ليبيا: مظاهرات في طرابلس وبنغازي بـ«المكانس» ضد تمديد المؤتمر الوطني فترة ولايته

بضع عشرات من المواطنين الليبيين خلال تظاهرهم أمس بالمكانس في شارع الاستقلال وسط مدينة بنغازي («الشرق الأوسط»)
بضع عشرات من المواطنين الليبيين خلال تظاهرهم أمس بالمكانس في شارع الاستقلال وسط مدينة بنغازي («الشرق الأوسط»)
TT

ليبيا: مظاهرات في طرابلس وبنغازي بـ«المكانس» ضد تمديد المؤتمر الوطني فترة ولايته

بضع عشرات من المواطنين الليبيين خلال تظاهرهم أمس بالمكانس في شارع الاستقلال وسط مدينة بنغازي («الشرق الأوسط»)
بضع عشرات من المواطنين الليبيين خلال تظاهرهم أمس بالمكانس في شارع الاستقلال وسط مدينة بنغازي («الشرق الأوسط»)

وسط أجواء من التوتر السياسي، تجاهلت ليبيا أمس الاحتفال بمرور 62 عاما على استقلالها عن الاستعمار الإيطالي عام 1951، فيما خرجت مظاهرات في العاصمة الليبية طرابلس ومدينة بنغازي ثانية كبرى المدن الليبية في الشرق، احتجاجا على إعلان المؤتمر الوطني العام (البرلمان) تمديد ولايته القانونية التي كان من المفترض أن تنتهي بحلول شهر فبراير (شباط) المقبل، إلى نهاية عام 2014.
وفى تقليد جديد هو الأول من نوعه، حمل المئات من المتظاهرين «المكانس» ولافتات تعبر عن رفضهم لقرار المؤتمر الوطني الذي يعتبر أعلى سلطة تشريعية في البلاد، بتمديد فترة عمله. وخرجت مظاهرة محدودة من بضع عشرات المواطنين مقابل شرفة قصر المنار التي أعلن منها استقلال ليبيا بشارع الاستقلال وسط مدينة بنغازي، حيث قال مشاركون في المظاهرة لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بنغازي إنه جرى التعدي عليهم بالحجارة من أعلى العمارات المقابلة لميدان المظاهرة وإطلاق الرصاص في الهواء في ما يبدو للتخويف. وفي وسط العاصمة طرابلس، رفع مئات المتظاهرين في ميدان الجزائر أيضا «المكانس» بالإضافة إلى لافتات تعبر عن رفضهم لقرار المؤتمر الوطني الذي يعتبر أعلى سلطة تشريعية في البلاد، بتمديد فترة عمله. وقال أحد الإعلاميين المشاركين في هذه المظاهرة لـ«الشرق الأوسط» إن «المكانس ترمز إلى رغبة الشعب في كنس المؤتمر بالمقشات، كرد يعبر عن رفض التمديد.. وترمز إلى أننا سنكنسهم لو لم يتراجعوا عن التمديد». وكان مقررا أن يوجه نوري أبو سهمين، رئيس المؤتمر الوطني، كلمة متلفزة إلى الشعب الليبي مساء أمس بمناسبة ذكرى الاستقلال التي تزامنت مع إعلان الحكومة الانتقالية برئاسة علي زيدان حالة الحداد لمدة ثلاثة أيام عقب مصرع وإصابة نحو 30 شخصا في أول هجوم انتحاري من نوعه في شرق البلاد ضد بوابة تابعة لقوات الجيش الليبي.
وكان عمر حميدان، المتحدث الرسمي باسم المؤتمر الوطني، قد أعلن عقب جلسة عقدها المؤتمر بمقره الرئيس بطرابلس أول من أمس، أن المؤتمر قبل مبدئيا التصور والمقترح المقدم من قبل لجنة خارطة الطريق، الذي يقول إن عمل المؤتمر الوطني العام ينتهي في 24 ديسمبر (كانون الأول) من العام المقبل، موضحا أن المؤتمر قبله مبدئيا حيث إن هناك ملحقا ثانيا وعدة قوانين وخطط ملحقة به سوف يدرسها ليقول فيها كلمته بشكل عام.
وقال حميدان إن المؤتمر أقر هذا المقترح بواقع 102 صوت من 126 صوتا، والذي يقول بأن المؤتمر الوطني العام سيواصل أعماله إلى نهاية العام المقبل كحد أقصى وبعد ذلك تتولى هيئة تشريعية أخرى إدارة السلطة في ليبيا.
ولفت إلى أن الأمم المتحدة قدمت للمؤتمر الوطني تصورا سوف يتم النظر فيه، وأن اللجنة المقدمة من الأمم المتحدة درست العديد من الخطط واجتمعت مع لجنة خارطة الطريق بالمؤتمر، وجرى الاتفاق على أن يقدموا خططا أخرى سوف يتم النظر فيها وتناقش من قبل المؤتمر بعد ذلك، وأن كل هذه الخطط ستناقش، كما سيناقش المؤتمر الخطط التكميلية والملحق المقدم من قبل لجنة خارطة الطريق ليقول فيهما كلمته النهائية.
وأوضح حميدان أن المؤتمر يتابع الأوضاع الأمنية التي يشهدها عدد من المدن الليبية وتداعياتها من تفجيرات واغتيالات حصلت، ويتواصل مع الحكومة حول هذه الأحداث. وكشف النقاب عن أن المؤتمر ناقش الأوضاع المتعلقة بالموانئ والحقول النفطية المتوقفة عن الإنتاج منذ فترة طويلة وما سببته من أزمة للبلاد، لافتا إلى أن المؤتمر حاول أن يستصدر قرارا يعزز موقف الحكومة ويضعها أمام مسؤولياتها ويلزمها باتخاذ ما تراه من إجراءات لحل المشكلة النفطية، حيث تم طرح مقترح بشأن مشروع قانون في هذا الشأن ولكن لم يتم التصويت عليه. وأشار إلى أن مكتب رئاسة المؤتمر قد اجتمع مع علي زيدان رئيس الوزراء، وتبين خلال الاجتماع أن زيدان لديه خطة أو تصور لحل هذه الأزمة، وبالتالي أرجأ الأمر إلى حينه.
إلى ذلك، عبرت مجموعة السفراء الأفارقة المعتمدين لدى ليبيا عن احترامها المطلق لوحدة ليبيا وسيادتها وسلامة أراضيها، والتزامها الثابت بدعم المسار الانتقالي في ليبيا والإسهام في الجهود الرامية إلى تعزيز السلام والأمن والاستقرار واستتباب النظام العام بها. وأكدت مجموعة السفراء الأفارقة، في بيان أصدرته عقب اجتماعها بطرابلس وبثته وكالة الأنباء المحلية، تضامنها الفعال مع الشعب الليبي وإكبارها لشجاعته وتضحياته ونضاله البطولي ضد الديكتاتورية والقمع، والذي تُوج بنجاح ثورة عام 2011. وشدد البيان على أهمية الحوار الوطني الشامل من أجل إنجاح المسار الانتقالي الديمقراطي من ناحية وتحقيق المصلحة الوطنية من ناحية أخرى، مناشدا كل الأطراف والقوى الإقليمية والمجتمع الدولي تقديم كل الدعم والمساعدة بما يحقق استكمال الانتقال الديمقراطي في ليبيا.
وقالت مصادر بمركز بنغازي الطبي إن المستشفى استقبل أحد المواطنين إثر تفجير السيارة التي كان يقودها بعبوة لاصقة، مشيرة إلى أن الحالة حرجة وقد بترت رجله.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.