مقتل مسؤول في «الجهاد» وأبنائه.. والضفة تدخل على خط المواجهة

850 قتيلا و5500 جريح و230 ألف نازح في ثلاثة أسابيع

فلسطينيون متأثرون للدمار الذي خلفه قصف الجيش الإسرائيلي على بيوتهم بمنطقة خان يونس أمس (أ.ب)
فلسطينيون متأثرون للدمار الذي خلفه قصف الجيش الإسرائيلي على بيوتهم بمنطقة خان يونس أمس (أ.ب)
TT

مقتل مسؤول في «الجهاد» وأبنائه.. والضفة تدخل على خط المواجهة

فلسطينيون متأثرون للدمار الذي خلفه قصف الجيش الإسرائيلي على بيوتهم بمنطقة خان يونس أمس (أ.ب)
فلسطينيون متأثرون للدمار الذي خلفه قصف الجيش الإسرائيلي على بيوتهم بمنطقة خان يونس أمس (أ.ب)

ارتفع عدد الضحايا الفلسطينيين إلى نحو 850 قتيلا و5500 جريح في قطاع غزة، بعد قتل الجيش الإسرائيلي أمس 35 آخرين على الأقل في الجمعة الأخير من شهر رمضان، ومن بينهم مسؤول الإعلام الحربي في سرايا القدس، واثنان من أبنائه، في وقت دخلت فيه الضفة الغربية بقوة على خط المواجهة مع إسرائيل، بعد اشتباكات هي الأعنف منذ الانتفاضة الثانية، وطالت جميع أنحاء الضفة، بما فيها القدس، وخلفت قتلى وجرحى.
وأفاق الفلسطينيون في غزة، فجر الجمعة، كالعادة، على قصف عنيف تركز شمال وجنوب القطاع، وراح ضحيته رجال ونساء وأطفال، بينما تواصل القتال العنيف على الأرض بين الجيش الإسرائيلي ومقاتلين داخل المدن الفلسطينية الحدودية في بيت حانون والشجاعية وبيت لاهيا وخان يونس.
وقصفت المدفعية الإسرائيلية مناطق قريبة من سوق النصيرات وسط قطاع غزة أمس، عندما كانت مكتظة بالفلسطينيين، فقتل ستة وأصيب نحو 40.
وقال شهود عيان إن دبابات وطائرات الاحتلال تناوبت على قصف منطقة السوق، وهي مكتظة بالمتسوقين، ومن دون سابق إنذار.
كما استهدف بيت مسؤول الإعلام الحربي في سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، صلاح أحمد أبو حسنين (أبو أحمد) (45 عاما) في رفح جنوب قطاع غزة، مما أسفر عن مقتله واثنين من أطفاله، وأصابت 18 من عائلته بجروح.
وقالت إسرائيل إن أبو أحمد كان عضوا في المجلس العسكري الأعلى للجهاد الإسلامي. ونعت سرايا القدس «أبو أحمد»، وتعهدت بالانتقام له.
وردت السرايا بقصف مستوطنات ومدن إسرائيلية بالصواريخ والقذائف، وأكدت في بيان لها أنها قصفت بئر السبع وأسدود بخمسة صواريخ غراد وقتلت ثلاثة جنود إسرائيليين في كمين محكم شرق خزاعة، شرق خانيونس، ولكن لم يتسن التأكد من صحة ذلك.
واعترفت إسرائيل بمقتل جندي إسرائيلي واحد، ولكن في شمال قطاع غزة، مما يرفع عدد القتلى من الجنود الإسرائيليين إلى 34 جنديا منذ بدء العدوان على غزة في 8 يوليو (تموز).
كما قصفت كتائب القسام مجددا مدن إسرائيل، واستهدفت مطار بن غوريون في تل أبيب.
وفي هذه الأثناء انتشلت طواقم الإسعاف سبعة جثامين متحللة لشهداء سقطوا في حي الشجاعية شرق غزة، الأحد الماضي. وانتشلت طواقم المنقذين الجثث، بعد إزالة بعض أنقاض المباني المدمرة، ونقلتها إلى مشفى الشفاء.
وكنت إسرائيل قصفت حي الشجاعية بمئات أطنان القنابل، مما خلف نحو 90 قتيلا، وترك جثثا تحت أنقاض المنازل في الحي الذي هجره سكانه.
ومع تواصل القصف العنيف الذي يستهدف منزل الفلسطينيين في غزة إضافة إلى منازل مسؤولي حماس والجهاد وفصائل أخرى، ارتفع عدد النازحين من منازلهم إلى 230 ألفا.
