مؤتمر عين عيسى يدعم «التفاوض» بين النظام والمعارضة

TT

مؤتمر عين عيسى يدعم «التفاوض» بين النظام والمعارضة

اختتمت أمس فعاليات مؤتمر الحوار السوري – السوري في بلدة عين عيسى في ريف الرقة، بدعم الحوار والتفاوض بين دمشق والمعارضة. وقال البيان الختامي: «إن الحل السياسي هو التوجه الصائب والسليم الذي يضمن مشاركة جميع السوريين، وعدم الإقصاء في اللجنة الدستورية والعملية السياسية».
وشارك الكثير من القوى والشخصيات السياسية المعارضة في «حوار عين عيسى»، بدعوة من «مجلس سوريا الديمقراطية» الجناح السياسي لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، ودعا المشاركون إلى: «مواجهة الاستبداد ومحاربة كافة أشكال التطرُّف وخروج قوى الاحتلال من سوريا، واستقلالية إرادة السوريين في تقرير مصيرهم».
وأقرَّ المشاركون تشكيل «لجنة متابعة» مهمتها استمرار هذه اللقاءات، والمُضِي في عملية الحوار السوري - السوري بهدف عقدِ مؤتمرٍ سوري شامل تتوسَّع فيه دائرة المشاركة، ودعا «حوار عين عيسى» ممثِلي السلطة والمعارضة ومنظمات المجتمع المدني للانفتاح على الحوار والتفاوُض الفعلي «لأننا نؤمن بأن الحل السياسي هو بين السوريين بإطارٍ من المسؤوليَّة والجديَّة والذهنيَّة المنفتحة»، بحسب البيان الختامي.
وقال رياض درار الرئيس المشترك لـ«مجلس سوريا الديمقراطية» لـ«الشرق الأوسط»، إنّ حجم المشاركة في اجتماع عين عيسى كان أكبر من الاجتماع الأول الذي عُقِدَ قبل ثلاثة أشهر، «في المرة الأولى كان عدد المشاركين نحو 48 شخصية، أمَّا هذه المرة فقد بلغ العدد 80 شخصية يمثِّلون طيفاً واسعاً من تيارات المعارضة السورية»، وأوضح أنّ تخلّف البعض عن المشاركة كان نتيجة تزامنهِ مع انعقادِ محادثات جنيف ومباحثات آستانة، وأضاف: «8 سيدات كان من المفترض مشاركتهن لكن ذهبن إلى جنيف، كما مُنعت شخصيات معارضة من دمشق و6 شخصيات من السويداء من الحضور وكانوا قد أَبدُوا استعدادهم للمشاركة ويؤمنون بالخط الذي نطرحه، لكنهم منعوا من المجيء».
وناقش المشاركون في حوار «عين عيسى» الذي حمل شعار «بِنَاء وتَقَدُّم» واستمر يومي 28 و29 الشهر الفائت، المسألة الإنسانية في الأزمة السورية، وشكل الحَوكمة وتبنِّي أنموذج اللامركزية الديمقراطية، المطبَّق من طرف واحد في المناطق الخاضعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من التحالف الدولي شمال وشرق نهر الفرات.
ونَفَى الائتلاف الوطني لـ«قوى الثورة والمعارضة السورية» تلقيه دعوة خطّيَة من «مجلس سوريا الديمقراطية» لحضور «حوار عين عيسى»، وقال عبد الإله فهد الأمين العام السابق للائتلاف: «لم نتلقّ دعوة رسمية للمشاركة، والائتلاف يرفض الحضور حتى وإن تلقَّى الدعوة، لوجود نقاط خلاف كثيرة بيننا، أهمَّها رؤيتهم السياسية وموقفهم من نظام الأسد وطرح مشروع الفيدرالية».
بدوره، أشار درار أنّ لقاءً جَمَع أطياف المعارضة السورية والنظام الحاكم في مدينة زيوريخ يومي 18 و19 الشهر الفائت، بحضور سفيرَي موسكو وواشنطن وممثّل الأمين العام للأمم المتحدة، «كنتُ موجوداً بهذا اللقاء ووجَهتُ دعوة شفهية لجميع الحاضرين للمشاركة في حوار عين عيسى، لكن لم أتلق أي علامات إيجابية من قبل هيئة التفاوض وغيرها من المعارضة لإرسال دعوات خطّيَة».
وبحسب درار، وُجِهَت دعوة خطّيَة إلى «منصة القاهرة» لكن الأخيرة اعتذرت عن الحضور بحجة تشكيل اللجنة الدستورية، كما أرسلت دعوة مماثلة إلى «منصة موسكو» واستجابت أربع شخصيات منها ينتمون إلى حزب الإرادة الشعبية الذي يتزعمه قدري جميل وشاركوا في الحوار، وأضاف: «أمَّا منصة الرياض وهيئة التفاوض فأرسلنا دعوات خطية لشخصيات بشكل فردي لكنهم اعتذروا لوجود حسابات خاصة بهم».
وتابع رياض درار حديثه ليقول: «باقي منصات المعارضة تدعو النظام للحوار في الخارج، أما نحن نستطيع التفاوض مع النظام في دمشق ولدينا قوات عسكرية على الأرض تحمي قرارنا ومكتسباتنا».
وعَقَدَ ممثلو «مجلس سوريا الديمقراطية» مع مسؤولين أمنيين من النظام السوري محادثات رسمية بطلب من الأخير، وجاءت المحادثات بعد تهديدات الرئيس السوري بشار الأسد لـ«قوات سوريا الديمقراطية» إمَّا المفاوضات أو الحسم العسكري، وذلك عبر مقابلة تلفزيونية بُثَّت بداية يونيو (حزيران) الماضي.
وكشف رياض درار أنَّ المفاوضات مع النظام السوري تركزَت على الخدمات، وقال: «طلبَ مسؤولو النظام إدارة المعابر الحدودية ونحن رفضنا ذلك، كما طلبوا انتشار القوات الأمنية داخل المدن، وقلنا يوجد لدينا قوات شرطة محليّة، وأن عودة أجهزة الدولة يكون عبر حلٍّ سياسي شامل».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.