مصر: إحالة 43 متهماً للقضاء العسكري في حادث «الواحات»

خططوا لإقامة معسكرات لـ«الإرهابيين» واستهداف كنائس

TT

مصر: إحالة 43 متهماً للقضاء العسكري في حادث «الواحات»

أمر النائب العام المصري المستشار نبيل صادق، أمس، بإحالة 43 متهماً، بينهم متهمان اثنان هاربان، للقضاء العسكري، يترأسهم الإرهابي عبد الرحيم محمد عبد الله المسماري (كان مقيماً في مدينة درنة الليبية)، في الحادث الإرهابي الذي وقع في الصحراء الغربية، وأدى إلى مقتل عدد من أفراد الشرطة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2017.
وتعود الواقعة التي قتل فيها 16 شرطياً مصرياً، وأصيب 13 آخرون، واختطف آخر برتبة «نقيب»، إلى خروج مأموريتين للشرطة باتجاه موقع «الكيلو 135»، بمنطقة الواحات البحرية (جنوب الجيزة)، بعد معلومات أشارت إلى اختفاء «متشددين» فيه، قالت الشرطة حينها إنهم «يعدون لارتكاب مجموعة من العمليات داخل المحافظات».
وأعلنت مصر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي القضاء على منفذي حادث «الواحات»، بمشاركة القوات الجوية والصاعقة وعناصر من الشرطة، فضلاً عن توقيف عدد من «الإرهابيين». وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الضابط محمد الحايس الذي تم تحريره خلال العملية، وتلقى العلاج بإحدى المستشفيات العسكرية. ونشر الجيش المصري حينها تسجيلاً مصوراً للعملية الناجحة التي نفذها بالتعاون مع الشرطة، وأسفرت عن القضاء على عدد من العناصر الإرهابية بطريق الواحات، وتحرير النقيب الحايس.
وكشفت التحقيقات في القضية عن أن المتهم الرئيسي في حادث «الواحات»، القيادي عبد الرحيم محمد عبد الله، تدرب وعمل تحت قيادة الإرهابي المصري عماد الدين أحمد (الذي لقي مصرعه في القصف الجوي للبؤرة)، وشارك في العملية الإرهابية التي استهدفت رجال الشرطة بالواحات، واختطاف النقيب الحايس. وتبين من التحقيق أن «المتهم الليبي تلقى تدريبات بمعسكرات داخل الأراضي الليبية على كيفية استخدام الأسلحة الثقيلة، وتصنيع المتفجرات، وتسلل لمصر لتأسيس معسكر تدريب بالمنطقة الصحراوية بالواحات، كنواة لتنظيم إرهابي، تمهيداً لتنفيذ سلسلة من العمليات العدائية تجاه دور العبادة المسيحية، وبعض المنشآت الحيوية».
وأسندت التحقيقات في القضية إلى الإرهابي الليبي اتهامات بالقتل العمد مع سبق الإصرار بحق ضباط وأفراد الشرطة في طريق الواحات تنفيذاً لغرض إرهابي، والشروع في القتل العمد تنفيذاً للغرض ذاته، وحيازة وإحراز أسلحة نارية وذخائر مما تستعمل عليها، لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها، وحيازة مفرقعات، والانضمام إلى تنظيم إرهابي، والانضمام إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون والدستور تستهدف الاعتداء على أفراد القوات المسلحة والشرطة ومنشآتهما، والإخلال بالنظام العام، وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر.
كانت وزارة الداخلية المصرية قد كشفت في وقت سابق عن أن الإرهابي الليبي خطط برفقة آخرين لـ«إقامة معسكرات للإرهابيين بالواحات، واستهداف كنائس». وقد شكلت الصحراء الغربية خلال العام الماضي مصدر إزعاج للأمن المصري، لكونها ملاصقة للحدود المصرية مع ليبيا، التي تشهد صراعات أمنية وسياسية منذ عدة سنوات، سمحت لمسلحين ينتمون إلى جماعات إرهابية بالعبور إلى مصر، واستخدام الصحراء في الإعداد لهجمات إرهابية.
وأكد السيسي، في تصريحات سابقة، أن «هناك جهداً كبيراً يبذل في المنطقة الغربية على امتداد 1200 كيلومتر، من السلوم حتى السودان، وتتم مراقبة المنطقة بالتعاون مع القوات الجوية».
ووجهت النيابة العامة للمتهمين الـ43 في القضية تهماً، من بينها الانضمام إلى جماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، واعتناق أفكار تكفير الحاكم وشرعية الخروج عليه، وتغيير نظام الحكم بالقوة، والاعتداء على أفراد القوات المسلحة والشرطة ومنشآتهما، بهدف الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، وكان الإرهاب من الوسائل التي تستخدمها هذه الجماعة في تنفيذ أغراضها.
وفي غضون ذلك، قضت محكمة مصرية، أمس، ببراءة 16 من جماعة «الإخوان»، التي تعتبرها مصر تنظيماً إرهابياً، لاتهامهم بإثارة الشغب في ضاحية مدينة نصر (شرق القاهرة) عام 2014. وكانت النيابة العامة قد أسندت إلى المتهمين اتهامات بإثارة الشغب، والتظاهر من دون تصريح، والانضمام إلى جماعة إرهابية محظورة، والدعوة إلى تعطيل العمل بالدستور، وتكدير السلم والأمن العام.
في حين استكملت المحكمة العسكرية، أمس، سماع مرافعة الدفاع في محاكمة 304 متهمين بمحاولة استهداف المستشار زكريا بعد العزيز، النائب العام المساعد، والمنتمين إلى حركة «حسم»، التي تعتبرها السلطات المصرية الجناح المسلح لجماعة «الإخوان». وتضم قائمة المتهمين محمد على بشر عضو مكتب إرشاد «الإخوان»، وقيادات أخرى بالجماعة. ونسبت تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا لحركة «حسم» ارتكاب 17 واقعة إرهابية استهدفت قتل ضباط جيش وشرطة ورجال دين ورجال قضاء ونيابة عامة.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.