رئيس الهيئة التحضيرية للحوار لـ {الشرق الأوسط}: ظهور «إمارة إسلامية» في ليبيا مستبعد

فضيل الأمين أكد في حوار لـ {الشرق الأوسط} أن هناك مشاورات مستمرة مع شيوخ ووجهاء القبائل قبل إطلاق الحوار الوطني

فضيل الأمين
فضيل الأمين
TT

رئيس الهيئة التحضيرية للحوار لـ {الشرق الأوسط}: ظهور «إمارة إسلامية» في ليبيا مستبعد

فضيل الأمين
فضيل الأمين

طالب رئيس الهيئة التحضيرية للحوار الوطني الليبي فضيل الأمين، جميع المجموعات المسلحة الامتثال لرغبات الشعب الليبي، ووقف جميع الأعمال التي تؤدي إلى تدمير مقدرات الدولة وتعريض المواطنين للخطر، وقال فضيل الأمين إن الهيئة التحضيرية للحوار للوطني وكل المؤسسات والشخصيات التي تتعاون معها في مجال الحوار الوطني والمصالحة الوطنية تنظر إلى التصعيد المسلح المستمر في البلد وترى أنه أمر يشكل خطورة كبيرة على مصلحة الوطن. وأكد فضيل الأمين: «إن ليبيا عاشت 42 عاما تحت ظل الحكم الديكتاتوري، وعلى الرغم من تجاوزنا لهذه المرحلة العصيبة إلا أن آثار هذه الحقبة المظلمة لا تزال موجودة في مؤسسات الدولة. واليوم، يكافح الشعب الليبي بشكل سريع لبناء مؤسسات فاعلة قادرة على بناء وإعادة صياغة الفكر لدى الأجيال القادمة. وسيلعب الحوار الوطني دوراً هاماً في مساعدة ليبيا حتى تصبح دولة تعمل بشكل كامل. ومن خلال بناء توافق في الآراء بشأن المبادئ الأساسية للوحدة والهوية والمصير الاقتصادي المشترك، سنساعد على إرساء الأساس الذي يمكن أن تبنى عليه مؤسسات الدولة الدائمة». وجاء الحوار معه على النحو التالي:

* هل يمكنكم اطلاعنا على مزيد من المعلومات حول الحوار الوطني الليبي والأهداف التي تحققت حتى الآن؟
- الهيئة التحضيرية للحوار الوطني هي هيئة معنية بالإعداد والتحضير وإدارة الحوار الوطني في ليبيا وهي مكونة من عدد من الشخصيات الليبية الوطنية من المتطوعين الليبيين من جميع أنحاء البلاد لا يتبنون رؤية معنية ولا موقفا سياسيا اجتمعوا لوضع أسس عملية للحوار الوطني تهدف إلى خلق التوافق الوطني وبلورة رؤية وطنية موحدة حول مستقبل ليبيا.
ولهذا فقد شكلت الهيئة التحضيرية فريقاً استشارياً من 75 شخصاً قاموا بدراسة نتائج الحوارات الوطنية التونسية واليمنية وحصلوا على دعم فني من الأمم المتحدة حول تصميم الحوار الوطني الليبي.
لقد قمنا بعقد جولات المشاركة المجتمعية التي استمرت على مدار شهرين، وشملت إجراء حوارات في 34 مدينة في كل أنحاء البلاد. كما أجرينا عشرات من المشاورات مع شخصيات رفيعة المستوى بما فيها شيوخ ووجهاء القبائل الليبية، ومجلس الشورى وأعضاء في المجالس المحلية والأعضاء المنتخبين حديثاً في البرلمان الليبي. وقد جاء انعقاد مثل هذه الحوارات والمشاورات بهدف جمع آراء الناس من مختلف أنحاء البلاد حول أفضل السبل لإطلاق حوار وطني شامل وشفاف لبناء اتفاق حقيقي ودائم وتوافق في الآراء بشأن القضايا الرئيسة.
* ما رؤيتكم حول الدولة الليبية وكيف تنظرون إليها من منظور الحوار الوطني؟
- إن حالة الاضطراب وعدم الاستقرار التي نعيشها في ليبيا اليوم، لم تقف عائقاً أمامنا لمواصلة العمل، حيث حققنا نجاحاً كبيراً في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 25 يونيو (حزيران) إلى جانب العمل المتواصل الجاد الذي تقوم به هيئة صياغة الدستور. ولدينا ثقة في نيات الحكومة المركزية الحالية للعمل من أجل مصلحة كل الليبيين، ونحن بدورنا ملتزمون بالعمل على تحقيق الاستقرار وبناء ثقة أكبر في الدولة.
* كيف تنظرون إلى الوضع الراهن في ظل استمرار الاشتباكات في مطار طرابلس الدولي وإضراب المراقبين الجويين؟
- دعت لجنة الحوار الوطني في وقت سابق من هذا الأسبوع إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية بين جميع الجماعات المسلحة في مطار طرابلس الدولي، فالعنف لا يولد إلا مزيداً من العنف ونعتقد أنه فقط من خلال الحوار يمكن حل الخلافات بيننا. ومع ذلك، فقد لاحظنا وبوضوح أن القتال الذي شهدناه في طرابلس في الأسبوع الماضي لم يأت انعكاساً للانقسامات العميقة بين الشعب الليبي، بل جاء من خلال أفراد معينين استفادوا من الوضع الأمني المتدهور لتنفيذ أجندات خاصة باستخدام القوة.
* هل هناك مخاوف على حياتكم خاصة بعد حادثة اغتيال المحامية والناشطة الحقوقية سلوى بوقعيقيص واختطاف زوجها العضو المنتخب في المجلس البلدي في بنغازي؟
- لقد صدمنا بالاغتيال الآثم والوحشي الذي تعرضت له سلوى بوقعيقيص واختطاف زوجها، إلا أن هذه الحادثة لن تثنينا عن مواصلة عملنا بل كانت دافعاً لتعزيز ومضاعفة جهودنا. ومن خلال استكمال ما أنجزناه مع سلوى سنكون قادرين على تكريم ذكراها وبناء إرث يليق بمكانتها. ودائماً ما يقف المتطرفون في وجه دعوات الاعتدال والتسامح، والتي يتفق عليها الناس في جميع أنحاء ليبيا والعالم أيضاً.
ترفض الغالبية العظمى من الليبيين التطرف ويدينون استخدام العنف - وخصوصا ضد المدنيين الأبرياء - ويرغبون بالعيش في سلام وبناء مستقبل أفضل لأطفالهم. وقد زادت الدعوات للحوار الوطني في الفترة الأخيرة لا سيما مع الموجة الحالية من عمليات الاغتيال والعنف، ونحن واثقون من أن هذه الموجة من الدعم سوف تساعد على إطلاق عملية الحوار الوطني وستكون شاملة لجميع أولئك الذين ينبذون العنف، ولن يكون مكان للقتلة بيننا.
* هل يمكننا القول بأن فرص الحوار تضاءلت بعد حادثة الاغتيال وتصاعد العنف؟
