قد يعتقد معظم الناس أن اعتماد جيل الشباب على وسائل التواصل بقدر أكبر من أي شريحة عمرية أخرى، يجعلهم الأكثر عرضة لتناقل المعلومات المضللة المتداولة عليها، إلا إن إيثان بورتر، الأستاذ المساعد للإعلام والشؤون العامة بجامعة جورج واشنطن، كشف أن الأدلة التجريبية تشير إلى أن معظم المستخدمين الأكثر انتشاراً للمعلومات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة هم من كبار السن، حيث تميل هذه الفئة إلى استهلاك كثير من الأخبار المزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من المستخدمين الأصغر سناً. وتابع أن الأدلة المتاحة تشير إلى أن الشباب قد يكونون أفضل في التحقق من المعلومات التي يتلقونها على منصات التواصل، كما أن لديهم قدرة أكبر من كبار السن على فصل الحقيقة عن الخيال.
وأضاف، خلال ندوة صحافية بـ«مركز الصحافة»، أن أهمية تأثير التواصل الاجتماعي على الناخبين الأميركيين تأتي من حقيقة أن غالبية الأميركيين يعتمدون في الحصول على أخبارهم على وسائل الإعلام الاجتماعية، مشيراً إلى أنه رغم وجود بعض الأدلة على أن الطلب ربما بدأ في التراجع بعض الشيء، وهو ما يعني أن عدد الأميركيين الذين يقومون بالتسجيل في وسائل الإعلام الاجتماعية ربما بدأ في التناقص، فإنه عندما يتعلق الأمر بالأشخاص الأصغر سناً، على وجه الخصوص، فهناك دليل قوي على أنهم يتلقون أخبارهم بشكل أساسي من خلال «فيسبوك»، بدلاً من قراءة صحيفة، أو مشاهدة قناة إخبارية على التلفزيون، أو حتى الاستماع إلى برنامج إخباري على الراديو.
وتابع أن انتشار وسائل الإعلام الاجتماعية جعلها هدفاً مغرياً للحملات السياسية. وأضاف أنه في الانتخابات السابقة، كان من السهل على الحملات الانتخابية أن تنشر موادها السياسية عبر وسائل الإعلام الاجتماعية، التي لم يكن لها إطار تنظيمي إلى حد كبير، وكان ما تتم مشاركته على وسائل الإعلام الاجتماعية خارج نطاق الهيئات التنظيمية الفيدرالية، وربما خارج سيطرة شركات الإعلام نفسها. وأضاف: «هذا تغير الآن، وأصبح من الصعب على أي حملة سياسية أن تصدر إعلاناتها فعلياً وتوزع رسائلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وهناك قواعد صارمة حقاً». ويقوم «فيسبوك» بالتحكم في تدفق المعلومات السياسية على منصته. ويشترط حالياً على أي حملة أن تخضع لعملية التحقق للتأكد من أنها حملة سياسية في الواقع، ومن ثم تحتاج إلى إظهار أن رسائلها تتوافق مع قانون الانتخابات الفيدرالي وتتوافق أيضاً مع شروط الخدمة الخاصة بـ«فيسبوك».
وقال إن التحدي الرئيسي بالنسبة لوسائل الإعلام الاجتماعية هو، وفقاً لأفضل أدلة متوفرة، عدم وجود توافق بين الأشخاص الذين يستخدمون المعلومات الخاطئة والأشخاص الذين يستخدمون المعلومات المتحقق منها، مشيراً إلى أن الأفراد الذين يستهلكون المعلومات الخاطئة لا يستخدمون مطلقاً المعلومات المبنية على حقائق، وهو ما يخلق معضلة كبيرة في وسائل التواصل الاجتماعي، ويزيد الفجوة بين مستخدمي المعلومات الحقيقية المبنية على أدلة ومستخدمي المعلومات المغلوطة الذين لا يهتمون، في الغالب، بالتحقق من المادة الإعلامية التي يتعرضون إليها. وأضاف أنه في بيئة صغيرة يمكن إجبار الناس على رؤية المعلومات التصحيحية، غير أنه من غير المرجح أن يذهب الأشخاص الذين اعتادوا استخدام معلومات كاذبة إلى البحث عن معلومات تصحيحية، خصوصاً في حالة عدم وجود باعث يدفعهم إلى الحصول على معلومات تصحيحية.
وأكد أن تصحيح الحقائق لا يؤثر كثيراً على المواقف أو الآراء السياسية للأفراد المنتمين لحزب معين، مشيراً إلى أنه عندما يتلقى مؤيدو حزب سياسي معلومات تصحيحية حول تصريح كاذب صادر عن ذلك الحزب، فهناك أسباب وجيهة بأن هؤلاء الأفراد سيقبلون تصحيح الحقائق فعلياً، ولكن ذلك لن يغير في مواقفهم تجاه الحزب السياسي الذي أصدر تصحيحاً لبيانات مغلوطة كان قد نشرها قبل ذلك.
وأشار إلى أن هذا الأمر مهم فهمه للغاية، لأنه يبين أن الأفراد الذين يتلقون معلومات واقعية وتصحيحية عبر قنوات الحزب الذين ينتمون إليه لا يتأثرون بما يتلقونه من تصحيحات، وتظل العلاقة بين تفضيلاتهم الحزبية وبين الحقائق التي تحت تصرفهم علاقة ضعيفة جداً.
وأضاف أنه نظراً لوجود كمّ لا يحصى من الرسائل الإعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة، فإن حجم التأثير الفردي لكل رسالة يتضاءل، مما يعني أن الأثر التراكمي لرسالة معينة من المحتمل أن يكون صغيراً جداً، بما في ذلك الرسائل المصممة لنشر المعلومات الخاطئة وزرع الكراهية تجاه الطرف الآخر. وتابع: «من غير المحتمل أن تكون هذه الرسائل فعالة في تحقيق النتيجة المرجوة. أفضل استعارة يمكن أن أفكر فيها هنا، خصوصاً في أوقات الحملات الانتخابية، هي لعبة شد الحبل، أليس كذلك؟ حيث يقوم كلا الحزبين بنشر موجات من الرسائل ويغرقان وسائل الإعلام الاجتماعية بعدد لا يحصى من البيانات والرسائل القصيرة، بهدف زيادة التأثير الكلي لحملاتهم الانتخابية، وفي تلك الحالة سيكون التأثير الصافي لأي رسالة واحدة محدوداً للغاية». وقال إن ضعف تأثير الرسائل على وسائط التواصل الاجتماعي لا يعني أنها غير مهمة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالمعلومات المضللة والمعلومات غير الصحيحة.
كبار السن ومواقع التواصل... علاقة متأخرة سطت عليها المعلومات المغلوطة
كبار السن ومواقع التواصل... علاقة متأخرة سطت عليها المعلومات المغلوطة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة