البرلمان الليبي يقر تعديله العاشر على قانون الاستفتاء على الدستور

حكومة السراج تسعى إلى رسم خريطة أمنية جديدة لطرابلس

فائز السراج يلقي كلمته خلال حفل تخرج فوج جديد من الضباط بأكاديمية طرابلس (أ.ف.ب)
فائز السراج يلقي كلمته خلال حفل تخرج فوج جديد من الضباط بأكاديمية طرابلس (أ.ف.ب)
TT

البرلمان الليبي يقر تعديله العاشر على قانون الاستفتاء على الدستور

فائز السراج يلقي كلمته خلال حفل تخرج فوج جديد من الضباط بأكاديمية طرابلس (أ.ف.ب)
فائز السراج يلقي كلمته خلال حفل تخرج فوج جديد من الضباط بأكاديمية طرابلس (أ.ف.ب)

أقر مجلس النّواب الليبي بشكل مفاجئ، أمس، تعديلاً دستورياً جديداً، هو العاشر من نوعه، يشمل تحصين المادة السّادسة من قانون الاستفتاء على الدّستور، بينما تحاول حكومة الوفاق الوطني، التي يرأسها فائز السراج، وضع الجيش تحت قيادتها، وذلك بالتزامن مع رسم خريطة أمنية جديدة في العاصمة طرابلس، تعيد فيها تمركز الميليشيات المسلحة، بغية منع اندلاع أي اشتباكات جديدة بين الميليشيات، التي تتصارع على السلطة ومناطق النفوذ في المدينة.
وقال عبد الله بليحق، الناطق الرّسمي باسم مجلس النواب، الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي مقرا له، في بيان إنه وفقا للتعديل الجديد، فإن المادة السّادسة من مشروع قانون الاستفتاء، تضمّنت تقسيم الدّوائر الانتخابية على الاستفتاء لثلاث دوائر (برقة - طرابلس - فزان). موضحا أن الاستفتاء في هذه الدّوائر سيتم كلّ على حدة، شريطة موافقة ثلثي مواطني ليبيا على تمرير الدستور و(50 + واحد) لكلّ إقليم، ومشيرا في السياق ذاته إلى أن مجلس النّواب يدرس تعديل المجلس الرئاسي، الذي يتولى السلطة التنفيذية في البلاد، إلى رئيس ونائبين له، واختيار رئيس حكومة منفصل عن المجلس الرئاسي الحالي لحكومة السراج، الذي يضم تسعة أعضاء.
بدوره، اعتبر فائز السراج رئيس الحكومة، التي تحظى بدعم من بعثة الأمم المتحدة، أن جهود توحيد المؤسسة العسكرية يجب أن تتم وفقاً للمبادئ الأساسية للدولة المدنية الديمقراطية. وقال السراج في بيان إنه بحث لدى اجتماعه بطرابلس مع اللواء أسامة الجويلي، آمر المنطقة العسكرية الغربية أمس، آخر المستجدات والتطورات على الصعيدين العسكري والأمني في المنطقة الغربية، بالإضافة إلى استعراض الترتيبات الأمنية التي بدأت في طرابلس، ودور ومهام المناطق العسكرية في إجراءات تنفيذها.
ومن جانبه، كشف اللواء السابع، أحد الأطراف الرئيسية التي تسيطر على طرابلس، عن مفاوضات ترعاها بعثة الأمم المتحدة لإقناع ميليشيات مسلحة أخرى بالتخلي عن سيطرتها على مطار طرابلس الدولي. إذ قال المكتب الإعلامي باللواء السابع مشاة في بيان، أصدره أمس، إنه أرسل أعضاء من ضباطه للتفاوض مع «أغنيوة الككلي» بعد اجتماع ضم جميع ضباط اللواء السابع مع المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة، وعدة صحافيين.
وأوضح البيان أنه تم الاتفاق خلال الاجتماع على وقف إطلاق النار من طرف اللواء السابع مؤقتا، مشيرا إلى أنه سيتم التفاوض مع «الككلي» بشأن التعاون المشترك في حماية مطار طرابلس، وذلك حسب الاتفاق الذي راعه المبعوث الأممي في مدينة ترهونة.
وكان اللواء السابع، الذي سبق له تحديد مهلة 72 ساعة لميليشيات الككلي لمغادرة المطار، قد أعلن أول من أمس عن مهلة إضافية لهذه الميليشيات للخروج، وتسليمه للواء السابع خلال مدة أقصاها 48 ساعة فقط.
وهدد اللواء السابع بأنه «إذا لم تستجب (الميليشيات) لهذا الشرط، فإننا سنتخذ الأمر الحاسم للأسف وهو الحرب»، على حد قوله.
من جهته، تعهد الرائد عماد الطرابلسي، قائد جهاز الأمن العام والتمركزات الأمنية، أمس بتنفيذ القرار، الذي أصدره السراج بشأن تسليم «معسكر 7 أبريل (نيسان)» إلى صندوق الإنماء الاقتصادي والاجتماعي.
وقال الطرابلسي في رسالة نشرتها وسائل إعلام محلية، عن مدير إدارة القوة والدعم بأنه سيعيد تمركز قوته بكامل أفرادها وآلياتها من «معسكر 7 أبريل» إلى «معسكر السد بئر عياد» خلال 72 ساعة، وذلك اعتبارا من أمس، وأوضحت أنه طالب إدارته بالتقيد بالتعليمات الواردة إليها بالخصوص. كما أحاط الطرابلسي في رسالة مماثلة فتحي باشا، وزير الداخلية بحكومة السراج، علما بهذا القرار.
في غضون ذلك، قال السفير الألماني عبر حسابه الرسمي على «تويتر» إنه عقد ما وصفه بـ«اجتماع فعال» مع وزير الداخلية بحكومة السراج، الذي وضعه في صورة الخطوات التي اتخذت في إطار الترتيبات الأمنية في طرابلس، والتي أوضح أن ألمانيا تدعمها سياسيا وماليا من خلال البعثة الأممية.
وتحدث الوزير عن مساعيه لتعاون أمني متكامل مع الجانب الألماني في مجالات التدريب وتقنية المعلومات ومكافحة الجريمة، والسلامة الوطنية. بالإضافة إلى مجالات أمنية أخرى.
وبحسب بيان أصدره مكتبه، فقد شدد السفير الألماني على ضرورة تأمين الحدود الجنوبية لليبيا، بهدف الحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية، التي أصبحت مصدرا للقلق لليبيا خاصة والعالم أجمع.
وكانت الداخلية الليبية قد أعلنت في بيان آخر لها عن مراسم تسليم وتسلم الإدارة العامة للأمن المركزي، التابعة لها، بعد تغيير قياداتها، مشيرة إلى أن المدير الجديد للإدارة العميد محمد فتح الله حث أعضاءها على الضبط والربط قصد أداء مهامهم المناطة بهم على أكمل وجه، لافتا إلى أهمية دورها في فرض الأمن والعمل الميداني.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.