- لا، لن تؤثر هذه الحوادث على الحوار مطلقاً، فهناك حاجة للحوار أقوى من قبل، وكثير من الناس يدعمون فكرة أن زيادة العنف لن تفضي إلى شيء. وقد رأينا خروج تظاهرات في الشوارع في طرابلس تطلب من جميع الجماعات المسلحة مغادرة العاصمة ووقف القتال. ونحن بدورنا سنعمل على دفع كل طاقاتنا في بناء عملية حوار وطني بناء وتوفير مناخ تشعر فيه جميع الأطراف بإمكانية تحقيق أهدافها دون الحاجة إلى اللجوء إلى العنف.
* كيف سيكون الدستور الليبي الجديد؟
- تواصل هيئة صياغة الدستور عملها بشكل يومي لصياغة وثيقة قانونية تأسيسية لوضع الأسس لمستقبل الحكم في البلاد. ونحن بدورنا ندعم عملها وحريصون على رؤية نتائج عمليتهم. ومن السابق لأوانه كشف ما سيتضمنه الدستور، ولكن نلتزم في الحوار الوطني ببناء توافق في الآراء حول القضايا الرئيسة التي نأمل أن تقود الخطط السياسية التي ستوضع في الدستور بتحقيق نتائج إيجابية على أرض الواقع.
* كيف يمكن حل الصراعات السياسية والقبلية في ليبيا؟
- الحوار هو الخيار الوحيد لدينا. الحكومة ضعيفة في الوقت الراهن، فبعد 42 عاما من الحكم الديكتاتوري أصبح لدى الليبيين ثقة ضعيفة في الدولة على قدرتها على الحكم في مصلحة الجميع، بغض النظر عن خلفيتهم، معتقداتهم أو قبيلتهم. وبالتالي فإن النتيجة الحتمية ستقود إلى اختلاف الناس في إطار وحدات اجتماعية أصغر، سواء أكانت قبلية أو آيديولوجية. وفي ظل انتشار السلاح على نطاق واسع في الدولة فمن السهل أن تخرج الخلافات الصغيرة عن نطاق السيطرة. ومع ذلك، فإن العلاقات الاجتماعية في البلاد لا تزال قوية، ومن خلال الحوار - حمل الناس على الجلوس معاً على طاولة الحوار والتحدث إلى بعضهم بعضا - يمكننا بناء توافق في الآراء حول أفضل السبل للمضي قدما، وضمان أن يشعر الجميع بأنهم يستثمرون في بناء رؤية متسامحة، ودولة قوية قادرة على النهوض مجدداً. وأنا واثق من أنه بمجرد أن أصبح لدينا توافق في الآراء بشأن بعض الأمور الواضحة نسبيا، بما في ذلك ما هي هويتنا الوطنية، ما هي قيمنا، وما هي رؤيتنا لمستقبل البلاد، سنجد أن كثيراً من الناس سيكون لديهم قابلية أكبر لإزالة الحواجز التي تعترض طريق التنمية والتطوير في بلدنا.
* كيف تنظرون إلى الميليشيات الإسلامية في ليبيا ومستقبلها وتأثيرها على السياسة في ليبيا وكيف سيتم التعامل معها؟
- نحن نعيش في ظل وضعية معقدة، ولا يمكن اعتبار أن هناك مجموعة مسلحة واحدة منفردة بالحكم أو أن أشير بأصابع الاتهام إليها باعتبارها السبب الجذري للأزمة. لكن هناك كثيرا من الأشخاص يتبنون فكرا دينيا متشددا في الجماعات الإسلامية المسلحة، في المقابل هناك جماعات بفكر المدنية. وهناك أيضا عدد من الأشخاص لديهم فكر وعقلية عنيفة للغاية، وهم موجودون للأسف في جميع الأطراف ولديهم مصلحة في استمرار عدم الاستقرار، ويجب أن يقدم مثل هؤلاء إلى العدالة.. ما يتعين علينا القيام به هو توفير آلية واضحة للأشخاص الذين يقبلون بأن ليبيا دولة موحدة، وأن الإسلام له دور حيوي في حياة أمتنا.
* هل لديكم مخاوف من ظهور إمارة إسلامية في ليبيا تحت قيادة «صوت الشريعة» على غرار «داعش» في العراق وسوريا؟
- الوضع في ليبيا مختلف جداً عن الوضع في العراق وسوريا، لا سيما أن هذين البلدين فيهما طوائف متعددة، بينما نحن في ليبيا موحدون. ومما لا شك فيه بأن ديننا الإسلامي الحنيف له دور حيوي في بناء نسيج موحد لبلدنا، والشعب الليبي بشكل عام يتسم بالاعتدال ولديه الرغبة في أن يكون جزءا من العالم الخارجي.
لقد كانت خيارات الشعب الليبي من خلال الانتخابات الثلاثة التي جرت هي اختيارات اعتدال ووطنية بعيدة عن التطرف. وأعتبر أن معاناة الشعب الليبي تحت نظام ديكتاتوري لفترة طويلة تجعله يرفض أي طرف متطرف يريد أن يفرض نفسه. قدرة الشعب على المواجهة وتوفر إمكانيات مواجهة فرض أي مشروع متطرف أو إرهابي ستجعل هذا الأمر مستبعدا بل مستحيلا. هناك مكان للجميع في ليبيا ولكن تحت مظلة التوافق الوطني والاعتدال والاختيار الديمقراطي. فالشعب الليبي لم يتخلص من نظام قمعي ليستبدله بآخر.
ويجب أن يكون هناك برنامج جاد في الاستثمار في كل أنحاء ليبيا يهدف إلى إعادة التوازن وسد هذا العجز والتأكد من أن الثروة النفطية في ليبيا يتم توزيعها بالعدل بين الجميع، بحيث لا توجد أسر تعاني من الجوع وأن تتوفر للجميع حياة كريمة ومرضية. إذا نجحنا في تحقيق الأمن والسلام، جنبا إلى جنب مع التنمية الاقتصادية، أعتقد بأننا سنكون قادرين على المضي قدماً وسنشهد تحولاً إيجابياً في الأنشطة والفكر المتطرف.
* هل جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا قوية وهل لديهم تأثير كما هو الحال في مصر، وهل الميليشيات الإسلامية لديها انتماء وصلات تربطها مع هذه الجماعة؟
- الدين مكون أساسي في حياة المواطن الليبي، والاعتدال والوسطية هما أسس لا يحيد عنها الشعب الليبي. وفي الوقت الذي يضمن فيه حق المواطنة حقوق الجميع في تأسيس الجماعات والكيانات التي تعبر عن وجهات نظرهم إلا أن السلمية والابتعاد عن العنف ورفضه ورفض فرض الرأي والموقف بالقوة هي أسس لازمة. كذلك القبول بالتوافق الوطني والديمقراطية ومن الواضح أن العالم الإسلامي يشهد حالياً الكثير من الصراعات، وذلك نتيجة غير مباشرة لزيادة التنمية والعولمة. والنتيجة هي أن كثيرا من الناس يعتمدون على الدين لتوفير الأمن ومساعدتهم على فهم التغييرات التي تجري، وهذا بدوره يترتب عليه عواقب سياسية. ونحن بحاجة إلى أن تؤخذ هذه القضايا على محمل الجد، ويجري طرح برنامج إصلاح يدعو إلى التفاؤل والاعتدال والشمولية، ويأخذ في الاعتبار الطبيعة الفريدة للإسلام.
* ما تعليقكم على انتشار الأسلحة في ليبيا وكيف انتشرت الأسلحة الثقيلة في بعض أجزاء من ليبيا، وهل سيكتب النجاح للحوار في ظل هذه الفوضى من السلاح؟
- لا شك بأن مسألة انتشار السلاح تمثل مشكلة كبيرة وينبغي أن نعمل جاهدين على إيجاد حلول لها. نظراً لانتشاره بصورة كبيرة في الشوارع ووقوعه في أيدي عدد كبير من الأفراد مما يقود إلى خلق حالة من عدم الاستقرار. ومع ذلك، فإن برنامج نزع السلاح بحاجة لأن يكون عملياً. ويجب علينا تحقيق مستوى من الاستقرار يشعر فيه المواطنون بالأمان في منازلهم قبل أن يقبل أي شخص سيتخلى طوعا عن الأسلحة. على سبيل المثال، لدى سؤالك المواطنين عن التخلي عن بنادقهم الآن من غير المرجح أن تجني أي نتائج حقيقية. لذلك يجب أن يكون تركيزنا على الأسلحة الثقيلة والتأكد من أن الدولة لديها الاحتكار الكامل وعدم استخدامها إلا عبر القنوات الشرعية الديمقراطية.
* هل باعتقادكم أن حلم الليبيين ببناء دولة حديثة ذهب أدراج الرياح؟ وهل أن أهداف الثورة 17 فبراير (شباط) لم تتحقق بسبب تزايد أعمال العنف؟
- قطعاً لا. أعتقد أن ما حدث هو أن روح الحماس والمسؤولية الجماعية التي كانت في كل مكان خلال الثورة خلقت نوعاً من الاندفاع والفوضى، وبالتالي فإن إنشاء دولة حديثة في ظل هذه الحالة يستغرق وقتاً. ربما كان هناك نوع من السذاجة خلال الثورة، وهو الموقف الذي تبناه البعض بأن ليبيا دولة غنية وأن المال يمكن أن يحل كل المشكلات التي خلفها حكم القذافي بسرعة. لكن الآن أصبح الناس مدركين بأن المسألة ليست بهذه البساطة وأن أمورا هامة مثل العدالة والهوية والرؤية للمستقبل لا يمكن شراؤها. ومع ذلك، هذا لا يعني أن الغالبية العظمى من الليبيين ليست داعمة تماما لفكرة بناء الدولة الحديثة. ولكن فقط عن طريق التوصل إلى اتفاق بشأن تلك المسائل الكبيرة يمكن أن نمضي قدما ونبدأ في بناء مؤسسات دولة تعمل لمصلحة كل الليبيين.



إسرائيل و«حماس» تستعدان للحرب مجدداً في غزة

دبابات إسرائيلية متمركزة قرب حدود قطاع غزة في 2 مارس الحالي (رويترز)
دبابات إسرائيلية متمركزة قرب حدود قطاع غزة في 2 مارس الحالي (رويترز)
TT

إسرائيل و«حماس» تستعدان للحرب مجدداً في غزة

دبابات إسرائيلية متمركزة قرب حدود قطاع غزة في 2 مارس الحالي (رويترز)
دبابات إسرائيلية متمركزة قرب حدود قطاع غزة في 2 مارس الحالي (رويترز)

أجرى الجيش الإسرائيلي تدريبات، ووضع خطةً لاحتلال سريع لمناطق في قطاع غزة، على خلفية المهلة التي أعطتها إسرائيل لحركة «حماس»، التي تنتهي خلال 10 أيام، لقبول خطة مبعوث الرئيس الأميركي، ستيف ويتكوف، القائمة على تمديد وقف النار دون الانتقال إلى المرحلة الثانية، وهي الخطة التي رفضتها الحركة.

وقالت «القناة 12» الإسرائيلية، إن القوات الإسرائيلية تستعدُّ للعودة إلى القتال و«استكمال الإنجازات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة»، وقد أجرت تدريبات قتالية، باعتبار أن القتال سوف يستأنف الأسبوع المقبل.

صورة مأخوذة من جنوب إسرائيل لمبانٍ مدمرة في قطاع غزة في 2 مارس الحالي (أ.ب)

وأكدت القناة الإسرائيلية أنه حتى قبل انتهاء وقف إطلاق النار، كانت القيادة الجنوبية في حالة تأهب قصوى، وتم إصدار أوامر للجنود بالاستعداد لتجديد القتال خلال وقت قصير، وفي الأيام الأخيرة، أجرت القوات تدريبات قتالية، مع توجيه بأن الجيش يجب أن يكون جاهزاً لمجموعة متنوعة من أساليب العمل ضد الأهداف المتبقية في قطاع غزة، جواً وبحراً وبراً.

وفي المرحلة الأولى، يخطِّط الجيش لاحتلال سريع لمناطق في قطاع غزة، خصوصاً تلك التي انسحب منها الجيش في بداية وقف إطلاق النار، بما في ذلك محور نتساريم في وسط القطاع.

وتستعدُّ إسرائيل للعودة إلى الحرب خلال 10 أيام، بحسب مصادر سياسية إسرائيلية.

طفل فلسطيني يصافح مقاتلين من «حماس» خلال عملية تسليم محتجزين إسرائيليين برفح في 22 فبراير 2025 (إ.ب.أ)

وقالت المصادر إن القيادة السياسية اتخذت قراراً بالعودة إلى القتال إذا لم تتجاوب «حماس» مع مقترح ويتكوف، بحلول نهاية الأسبوع المقبل على أبعد تقدير.

ومطلع مارس (آذار) الحالي، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، التي استمرَّت 42 يوماً، وكان يفترض أن يتم الانتقال إلى المرحلة الثانية، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنامين نتنياهو، رفض ذلك، وأعلن أن إسرائيل تتبنى مقترح ويتكوف، الذي ينصُّ على إطلاق «حماس» سراح نصف الرهائن المتبقين (الأحياء والأموات) في اليوم الأول من وقف إطلاق النار الممتد، خلال رمضان وعيد الفصح اليهودي (منتصف أبريل/ نيسان المقبل)، وإطلاق سراح الرهائن المتبقين في نهاية الفترة إذا تم التوصُّل إلى وقف دائم لإطلاق النار.

وتناقش المرحلة الثانية، وقف إطلاق النار والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من قطاع غزة، وإنجاز صفقة تبادل أسرى مرة واحدة.

وخلال المرحلة الأولى حصلت إسرائيل على حصتها من الأسرى (33) قبل أن تنتهي حتى، وبذلك تبقَّى لدى «حماس» 59 محتجزاً، بينهم 34 قتيلاً على الأقل، يفترض أن يُطلَق سراحهم جميعاً في المرحلة الثانية.

