تونس تحتفي بـ«النص المضيء» لمحمود درويش

محمود درويش
محمود درويش
TT

تونس تحتفي بـ«النص المضيء» لمحمود درويش

محمود درويش
محمود درويش

مثَّل إحياء الذكرى العاشرة لرحيل الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش (1941 - 2008)، مناسبة ثقافية مهمة لاستعادة توهج الصوت الشعري المميز لدرويش، والاحتفاء بإرثه وشعره وحياته ضمن تظاهرة «محمود درويش... النص المضيء»، وذلك بتنظيم من مركز جامعة الدّول العربية في تونس، وبالتعاون مع المسرح الوطني التونسي.
وتضمن هذا الحدث الثّقافي المهم، قراءات شعرية وورقات نقدية في شخصية الرّاحل ونصه الشّعري، علاوة على معرض للخط العربي من إنجاز ياسر الجرادي وفقرات موسيقية قدمتها فرقة «الشيخ إمام» التونسية ومعزوفات على آلة القانون قدمها واصف الجريدي.
هذا الحدث الثقافي كان ببادرة من الكاتبة السودانية سلافة خالد موسى ورافقها في إعداد برنامج الاحتفاء كل من رمزي العموري وسحر التليلي من تونس. وكان الحضور العربي مهماً في هذه التظاهرة من خلال حضور السوري عبد الله المريش والكاتبة والروائية الفلسطينية ثورة حوامدة التي قدّمت مداخلة تناولت من خلالها تجربة درويش وعنوانها «محمود درويش بين الهوية الفلسطينية والهم العربي والإنسانية».
وبشأن هذا الاحتفاء العربي بتجربة محمود درويش، أكّد عبد اللطيف عبيد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، أن الجامعة العربية وعلى الرغم من أولوية العمل السياسي في أجنداتها وبرامجها، فهي تحتفي بكل رموز الثقافة العربية، وهذا يمثل رابطة قوية بين أبناء الأمة الواحدة.
ولم تقتصر التظاهرة الثقافية على القراءات الشعرية، بل تجاوزتها إلى عروض لأفلام وثائقية عن الشاعر الفلسطيني الذي بات رمزاً لقوة القضية الفلسطينية.
ويبقى محمود درويش حالة شعرية فريدة من خلال تطوير الشّعر العربي، وإدخال مضامين الحداثة، على رأسها البعد الرمزي في الشعر، ونجاحه في استعمال معجم شعري مجدد ومختلف عن السائد.
وفي هذا المعنى، أكّد عدد من الشعراء والكتاب المشاركين، طوال يومي السبت والأحد الماضيين، من بينهم الشاعر التونسي منصف المزغني والشاعرة الشابة آلاء بوعفيف، أنّ نص درويش الشعري يبقى عصياً عن الموت لأنّه نص عابر للحدود والزمان والمكان، ولا يمكن أبداً الفصل بين السياسي والفكري في شعر درويش، وبالتالي لا يمكن التغاضي أو التغافل عن مساهمته في مسارات التحرير والنّضال من أجل القضية العربية الأم.



«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
TT

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

وجدت دراسة جديدة، أجراها فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة نورث وسترن الأميركية، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية -تسمى بالشبكة المعرفية الاجتماعية- متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة، وهي على اتصال باستمرار مع تلك الشبكة.

يشار إلى اللوزة تُعرف أيضاً باسم «دماغ السحلية»، ومن الأمثلة الكلاسيكية لنشاطها الاستجابة الفسيولوجية والعاطفية لشخص يرى أفعى؛ حيث يصاب بالذعر، ويشعر بتسارع ضربات القلب، وتعرّق راحة اليد.

لكن الباحثين قالوا إن اللوزة تفعل أشياء أخرى أكثر تأثيراً في حياتنا.

ومن ذلك ما نمر به أحياناً عند لقاء بعض الأصدقاء، فبعد لحظات من مغادرة لقاء مع الأصدقاء، يمتلئ دماغك فجأة بأفكار تتداخل معاً حول ما كان يُفكر فيه الآخرون عنك: «هل يعتقدون أنني تحدثت كثيراً؟»، «هل أزعجتهم نكاتي؟»، «هل كانوا يقضون وقتاً ممتعاً من غيري؟»، إنها مشاعر القلق والمخاوف نفسها، ولكن في إطار اجتماعي.

وهو ما علّق عليه رودريغو براغا، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بكلية فاينبرغ للطب، جامعة نورث وسترن، قائلاً: «نقضي كثيراً من الوقت في التساؤل، ما الذي يشعر به هذا الشخص، أو يفكر فيه؟ هل قلت شيئاً أزعجه؟».

وأوضح في بيان صحافي صادر الجمعة: «أن الأجزاء التي تسمح لنا بالقيام بذلك توجد في مناطق الدماغ البشري، التي توسعت مؤخراً عبر مسيرة تطورنا البشري. في الأساس، أنت تضع نفسك في عقل شخص آخر، وتستنتج ما يفكر فيه، في حين لا يمكنك معرفة ذلك حقّاً».

ووفق نتائج الدراسة الجديدة، التي نُشرت الجمعة في مجلة «ساينس أدفانسز»، فإن اللوزة الدماغية، بداخلها جزء محدد يُسمى النواة الوسطى، وهو مهم جدّاً للسلوكيات الاجتماعية.

كانت هذه الدراسة هي الأولى التي أظهرت أن النواة الوسطى للوزة الدماغية متصلة بمناطق الشبكة المعرفية الاجتماعية التي تشارك في التفكير في الآخرين.

لم يكن هذا ممكناً إلا بفضل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وهي تقنية تصوير دماغ غير جراحية، تقيس نشاط الدماغ من خلال اكتشاف التغيرات في مستويات الأكسجين في الدم.

وقد مكّنت هذه المسوحات عالية الدقة العلماء من رؤية تفاصيل الشبكة المعرفية الاجتماعية التي لم يتم اكتشافها مطلقاً في مسوحات الدماغ ذات الدقة المنخفضة.

ويساعد هذا الارتباط باللوزة الدماغية في تشكيل وظيفة الشبكة المعرفية الاجتماعية من خلال منحها إمكانية الوصول إلى دور اللوزة الدماغية في معالجة مشاعرنا ومخاوفنا عاطفياً.

قالت دونيسا إدموندز، مرشح الدكتوراه في علم الأعصاب بمختبر «براغا» في نورث وسترن: «من أكثر الأشياء إثارة هو أننا تمكنا من تحديد مناطق الشبكة التي لم نتمكن من رؤيتها من قبل».

وأضافت أن «القلق والاكتئاب ينطويان على فرط نشاط اللوزة الدماغية، الذي يمكن أن يسهم في الاستجابات العاطفية المفرطة وضعف التنظيم العاطفي».

وأوضحت: «من خلال معرفتنا بأن اللوزة الدماغية متصلة بمناطق أخرى من الدماغ، ربما بعضها أقرب إلى الجمجمة، ما يسهل معه استهدافها، يمكن لتقنيات التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة استهداف اللوزة الدماغية، ومن ثم الحد من هذا النشاط وإحداث تأثير إيجابي فيما يتعلق بالاستجابات المفرطة لمشاعر الخوف والقلق».