تأثرت ميزانية تونس للسنة الحالية بالأوضاع الاقتصادية المتقلبة، وهو ما دفع السلطات التونسية إلى إقرار قانون مالية تكميلي، لترتفع ميزانية الدولة بنسبة 9.8 في المائة، مقارنة بالاعتمادات الأولية التي رصدتها وزارة المالية التونسية لتمويل كافة الأنشطة الاقتصادية. وارتفعت ميزانية الدولة للسنة الحالية من 35.9 مليار دينار تونسي (نحو 12.5 مليار دولار) إلى 37.6 مليار دينار (13 مليار دولار)، أي بزيادة لا تقل عن 1.7 مليار دينار، منها 1.2 مليار موجهة لدعم المحروقات، وهذا يعني أن نسبة 70.5 في المائة من الزيادة التي عرفتها ميزانية تونس قد توجهت إلى تعويض الثغرة الكبرى التي خلفها الارتفاع المهول لأسعار النفط.
وكانت تونس قد اعتمدت أسعار بعيدة عن الواقع في ميزانية السنة الحالية، وقدرت أسعار النفط على المستوى الدولي بنحو 54 دولارا للبرميل، في حين أن الأسعار راوحت في المتوسط 76 دولارا، ويقدر الخبراء نسبة الزيادة على مستوى أسعار النفط مقارنة بما اعتمدته تونس بنحو 41 في المائة.
وارتكز تحديث ميزانية الدولة لسنة 2018 على النتائج المسجلة إلى نهاية شهر أغسطس (آب) الماضي، وبالاعتماد على فرضيات تطور المؤشرات الاقتصادية والمالية على المستويين المحلي والدولي خاصة تطور أسعار النفط في الأسواق العالمية.
وفي هذا الشأن، قال عز الدين سعيدان الخبير المالي والاقتصادي إن «ميزانية 2018 اعتمدت على توقعات بعيدة كل البعد عن الواقع، واستقرت على سعر برميل النفط في حدود 54 دولارا، وقد نبهنا منذ البداية إلى أن هذا الرقم غير واقعي ولا يعكس التطورات الممكنة التي يمكن أن تعرفها الأسعار في السوق الدولية. وأعتقد أن خبراء وزارة المالية التونسية قد اعتمدوا على تقديرات غير واقعية نتيجة قلة الموارد المالية الذاتية في انتظار التعديل عبر إقرار قانون مالية تكميلي، وهذا ما حصل بالفعل». ودعا إلى «اعتماد أرقام أكثر دقة وواقعية خلال ميزانية السنة المقبلة حتى لا نسقط من جديد في التقديرات الخاطئة، وحتى ننجو من ظاهرة قوانين المالية التكميلية التي تواترت خلال السنوات الماضية».
ومكنت عمليات التعديل الآلي لأسعار المحروقات المتفق بشأنها مع صندوق النقد الدولي من توفير نحو 430 مليون دينار (نحو 150 مليون دولار) من النفقات، وهو انعكاس مالي إيجابي ساهمت في تحقيقه الزيادات الثلاث في أسعار المحروقات خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) من سنة 2017، وشهري مارس (آذار) ويونيو (حزيران) الماضيين دون اعتبار زيادة شهر سبتمبر (أيلول) المنقضي، ولكنها لم تكن كافية لتأمين الفرق الكبير بين التقديرات الأولية لسعر برميل النفط وحقيقة الأسعار في الواقع. ويستند توازن منظومة المحروقات في تونس إلى التعديلات الدورية لأسعار البيع للعموم التي انطلقت منذ بداية السنة الحالية وتتوصل خلال السنة المالية المقبلة. ويؤكد خبراء في الاقتصاد والمالية على أن الزيادة بمعدل 1 دولار في سعر برميل النفط على المستوى الدولي، تؤدي إلى زيادة في نفقات الدعم بما لا يقل عن 128 مليون دينار (أكثر من 44 دولار)، أما الزيادة بـ10 مليمات تونسية (الدينار يساوي ألف مليم) في سعر صرف الدولار الأميركي، فهي تؤدي إلى زيادة بـ40 مليون دينار على مستوى نفقات الدولة.
وكان الدولار الأميركي قد ارتفع بشكل ملحوظ خلال الأشهر الماضية، وارتفعت المعاملات المالية من 2.47 دينار تونسي لكل دولار، إلى 2.83 دينار في الوقت الحالي.
ومن المنتظر أن يسجل الاقتصاد التونسي نسبة نمو أقل من 3 في المائة وأن تحافظ السنة المالية الحالية على نسبة عجز للميزانية في حدود 4.9 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، على أن يكون حجم الدين العمومي مقدرا بنحو 71.1 في المائة، وذلك بالاعتماد على عجز الميزانية المتوقع خلال سنة 2018.
تونس ترفع ميزانية السنة الحالية 9.8 % بقانون مالية تكميلي
تونس ترفع ميزانية السنة الحالية 9.8 % بقانون مالية تكميلي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة