تقرير أميركي: «داعش» يستفيد من التوترات ويعيد تشكيل قدراته في العراق

هجمات التنظيم في كركوك وصلاح الدين تضاعفت خلال عام 2018

TT

تقرير أميركي: «داعش» يستفيد من التوترات ويعيد تشكيل قدراته في العراق

قال تقرير صدر حديثاً إن تنظيم «داعش» الإرهابي لم يسحق نهائياً في العراق، كما أعلن الساسة عام 2017، مشيراً إلى أن التنظيم أظهر نشاطاً متزايداً عبر شن مزيد من الهجمات في بعض المناطق.
وأوضح التقرير، الذي أصدره «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية» في واشنطن، أن «داعش» فقد 99 في المائة من الأراضي التي كان يسيطر عليها في العراق، إلا إن مسلحيه يشنون ما معدله 75 هجوماً شهرياً في أنحاء البلاد خلال عام 2018. وأوضح التقرير أنه في الوقت الذي سارع فيه كثير من صناع القرار السياسي في الولايات المتحدة إلى إعلان النصر على «داعش»، فإن المؤشرات تشير إلى أن «داعش» يعيد تركيز تكتيكاته وهجماته ضد الأهداف الحكومية والقيام بعمليات اختطاف للحصول على فدى وعمليات اغتيالات مستهدفة وتفجيرات باستخدام عبوات ناسفة.
ولفت التقرير إلى أن الهجمات الداعشية في محافظة كركوك، المتنازع عليها، شمال العراق، تضاعفت خلال العام الأخير. وقال إن حصيلة قتلى الهجمات الدامية في العراق عام 2016 بلغت 6217 قتيلا، وفي عام 2017 بلغت 5339 قتيلا، وفي عام 2018 بلغت 1656 قتيلا حتى أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وشهدت محافظتا كركوك وصلاح الدين أعلى المستويات على الإطلاق حتى شهر أكتوبر 2018، وارتفعت أيضا الهجمات على محافظة ديالى.
وقدر التقرير وجود ما بين 20 و30 ألف مسلح لدى «داعش» في سوريا والعراق، مشيرا إلى أن عددهم في العراق يتراوح بين 10 آلاف و15 ألف مسلح.
وقال التقرير إن الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران تساهم في تفاقم التوترات الشيعية - السنية في العراق، وعلاقتها بإيران تشكل أداة تجنيد مفيدة لتمرد «داعش» الذي يغذي الطائفية. وأضاف أن «داعش» يستفيد من التوترات الطائفية التي تغذيها ميليشيات «الحشد» المدعومة إيرانيا، ولفت التقرير النظر إلى أن الدعاية التي ينشرها «داعش» عبر الإنترنت هي المصدر الأكثر أهمية لتبادل البيانات على نطاق واسع لتعزيز آيديولوجية التنظيم المعادية للغرب ونشر الرسائل المتطرفة. وقال إن التنظيم الإرهابي بدأ ينظم صفوفه، مستفيدا من حالة الاضطراب التي يعيشها العراق، فضلا عن الفساد المستشري، والتوترات بين بغداد وحكومة إقليم كردستان العراق. وقال إن عدم الوجود العسكري الرسمي في جميع المناطق أدى إلى تمكين مسلحي «داعش» نتيجة الفراغ الأمني الناجم عن الانسحاب القسري لبيشمركة كردستان عقب الاستفتاء الكردي.
وأشار التقرير الأميركي إلى أن الحكومة العراقية لم تعالج العوامل المغذية للاضطرابات، بما في ذلك الفساد المستشري وإعادة الإعمار، والركود الاقتصادي، ووجود مساحات لا تخضع لسيطرة السلطات تشكل حاضنة جيدة لانطلاق التنظيم مجددا. وفيما يتوقع البنك الدولي أن يتسارع نمو الناتج المحلي الإجمال العراقي إلى 6.2 في المائة عام 2019، فإن هناك أسئلة حول كيفية توزيع النمو؛ حيث يشكل الفساد تحديا كبيرا في بغداد وأربيل. وقال التقرير إن «تقديرات التكلفة لإعادة بناء العراق وتحقيق الاستقرار فيه تتراوح بين 20 و88 مليار دولار. وتعهد المانحون في مؤتمر خلال فبراير (شباط) 2018 بتقديم 30 مليار دولار، وقد أنفق المجتمع الدولي المليارات لبناء العراق، وأنفقت الولايات المتحدة وحدها 60 مليار دولار قبل ظهور (داعش)». وتشير التقديرات إلى أن الحكومة العراقية تتحرك ببط للبدء في إعادة الإعمار، خصوصا في معاقل «داعش» السابقة مثل الموصل والفلوجة.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.