اتهمت هيئة الدفاع في قضية اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد، حركة «النهضة»، بالضلوع في الإرهاب (وفقاً لمعنى الفصل السابع من قانون الإرهاب المصادق عليه في تونس سنة 2015)، وبالضلوع في جريمة الاغتيال، واصفةً إياها بـ«الحركة الإرهابية»، مما يُعتبر مخالفاً للقانون المنظم للأحزاب.
وقال المحامي علي كلثوم، عضو هيئة الدفاع، إن الهيئة سترفع دعوى قضائية أمام القضاء الإداري ضد حركة النهضة، مطالبة بحلّها أو تجميد نشاطها لخمس سنوات على الأقل.
واتهم كلثوم اللجنة البرلمانية المتعلقة بالتحقيق في شبكات التسفير بعدم الاهتمام بما قدمته قيادات أمنية، مثل عصام الدردوري، من معطيات حول شبكات تسفير التونسيين إلى بؤر التوتر، وأيضاً ما تضمنته تقارير أمنية حول ضلوع حركة النهضة في تشكيل جهاز أمن سري ضمن ما سُمي بـ«الأمن الموازي».
واتهم المصدر ذاته البرلمان التونسي بالتستر على الإرهاب من خلال تغافل لجنة التحقيق البرلمانية عن التعاطي الجدي مع تلك المعلومات التي تعود إلى سنة 2017، وقال إن أغلب أعضائها تابعون لحركة النهضة.
كما جددت هيئة الدفاع اتهامها لوكيل الجمهورية الحالي بالمحكمة الابتدائية التي تنظر في قضايا الإرهاب، واتهمته بالتعاطي السلبي مع القضية، قائلة إنه «يعمل ضد القائمين بالحق الشخصي وضد كشف الحقيقة». وتأتي هذه الاتهامات إثر اهتمام مجلس الأمن القومي، الذي أشرف عليه الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، وتناول ما قدمته هيئة الدفاع عن شكري بلعيد القيادي اليساري، ومحمد البراهمي القيادي القومي، بشأن اتهام حركة النهضة بالمسؤولية عن الاغتيالين السياسيين من خلال التنظيم السري.
وكان الرئيس التونسي قد أفاد بأن التنظيم السري لحركة النهضة لم يعد سرياً، وأشار إلى أن أعضاء الهيئة المذكورة قد أحضروا له مجلّداً يضم وثائق تتعلّق بالجهاز السري، قائلاً: «وبالتالي لا يمكنني أن أغمض عيني فالأمر أصبح مفضوحاً».
وبشأن هذه الاتهامات التي قد تؤثر على المشهد السياسي ككل، وتهدد الوجود السياسي لحركة النهضة ذات التوجه الإسلامي، قال علي العريض نائب رئيس الحركة إن الحزب أكد حرصه على ضرورة احترام مؤسسات الدولة، وإبعادها عن أي تجاذب سياسي. وأضاف أن حركة النهضة تقف حائلاً ضد أي شكل من أشكال «ترذيل الحياة السياسية»، ونفى أن يكون بيان المكتب التنفيذي لحركة النهضة يحمل أي تهديد لرئيس الجمهورية. واتهم العريض هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي بقيادة حملة ممنهجة تستهدف «النهضة» ومؤسسات الدولة والحكومة، واعتبر تلك الاتهامات بمثابة «حملة انتخابية سابقة لأوانها تدار بوسائل لا علاقة لها بالأخلاق السياسية».
وبشأن ما قدمته هيئة الدفاع حول ما أصبح يُعرف بـ«التنظيم السري للنهضة»، قال العريض إن «القضاء تعهد بمجمل هذه القضايا، ويجب احترام عمله وعدم التدخل في شؤونه».
ويرى مراقبون أن حركة النهضة ليس من مصلحتها خلال هذه الفترة بالذات أن تسعى إلى تأجيج الصراع وفتح جبهات خلاف جديدة مع الغريم التقليدي لها (أحزاب اليسار)، وأنها خلال هذه المرحلة بالذات ستعمل على الانحناء للعاصفة في انتظار مرورها. وفي هذا الشأن، قال جمال العرفاوي المحلل السياسي التونسي لـ«الشرق الأوسط» إن العاصفة ستمر، لكنها ستخلف كثيراً من المصاعب السياسية لحركة النهضة.
وعبّر عن عدم تفاجئه بالتحالف السياسي القوي بين قيادات حزب النداء (تضم رموزاً من التجمُّع المنحل) وقيادات اليسار التي رفضت منذ البداية المساهمة في حكومة تشارك فيها حركة النهضة، واعتبر تحالفها الظرفي قد انطلق منذ اعتصام الرحيل سنة 2013 الذي أدى إلى إخراج «النهضة» من السلطة، وقد يسعى الطرفان قبل أقل من سنة من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية إلى إعادة السيناريو نفسه، ولو في ظروف سياسية مختلفة.
وذكرت مصادر مقرّبة من حزب النهضة أن التيارات اليسارية تسعى إلى إزاحة حركة النهضة من المشهد السياسي، وتقاسم السلطة مع حزب النداء المنقسم على نفسه إثر انتخابات 2014. واعتبرت أن أحزاب اليسار ترى في حزب النداء خصماً يمكن التحالف معه بعد انتخابات 2019، أما مواصلة النهضة تشكيل المشهد السياسي، فإنها تجعل دخول تلك الأحزاب إلى السلطة مسألة مستحيلة، لا سيما أن كل التوقعات ترجّح بقاء الإسلام السياسي في تونس لعقود مقبلة.
هيئة الدفاع عن بلعيد تطالب بحل «النهضة» أو تجميد نشاطها 5 سنوات
هيئة الدفاع عن بلعيد تطالب بحل «النهضة» أو تجميد نشاطها 5 سنوات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة