أفاد معارضون سوريون، أمس الأربعاء، بمقتل 15 عنصراً من «قوات سوريا الديمقراطية» و6 من مسلحي تنظيم داعش في غارات لطائرات التحالف الدولي على ريف دير الزور الشرقي حيث يستميت «داعش» في الدفاع عن آخر جيوبه على الحدود السورية - العراقية.
وأوردت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أن مصدراً في مجلس دير الزور المدني التابع للمعارضة السورية قال في تصريح أمس إن القصف استهدف منزلاً في بلدة الكشمة شمال شرقي بلدة هجين كان يتخذه «داعش» سجناً لعناصر من «سوريا الديمقراطية» أسرهم قبل أيام. وأكد المصدر أن «المنزل المستهدف يقع وسط القرية، وقد تم تدميره بشكل كامل، إضافة إلى 3 سيارات تابعة لتنظيم داعش».
وكان «داعش» قد بث خلال الأيام الماضية صوراً لعناصر من «سوريا الديمقراطية» أغلبهم من محافظتي الرقة وريف حلب الشرقي تم أسرهم خلال المعارك مع مسلحي التنظيم. وأرسلت «قوات سوريا الديمقراطية» خلال اليومين الماضيين تعزيزات عسكرية كبيرة قرب مدينة هجين وريفها، التي تعد آخر معاقل التنظيم في ريف دير الزور الشرقي.
وفي الإطار ذاته، أشارت وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب) إلى أن «داعش» يدافع بشراسة عن آخر جيب تحت سيطرته في شرق سوريا، في مواجهة عملية عسكرية تشنها «قوات سوريا الديمقراطية» بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن في المنطقة منذ أكثر من شهرين.
وأضافت أن حسم المعركة سيتطلب، كما يبدو، وقتاً لأسباب عدة، بحسب محللين، أبرزها تمرّس «الدواعش» في القتال واستماتتهم في الدفاع عن آخر معاقلهم بعد انحسار نفوذهم، في مقابل اعتماد «سوريا الديمقراطية» على مقاتلين من أبناء المنطقة بدلاً من قوات النخبة فيها.
ويتحصن في الجيب الواقع في ريف دير الزور الشرقي بمحاذاة الحدود العراقية نحو ألفي مقاتل من «داعش»، بحسب التحالف الدولي، وتعد هجين والسوسة والشعفة من أبرز بلداته. وتابعت الوكالة الفرنسية أن العدد الأكبر من مقاتلي التنظيم هم على الأرجح من الأجانب والعرب وبينهم قياديون من «الصف الأول»، بحسب «قوات سوريا الديمقراطية». وقال متحدث باسم التحالف الدولي في وقت سابق إن اثنين من أبرز قادة التنظيم قد يكونان في المنطقة رغم أن «كثيرين (منهم) فرّوا».
ويقول الباحث نيكولاس هيراس من «مركز الأمن الأميركي الجديد (سنتر فور إيه نيو أميركان سيكيوريتي)» الذي يتخذ من واشنطن مقراً له، لوكالة الصحافة الفرنسية: «هناك جيش صغير من مئات المقاتلين الذين جمعهم التنظيم، بمن فيهم أفضل قناصته».
ويقاتل عناصر التنظيم بشراسة للدفاع عن هذا الجيب الذي تحاصره «قوات سوريا الديمقراطية» منذ أشهر، وتستهدفه غارات التحالف الدولي، بوصفه آخر معاقله على الضفاف الشرقية لنهر الفرات. ومُني التنظيم خلال أكثر من عامين بهزائم متلاحقة في سوريا، ولم يعد يسيطر سوى على جيوب محدودة في أقصى محافظة دير الزور وفي البادية السورية شرق حمص، بحسب الوكالة الفرنسية.
ويرجع الخبير في شؤون الجماعات المتشددة في «معهد الجامعة الأوروبية» تور هامينغ، صمود مقاتلي «داعش» في هذا الجيب إلى أن كثيرا منهم من «المقاتلين القدامى الذين يحاربون معه منذ سنوات عدة ولديهم خبرة في هذا النوع من الحروب في منطقة صحراوية».
ويعتمد التنظيم، وفق ما يشرح مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، في القتال على «قوات النخبة، بالإضافة إلى الخلايا النائمة المنتشرة بكثرة» في محيطه لصدّ تقدم «سوريا الديمقراطية». ويقول: «ليس لدى هؤلاء ما يخسرونه».
ويتفوق التنظيم، وفق «المرصد» ومحللين، بمعرفته بطبيعة المنطقة الجغرافية أكثر من القوات المهاجمة. ويشرح هامينغ بأن مقاتلي التنظيم «يعرفون المنطقة جيداً لأنهم ينشطون فيها منذ أكثر من 5 سنوات»، موضحاً أنها «عبارة عن خليط من صحراء وبلدات صغيرة مما يجعل من الصعب جداً عزلها» مقارنة بمدن أخرى مثل الرقة، معقل التنظيم سابقاً في سوريا، حيث كان من السهل جداً محاصرة مقاتليه، بحسب ما جاء في تقرير الوكالة الفرنسية.
وفشلت «قوات سوريا الديمقراطية» خلال الأشهر القليلة الماضية في تحقيق تقدم في هذه المنطقة. وقد شنّ التنظيم المتطرف الأسبوع الماضي هجوماً واسعاً ضد مواقعها قرب الجيب الأخير، ما أسفر عن مقتل 92 عنصراً منها. واستغل «داعش» الشهر الماضي عاصفة ترابية ليشن هجمات تمكن خلالها من استعادة المناطق كافة التي تقدمت فيها «سوريا الديمقراطية» في الجيب في إطار عملية عسكرية أطلقتها في 10 سبتمبر (أيلول) الماضي. ومنذ بدء هذا الهجوم قُتل 452 من عناصر «سوريا الديمقراطية» مقابل 739 من «الدواعش».
ويعدد المتحدث الرسمي باسم «سوريا الديمقراطية» كينو غابريال للوكالة الفرنسية صعوبات عدة تؤخر حسم المعركة، أبرزها إلى جانب «سوء الأحوال الجوية... التكتيكات» التي يستخدمها التنظيم «والدفاعات المختلفة التي أنشأها والتي تؤثر على سير العمليات الهجومية». ويضيف: «يقود (داعش) قتالاً قاسياً وشرساً في محاولة منه للخلاص من حالة الحصار»، لافتاً إلى استعماله «كل أنواع الأسلحة والسيارات المفخخة والمدنيين دروعا بشرية». ويؤكد غابريال أن قواته «تستخدم كل قدراتها من وحدات خاصة وأسلحة ثقيلة والمجموعات العسكرية الموجودة».
وتعتمد هذه القوات، وفق هيراس، على «مقاتلين عرب من العشائر لشن الهجمات ضد التنظيم» الذي «حوّل تلك المنطقة إلى مصيّدة للموت»، مشيراً إلى أن مقاتلي «(سوريا الديمقراطية) يدركون ذلك جيداً».
ورغم الصعوبات، فإن التحالف الدولي يبدو واثقا من قدرته على إنهاء وجود «داعش» في المنطقة، بعد خسارة الأخير غالبية موارده وأسلحته والهزائم الكبيرة التي لحقت به في مناطق أخرى. وقال نائب قائد قوات التحالف الدولي اللواء كريستوفر غيكا في بيان قبل أيام: «في هذه المرحلة من العملية، ليس هناك ما يكفي من (داعش) لإحراز أي مكاسب بارزة أو دائمة».
«داعش» يستميت في الدفاع عن آخر معاقله على الحدود السورية ـ العراقية
مقتل 15 من «سوريا الديمقراطية» في غارة على سجن شرق دير الزور
«داعش» يستميت في الدفاع عن آخر معاقله على الحدود السورية ـ العراقية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة