انتقادات لكاميرون لعزمه فرض قيود جديدة على الهجرة

كاميرون يلقي خطابا في ختام القمة الأوروبية الأخيرة في بروكسل يوم الجمعة الماضية (رويترز)
كاميرون يلقي خطابا في ختام القمة الأوروبية الأخيرة في بروكسل يوم الجمعة الماضية (رويترز)
TT

انتقادات لكاميرون لعزمه فرض قيود جديدة على الهجرة

كاميرون يلقي خطابا في ختام القمة الأوروبية الأخيرة في بروكسل يوم الجمعة الماضية (رويترز)
كاميرون يلقي خطابا في ختام القمة الأوروبية الأخيرة في بروكسل يوم الجمعة الماضية (رويترز)

أثارت مقترحات رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الأخيرة بخصوص الهجرة، انتقادات حادة، ليس من الاتحاد الأوروبي فحسب، وإنما أيضا من شركائه في التحالف الحكومي، الليبراليين الديمقراطيين، الذين وصفو طرحه بالمناورة سياسية.
وحذر، نيك كليغ، نائب رئيس الوزراء، بأنه لن يسمح بفرض أي مزيد من القيود على الهجرة داخل الاتحاد الأوروبي خلال وجوده في الحكومة، وكتب في صحيفة «صنداي تايمز» اللندنية: «لصق لافتة كبيرة تحمل عبارة ممنوع الدخول على تلال دوفر قد يحظى بتأييد سياسي، لكنه سيكون مصحوبا بكلفة اقتصادية ضخمة». كما اتهم فينس كابل، وزير الأعمال، والعضو في حزب الليبراليين الديمقراطيين، كاميرون وحزبه المحافظ بفرض مزيد من القيود على الهجرة بسبب المخاوف من حزب الاستقلال البريطاني «يوكيب»، المعارض للهجرة والذي يطالب بالانفصال عن الاتحاد الأوروبي. وقال كابل: «أعتقد أن هذا لن يحقق لهم أي مكاسب سياسية، وإنما سيتسبب في قدر كبير من الضرر»، وأشار إلى وجود قدر كبير من التوتر داخل حكومة التحالف مع اقتراب انتخابات مايو (أيار) 2015.
ويأتي هذا الخلاف في وقت يحاول فيه كاميرون الاقتراب من اليمين دون الإضرار بالوسط، ومع اقتراب المواطنين الرومانيين والبلغار من التمتع بحقوق العمل في دول الاتحاد الأوروبي مثلما يتمتع بها باقي مواطني دول الاتحاد، على الرغم من انضمام بلديهما إلى الاتحاد عام 2007. وحذرت وسائل الإعلام وقادة حزب الاستقلال البريطاني من تدفق ضخم للرومانيين والبلغار، مشيرة إلى أنهم سيحصلون على فرص عمل البريطانيين ويحاولون الاستفادة من نظام الضمان الاجتماعي البريطاني، أو كما يطلق عليه سياحة الرفاهية، وإثقال كاهل الميزانية ونظام الصحة العامة.
وعلى الرغم من أن الدراسات تؤكد حقيقة أن المهاجرين السابقين عادة ما كانوا يشغلون الوظائف التي يحجم البريطانيون عنها ويدفعون ضرائب أكثر مما يحصلون عليه من خدمات اجتماعية، لا تزال القضية حساسة نظرا لتباطؤ معدلات النمو وارتفاع معدل البطالة وشكوى البريطانيين من ارتفاع نفقات المعيشة وخصوصا في مجال الطاقة والإسكان.
وأشار كاميرون إلى رغبته في تمرير قانون قبل نهاية العام الحالي يمنع المهاجرين الجدد من الحصول على إعانات البطالة خلال الأشهر الثلاثة الأولى، وطرحت وزيرة داخليته، تيريزا ماي، فكرة وضع حد أقصى لمهاجري دول الاتحاد الأوروبي بنحو 75.000 مهاجر سنويا، وهو ما رفضه الليبراليون الديمقراطيون، ومسؤولو الاتحاد الأوروبي بوصفه غير قانوني وغير قابل للتطبيق، بحسب كليغ، الذي أيد، على الرغم من ذلك، أهلية المهاجرين لإعانات لمدة ثلاثة أشهر.
وكان تعهد رئيس الوزراء في انتخابات 2010 بخفض أعداد المهاجرين بعشرات الآلاف بحلول عام 2015، من أصل 200.000 مهاجر سنويا، وفقا للتقديرات الحالية، قد تعرض إلى انتقادات شديدة يوم الاثنين من المعهد الوطني للأبحاث الاقتصادية والاجتماعية. وقالت المجموعة، إن «القيود ستؤدي إلى انكماش الاقتصاد بنسبة 10 في المائة بحلول عام 2060 وإن خفض أعداد المهاجرين الشبان سيرفع من تكلفة رعاية كبار السن».
لم تقتصر الانتقادات التي يواجهها كاميرون على حزب الاستقلال البريطاني وزعيمه نيغل فاراج، لكن الأهم من ذلك، من الجناح المعارض للاتحاد الأوروبي في حزبه المحافظ، حيث أيد 100 من أعضاء البرلمان الانفصال عن الاتحاد الأوروبي بصيغته الحالية.
وكانت النقاشات البريطانية قد شهدت توترا عندما أدلت وزيرة الدفاع التابعة لحزب المحافظين آنا سوبري بتعليق عنصري، بشأن ما وصفته تعبيرات وجه فاراج الغريبة. وقد أثار هذا التصريح ردود فعل غاضبة على «تويتر» ومن فاراج، وهو ما دفع سوبري إلى الاعتذار قائلة إنها كانت «ملاحظة هزلية».
من ناحية أخرى لم يعلق حزب العمال البريطاني المعارض على القضية في أعقاب نتائج استطلاعات الرأي التي تشير إلى استياء البريطانيين من الهجرة. وحاول الحزب في وقت سابق أن يظهر تشددا تجاه الهجرة، مقترحا اختبارات إقامة أكثر صرامة ومطالبة الشركات الكبرى بتعيين متدرب بريطاني مقابل كل عامل أجنبي يجري تعيينه.
على صعيد ذي صلة، حذر الرئيس البلغاري روزين بليفنيليف، رئيس الوزراء البريطاني من اللعب بمخاوف المواطنين في وقت تشير فيه استطلاعات الرأي الأوروبية إلى تقدم نسبي للأحزاب اليمينية المتطرفة. وقال بليفنيليف لصحيفة «الأوبزرفر» الأسبوعية الصادرة الأحد: «عزل وتشويه صورة بريطانيا ليسا الوسيلة الأنسب لكتابة التاريخ. الشعب البلغاري يثير الكثير من التساؤلات اليوم بشأن المجتمع البريطاني الإنساني المتسامح والديمقراطي». وتساءل ما إذا كانت بريطانيا تسطر تاريخ تحول إلى العزلة والقومية والنهج السياسي قصير الأمد.
وبدوره عبر مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون العمل، المجري لازلو أندور، عن انتقادات مشابهة لانتقادات بليفنيليف، واصفا جهود كاميرون بفرض قيود على الإعانات الموجهة إلى المهاجرين الجدد بأنها رد فعل مبالغ فيه ومؤسف، يمكنه أن يتسبب في نوع من الهلع. ورأى أن هذه الخطط تخاطر بتحويل بريطانيا إلى دولة سيئة في الاتحاد الأوروبي.
وانتقد رئيس الوزراء الروماني، تيتوس كورلاتين، أخيرا المخاوف بشأن الرومانيين والبلغار وآخرين بأنها عنصرية، مطالبا كاميرون بنبذ المخاوف من الأجانب والشعبوية والمواقف العنصرية التي يشجعها بعض السياسيين البريطانيين الآخرين بعبارات واضحة. وقال كورلاتين، إن «الرومانيين لن يتدفقوا إلى بريطانيا» مشيرا إلى أن المملكة المتحدة «ليست البلد الوحيد في الاتحاد الأوروبي، بالمناسبة».
* خدمة «نيويورك تايمز»



بايرو للسعي إلى «مصالحة» بين الفرنسيين

الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف فرنسوا بايرو في صورة تعود لشهر مارس 2022 خلال الحملة الرئاسية الأخيرة (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف فرنسوا بايرو في صورة تعود لشهر مارس 2022 خلال الحملة الرئاسية الأخيرة (أ.ف.ب)
TT

بايرو للسعي إلى «مصالحة» بين الفرنسيين

الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف فرنسوا بايرو في صورة تعود لشهر مارس 2022 خلال الحملة الرئاسية الأخيرة (أ.ف.ب)
الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة المكلف فرنسوا بايرو في صورة تعود لشهر مارس 2022 خلال الحملة الرئاسية الأخيرة (أ.ف.ب)

بعد أكثر من أسبوع من الترقب، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حليفه فرنسوا بايرو رئيساً للوزراء، على أمل تجاوز الأزمة الكبرى التي تعانيها فرنسا منذ حلّ الجمعية الوطنية في يونيو (حزيران) وإجراء انتخابات لم تسفر عن غالبية واضحة.

ويأتي تعيين بايرو، وهو سياسي مخضرم يبلغ 73 عاماً وحليف تاريخي لماكرون، بعد تسعة أيام من سقوط حكومة ميشال بارنييه إثر تصويت تاريخي على مذكرة لحجب الثقة دعمها نواب اليسار واليمين المتطرف في الرابع من ديسمبر (كانون الأول).

وعبّر رئيس الوزراء الفرنسي الجديد عن أمله في إنجاز «مصالحة» بين الفرنسيين، لكنَّه يواجه تحدياً كبيراً لتجاوز الأزمة القائمة. وقال بايرو في تصريح مقتضب للصحافيين: «هناك طريق يجب أن نجده يوحد الناس بدلاً من أن يفرقهم. أعتقد أن المصالحة ضرورية».

وبذلك يصبح بايرو سادس رئيس للوزراء منذ انتخاب إيمانويل ماكرون لأول مرة عام 2017، وهو الرابع في عام 2024، ما يعكس حالة عدم استقرار في السلطة التنفيذية لم تشهدها فرنسا منذ عقود.

ويتعيّن على رئيس الوزراء الجديد أيضاً التعامل مع الجمعية الوطنية المنقسمة بشدة، التي أفرزتها الانتخابات التشريعية المبكرة. وقد أسفرت الانتخابات عن ثلاث كتل كبيرة، هي تحالف اليسار والمعسكر الرئاسي الوسطي واليمين المتطرف، ولا تحظى أي منها بغالبية مطلقة.

وقالت أوساط الرئيس إن على بايرو «التحاور» مع الأحزاب خارج التجمع الوطني (اليمين المتطرف) وحزب فرنسا الأبية (اليسار الراديكالي) من أجل «إيجاد الظروف اللازمة للاستقرار والعمل».