نصر الله يخرق الجمود مع حماس ويعلن استعداده «التعاون» لإفشال العدوان على غزة

ممثل الحركة في لبنان لـ {الشرق الأوسط}: توجه حزب الله «رسالة قوة».. والتواصل معه لم ينقطع

نصر الله يخرق الجمود مع حماس ويعلن استعداده «التعاون» لإفشال العدوان على غزة
TT

نصر الله يخرق الجمود مع حماس ويعلن استعداده «التعاون» لإفشال العدوان على غزة

نصر الله يخرق الجمود مع حماس ويعلن استعداده «التعاون» لإفشال العدوان على غزة

خرق الوضع الفلسطيني، الجمود في العلاقة بين حركة «حماس» و«حزب الله» بعد فتور وجفاء سببه تناقض مواقفهما في الملف السوري. وأبدى حزب الله، أمس، استعداده «التعاون» لإفشال أهداف العدوان الإسرائيلي على غزة، من دون تحديد طبيعة هذا التعاون الذي وضعته حركة «حماس» بإطار «رسالة قوة» فحواها أن استمرار الاعتداء على غزة ستكون له تداعيات في مجمل المنطقة.
وكشف بيان صادر عن حزب الله أمس أن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله اتصل برئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، مؤكدا «وقوف حزب الله والمقاومة اللبنانية إلى جانب انتفاضة ومقاومة الشعب الفلسطيني قلبا وقالبا وإرادة وأملا ومصيرا، وكذلك تأييدها حول رؤيتها للموقف وشروطها المحقة لإنهاء المعركة القائمة». وأشاد نصر الله بـ«صلابة وصمود المقاومين وإبداعاتهم في الميدان وبالصبر الهائل لشعب غزة المظلوم المتماسك مع مقاومته في خياراتها وشروطها».
وقال بيان حزب الله بأن نصر الله سمع من مشعل «كلاما يبعث على الثقة المطلقة بقدرة المقاومة على الثبات والصمود وصنع الانتصار الثاني في تموز».
وخلال اتصال بالأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي رمضان عبد الله شلح، أكّد نصر الله استعداد المقاومة الإسلامية في لبنان «للتعاون والتكامل مع المقاومة في غزة بما يخدم تحقيق أهدافها وإفشال أهداف العدوان».
وكانت العلاقة بين حزب الله وإيران من جهة وحركة حماس من جهة أخرى تدهورت مع اندلاع الأزمة في سوريا في العام 2011 وإعلان حزب الله انخراطه في القتال إلى جانب النظام السوري قبل نحو عامين. وجهد الحزب والحركة لاحتواء الخلاف بينهما، فعادت قنوات الاتصال لتنشط العام الماضي بعد انقطاعها لفترة في ظل استمرار القطيعة بين النظام السوري و«حماس» وانتقال قيادييها من دمشق إلى الدوحة.
وعد ممثل حركة «حماس» في لبنان علي بركة أن فحوى اتصال نصر الله وحديثه عن تعاون لإفشال العدوان، بمثابة «رسالة قوة تؤكد أن حماس والشعب الفلسطيني ليسا وحدهما في الميدان، وبأن استمرار العدوان على القطاع سيكون له تداعيات على مجمل الأوضاع في المنطقة».
وشدّد بركة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على «وجوب أن لا يطمئن العدو فيتمادى بمجازره في القطاع»، لافتا إلى أن «التواصل بين حزب الله وحماس لم ينقطع رغم اختلاف وجهات النظر حول الأزمة السورية». وقال: «في أبريل (نيسان) الماضي كان هناك لقاء بين وفد من المكتب السياسي والسيد نصر الله وضعه فيه بإطار مستجدات المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية».
وكان إعلان نصر الله عن استعداد الحزب للتعاون مع حماس لإفشال العدوان الإسرائيلي سبقه إجراءات على الأرض جنوب لبنان. وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» بأن «حزب الله كثّف من حركته على الحدود الجنوبية مع إسرائيل بالتزامن مع تطورات الوضع في غزة وانطلاق العدوان البري على القطاع»، لافتة إلى أنّه «اتخذ الإجراءات التي اعتاد اتخاذها بالتزامن مع أي تطور إقليمي على علاقة بإسرائيل».
بالمقابل، كثّف الجيش الإسرائيلي، أمس، دورياته المدّرعة على طول الخط الحدودي الممتد من محور الوزاني وصولا حتى مرتفعات كفرشوبا مرورا بمنطقتي الغجر والعباسية، بالتزامن مع تحليق المروحيات الإسرائيلية في أجواء خط التماس مع مزارع شبعا ومرتفعات الجولان.
واتخذ الجيش اللبناني والقوات الدولية العاملة في الجنوب الـ«يونيفيل» إجراءات أمنية جديدة وكثفا دورياتهما بعيد انطلاق إسرائيل بعملية اجتياح بري لقطاع غزة، لمنع أي تطورات دراماتيكية والحفاظ على استقرار الجبهة الجنوبية خاصة بعد سلسلة عمليات إطلاق صواريخ، غير منظمة، من أراض لبنانية باتجاه شمالي إسرائيل في الأيام الماضية.
وشهد لبنان بالتزامن مع انطلاق العدوان على غزة سلسلة عمليات إطلاق صواريخ من مناطق في جنوب البلاد باتجاه شمال إسرائيل. ونجحت السلطات اللبنانية باعتقال عدد من مطلقي الصواريخ الذين تعددت انتماءاتهم وأحدهم عنصر في الجماعة الإسلامية يدعى الشيخ حسين عطوي، وهو دكتور محاضر في الشريعة، وأصيب أثناء إطلاقه صاروخ باتجاه إسرائيل.
وتبدو الأجهزة الأمنية مطمئنة لغياب قرار رسمي من الأطراف المعنية بتحريك جبهة الجنوب اللبناني. وفي هذا الإطار، أكّدت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» أن «الطرفين المعنيين مباشرة بالموضوع، أي حزب الله وإسرائيل ليسا بوارد تحريك الجبهة»، لافتة إلى أن «كل المحاولات الأخرى التي نشهدها من قبل أطراف آخرين، تبقى محدودة وتعالج علما بأنها لا تخدم أهدافهم المعلنة وحتى غير المعلنة».
وبدت لافتة في توقيتها، المناورة العسكرية الرمزية التي نفذتها «الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين» يوم الخميس الماضي في مخيم عين الحلوة جنوب مدينة صيدا، حيث نصبت مجسمات حديدية تمثل منصات صاروخية.
غير أن قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي أبو عرب أكد رفض فصائل منظمة التحرير وحركة فتح استخدام أراضي لبنان لجره إلى المعركة، مشددا على وجوب إبقاء مظاهر دعم أهالي غزة بإطارها السلمي «كي لا يتم إحراج الدولة اللبنانية». وأعلن أبو عرب في تصريح لـ«الشرق الوسط» رفض عمليات إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان لافتا إلى وجوب سعي اللاجئين الفلسطينيين ليكونوا عامل استقرار: «لأن لبنان المستقر مصلحة للفلسطينيين».
بدوره، طالب المسؤول السياسي لحركة «حماس» في بيروت رأفت مرّة الحكومات والشعوب العربية والإسلامية بمساندة الشعب الفلسطيني عادا أنّه «واجب عليهم، على أن يحدد كل بلد شكل وطريقة الدعم». وعد مرّة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن التصعيد الإسرائيلي لا يطال غزة وحدها بل تبدو تجلياته واضحة بإطار العنف الضارب بالمنطقة.
ويتوقع مراقبون أن ينجح لبنان بالاستمرار بتحييد نفسه عن العواصف المحيطة نظرا لقرار داخلي لا يخرقه الأطراف الأساسيون بل جهات متفرقة لديها أجندات خاصة، وهذا ما لمحت إليه مديرة مركز كارنيغي لـ«الشرق الأوسط» في بيروت لينا الخطيب متوقعة أن تستمر عمليات إطلاق الصواريخ من الجنوب اللبناني نظرا لصعوبة ضبط الموضوع بنسبة 100 في المائة من قبل أجهزة الدولة. وأشارت الخطيب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الجهة اللبنانية الأساسية المعنية بجبهة الجنوب، أي حزب الله، ليست بوارد إشعال هذه الجبهة طالما إسرائيل بعيدة عنها.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.