صراع إرادات بين الكتل العراقية يمنع حسم حقيبتي الدفاع والداخلية

TT

صراع إرادات بين الكتل العراقية يمنع حسم حقيبتي الدفاع والداخلية

منح إعلان البرلمان العراقي إرجاء جلسته المقررة اليوم إلى الأربعاء المقبل «لتزامنها مع عطلة رسمية»، مزيداً من الوقت للقوى السياسية لمحاولة حل الخلافات التي لا تزال تحول دون حسم حقيبتي الدفاع والداخلية في حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي.
واستبعد النائب عن «المحور الوطني» محمد الكربولي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» الانتهاء من ملفي الدفاع والداخلية هذا الأسبوع «رغم كل ما يقال عن توافقات». ورأى أنه «في حال بقي سليم الجبوري مرشحاً للدفاع يمكن أن يحصل توافق عليه من قبل كتل عدة، لكن في حال تم طرح مرشحين آخرين فإن الأمر يحتاج إلى جولة أخرى من التوافقات».
لكن مصدراً مطلعاً من داخل «كتلة الفتح» التي يتزعمها هادي العامري قال لـ«الشرق الأوسط»: إنه «ما لم تحصل متغيرات، وهي متسارعة عادة في العراق، فإن جلسة الأربعاء ستشهد على الأقل حسم الوزارات الست الأخرى بعد أن عزلت عن ملفَي الدفاع والداخلية».
وأشار إلى أنه «على رغم وجود محاولات حثيثة من أجل التوافق على مرشح الداخلية فالح الفياض الذي لا تزال كتلة سائرون ترفع الفيتو ضده، فإن حقيبتي الدفاع والداخلية يمكن أن تُطرحا للتصويت ضمن الفضاء الوطني» من دون انتظار توافق الكتل.
وقلل من حظوظ سليم الجبوري في شغل حقيبة الدفاع «في حال تم التصويت عليه من دون توافق مسبق، ليس من باب الاعتراض على شخصه، لكن لكون اختصاصه بعيداً تماماً عن وزارة معقدة مثل الدفاع».
لكنه اعتبر في المقابل أن المشكلة التي يواجهها ترشيح الفياض تتمثل في أن «هناك هيمنة واضحة لصراع الإرادات بين طرفين لا يريد أحدهما التنازل عن سقف مطالبه، فـ(سائرون)، وتحديداً السيد مقتدى الصدر، لم تتزحزح حتى الآن بشأن القبول بالفياض، والأمر نفسه بالنسبة إلى (تحالف البناء)، الذي لا يبدو مستعداً للتخلي عنه».
ويرى الناطق السابق باسم الحكومة، علي الدباغ، أن التأخر في استكمال التشكيلة الوزارية «يعكس الصراع بين الكتل السياسية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «من الواضح أن رئيس الحكومة قد ترك الأمر لتوافق هذه الكتل على مرشح غير مختلف عليه ورمى الكرة في ملعبها». وأوضح، أنه «لم تعد هناك مشكلة في مرشحي الوزارات الست الأخرى وأتوقع أن يلجأ عبد المهدي إلى تجزئة الترشيح فيقدم المرشحين الستة هذا الأسبوع ويبقي مرشحي الدفاع والداخلية لغاية حصول اتفاق نهائي بين الكتل السياسية». ورأى أن هذا السيناريو هو الأقرب لتقوية التشكيلة «وكي تنطلق الوزارات في مهامها» التي حددها برنامج الحكومة.
إلى ذلك، ناقش سياسيون وشخصيات عامة البرنامج الذي قدمته الحكومة ونالت بموجبه ثقة البرلمان قبل ثلاثة أسابيع. وانتقد مشاركون في ندوة عقدها «المركز العراقي للتنمية الإعلامية»، مساء أول من أمس، «اللغة الإنشائية» التي غلبت على البرنامج.
وحضر النقاش عدد من أعضاء البرلمان الحالي والسابق وسياسيون وأكاديميون وعدد من رؤساء تحرير الصحف ومسؤولي المؤسسات الإعلامية. وقال وزير العلوم والتكنولوجيا السابق النائب الحالي عن كتلة «سائرون» رائد فهمي، في مداخلة طويلة خلال الندوة: إن «لدى مجلس النواب الحالي خططاً مدروسة من شأنها مراقبة ودعم تنفيذ المنهاج الحكومي في أوقاته المحددة، وإزالة المعوقات والعراقيل التي قد تقف عائقاً، ولا سيما فيما يخص التشريعات والقوانين، وكذلك محاربة الفساد في مختلف مؤسسات الدولة التي أثرت بشكل كبير على المشروعات والبرامج والاستثمارات في مختلف القطاعات طوال السنوات الماضية».
ووصف المنهاج الحكومي بأنه «إيجابي بشكل عام»، لكنه أوضح أنه «يفتقر إلى رؤية واضحة باتجاه التعليم، وهي مسألة في غاية الأهمية، فضلاً عن كونه ليس متسلسلاً في كيفية معالجة النواقص في مختلف المجالات وبالأخص في الجانب الاقتصادي».
وأوضح فهمي، أن البرنامج «لم يحدد على نحو واضح كيفية القضاء على مشكلة البطالة، وكذلك تفعيل القطاعات الإنتاجية كما أنه لا توجد لدى الحكومة مشروعات عملاقة». ورأى أن «العراق بعد حربه مع (داعش) أصبح يحظى بدعم دولي كبير، لكن يتعين على العراق أن يعرف بدوره ما يريد».
وأكد الكاتب محمد عبد الشبوط، أن «من الضروري أن تكون هناك تشريعات وقوانين من شأنها ترسيخ قيم المواطنة والهوية الوطنية لبناء دولة حضارية حديثة بعيداً عن التخندقات والاصطفافات الانتخابية والفئوية، والاستفادة من أخطاء العملية السياسية».
ورأى أن «العملية السياسية في العراق تعاني من عيوب تأسيسية»، معتبراً أنه «متى ما تجاوز العراقيون دولة المكونات إلى دولة المواطنة، فإنه يمكن الحديث عن دولة حضارية تبدأ من التعليم الابتدائي، وهو ما افتقر إليه المنهاج الحكومي الذي جاء منسجماً مع مفهوم دولة المكونات لا المواطنة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».