حراك سياسي لضمان عدم تفجير الحكومة الجديدة من الداخل

مصادر تعتبر أن الحصول عليها يسقط العقد وفي مقدمتها «السنّية»

المفتي اللبناني دريان مع الوزير باسيل أول من أمس (دار الإفتاء)
المفتي اللبناني دريان مع الوزير باسيل أول من أمس (دار الإفتاء)
TT

حراك سياسي لضمان عدم تفجير الحكومة الجديدة من الداخل

المفتي اللبناني دريان مع الوزير باسيل أول من أمس (دار الإفتاء)
المفتي اللبناني دريان مع الوزير باسيل أول من أمس (دار الإفتاء)

تتكثّف اللقاءات السياسية في لبنان على أكثر من خط تحت عنوان تذليل العقدة السنية التي تحول لغاية الآن دون تشكيل الحكومة؛ بسبب مطالبة «حزب الله» بتوزير أحد حلفائه السنة، في وقت تؤكد مصادر متابعة للحراك أن الهدف الأهم، وبخاصة ذلك الذي يعمل عليه وزير الخارجية جبران باسيل، لم يعد إيجاد حل لهذه العقدة أو تلك، بقدر ما هو الحصول على ضمانات لاستمرار الحكومة عند تشكيلها وعدم تفجيرها من الداخل.
وتنطلق المصادر في معلوماتها ومقاربتها لهذا الواقع من خطاب رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري وأمين عام «حزب الله»، اللذين وإن تركا باباً صغيراً مفتوحاً للحلّ فهما وضعا حدوداً أمام بعضهما بعضاً. وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط»: إن «المشكلة لم تعد الآن وزيراً بالناقص أو بالزائد؛ فالمطلوب اليوم هو ضمانات من مختلف الأطراف والضغط لعدم تفجير الحكومة من الداخل، وإذا تحقّق هذا الأمر، عندها تسقط كل العقد، وعلى رأسها العقدة السنية، وبالتالي فإن عدم الحصول على هذه الضمانات سيجعلها حكومة صدامات غير قابلة للبقاء أو الاستمرار والإنتاج في ظل الانقسام الحالي، وحتى إذا ذلّلت العقدة».
وتلفت المصادر إلى أن حراك باسيل باتجاه القيادات الروحية، إذ سبق له أن التقى مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان، واجتمع أمس مع البطريرك الراعي، تصب جميعها في هذا الإطار وتحت هذا الهدف.
ومع المعلومات التي يتم التداول بها حول أفكار الحل التي تطرح لتذليل «العقدة السنية»، تنفي المصادر البحث في حل أو اقتراح بحدّ عينه، مع تأكيدها على أنه يبدو واضحاً أن طرفي الأزمة، الحريري ونصر الله، متمترسين خلف مواقفهما، كما أن رئيس الجمهورية لن يسمّي وزيراً من النواب الستّة ضمن حصّته، وترى في الوقت عينه أن الفكرة التي تطرح بتسمية الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري وزيراً سنياً من خارج النواب السنة حلفاء الحزب على أن يلقى رضاهم، تبدو أقرب إلى المنطق.
في هذا الإطار، نقلت «وكالة الأنباء المركزية» عما وصفتها بـ«المصادر الإسلامية»، رفضها توصيف العقدة بـ«السنية»، مؤكدة أنها «عقدة (حزب الله)، لكنه غلّفها بصبغة طائفية»، واعتبرت «أنها أمر عمليات عسكري لتعطيل الحكومة، أما ترجمة هذا الأمر على أرض الواقع فمتوقّف على قرار إيران (المحشورة) في اليمن وسوريا والمحاصرة بالعقوبات الاقتصادية الأخيرة؛ لذلك ستحاول (تنفيس) هذا الضغط عليها بالإمساك بورقة الحكومة اللبنانية».
وحول الحل المقترح، شدّدت على «أن الرئيس الحريري أقفل الباب بإحكام على أي تسلل إلى حصته الوزارية بعدما تنازل عن وزيرين، واحد لرئيس الجمهورية، وآخر لرئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي؛ لذلك فإن الحل الأقرب إلى الواقع أن يُبادر الرئيس عون إلى تسمية سنّي من النواب الستة من حصّته».
وكان ميقاتي تخوف من أن تطول أزمة التأليف «بسبب رفع المواقف السياسية على نحو عرقل مهمة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، وبدد كل الأجواء الإيجابية التي سادت مؤخراً».
وجدد النائب في «كتلة حزب الله» الوليد سكرية، في حديث إذاعي، أمس، التأكيد على موقف النواب السنة المستقلين وحقهم بالتمثيل في الحكومة، مشيراً إلى أنه «على الرئيس المكلف أن يجد الطريقة الأنسب لعملية التشكيل ويمضي بها».
وأشار إلى أن اللقاء الذي عقده باسيل مع النائب فيصل كرامي، كان «في إطار التهدئة»، مشيراً إلى أن اجتماع وزير الخارجية مع «النواب السنة» غير مطروح، داعياً إلى «العمل لإيجاد الحلول».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».