موسكو تصعد ضد واشنطن وتسعى لحشد تأييد دولي لموقفها

اتهمتها بـ«تفعيل خطة تقسيم» سوريا و«تسهيل» تهريب النفط إلى بلدان مجاورة

رئيس الأركان الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف.
رئيس الأركان الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف.
TT

موسكو تصعد ضد واشنطن وتسعى لحشد تأييد دولي لموقفها

رئيس الأركان الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف.
رئيس الأركان الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف.

وسعت موسكو لائحة اتهاماتها ضد واشنطن، فيما بدا أنها حملة منظمة تشنها على المستويين العسكري والدبلوماسي، تهدف إلى مواجهة التحركات الأميركية في منطقة شرق الفرات، ومحاولة إقناع بلدان أخرى بتأييد مواقفها، وهو ما برز من خلال تنظيم وزارة الدفاع الروسية أمس، عرضاً واسعاً للتطورات في سوريا، دعي إليه الملحقون العسكريون الأجانب، وممثلو البعثات الدبلوماسية.
وبعد مرور واحد على تعليقات قوية صدرت من الكرملين، حملت إدانة لـ«خطط إقامة كيانات بديلة في شمال سوريا» انضمت وزارتا الدفاع والخارجية الروسيتان إلى الحملة، من خلال عرض ما وصفته موسكو بأنه «وقائع ومعطيات تعكس حقيقة ما يجري على الأرض السورية»، وفقاً لرئيس الأركان الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف. في حين وصفت الخارجية التحركات الأميركية في سوريا بأنها «أنشطة مشبوهة».
وكان لافتاً أن موسكو تجاهلت لليوم الثاني على التوالي تصريحات المبعوث الأميركي إلى سوريا جيمس جيفري، حول التوجه إلى إنهاء مساري آستانة وسوتشي، إذا فشلت جهود تشكيل اللجنة الدستورية قبل حلول منتصف الشهر الجاري. وزاد أن واشنطن قد تستخدم آليات جربتها في العراق، في إشارة إلى احتمال فرض مناطق حظر جوي في الشمال. ولم يصدر تعليق روسي بشكل مباشر على التلويح الأميركي؛ لكن محللين رأوا أن تصاعد لهجة الاتهامات الروسية يهدف إلى مواجهة لجوء محتمل لواشنطن إلى مجلس الأمن، وحرمان واشنطن من دعم دولي لتحركاتها.
واتهم غيراسيموف الولايات المتحدة بمحاولة إنشاء كيان كردي مستقل عن دمشق شمال سوريا. وقال للملحقين العسكريين الأجانب، إن «الوضع شرقي الفرات يتأزم بشكل حاد، وتحاول الولايات المتحدة المراهنة على الأكراد السوريين لإنشاء كيان شبيه بدولة، مستقل عن دمشق شمال البلاد، ونشطت تحركاتها لتشكيل حكومة ما يسمى فدرالية شمال سوريا الديمقراطية».
وذكر أن «الأميركيين عبر دعم التوجهات الانفصالية للأكراد بالآليات العسكرية، يسمحون لهم بمضايقة القبائل العربية».
وجدد غيراسيموف اتهامات لواشنطن بالتغاضي عن نشاط الإرهابيين في مناطق نفوذها، بهدف استخدامهم في تحقيق أهدافها السياسية، موضحا أن «مسلحي (داعش) موجودون في شرق الفرات فقط، في المناطق الخاضعة لسيطرة الولايات المتحدة، وفي ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي انتهت العملية النشطة للقضاء على العصابات في سوريا. وفي الوقت الحالي يوجد مسلحو (داعش) في شرق الفرات فقط، في المناطق الخاضعة لسيطرة الولايات المتحدة، في حين تتركز بقايا الجماعات المسلحة بقيادة (جبهة النصرة) داخل منطقة وقف التصعيد في إدلب».
وأكد أن «الخلايا النائمة» لتنظيم داعش بدأت في النشاط وتوسيع مناطق نفوذها شرق الفرات، مشيراً إلى أنه «في غرب سوريا كانت هناك مجموعات متفرقة من المسلحين، كما كانت هناك خلايا نائمة لـ(داعش)، إلا أن القوات السورية، والأجهزة الأمنية، تمكنت من تصفيتها والسيطرة على الوضع بشكل كامل». منتقداً «عدم اتخاذ تدابير مماثلة في شرق البلاد». وزاد أن «التحالف بقيادة الولايات المتحدة و(قوات سوريا الديمقراطية) التابعة له، غير قادرين على إحكام السيطرة على تشكيلات (داعش) في بلدة هجين».
وقال غيراسيموف إن النشاط الأميركي يتخذ «منحى تخريبياً» ليس في الشمال وحده؛ مشيراً إلى أن روسيا عرضت على الولايات المتحدة إزالة القاعدة في التنف، وفرض سيطرة مشتركة هناك؛ لكن الولايات المتحدة «لم تستجب لعرضنا».
وأوضح: «من جانبنا، اقترحنا القضاء على المنطقة وفرض سيطرة روسية أميركية مشتركة على المعبر الحدودي؛ لكن الشركاء الأميركيين تركوا مقترحاتنا من دون إجابة». علماً بأن هذا الملف نوقش عدة مرات خلال الشهرين الأخيرين، على مستوى خبراء عسكريين من الولايات المتحدة وروسيا والأردن، الذي أبدى مخاوف من استمرار الوضع القلق في منطقة التنف ومخيم الركبان للاجئين.