وأعلنت وكالة الغوث الدولية (الأونروا) أن نحو 230 ألفا من سكان غزة قد تشردوا من منازلهم بسبب العملية الإسرائيلية الجارية حاليا، مشيرة إلى إقامة 160 ألفا منهم في منشآتها.
وجددت «الأونروا» دعوتها لجميع «الأطراف» إلى احترام القانون الدولي والإنساني، وإلى عدم التعدي على ممتلكات الأمم المتحدة في قطاع غزة.
من جهته أعلن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، أن الجندي الإسرائيلي المفقود أورون شاؤول قد قتل في المعارك، وأنه سيعرف كأحد قتلى الجيش الذين لا يعرف مكان دفنهم. وكانت القسام أعلنت الأحد الماضي أنها تمكنت من أسر الجندي دون أن تعطي أي تفاصيل حول وضعه.
وفي سياق متصل، دعت منظمة الصحة العالمية إلى فتح ممر آمن في غزة لتمكين عمال الإغاثة الإنسانية من انتشال جثامين القتلى الفلسطينيين وإجلاء الجرحى، وإمداد مشافي القطاع بالمستلزمات الطبية والأدوية الضرورية.
وفي هذا الوقت، دخلت الضفة الغربية بقوة على خط المواجهة، وتفجرت اشتباكات عنيفة في معظم مدن الضفة أدت إلى مقتل خمسة فلسطينيين على الأقل، وإصابة نحو ألف.
وكانت جماهير غفيرة قد توجهت إلى معبر قلنديا في «ليلة القدر» في مسيرة «48 ألفا» تنديدا بالعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، وهي مسيرة دعا إليها مجموعة من الناشطين الفلسطينيين، أطلقوا صفحة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، تحت اسم «مسيرة 48 ألفا»، هدفها حشد 48 ألف فلسطيني من الداخل والخارج لتنظيم مسيرة جماهيرية في ليلة القدر تخترق الحواجز الإسرائيلية من رام الله إلى القدس.
وقبل وصول المسيرة، أغلقت قوات الاحتلال معبر قلنديا المؤدي إلى مركز مدينة القدس المحتلة، ومن ثم واجهت المسيرة بالقوة. وتزامن ذلك مع دعوات من القيادة الفلسطينية للتظاهر بكثافة تنديدا بجرائم الاحتلال ضد قطاع غزة.
واستخدم الفلسطينيون الحجارة والمفرقعات في مهاجمة الجيش الإسرائيلي الذي رد بالرصاص الحي والغاز المسيل للدموع.
وطالب رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله المجتمع الدولي بأن «يتوقف عند مسؤولياته بحماية الشعب الفلسطيني من ممارسات الاحتلال الإسرائيلي المتعددة، سواء بالقتل والقصف وهدم البيوت، طوال الـ48 عاما الماضية».
وقال الحمد الله أثناء تفقده جرحى فلسطينيين: «يجب توفير الحماية الدولية ومحاسبة الاحتلال على مسؤوليته عن هذه الجرائم.. على العالم أن يتوقف عن سياسة الكيل بمكيالين، فإسرائيل دولة محتلة، وعلى العالم أن ينهي هذا الاحتلال، واعتداءاته سواء في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، وإلزام إسرائيل بتطبيق قرارات الشرعية الدولية».
وأدى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس، صلاة الغائب على أرواح الضحايا في غزة والضفة الغربية.
وتواصلت الاشتباكات ليلا في مناطق واسعة من الضفة وفي القدس بعد منع الشرطة الإسرائيلية للمصلين من دخول الأقصى في ليلة القدر، ولأداء صلاة الجمعة.
وكانت الشرطة الإسرائيلية قد حولت القدس إلى ثكنة عسكرية، ومنعت الرجال تحت سن 50 من دخول الأقصى من حاملي بطاقات الهوية الإسرائيلية، ومنعتهم نهائيا من الوصول.
وقال وزير الأمن الداخلي، يتسحاق أهارونوفيتش، معقبا على المواجهات في القدس: «إن كل من تسول له نفسه ممارسة الشغب سيلاقي ردا شديد الصرامة من الشرطة وقوات الأمن».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».