مخاوف من تجدد القتال في طرابلس

حكومة السراج تدخل على خط أزمة المهاجرين العالقين في مصراتة

TT

مخاوف من تجدد القتال في طرابلس

تجددت المخاوف في ليبيا، أمس، من اندلاع مواجهات بين الميليشيات المتنازعة في طرابلس، بعدما حدد «اللواء السابع مشاة»، أحد الأطراف الرئيسية في الاشتباكات الدامية التي جرت في سبتمبر (أيلول) الماضي، مهلة زمنية 72 ساعة، لميليشيا أخرى تابعة لحكومة الوفاق الوطني للانسحاب من مواقعها في مطار العاصمة الدولي.
وقال الناطق باسم «اللواء السابع مشاة» سعد الهمالي في بيان مقتضب، مساء أول من أمس: «تحقيقاً لمطالب الشعب بخروج الميليشيات من طرابلس، نعلن مهلة 72 ساعة لخروج ميليشيات غنيوة من مطار طرابلس، وإلا سنتخذ الإجراءات اللازمة في حال عدم خروجهم من المطار وتسليمه للواء السابع».
والميليشيا التي هددتها «اللواء السابع» يقودها عبد الغني الككلي المعروف بـ«غنيوة»، وتعرف باسم «قوة الردع والتدخل المشتركة»، وهي تابعة لحكومة الوفاق. وتوعدت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا «قوة الردع» بالملاحقة الدولية نتيجة خرق وقف إطلاق النار في سبتمبر الماضي والهجمات على المناطق المكتظة بالسكان. ووقعت «قوة الردع» اتفاقاً لوقف إطلاق النار أعلنته حكومة السراج وبعثة الأمم المتحدة بعد معارك طاحنة أسفرت عن مئات الضحايا.
وجاء التهديد الجديد، بينما ترأس وزير الداخلية فتحي باش أغا اجتماعاً أمنياً رفيع المستوى لدى زيارته لمركز العمليات المشتركة في طرابلس. وقال مكتب الوزير في بيان إن «الاجتماع ناقش إمكانية التعاون الأمني بين الأجهزة الأمنية كافة لبسط الأمن والأمان داخل مدينة طرابلس وضواحيها».
وذكرت الوزارة بتأكيد أغا خلال الاجتماع الأمني المنعقد في مدينة باليرمو الإيطالية الأسبوع الماضي، على دعم الترتيبات الأمنية والالتزام الدولي بحصر التواصل والاتصال مع الأجهزة النظامية دون غيرها، إضافة إلى تجفيف مصادر تمويل التشكيلات المسلحة غير المنضبطة وملاحقتها.
وقالت إن أغا حض المنظمات غير الحكومية التي تتدخل في الشأن الليبي على التعاون مع القنوات الشرعية من أجل تحقيق عوامل الاستقرار في ليبيا. ودعا إلى العمل الجاد على دعم مشروع توحيد المؤسسة العسكرية.
وعقد وزيرا الداخلية والعدل في حكومة السراج اجتماعاً ناقشا خلاله عدداً من المواضيع ذات الاهتمام المشترك. وقالت الوزارة إن الاجتماع استهدف التشاور في مجال حقوق الإنسان. وتقضي خطة الترتيبات الأمنية التي أقرتها حكومة السراج بتولي كتيبة من القوات النظامية تأمين مطار طرابلس والمنطقة المحيطة به، بعد إنهاء وجود الميليشيات هناك وسحب كل الآليات والأسلحة.
لكن الاشتباكات تجددت في جنوب طرابلس الأسبوع الماضي عقب إعلان «قوة الردع» اعتزامها السيطرة على مطار طرابلس، ما دفع «اللواء السابع» إلى إعلان المطار «منطقة عسكرية يحظر وجود المسلحين غير النظاميين فيها».
إلى ذلك، دخلت حكومة السراج على خط أزمة المهاجرين غير الشرعيين العالقين منذ الأسبوع الماضي في ميناء مصراتة غرب البلاد، إذ اقترح وكيل وزارة الداخلية لشؤون الهجرة غير الشرعية محمد الشيباني لدى اجتماعه، مساء أول من أمس، في طرابلس مع سفراء وممثلي الدول التي يوجد رعاياها داخل الباخرة في ميناء مصراتة، العودة الطوعية للمهاجرين إلى بلدانهم أو توفير بلد ثالث يقوم باستضافتهم حسب الشروط التي تراها مفوضية اللاجئين.
وقالت الوزارة في بيان إن الشيباني «أكد ضرورة العمل في أسرع وقت مع فريق التفاوض، وإشراك السفارات لحلحلة هذه الأزمة الإنسانية». وأضاف: «نتعامل مع هذه الأزمة بكل القيم الإنسانية ونبتعد كل البعد عن العنف كحل نهائي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».