وفيما بدا أنه حصيلة لنتائج العمليات العسكرية في 2018، عرضت أمام الدبلوماسيين الأجانب، قال المسؤول العسكري: «خلال هذا العام، نجحت القوات الحكومية السورية، التي حصلت على خبرة قتالية كبيرة تحت قيادة المستشارين العسكريين الروس، في إجراء عمليات للسيطرة على مناطق خفض التصعيد في الغوطة الشرقية والجنوبية وحمص. في الوقت نفسه، تم القضاء على أكثر من 23 ألف مسلح، وتحرير 387 حياً سكنياً من أيدي المتطرفين». وأضاف أن هذه «النجاحات» قوبلت بعراقيل من جانب الغرب الذي «عطل طويلاً إجراء عملية إنسانية خلال المرحلة الأخيرة من تحرير ريف دمشق من الإرهابيين».
ولم يفوت غيراسيموف فرصة شن حملة جديدة ضد منظمة «الخوذ البيضاء»، التي وصفها بـ«منظمة إنسانية زائفة»، وقال إنها صورت في أبريل (نيسان) الماضي مشاهد عن «استعمال القوات الحكومية للأسلحة الكيمياوية في دوما»، ما أدى إلى استفزاز واشنطن وحلفائها لشن ضربة ضد سوريا، مضيفاً: «تم استعمال 105 صواريخ مجنحة. القوات السورية استطاعت صد الهجمات الصاروخية بنجاح».
وفي توسيع للائحة الاتهامات ضد واشنطن، قال رئيس الأركان إن الاستخبارات الروسية رصدت بشكل دوري دخول قافلات نفط من شرق سوريا إلى أراضي تركيا والعراق، ورأى أن واشنطن تتغاضى عن عمليات واسعة لنقل النفط السوري إلى البلدين المجاورين. وأوضح أن «وسائل الاستطلاع الروسية سجلت مرور قوافل تنقل النفط، قادمة من المناطق الشرقية من سوريا، التي يسيطر عليها التحالف، متوجهة إلى أراضي تركيا والعراق. في الوقت نفسه، الأموال الآتية من بيع المنتجات النفطية، تذهب إلى تمويل إرهابيي (داعش)».
بالتزامن، اتهمت الخارجية الروسية بدورها الأميركيين بـ«تفعيل خطط لتقسيم سوريا» وقالت الناطقة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا، إن «الوجود غير القانوني للقوات الأميركية في سوريا يهدف إلى تقسيم دولة ذات سيادة».
وزادت أنه لا يمكن وصف «الأنشطة المشبوهة» التي يقوم بها التحالف بقيادة الولايات المتحدة في سوريا، إلا بأنها تدعو لقلق متزايد.
وربطت بدورها بين التحركات الأميركية في الشمال، وما وصفته بأنه «احتلال أميركي» لمناطق في الجنوب السوري، مشيرة إلى أن «واشنطن تحتل بشكل غير شرعي منطقة مساحتها 55 كيلومتراً حول قاعدة التنف؛ حيث يتصرف الأميركيون هناك وكأنهم أصحابها». وزادت أنه «من وجهة نظر أوسع، نرى أن هدف الوجود الأميركي غير الشرعي بات واضحاً، وهو يتمثل في محاولة اللعب بالورقة الكردية، والسعي نحو تقسيم سوريا، بغض النظر عن التصريحات الرسمية التي تزعم الالتزام بوحدة أراضي سوريا».
وكانت زاخاروفا اتهمت واشنطن بالسعي إلى تقويض جهود التسوية السياسية في سوريا. وقالت إن الولايات المتحدة «لا تبدي اهتماماً بالجهود الرامية إلى تسوية سلمية في هذا البلد».
ورأت أنه «يبدو أن الشركاء الأميركيين لديهم وجهات نظرهم الخاصة حول سوريا، وهم قليلو الاهتمام بإنجاح جهود التسوية». وكانت واشنطن قد قاطعت اجتماعات جولة المفاوضات في آستانة الأسبوع الماضي، قبل أن يعلن جيفري عن ضرورة إنهاء هذا المسار، وعودة الأطراف لتفعيل مسار جنيف للتسوية السياسية.
وتطرقت زاخاروفا إلى الوضع في إدلب، وقالت إن المسلحين «يستمرون في الاستفزازات اليومية في منطقة خفض التصعيد في إدلب». وأشارت إلى أن موسكو على الرغم من ذلك تواصل مع أنقرة «تنفيذ الاتفاق على الاستقرار ووقف التصعيد في منطقة إدلب في سوريا، الذي توصل إليه رئيسا روسيا، فلاديمير بوتين، وتركيا، رجب طيب إردوغان، في سبتمبر (أيلول) في سوتشي، ويبذل الجانب التركي جهوداً لفصل الإرهابيين عن المعارضة المعتدلة. وعلى الرغم من ذلك، لا يخضع جميع المتطرفين لأمر إنشاء حزام طوله 20 كيلومتراً من المنطقة المنزوعة السلاح، وحتى الآن، لا يمكن وقف الاستفزازات التي يقوم بها المتشددون يومياً، والتي تهدف إلى تعطيل العمل الروسي التركي».
واتفق الرئيسان بوتين وإردوغان في سوتشي، سابقاً، حول إقامة منطقة منزوعة السلاح في محافظة إدلب السورية، على امتداد خط التماس بين الجيش السوري والجماعات المسلحة. كما وقع وزراء دفاع البلدين على مذكرة تفاهم بشأن استقرار الوضع في منطقة خفض التصعيد بمحافظة إدلب.



