإمكانيات مسعود أوزيل. وعندما جدد أوزيل عقده مع آرسنال، أشار فينغر إلى أن هذه هي «أرخص طريقة للحصول على خدمات لاعب بقدرات أوزيل في النادي». لكن يبدو أن إيمري قد اختار مسارا مختلفا في هذا الشأن وفضل عدم الاعتماد على أوزيل من الأساس.
ولكي نعطي إيمري حقه في هذا الإطار فمن الإنصاف أن نشيد برؤيته فيما يتعلق بضرورة وجود «حماية دفاعية» للفريق، والتي ربما تتمثل الآن في محور الارتكاز لوكاس توريرا، الذي يمتلك قدرات وإمكانيات تختلف عن اللاعبين الذين كان يعتمد عليهم فينغر في هذا المركز، مثل محمد النني وفرانسيس كوكلين. وقد تلقى إيمري دعما في هذا الأمر من سفين ميسلينتات، الذي عُين رئيسا لشؤون التعاقدات بالنادي، وهو الأمر الذي أغضب فينغر في بعض الأوقات، لكن الشيء المؤكد هو أن ميسلينتات يمتلك خبرات هائلة فيما يتعلق باكتشاف المواهب التي تناسب الفريق، وبالتالي فإن وجوده يمثل نقطة قوة كبيرة للغاية بالنسبة لنادي آرسنال، على النقيض تماما فيما يتعلق بالدور الذي يقوم به إيد وودوارد مع مانشستر يونايتد.
ورغم أنه من المبكر للغاية الحكم على تجربة أوناي إيمري مع آرسنال، فمن الواضح أن النادي قد تجنب حالة عدم الاتزان التي مر بها مانشستر يونايتد في مرحلة ما بعد فيرغسون، والتي لا يزال يعاني من تبعاتها حتى الآن. ورغم أنه كان من الممكن أن يفوز مانشستر يونايتد على آرسنال يوم الأربعاء الماضي، فإن الشيء المؤكد والواضح للعيان يتمثل في أن آرسنال قد استعاد توازنه وأصبح يقدم أداء رائعا ويحقق نتائج جيدة للغاية. ومن المؤكد أيضا أن هذه الطفرة ما زالت تحمل «بصمات» المدير الفني الفرنسي السابق، الذي قاد النادي لسنوات طويلة وأدى رحيله إلى ميلاد أمل جديد في النادي وليس إلى حالة من الارتباك وعدم الاتزان، كما نرى في مانشستر يونايتد الآن.
إيمري مدين بالكثير لفينغر في نتائج آرسنال الحالية
رغم انتقادات لاذعة طالت المدرب الفرنسي في السنوات الأخيرة له مع «المدفعجية»
إيمري مدين بالكثير لفينغر في نتائج آرسنال الحالية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة