ألمانيا تدافع عن الميثاق الأممي للهجرة

تقول إنه إعلان نوايا وليس اتفاقية... ولا يحد من سيادة الدول

ميركل مع رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي في وارسو أمس (أ.ب)
ميركل مع رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي في وارسو أمس (أ.ب)
TT

ألمانيا تدافع عن الميثاق الأممي للهجرة

ميركل مع رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي في وارسو أمس (أ.ب)
ميركل مع رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي في وارسو أمس (أ.ب)

دافعت ألمانيا عن ميثاق الأمم المتحدة المنتظر للهجرة في وجه الانتقادات من بعض الأحزاب الشعبوية الألمانية له وإعلان بعض الدول مثل النمسا الانسحاب منه. ويهدف الميثاق إلى المساعدة في تنظيم اللجوء والهجرة على نحو أفضل وتعزيز حقوق المهاجرين أيضا. ومن المنتظر اعتماد هذا الميثاق خلال مؤتمر للأمم المتحدة في 10 و11 ديسمبر (كانون الأول) المقبل في المغرب. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية أمس الجمعة في برلين، إن الميثاق لا يحد من سيادة الدول، موضحا أنه «إعلان نوايا سياسي للمجتمع الدولي غير ملزم، وليس اتفاقية».
ودعا حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني الشعبوي إلى الانسحاب من الميثاق على غرار النمسا. وقال رئيس الحزب يورغ مويتن أول من أمس الأربعاء في برلين: «بينما تنشغل الحكومة الألمانية بانعدام كفاءتها في وقت حرج، تم اتخاذ إجراءات في النمسا لمصلحة شعبها». ويرى مويتن أن ميثاق الأمم المتحدة المقترح ما هو إلا «برنامج لإعادة توطين للاجئين الفارين من الفقر».
وأضاف المتحدث باسم الخارجية الألمانية: «الميثاق يصوغ أهدافا. كيفية تطبيق هذه الأهداف أمر متروك للدول الأعضاء في الأمم المتحدة، خاصة عندما تكون هذه الأهداف تتعلق بتوفير إمكانيات للهجرة الشرعية لمكافحة الهجرة غير الشرعية. هذا يعني أن المعايير وعدد المهاجرين ستكون قرارات سيادية للدولة».
قبل تغيير قيادة الحزب المسيحي الديمقراطي، الذي تتزعمه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، حذر وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسلبورن من انزلاق ألمانيا نحو التيار اليميني على غرار النمسا. وقال أسلبورن، أمس الجمعة، في تصريحات لمحطة «برلين - براندنبورغ» الألمانية الإذاعية: «نسمع حاليا من مرشحين لرئاسة الحزب المسيحي الديمقراطي في ألمانيا أنه يتعين وضع سياسة اللاجئين في المقدمة خلال انتخابات البرلمان الأوروبي. أنا لست معارضا لذلك»، موضحا في المقابل أنه لا يتعين أن تكون السياسة الألمانية للهجرة على النهج نفسه الذي يتبعه المستشار النمساوي سباستيان كورتز ونائبه هاينتس - كريستيان شتراخه، الذي يتزعم حزب الحرية النمساوي اليميني.
وأعلنت ميركل الاثنين عقب خسارة كبيرة لحزبها في انتخابات البرلمان المحلي بولاية هيسن، عزمها على عدم الترشح مجددا لرئاسة الحزب خلال المؤتمر العام المقرر في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، كما أعلنت عزمها على عدم الترشح لمنصب المستشارية مجددا.
ومن المرشحين لخلافة ميركل في رئاسة الحزب، وزير الصحة ينز شبان، الذي يدلي بتصريحات ناقدة لاستقبال اللاجئين منذ إعلان عزمه الترشح لرئاسة الحزب. كما يعتزم الرئيس الأسبق للكتلة البرلمانية للتحالف المسيحي، فريدريش ميرتس، المحسوب على الجناح المحافظ في الحزب، الترشح لرئاسة الحزب. وتعتزم ميركل الاستمرار في مهام منصبها مستشارة لألمانيا حتى انتهاء الفترة التشريعية عام 2021، وأعرب أسلبورن عن أمله في أن تجد ميركل حاليا وقتا للاهتمام بشكل أكبر بالإصلاحات الضرورية للاتحاد الأوروبي. وذكر أسلبورن أن مقترحات الإصلاح المقدمة من فرنسا والاتحاد مطروحة على الطاولة، وقال: «إذا لم يتم حلحلة الأمور حتى نهاية هذا العام، فإن ذلك سيكون خطأ من الجانب الألماني».
وكانت الدول الـ193 الأعضاء بالأمم المتحدة قد اتفقت عام 2016 على إقرار ميثاق الهجرة. وتهدف هذه الوثيقة المكونة من 34 صفحة للمساعدة على تحسين تنظيم تدفقات اللاجئين وتعزيز حقوق المعنيين بالميثاق، الذي يؤكد أيضا أن هذا الميثاق ليس من شأنه أن يمس بسيادة الدول الموقعة عليه ولا بحقها في رسم سياستها المستقلة بشأن الهجرة.
ومن جانب آخر، توجهت ميركل ومجلسها الوزاري إلى بولندا الجمعة لإجراء جولة المشاورات الثنائية الخامسة عشرة مع الحكومة البولندية في وارسو. ويتضمن برنامج الزيارة محادثات مع رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي وأعضاء حكومته القومية المحافظة، حول التعاون الثنائي وسياسة الأمن وكذلك السياسة الأوروبية. وكان آخر لقاء بين الحكومتين عقد في برلين عام 2016. وتوترت العلاقات البولندية مع ألمانيا ومع الاتحاد الأوروبي من التوجه الصدامي لحزب القانون والعدالة الذي يسيطر على البلاد منذ 2015، وتنتقد وارسو بصفة خاصة سياسة ألمانيا بشأن اللاجئين والطاقة، كما أدت مطالب وارسو بأن تدفع ألمانيا تعويضات عن أضرار الحرب العالمية الثانية، التي تكررت بشدة من قبل الحزب الحاكم في وارسو، إلى توتر العلاقات بين الجانبين.
وكانت أوساط في العاصمة الألمانية برلين، قالت، قبيل الزيارة، إن الحكومة البولندية واجهت ألمانيا بتصورات غير مسبوقة بشأن هذه القضية. ولا يعتقد الجانب الألماني أن المشاورات المتبادلة يمكن أن تغير شيئا في هذا الإطار، إلا أنه أكد أن برلين تتحمل مسؤولياتها التاريخية في هذا الجانب.
وقد تتناول المباحثات بين ميركل ومورافيتسكي قوانين السلطة القضائية المثيرة للجدل في بولندا، التي تراها المفوضية الأوروبية تهديدا لاستقلال القضاء، ثم تهديدا للقيم الأساسية الأوروبية.


مقالات ذات صلة

اليونان تعلّق دراسة طلبات اللجوء للسوريين

المشرق العربي مهاجرون جرى إنقاذهم ينزلون من سفينة لخفر السواحل اليوناني بميناء ميتيليني (رويترز)

اليونان تعلّق دراسة طلبات اللجوء للسوريين

أعلنت اليونان التي تُعدّ منفذاً أساسياً لكثير من اللاجئين إلى الاتحاد الأوروبي، أنها علّقت بشكل مؤقت دراسة طلبات اللجوء المقدَّمة من سوريين

«الشرق الأوسط» (أثينا)
العالم العربي دول أوروبية تعلق البت في طلبات اللجوء المقدمة من سوريين (أ.ف.ب)

دول أوروبية تعلق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد الإطاحة بالأسد

علقت دول أوروبية كثيرة التعامل مع طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد استيلاء المعارضة على دمشق وهروب الرئيس بشار الأسد إلى روسيا بعد 13 عاماً من الحرب الأهلية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

جزر الباهاماس ترفض اقتراح ترمب باستقبال المهاجرين المرحّلين

قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية إن جزر الباهاماس رفضت اقتراحاً من إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب المقبلة، باستقبال المهاجرين المرحَّلين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا مهاجرون أفارقة خلال محاولتهم اقتحام معبر سبتة الحدودي مع إسبانيا (أ.ف.ب)

إسبانيا تشيد بتعاون المغرب في تدبير تدفقات الهجرة

أشادت كاتبة الدولة الإسبانية للهجرة، بيلار كانسيلا رودريغيز بـ«التعاون الوثيق» مع المغرب في مجال تدبير تدفقات الهجرة.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
المشرق العربي مهاجرون يعبرون بحر المانش (القنال الإنجليزي) على متن قارب (أرشيفية - أ.ف.ب) play-circle 00:32

العراق وبريطانيا يوقعان اتفاقاً أمنياً لاستهداف عصابات تهريب البشر

قالت بريطانيا، الخميس، إنها وقعت اتفاقاً أمنياً مع العراق لاستهداف عصابات تهريب البشر، وتعزيز التعاون على الحدود.

«الشرق الأوسط» (لندن)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».