انفجار أسعار في مناطق سيطرة الحوثيين يخنق معيشة السكان

سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)
سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)
TT

انفجار أسعار في مناطق سيطرة الحوثيين يخنق معيشة السكان

سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)
سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)

تراجعت القدرة الشرائية لغالبية اليمنيين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، بعد موجة غلاء شديدة ضربت الأسواق، وارتفعت معها أسعار المواد والسلع الأساسية والغذائية، على الرغم من تراجعها عالمياً للشهر الثالث على التوالي.

وارتفعت الأسعار في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وجميع المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية؛ ما اضطر كثيراً من العائلات إلى خفض استهلاكها من بعض السلع، أو الاستغناء عن بعض الأصناف، مثل الخضراوات والفواكه، في حين رفعت المطاعم أسعار الوجبات التي تقدمها، رغم تراجع الإقبال عليها.

وتقول مصادر تجارية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن أسعار بعض السلع الغذائية زادت، خلال الأسابيع الماضية، بشكل كبير ومفاجئ، في حين حدثت زيادات تدريجية لسلع أخرى، دون أن يصدر حول ذلك أي بيانات أو توضيح من الجماعة الحوثية التي تسيطر على القطاع التجاري، أو إجراءات للحد من ذلك.

وزاد سعر كيس الدقيق زنة 50 كيلوغراماً نحو 3 دولارات؛ حيث ارتفع أحد أنواعه من 12400 ريال يمني إلى نحو 14 ألف ريال، وتفاوتت الزيادة في أسعار كيس الأرز بين 3 و6 دولارات، حسب النوع، بينما ارتفع سعر زجاجة الزيت (5 لترات) بمقدار دولارين لغالبية أنواعه، وتجاوز سعر كرتونة البيض 4 دولارات، بعد أن وصل إلى 2200 ريال. (تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار يساوي 535 ريالاً يمنياً).

اتهامات للحوثيين بفرض جبايات لتعويض خسائرهم من العقوبات الأميركية والغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتقول أروى سلام، وهي معلمة وربَّة منزل، لـ«الشرق الأوسط»، إنها اضطرت منذ نحو شهر للتخلي عن شراء الخضراوات تماماً، ما عدا الضروري منها لإعداد الوجبات، في محاولة منها لتوفير ثمن الدقيق والسكر والأرز.

وشملت الزيادات أسعار الخضراوات والفواكه محلية الإنتاج، والمعلبات التي تدخل ضمن أساسيات التغذية في اليمن، مثل التونة واللبن المجفف والأجبان، التي اضطرت غالبية العائلات للتوقف عن شرائها.

خنق الأسواق

بدأت موجة الغلاء الجديدة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بقفزة كبيرة في أسعار السكر، أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ إذ ارتفع سعر الكيس الذي يزن 50 كيلوغراماً من 20 ألف ريال، إلى 26 ألف ريال لأكثر أنواعه انتشاراً في الأسواق، وهي زيادة تعادل نحو 12 دولاراً.

يمنيان يبيعان الحبوب المنتجة محلياً في سوق بوسط صنعاء (إ.ب.أ)

ومع موجة الغلاء الأخيرة، عاود السكر ارتفاع أسعاره خلال الأسابيع الماضية، وتفاوتت الزيادة الجديدة بين دولارين وأربعة دولارات، إلا أن غالبية الباعة استمروا ببيعه وفقاً للزيادة الأولى، التي تسببت بارتفاع أسعار المشروبات في المقاهي، وعدد من الأصناف التي يدخل في تكوينها.

وواجهت المطاعم صعوبات في التعامل مع الزيادات السعرية الجديدة، بعد أن اضطرت لرفع أسعار الوجبات التي تقدمها، وهو ما أدى إلى تراجع الإقبال عليها.

وتحدث عمار محمد، وهو مدير صالة في أحد المطاعم لـ«الشرق الأوسط» عن قلة عدد رواد المطعم الذي يعمل فيه منذ ارتفاع أسعار الوجبات، مع عزوف من تبقى منهم عن تناول الوجبات المرتفعة الثمن، وتقليل الكميات التي يتناولونها، وهو ما تسبب في تراجع دخل المطعم.

الجماعة الحوثية فرضت المزيد من الجبايات على نقل البضائع متسببة في موجات غلاء متتالية (غيتي)

وأبدى خشيتَه من أن يُضطَر مُلاك المطاعم إلى تسريح بعض العمال بسبب هذا التراجع، رغم توقُّعه تكيُّف معظم الزبائن مع الوضع الجديد، ورجوعهم إلى عاداتهم في تناول الوجبات خارج منازلهم بعد مضي بعض الوقت.

إلا أن باحثاً اقتصادياً نفى إمكانية حدوث التكيف مع الأوضاع الجديدة؛ فبعد كل هذه السنين من الأزمات المعيشية، والإفقار المتعمد للسكان، حسب وصفه، أصبح التكيف أمراً غاية في الصعوبة، خصوصاً مع توقف رواتب موظفي الدولة، واتساع رقعة البطالة، وتراجع المساعدات الإغاثية.

ولفت الباحث الذي طلب من «الشرق الأوسط» عدم الإفصاح عن هويته لإقامته في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، إلى أن التكيف يحدث في أوضاع يمكن أن تتوفر فيها فرص للسكان لزيادة مداخيلهم، وابتكار طرق جديدة لتحسين معيشتهم.

الأسواق في مناطق سيطرة الحوثيين تعاني من ركود كبير بعد موجات الغلاء (أ.ف.ب)

وأوضح أن الجماعة لا تهتم إلا بزيادة عائداتها، وتتبع جميع الوسائل التي ترهق السكان؛ من فرض المزيد من الضرائب والجمارك ومضاعفتها بشكل غير قانوني، والعبث بالقطاع التجاري والاستثماري، وجميعها إجراءات تعمّق الركود وتعيق الحركة المالية ونشوء الأسواق وتوسع البطالة.

غلاء عكس المتوقع

امتنعت كبريات الشركات التجارية عن إبداء تفسيرات لهذه الزيادات السعرية، بالتوازي مع عدم اتخاذ الجماعة الحوثية أي إجراءات لمنعها أو تفسيرها، رغم ادعاءاتها باستمرار إجراءاتها للرقابة السعرية، وحماية المستهلكين من الاستغلال.

تأتي هذه الزيادات في الوقت الذي أظهرت فيه مؤشرات «منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)»، تراجعاً عالمياً في أسعار السلع الغذائية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، للشهر الثالث على التوالي.

وبيَّنت المؤشرات، التي أعلنت عنها «فاو»، والتي ترصد أسعار سلَّة من السلع الغذائية المتداولة حول العالم، ظهور انخفاض من متوسط 126.6 نقطة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى 125.1 نقطة، الشهر الماضي، بما يساوي 1.2 في المائة.

وطبقاً لذلك، هبطت أسعار أغلب فئات السلع الأساسية، مثل الألبان ومنتجاتها واللحوم والزيوت النباتية والسكر، رغم ارتفاع مؤشر أسعار الحبوب.

وأرجعت المنظمة الأممية هذا التراجع السعري إلى وفرة المعروض العالمي من السلع، وزيادة الإمدادات في أسواق التصدير، ما زاد المنافسة وخفّض الضغوط السعرية.

ومنذ أيام، حذَّرت المنظمة ذاتها من أن نصف الأسر في اليمن تعاني من نقص الغذاء والحرمان الشديد في أربع محافظات.


«صحة غزة» تحذر من النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية بالقطاع

52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
TT

«صحة غزة» تحذر من النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية بالقطاع

52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)
52 % من الأدوية الأساسية و71 % من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً» في مستشفيات غزة (إ.ب.أ)

حذَّرت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم (الأحد)، من النقص الشديد في الأدوية والمستهلكات الطبية الذي وصفته بأنه عند «مستويات كارثية».

وأوضحت الوزارة، في بيان، أن 52 في المائة من الأدوية الأساسية و71 في المائة من المستهلكات الطبية بات رصيدها «صفراً»، كما أن 70 في المائة من المستهلكات اللازمة لتشغيل المختبرات بات رصيدها «صفراً» أيضاً.

وقالت الوزارة التي تديرها حركة «حماس»، في بيان، إن أقسام جراحة العظام، والغسل الكلوي، والعيون، والجراحة العامة، والعمليات، والعناية الفائقة، تواجه تحديات كارثية مع نقص المستهلكات الطبية، كما أن هناك نقصاً شديداً في الأدوية اللازمة للرعاية الأولية والسرطان وأمراض الدم.

وحذَّرت الوزارة من تصاعد الأزمة في ظل زيادة الحاجة إلى مزيد من التدخلات العلاجية للمرضى والجرحى، وطالبت بتعزيز الإمدادات الطبية العاجلة لتمكين الأطقم الطبية من أداء عملها.


الحوثيون ينفِّذون حملة تجنيد قسري في الحديدة وذمار

رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
TT

الحوثيون ينفِّذون حملة تجنيد قسري في الحديدة وذمار

رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)
رغم الإغراءات والتهديد ترفض غالبية السكان الالتحاق بجبهات الحوثيين (إعلام محلي)

وسط تصاعد الغضب الشعبي من تدهور الأوضاع المعيشية واتساع رقعة الفقر، بدأت الجماعة الحوثية تنفيذ حملة تجنيد قسرية في مناطق سيطرتها بمحافظتي الحديدة وذمار، بعد فشل محاولاتها السابقة في استقطاب الفقراء للالتحاق بمعسكرات التدريب مقابل وعود برواتب شهرية.

ولجأت الجماعة المتحالفة مع إيران -حسبما ذكرته مصادر حكومية- إلى اعتقال عدد من وجهاء تلك المناطق بتهمة «التخاذل» في مسعى لإجبار السكان على إرسال أبنائهم للقتال.

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين اعتقلوا عدداً من وجهاء مديرية «جبل راس» في الحديدة، بعد رفضهم إجبار الأهالي على إرسال أبنائهم إلى معسكرات التدريب، ضمن حملات التعبئة التي تزعم الجماعة أنها مخصصة لـ«تحرير فلسطين».

وقالت المصادر إن سكان المديريات الخاضعة للجماعة يواجهون حملة تضييق وعقوبات غير مسبوقة، بسبب رفضهم الانخراط في القتال، وإن الوجهاء لا يزالون رهن الاعتقال منذ أيام.

الحوثيون يرغمون الدعاة على قيادة حملات التجنيد (إعلام محلي)

وأوضحت السلطات المحلية الموالية للحكومة الشرعية، أن السكان -رغم الفقر المدقع الذي يعيشونه- رفضوا الانضمام لمعسكرات التدريب. وأشارت إلى أن القيادي الحوثي أحمد البشري، مسؤول ما تسمَّى «التعبئة العامة»، وعبد الله عطيف الذي عيَّنته الجماعة محافظاً للحديدة، أجبرا عدداً من الدعاة على مرافقتهم إلى تجمع أقيم في مدينة زبيد ضمن حملة التجنيد هناك. واعتبرت أن لجوء الجماعة إلى مثل هذا السلوك يعكس «حالة الإفلاس والتخبط» بعد فشلها في استقطاب أبناء تهامة.

وقالت السلطات إن مسؤول التعبئة الحوثي أبلغ الدعاة خلال الاجتماع أن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أبدى استياءه الشديد من المجتمع التهامي، بسبب رفض أبنائه الالتحاق بالتجنيد، وعدم التجاوب مع دعوات التعبئة، رغم أن الحديدة تعد من أكثر المحافظات معاناة من انعدام الأمن الغذائي والفقر.

ضغوط على الدعاة

وطبقاً لما نقلته السلطات المحلية، وجَّه القيادي الحوثي أحمد البشري تهديداً مباشراً للدعاة، وأمرهم باستخدام نفوذهم ومنابر المساجد للضغط على الأهالي لإرسال أبنائهم إلى معسكرات التجنيد والجبهات، وإصدار فتاوى بوجوب حمل السلاح. كما هدد بإلحاق الدعاة وأُسرهم قسراً بالدورات الطائفية والعسكرية في حال رفضهم تنفيذ التعليمات.

وحذَّرت السلطات المحلية من أن الجماعة الحوثية تعمل على تحويل الدعاة وزعماء القبائل إلى أدوات لشرعنة التجنيد القسري، وتهدد كل من يتأخر أو يرفض بالاتهام بالولاء للحكومة الشرعية.

بينما يعاني اليمنيون من انعدام الغذاء يستمر الحوثيون في الإنفاق على التجنيد (إعلام محلي)

واستغلت الجماعة حالة الفقر الشديد، وانقطاع المرتبات، وانعدام الوظائف، لإغراء الأهالي برواتب شهرية، ووعدت بإدراج أبنائهم في قوائم المستحقين للمساعدات الغذائية عند استئناف توزيعها. وفق المصادر ذاتها.

إلى ذلك، واصلت الجماعة الحوثية التضييق على سكان محافظة ذمار (مائة كيلومتر جنوب صنعاء) إذ أجبرت الأهالي في عدد من المديريات على الخروج في وقفات تحت شعار «النفير والتعبئة العامة»، وألزمت المشاركين برفع شعاراتها، في حين قام عناصرها بتصوير الحشود لتقديمها كدليل على وجود «حاضنة شعبية».

وقالت مصادر محلية إن مشرفي الحوثيين أبلغوا مسؤولي القرى والعزل بضرورة الحضور الإجباري لهذه الفعاليات، والاستعداد لـ«النفير العام» تحت غطاء دعم فلسطين، رغم توقف الحرب في غزة منذ مدة. كما ألزمت نساءً وفتيات بتسجيل أسمائهن كمتطوعات، ولوَّحت بعقوبات لمن يرفض، في خطوة تهدف إلى حشد أكبر عدد ممكن للفعالية التي دعت إليها الجماعة في صنعاء.

أزمة هي الأشد عالمياً

تأتي هذه الممارسات الحوثية -وفق مراقبين- في وقت تؤكد فيه الأمم المتحدة أن اليمن لا يزال يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم؛ إذ يحتاج أكثر من 19.5 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية هذا العام، بسبب النزاع المستمر، والانهيار الاقتصادي، وتداعيات تغير المناخ.

يمنيون نازحون في صنعاء يدفئون أنفسهم تحت أشعة الشمس في مخيم مؤقت وسط طقس بارد (إ.ب.أ)

ووفق مفوضية شؤون اللاجئين، فإن نحو 4.8 مليون يمني ما زالوا نازحين داخلياً، بينما استقبلت البلاد أكثر من 62 ألف لاجئ وطالب لجوء، معظمهم من الصومال وإثيوبيا. وتوضح المفوضية أنها تعمل في معظم محافظات البلاد بالتنسيق مع السلطات والشركاء المحليين، لتوفير الحماية والمساعدات للفئات الأكثر تضرراً.

وعلى الرغم من هذه المعاناة الواسعة، تواصل الجماعة الحوثية إنفاق الموارد على التجنيد وحملات الحشد الطائفي والعسكري، بدلاً من توجيهها لتخفيف الكارثة الإنسانية، حسبما تؤكده مصادر حكومية ومنظمات محلية.