دبابات إسرائيلية متمركزة قرب حدود قطاع غزة في 2 مارس الحالي (رويترز)

ويريد نتنياهو الحصول على باقي أسراه، لكن «حماس» رفضت وأصرَّت على تطبيق الاتفاق والدخول إلى المرحلة الثانية.

وبناء عليه قرَّرت إسرائيل أنه إذا استمرَّت «حماس» في موقفها، فإن القتال سيتجدد الأسبوع المقبل.

وتم تحديد ساعة الصفر استناداً إلى عاملين رئيسيَّين: الأول، تسلم رئيس الأركان الجديد، إيال زامير، مهام منصبه هذا الأسبوع؛ والثاني، الزيارة المرتقبة لويتكوف إلى المنطقة.

وتدرك إسرائيل أن احتمال موافقة «حماس» ضئيلة للغاية. وقال مصدر سياسي للقناة 12: «نحن في طريق مسدود».

وبحسب التقرير، حصلت إسرائيل على ضوء أخضر أميركي من أجل العودة للحرب، بل إن مسؤولاً بارزاً في إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، قال لمسؤول إسرائيلي رفيع المستوى: «اقضوا عليهم جميعاً حتى آخر رجل. (حماس) في غزة عقبة أمام التطبيع».

وحالياً تنتشر فرقتان في منطقة غلاف غزة، وهما مسؤولتان عن الدفاع: «الفرقة 252» في الشمال، و«الفرقة 143» في الجنوب، في حين تنتشر قوات كبيرة أيضاً في مدينة رفح، لكن تم أيضاً تم تحويل كتائب إضافية عدة إلى الجنوب قبل أيام قليلة.

دبابة إسرائيلية تتحرك قرب حدود قطاع غزة في 2 مارس الحالي (رويترز)

وكانت إسرائيل أغلقت المعابر على قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى، ومنعت إدخال البضائع والمساعدات، في محاولة لإجبار «حماس» على قبول خطة ويتكوف، وتلوح الآن بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، بإمكانية إجبار السكان الذين عادوا إلى شمال قطاع غزة على العودة إلى الجنوب، مرة أخرى.

وقال مصدر أمني إسرائيلي مطّلع على التفاصيل: «اذا تمسَّكت (حماس) بموقفها فلن نتردد في العودة (إلى الحرب) قريباً جداً».

وبينما يحاول الوسطاء نزع فتيل الأزمة، وطلبوا من إسرائيل بضعة أيام أخرى لمحاولة التوصُّل إلى اتفاقات جديدة، وقرَّرت إسرائيل الموافقة على الطلب، يبدو أن «حماس» كذلك بدأت تستعد لاحتمال استئناف الحرب.

واتخذت قيادات من «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، إجراءات أمنية مشدَّدة، مع استمرار التهديدات الإسرائيلية باستئناف القتال.

وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن تعليمات مركزية صدرت لقيادات سياسية وعسكرية ونشطاء بارزين في الأجنحة العسكرية للتنظيمين بالاختفاء الكامل، والامتناع نهائياً عن استخدام الهواتف الجوالة.

وحذَّرت تعميمات داخلية بشكل واضح، من احتمال شنِّ إسرائيل سلسلة عمليات اغتيال غادرة مقدمةً لبدء الحرب.

ولوحظ في الأيام الأخيرة تكثيف إسرائيل تسيير طائرات مسيّرة استخباراتية بأنواع مختلفة.

وقال مصدر ميداني لـ«الشرق الأوسط»: «واضح أنهم يعززون محاولات جمع المعلومات الاستخباراتية. بعض الدرون (المسيّرات) من طراز حديث يعمل على جمع معلومات عبر استخدام خوارزميات معينة من خلال الذكاء الاصطناعي؛ لتحديد أماكن المطلوبين ومحاولة الوصول إليهم». أضاف: «لذلك صدرت أوامر بالابتعاد عن استخدام التكنولوجيا بما فيها الهواتف الجوالة، والعودة إلى الطرق المتبعة خلال الحرب».

ومنذ وقف الحرب، كشفت أجهزة أمنية حكومية وأخرى تابعة للفصائل الفلسطينية، كثيراً من الكاميرات والأجهزة التجسسية التي زُرعت في كثير من المناطق داخل القطاع، التي أسهمت في سلسلة من الاغتيالات وضرب أهداف كثيرة، كما كانت كشفت مصادر من المقاومة لـ«الشرق الأوسط» سابقاً.