مصر: قطاع الألبان يتطور بوتيرة سريعة مع زيادة أسعار البروتين الحيواني

تحوّل قوي من الجبن السائب إلى المعبأ في آخر 10 سنوات

خط إنتاج أحد مصانع منتجات الألبان في مصر
خط إنتاج أحد مصانع منتجات الألبان في مصر
TT

مصر: قطاع الألبان يتطور بوتيرة سريعة مع زيادة أسعار البروتين الحيواني

خط إنتاج أحد مصانع منتجات الألبان في مصر
خط إنتاج أحد مصانع منتجات الألبان في مصر

تعتبر الألبان من المصادر الأساسية لغذاء المصريين من البروتينات، نظراً لرخص أسعارها إذا قورنت بمصادر البروتين الحيواني الأخرى (اللحوم الحمراء – لحوم الدواجن – الأسماك).
ونظراً للظروف الاقتصادية لكثير من المصريين، فإن المواطنين في القرى والنجوع ومدن مصر الفقيرة، يفضلون شراء الجبن بدلاً من اللبن، نظراً لأن المنتج الأول يحتوي على المنتج الثاني، ومن الممكن استخدامه كوجبة مع الخبز، وهو ما يعزز من مقولة إن «المصريين يأكلون اللبن ولا يشربونه».
وتمثل صناعة الجبن وسيلة مهمة لحفظ مكونات اللبن؛ حيث ارتفعت كمية اللبن المستخدمة في صناعته في مصر، من نحو 27.24 في المائة في عام 1990 إلى نحو 29.44 في المائة في عام 2004. وتعاني مصر من نقص نصيب الفرد من الألبان؛ حيث تشير تقديرات منظمة الأغذية والزراعة إلى أن متوسط نصيب الفرد من الألبان في الدول المتقدمة يعادل أو يزيد على خمسة أمثال نظيره في الدول النامية، بما فيهم مصر.
ويستخدم المصريون أكثر من 60 طناً من الأجبان سنوياً، وفقاً لإحصائيات شركة «تتراباك» السويدية للتغليف وصناعة معلبات المواد الغذائية. غير أن تأثر القوة الشرائية في مصر جراء الإصلاحات الاقتصادية المستمرة، أثر على نتائج بعض الشركات، وإن كانت نتائج الربع الثالث التي تم إعلانها مؤخراً توضح بدء تعافي القطاع، بالتزامن مع ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن.
محمد الدماطي، عضو غرفة الصناعات الغذائية، يقول إن السوق المحلية حالياً تعافت من آثار عدم الاستقرار في الأعوام الماضية، متمنياً عدم تأثر القوى الشرائية للمستهلكين في مصر بالإصلاحات الاقتصادية التي تطبقها الحكومة حالياً، من رفع الدعم عن بعض المنتجات الأساسية، وزيادة الضرائب.
وأشار الدماطي لـ«الشرق الأوسط» إلى تراجع القوى الشرائية في البلاد خلال الفترة الماضية، إلا أنه أوضح أن الأوضاع بدأت في التحسن منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، مشيراً إلى تراجع معدلات الاستهلاك العام الماضي بشكل ملحوظ؛ لأنه العام الذي تلا قرار تعويم العملة في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2016.
وقال إن قطاع الجبن في مصر انعكس من السائب إلى المعبأ في آخر 10 سنوات، بجهود من الشركات العاملة في القطاع ووزارة الصحة؛ موضحاً: «في عام 2008 كانت الأجبان السائبة في السوق المصرية تمثل 80 في المائة من الأجبان المتداولة، في حين مثلت الأجبان المعبأة 20 في المائة فقط؛ لكن حالياً انقلب الوضع، وصارت نسبة الأجبان المعبأة 80 في المائة من الأجبان المتداولة، في حين تمثل الأجبان السائبة 20 في المائة... ولهذا زادت مبيعات الشركات بنسبة 15 في المائة، العام الماضي وحده، مما كان له الأثر في زيادة مبيعات الشركات، وشجع بعض هذه الشركات على الطرح في البورصة المصرية».
وسجلت شركة «جهينة» للصناعات الغذائية أرباحاً في الربع الثالث من العام الجاري، بنحو 111 مليون جنيه (6.2 مليون دولار)، بارتفاع 33 في المائة، مقارنة بالربع الثالث من العام الماضي، بدعم من نمو الإيرادات، والاستمرار في توظيف التكاليف التشغيلية بكفاءة، وخفض المديونية، وفقاً لتقرير صادر عن بنك الاستثمار بلتون.
وأضاف التقرير أن إيرادات الشركة ارتفعت بنسبة 15 في المائة على أساس سنوي (دون تغير على أساس ربع سنوي)، وذلك «على الأرجح نتيجة ارتفاع أحجام المبيعات والأسعار. وسجل هامش مجمل الربح 28 في المائة، بانخفاض 2 نقطة مئوية على أساس سنوي، و3 نقاط مئوية على أساس ربع سنوي، على الأرجح نتيجة التمرير التدريجي لرفع تكاليف الوقود في يوليو (تموز) الماضي، وما ينتج عن ذلك من تضخم؛ والزيادة المحتملة لمساهمة قطاع العصير منخفض الهوامش في المبيعات».
وقالت «بلتون» إن «نجاح شركة (جهينة) في خفض المصروفات التشغيلية أدى إلى خفض نسبة التكاليف التسويقية والعمومية والإدارية إلى المبيعات (لتمثل 17 في المائة في الربع الثالث من 2018، مقابل 19 في المائة في الربع الثالث من 2017)، وبالتالي حافظت (جهينة) على هامش الربحية، قبل خصم الإهلاك والاستهلاك على أساس سنوي عند 15 في المائة». وواصلت استراتيجية الشركة في منح أولوية لخفض الديون عن النفقات الرأسمالية جني ثمارها؛ حيث أدت إلى انخفاض المصروفات التمويلية بنسبة 18 في المائة على أساس سنوي، مما دعم نمو صافي الربح؛ حيث انخفض صافي الدين نسبة إلى رأس المال إلى 0.2 مرة في الربع الثالث من عام 2018.
وكشفت القوائم المالية المجمعة لشركة الصناعات الغذائية العربية «دومتي»، ارتفاع صافي ربح الشركة خلال النصف الأول من العام الحالي بنسبة 1526.8 في المائة، على أساس سنوي، بفضل نمو المبيعات. وسجلت صافي ربح بلغ 98.1 مليون جنيه منذ بداية يناير (كانون الثاني) حتى نهاية يونيو (حزيران) الماضي، مقابل 6.03 مليون جنيه أرباحاً خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
ولم تعلن «دومتي» نتائج أعمال الربع الثالث حتى الآن؛ لكن المهندس عمر الدماطي رئيس مجلس إدارة الشركة العربية للصناعات الغذائية (دومتي) قال: «تمكنت (دومتي)، من التوسع إلى 39 سوقاً جديدة في جميع أنحاء أوروبا وآسيا وأفريقيا، بالإضافة إلى توسيع منتجات الشركة من الجبن لتشمل المخبوزات والعصائر».
وأوضح محمد الدماطي، نائب رئيس مجلس إدارة شركة الصناعات العربية الغذائية (دومتي)، لـ«الشرق الأوسط»، أن حجم التصدير من مبيعات الشركة يبلغ نحو 6 في المائة، موضحاً أن منتج العصائر يحتل المرتبة الأولى في التصدير، يليه الأجبان.
وقال إن «تشاد والغابون يحتلان المرتبتين الأوليين في قارة أفريقيا، واليونان والسويد في أوروبا، وبعض الدول في أميركا الشمالية وكندا»، موضحاً أن إجمالي حجم تصدير الأجبان فقط يبلغ مليوني دولار.
وأوضح الدماطي أن الأسواق العربية تحتل نسبة كبيرة من إجمالي التصدير؛ مشيراً إلى ليبيا التي تحتل المرتبة الأولى في الدول العربية في صادرات الشركة من الأجبان، يليها الأردن، ثم السعودية وباقي دول الخليج، وفلسطين. وهناك مفاوضات مع وكيل الشركة في السعودية حول كيفية زيادة المبيعات أو التفكير في وكيل آخر «نظراً لأن السوق السعودية مهمة جداً بالنسبة للشركة وحجم المبيعات».
وأوضح أن الشركة تتجه للتركيز على المخبوزات في الفترة المقبلة: «حالياً تبلغ مساهمة المخبوزات في إجمالي المبيعات نحو 5 في المائة، وهناك خطة لزيادة مساهمتها في إجمالي المبيعات».
وتبلغ الحصة السوقية لشركة «دومتي» نحو 32 في المائة من إجمالي مبيعات السوق، خلال العام الماضي. وأوضح الدماطي أن «من 10 - 15 في المائة نسبة نمو، مستهدفة خلال العام المقبل».


مقالات ذات صلة

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

الاقتصاد منظر للعاصمة المصرية (الشرق الأوسط)

مصر توقع اتفاقين بقيمة 600 مليون دولار لمشروع طاقة مع «إيميا باور» الإماراتية

وقّعت مصر وشركة «إيميا باور» الإماراتية اتفاقين باستثمارات 600 مليون دولار، لتنفيذ مشروع محطة رياح، بقدرة 500 ميغاواط في خليج السويس.

الاقتصاد اجتماع وزير البترول  والثروة المعدنية المصري كريم بدوي بمسؤولي شركة «إكسون موبيل» (وزارة البترول والثروة المعدنية)

«إكسون موبيل» تستعد لحفر بئر جديدة للتنقيب عن الغاز في مصر

ستبدأ شركة «إكسون موبيل» المتخصصة في أعمال التنقيب عن البترول وصناعة البتروكيماويات يوم 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبل بأنشطة الحفر البحري للتنقيب عن الغاز.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مصريون يلجأون للمعارض لشراء احتياجاتهم مع ارتفاع الأسعار (الغرفة التجارية المصرية بالإسكندرية)

الغلاء يُخلخل الطبقة الوسطى في مصر... رغم «التنازلات»

دخلت الطبقة الوسطى في مصر مرحلة إعادة ترتيب الأولويات، بعدما لم يعد تقليص الرفاهيات كافياً لاستيعاب الزيادات المستمرة في الأسعار، فتبدلت معيشتها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

قال مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، إن مصر وقطر ستتعاونان خلال المرحلة المقبلة في مشروع استثماري عقاري «مهم للغاية» في منطقة الساحل الشمالي المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.